في السنوات الأخيرة، كان هناك جهدٌ مكثفٌ لحماية الأطفال من الفشل من أجل صيانة احترامهم لذاتهم الهشّة، يبدو هذا الأمر منطقيًا، الفشل شيء بغيض.
يجعلك الفشل تشعر بشعور سيئ، حيث ستكون لديك مشاعر سلبيّة مرتبطة بخيبة الأمل والإحباط، وغالبًا ما يجب عليك البدء من جديد.
في حين أن هذا الأمر منطقي، إلّا أنّ له آثارًا عكسية، يبدو أنّ الأطفال والمراهقين في أستراليا غير قادرين على مواجهة الفشل الآن مقارنةً بالوقت السابق.
المشكلة هي المتعلقة بمحاولاتنا لحماية أطفالنا، إننا نأخذ فرصًا ثمينة للتعلّم بعيدًا عنهم.
يوفّر الفشل فوائد لا يمكن الحصول عليها من طرق أخرى، الفشل هو هديّة متنكرة على هيئة تجربة سيئة، الفشل ليس غياب النجاح، بل المرور بالفشل في الطريق إلى النجاح.
هبة التأقلم
عندما نفشل، سنمر بمشاعر سلبية مثل خيبة الأمل والإحباط، عندما يتمّ حماية الأطفال من هذه المشاعر سيعتقدون أنهم عاجزون وليس لديهم سيطرة على أيّ شيء.
الجواب هو ليس تجنّب الفشل، بل تعلّم كيفية مواجهة الفشل الصغير، هذه التحديات الصغيرة تمّ تسميتها بـ(الأحداث المفولذة – steeling events).
حماية الطفل من هذه الأحداث من المرجّح أن يجعله غير حصين بدلًا من أن يصبح مرنًا، عندما يقوم الآباء بحماية الأطفال من الفشل، سيكونون أكثر تأثّرًا بالتجارب الفاشلة مستقبلًا.
هبة فهم العواقب الطبيعية
أحد أفضل النِعَم التي يقدمها الفشل هو تعلّم العواقب الطبيعيّة لقراراتنا.
هو مفهوم بسيط للغاية تم تطويره من قِبَل السلوكيون الأوائل: «عندما أقوم بـX، سيحدث Y»، إذا لم أدرس سأرسب، إذا لم أتدرب سأخسر مكاني في الفريق، السماح للأطفال بالمرور بهذه التجارب سيعلمهم قوة قراراتهم.
عندما يعطّل الآباء والمعلمون هذه العمليّة عن طريق حماية الأطفال من الفشل، فإنهم يقفون كذلك في وجه العواقب الطبيعيّة؛ أظهرت الدراسات أنّ الأطفال الذين يتمّ حمايتهم من الفشل يكونون أكثر اكتئابًا وغير راضين عن حياتهم عندما يبلغون.
هبة التعلم
الأخطاء هي جوهر التعلّم، عندما نمر بتجارب جديدة، قيامنا بالأخطاء هو أمر لا مفر منه.
إذا تمّ اعتبار الفشل علامة للعجز وشيئًا يجب تفاديه -بدلًا من اعتباره أمرًا طبيعيًا- سيبدأ الأطفال بتجنّب التحديات الضرورية للتعلّم.
الفشل يعتبر نعمة إذا كان الشخص يعتبره فرصة بدلًا من تهديد، يعتمد الأمر على عقليّة الشخص.
الأطفال الذين لديهم عقلية ناضجة يعتقدون أنّ الذكاء أمر مرن ومن الممكن تغييره بالعمل والمثابرة، أما هؤلاء الذين لديهم عقليّة محدودة يعتقدون أنهم ولدوا بمستوى ذكاء معيّن.
لذا يعتبر الفشل إشارة للعمل باجتهاد أكثر بالنسبة للذين لديهم عقلية ناضجة، أما من لديهم عقلية محدودة فهو إشارة إلى أنهم ليسوا أذكياء بصورة كافية.
المدح يجب أن يستند على المجهود
من الممكن استخدام المدح لمواساة ومساعدة الأطفال في الشعور بأهميتهم في وجه الفشل.
نحن نرى هذا الأمر عندما يتمّ إعطاء ميدالية مشاركة للطفل المشارك في سباق ركض لوصوله إلى المركز الأخير.
ولكن وجدت دراسة تناقض، حيث أن هذا المدح له آثار عكسية.
في هذه الدراسة، عندما أُعطي الأطفال مدحًا مبالغًا «عمل جيّد» أو «هذا رائع» ومدحًا مرتكزًا حول الذات مثل «إنكِ جميلة» و«إنكَ ذكي» أو «إنكَ مميّز» قلّ مقدار احترام الذات عند الأطفال.
المدح المرتكز على الشخص سيؤدي إلى أطفال يتجنبون الفشل والتحديات للحفاظ على قبولهم وقيمة أنفسهم، وهذا لأن المدح مرتبط بمن هم وليس بمجهودهم.
المدح لمجهودهم سيكون شيئًا مثل «لقد عملت بجهد»، هذا الأمر أفضل لأنّ الأطفال يستطيعون التحكّم بمقدار الجهد الذي يبذلونه، ولكنهم لا يستطيعون التحكّم بمقدار ذكائهم وتميزهم.
يحتاج الأطفال إلى أن يتعلّموا دون وجود أيّ خطر على حسهم بقيمتهم.
نصائح للآباء
كيف سنتمكن من القيام بالأمر بصورة صحيحة؟ هذه بعض النصائح لمساعدة الآباء في دعم أبنائهم:
- لا تحمي طفلك من العواقب الطبيعية، على سبيل المثال، عندما لا يدرسون ويفشلون في اجتياز الامتحان لا تدافع عنهم. دعهم يتعاملون مع العواقب في المدرسة.
- يجب أن ينظروا إلى تجارب الفشل على أنّها فرصٌ لينضجوا ويتعلموا، تكلّموا معهم بخصوص التجربة وحاولوا معًا معرفة ما يجب القيام به في المرة القادمة.
- ذكِّر طفلك أن المشاعر السلبيّة تأتي مع الفشل وهو أمر طبيعي، يجب عليهم الإحساس بها وأن يحاولوا القيام بالأمور بطريقة مختلفة في المستقبل.
- قم بمدحهم مدحًا حقيقيًا مثل «لقد حاولت بشدة» أو «مثابرة رائعة»، ولكن لا تعتقد أنه يجب عليك مدحهم مدحًا غير حقيقي إذا لم يقوموا بأي عمل يذكر.
حماية الطفل من الفشل ليس أمر ذا فائدة، اسمح له بعيشه وشعوره، ودعه يحصل على الهدايا التي يقدمها الفشل.
اختبارهم للفشل سيجعلهم أكثر مرونة وستزداد فرص نجاحهم في المستقبل.
المصدر:ibelieveinsci