مقابلة مع المربي الاستاذ محمد حكمت خواج
۱ - س باعتباركم من أقدم المدرسين والمربين السابقين في ثانوية جول جمال و التجهيز سابقاً ، فهل بالإمكان اعطاؤنا لمحة موجزة عن تاريخ تأسيس هذه المدرسة والأدوار التي مرت بها ،
ج - لما انسحبت الدولة العثمانية من اللاذقية عام ١٩۱۸ وهو ختام الحرب العالمية الأولى كان في اللاذقية مدرسة إعدادية ومدرستان ابتدائيتان للبنين وأخرى ابتدائية للبنات . وبعد أن تم انتداب فرنسا على سوريا ألغت حكومة الانتداب في اللاذقية المدرسة الاعدادية وأبقت على المدرستين الابتدائيتين تحمل الأولى اسم مدرسة الذكور الأولى للبنين والأخرى مدرسة الذكور الثانية وكان المرحوم مصطفى الزين مديراً للمدرسة الأولى وكنت أحد المعلمين فيها . وفي عام ١٩٢٣ أقمنا حفلة مدرسية دعي اليها الحاكم الفرنسي ووجوه المدينة وأولياء . الطلاب وكانت حفلة ناجحة جداً دفعت رجال الصحافة وأصحاب الرأي للطلب من الحكومة أن تؤسس مدرسة ثانوية في اللاذقية : لذلك قررت حكومة الانتداب تأسيس مدرسة ثانوية تحمل اسم المدرسة التجهيزية » وكانت مدرسة الذكور الأولى هي التي حملت هذا الاسم على أن يتم تشكيل الصفوف الثانوية من الطلاب الذين ينهون الدراسة الابتدائية فيها أو في غيرها .
فتشكل الصف الأول والصف الثاني ، وكان مكان
المدرسة في إحدى الأبنية الأهلية وتألفت هيئة التدريس كالآتي .
السادة : مصطفى الزين مدير المدرسة ، ادوار مرقص مدرس اللغة العربية ، فيلكس لانو ( فرنسي ) : مدرس اللغة الفرنسية ، شفيق جبور : مدرس اللغة الفرنسية محمد حكمة خواج : مدرس التاريخ والجغرافيا محمد علي نتيفة : مدرس الرياضيات ، أمين حداد مدرس العلوم الطبيعية والزراعية وفي عام ٩٢٤ / ١٩٢٥ الدراسي انضم إلى هيئة التدريس .
السادة : فنسان ده كوراب بولوني » مدرس اللغة الفرنسية خليل مرقص : مدرس اللغة الانكليزية ثم قامت الحكومة ببناء المدرسة التجهيزية في موقعها الحالي بمحلة وفي الشيخ ضاهر فوق المقبرة الكبيرة وصرف المبلغ اللازم لإشادة البناء من وقف السلطان ابراهيم ١٩٢٤ ١٩٢٥ المدرسي انتقلت المدرسة إلى بنايتها الجديدة الحالية وكانت تشمل الطابق الأرضي مع بيت بني فوق وسط البناية لسكنى المدير وقد سكنه المدرسة السيد مصطفى الزين .
وكانت المدرسة تحتوي على ستة صفوف ابتدائية مدیر وثلاثة صفوف اعدادية لما انتقلت إلى بنايتها الجديدة هكذا صارت الصفوف الثانوية تستكمل وضعها في كل سنة من الطلاب الذين ترفعوا من الصف الأخير فيها وفي عام ١٩٢٩ – 1930 الدراسي حضر إلى اللاذقية السيد ولاترويت » بصفته مستشاراً للمعارف فيها ، ولأجل سكناه في البيت المخصص للمدير في المدرسة عين السيد , لاترويت » علاوة على وظيفته مستشاراً للمعارف مديراً للتجهيز وهكذا سكن الدار التي كان يشغلها السيد مصطفى الزين الذي عين مدرساً في المدرسة وفي 15 كانون
ثاني 1930 أحدثت في المدرسة وظيفة مدير الدروس العربية وعين السيد مصطفى الزين فيها وكان في نفس الوقت يدير المدرسة أيضاً لأن السيد لاترويت كان مشغولا في الدائرة المركزية كمستشار للمعارف أما السيد لاترويت فقد ألغى في المدرسة نظام التعليم الثانوي وشكل مكانه الصفوف التكميلية وهي تشمل الصف العالي وطلابه من الذين حازوا الشهادة الابتدائية ثم الصف التكميلي الأول والصف التكميلي الثاني وطلاب هذا الصف يتقدمون إلى فحص الشهادة التكميلية وهي توازي شهادة الكفاءة . وفي عام ۱۹٢٩ – 1930 أحدث في المدرسة صف المعلمين ، طلابه من الحائزين على الشهادة التكميلية ومدة الدراسة فيه سنتان يعين الخريج منها في وظيفة معلم في إحدى المدارس الابتدائيـة . وبقيت الدراسـة على هذا المنوال حتى عام ۱۹۳۷- ۱۹۳۸ الدراسي حينما وافقت الحكومة الافرنسية على اجراء المفاوضات مع وفد سوري لإعطاء سوريا استقلالها وضمت اللاذقية إلى سوريا كإحدى محافظاتها حينذاك نقل السيد مصطفى الزين لوظيفة التفتيش ، وعينت مكانه مديراً للدروس العربية بتاريخ ٢ أيلول 1937 ثم مديراً للمدرسة ، فألغينا نظام التعليم التكميلي واعددنا نظام التعليم الثانوي حسب البرنامج المطبق في الجمهورية السورية وفي عام 1939 استقال محافظ اللاذقية السيد إحسان الجابري وعينت المفوضية الفرنسية محافظاً للاذقية ونكلت فرنسا عن تطبيق المعاهدة مع سوريا لأن البرلمان الفرنسي يوافق عليها ودخلت الحرب العالمية الثانية وعادت البلاد إلى وضعها السابق وبقيت الدراسة في المدرسة تسير سيرها الطبيعي وصار فيها الصف الأخير للبكالوريا السورية الموحدة ، وكان نجاح طلابها في هذه الشهادة ملحوظاً وأصبح اسم المدرسة ثانوية البنين في اللاذقية ، وألغيت مدرسة المعلمين فيهـا ونقل طلاب على الصفوف الثانوية والاعدادية مع الصفوف الابتدائية دار المعلين إلى مدرسة المعلمين في حلب . ثم أحدث في المدرسة القسم الداخلي وبني له جناح في الجهة الشمالية من المدرسة لإطعامهم وإيوائهم ، وبني فوق الطابق الأرضي الطابق الأول ، وأصبحت تحتوي ثم نقلت الصفوف الابتدائية لمدرسة خاصة وبقيت المدرسة للتعليم الثانوي والمتوسط فقط . وفي الخمسينيات من القرن الحالي الغي القسم الداخلي وأصبح عدد الطلاب كبيراً لدرجة جعلتنا نحول بناء القسم الداخلي ومهاجعه إلى صفوف للدراسة . وفي عام 1954 أحلت على التقاعد بناء على طلبي وتركت المدرسة وعدد طلابها ۱۲۰۰ طالب ، وبعد ذلك تحول اسم المدرسة إلى ثانوية « جول جمال » تخليداً لذكرى الضابط السوري البطل جول جمال الذي ضحى بحياته في حرب عام 1956 في مصر ولا تزال المدرسة تحمل هذا الاسم حتى يومنا هذا .
۲ – لقد امتازت فترة ادارتكم لهذه الثانوية في عهد الاحتلال الأجنبي بمرحلة من النضال ضد وجوده فهل لكم أن تحدثونا عن بعض ذكرياتكم خلال هذه الفترة ؟
ج - لقد كان حكم الانتداب الفرنسي في اللاذقية يتدخل في كل أمور الدولة وكانت فرنسا تأمل أن تجعل من ساحل سوريا ولبنان مركزاً خاصاً بها كأنه جزء من بلادها ومن القواعد التي كانت تتبعها في البلاد إذكاء النعرة الطائفية على مبدأ « فرق تسد » لذلك كنت أرى عقب استلامي إدارة المدرسة أن أولى واجباتي القومية إزالة الفوارق الطائفية بين الطلاب لذلك كانت ثانوية البنين البوتقة التي استطعنا أن نصهر فيها كل هذه الفوارق ، وبقيت اللاذقية في هدوء نسبي حتى 1937 ، يوم سافر وفد يمثل سوريا لأجل عقد معاهدة الاستقلال مع فرنسا . وفي بداية هذه الفترة بدأت الروح الوطنية خصوصاً الطلاب تظهر رويداً رويداً في المجتمع اللاذقي بين طلاب ثانوية البنين ، وكان الجيش والشرطة وكل قوى الأمن في هذا العهد تحت إمرة السلطة الفرنسية ، لذلك رأينا من الضرورة تشجيع الحركة الكشفية بين الطلاب ، وأسسنا في عام 1938 فوجا للكشافة في ثانوية البنين وكنت أنا شخصياً قائد الفوج تشجيعاً للحركة الكشفية ، إذ بلغ عدد الكشافة ٢٥٠ کشافا .
ولما بدأت فرنسا في التراجع عما وعدت به من تصديق معاهدة الاستقلال ، كان الطلاب يقومون في كل مناسبة بالاضراب والتظاهر احتجاجاً على ماتقوم به فرنسـا آنذاك في البلاد ، وكان شعار كل طالب و مصلحة البلاد العليا فوق كل شيء ، دون أن يكون أي فرد من الطلاب تحت أي موثر خارجي . وللحقيقة أقول إن ثانوية البنين بعد عام 1939 كانت المرجـل الذي تنتقل منه كل حركة قومية في المدينـة . وقد رأيت من الواجب أن يكون للطلاب لجنة منهم تمثلهم وتوجههم وتقود خطاهم ، حتى يكون العمل منتظماً يسير في الطريق السوي مصدره ومبعثه الشعور الوطني الصادق للطلاب .
وفي مطلع الحرب العالمية الثانية رأيت أن هناك بعض الطلاب المعوزين ، وهم بحاجة لمساعدتهم ماديا ، ورأيت الفرصة مناسبة لتعويد الطلاب على مساعدة بعضهم بعضاً فعرضت فكرة سميتها « الرغيف للمحتاج » وفحواها ان تحضر من أراد من الطلاب رغيفاً من الخبز يومياً يقدمه لمساعدة المحتاج من رفاقه ، ونجحت الفكرة وقام الطلاب باحضار كمية من الخبز يومياً كنت أجمعها بنفسي في مكان من المدرسة ، وعقب خروج الطلاب إلى بيوتهم لتناول طعام الظهر كان يتخلف في المدرسة الطلاب المعوزون وقد يربو عددهم في بعض الأحيان على السبعين كنت أوزع عليهم بنفسي ماتجمع لدي في الصباح من الخبز والزيتون وسواه ، وهكذا بقي الطلاب يقومون بهذا الواجب طوال مدة الحرب دون تراخ أو كلل أو ملل ، كأنهم أبناء أسرة واحدة بجمعهم شعور القيام بالواجب تجاه كل محتاج منهم .
٣ س - خلال ادارتكم شهدت الثانوية بعض الحركات الطلابية فما هي أبرز هذه الحركات وأعمقها تحسسا بمشاعر الجماهير ؟
ج – إن أول صورة بارزة في المدرسة هي انعدام الروح الطائفية بين الطلاب وكان لهذه الروح التأثير الكبير على الوضع العام في المدينة وخارجها . وكنت أرى أن الحزبية في بلادنا ينقصها الشيء الكثير من التنظيم والتضحية والاخلاص حتى أنها كانت استقلاليـة في بعض الحالات ، لذلك حاولت جهدي أن أبعد الطلاب عن الانتساب للحزبية والأحزاب حتى أصبح من الملحوظ أن الروح التي كانت تسود الطلاب هي خدمة المصلحة العامة والتضحيـة في سبيل استقلال البلاد والخلاص من ربقة الانتداب ، وهذا مادفعني بأن يكون للطلاب لجنة ينتخبون أعضاءها من بينهم دون أن يكون هناك أي تدخل من أحد سواء من الموظفين أو المدرسين أو سواهم ، لتكون هذه اللجنة الممثل الحقيقي لشعور الطلاب وميولهم ، وتقودهم إلى مايجب عمله بصورة منتظمة إذا دعا الواجب لذلك . لقد كانت اللجنة في بعض الأحيان حسب معرفتها واستنتاجها تشط في بعض أعمالها وتصرفاتها ولكن النية الحسنة والغاية النبيلة تشفع عند حدوث بعض الأخطاء . ولبيان حقيقة الروح التي كانت تهيمن على الطلاب أورد نص البيان الصادر عن لجنة الطلاب بتاريخ ۱۲ / ۲ / ۱۹۳۹
۱ - س باعتباركم من أقدم المدرسين والمربين السابقين في ثانوية جول جمال و التجهيز سابقاً ، فهل بالإمكان اعطاؤنا لمحة موجزة عن تاريخ تأسيس هذه المدرسة والأدوار التي مرت بها ،
ج - لما انسحبت الدولة العثمانية من اللاذقية عام ١٩۱۸ وهو ختام الحرب العالمية الأولى كان في اللاذقية مدرسة إعدادية ومدرستان ابتدائيتان للبنين وأخرى ابتدائية للبنات . وبعد أن تم انتداب فرنسا على سوريا ألغت حكومة الانتداب في اللاذقية المدرسة الاعدادية وأبقت على المدرستين الابتدائيتين تحمل الأولى اسم مدرسة الذكور الأولى للبنين والأخرى مدرسة الذكور الثانية وكان المرحوم مصطفى الزين مديراً للمدرسة الأولى وكنت أحد المعلمين فيها . وفي عام ١٩٢٣ أقمنا حفلة مدرسية دعي اليها الحاكم الفرنسي ووجوه المدينة وأولياء . الطلاب وكانت حفلة ناجحة جداً دفعت رجال الصحافة وأصحاب الرأي للطلب من الحكومة أن تؤسس مدرسة ثانوية في اللاذقية : لذلك قررت حكومة الانتداب تأسيس مدرسة ثانوية تحمل اسم المدرسة التجهيزية » وكانت مدرسة الذكور الأولى هي التي حملت هذا الاسم على أن يتم تشكيل الصفوف الثانوية من الطلاب الذين ينهون الدراسة الابتدائية فيها أو في غيرها .
فتشكل الصف الأول والصف الثاني ، وكان مكان
المدرسة في إحدى الأبنية الأهلية وتألفت هيئة التدريس كالآتي .
السادة : مصطفى الزين مدير المدرسة ، ادوار مرقص مدرس اللغة العربية ، فيلكس لانو ( فرنسي ) : مدرس اللغة الفرنسية ، شفيق جبور : مدرس اللغة الفرنسية محمد حكمة خواج : مدرس التاريخ والجغرافيا محمد علي نتيفة : مدرس الرياضيات ، أمين حداد مدرس العلوم الطبيعية والزراعية وفي عام ٩٢٤ / ١٩٢٥ الدراسي انضم إلى هيئة التدريس .
السادة : فنسان ده كوراب بولوني » مدرس اللغة الفرنسية خليل مرقص : مدرس اللغة الانكليزية ثم قامت الحكومة ببناء المدرسة التجهيزية في موقعها الحالي بمحلة وفي الشيخ ضاهر فوق المقبرة الكبيرة وصرف المبلغ اللازم لإشادة البناء من وقف السلطان ابراهيم ١٩٢٤ ١٩٢٥ المدرسي انتقلت المدرسة إلى بنايتها الجديدة الحالية وكانت تشمل الطابق الأرضي مع بيت بني فوق وسط البناية لسكنى المدير وقد سكنه المدرسة السيد مصطفى الزين .
وكانت المدرسة تحتوي على ستة صفوف ابتدائية مدیر وثلاثة صفوف اعدادية لما انتقلت إلى بنايتها الجديدة هكذا صارت الصفوف الثانوية تستكمل وضعها في كل سنة من الطلاب الذين ترفعوا من الصف الأخير فيها وفي عام ١٩٢٩ – 1930 الدراسي حضر إلى اللاذقية السيد ولاترويت » بصفته مستشاراً للمعارف فيها ، ولأجل سكناه في البيت المخصص للمدير في المدرسة عين السيد , لاترويت » علاوة على وظيفته مستشاراً للمعارف مديراً للتجهيز وهكذا سكن الدار التي كان يشغلها السيد مصطفى الزين الذي عين مدرساً في المدرسة وفي 15 كانون
ثاني 1930 أحدثت في المدرسة وظيفة مدير الدروس العربية وعين السيد مصطفى الزين فيها وكان في نفس الوقت يدير المدرسة أيضاً لأن السيد لاترويت كان مشغولا في الدائرة المركزية كمستشار للمعارف أما السيد لاترويت فقد ألغى في المدرسة نظام التعليم الثانوي وشكل مكانه الصفوف التكميلية وهي تشمل الصف العالي وطلابه من الذين حازوا الشهادة الابتدائية ثم الصف التكميلي الأول والصف التكميلي الثاني وطلاب هذا الصف يتقدمون إلى فحص الشهادة التكميلية وهي توازي شهادة الكفاءة . وفي عام ۱۹٢٩ – 1930 أحدث في المدرسة صف المعلمين ، طلابه من الحائزين على الشهادة التكميلية ومدة الدراسة فيه سنتان يعين الخريج منها في وظيفة معلم في إحدى المدارس الابتدائيـة . وبقيت الدراسـة على هذا المنوال حتى عام ۱۹۳۷- ۱۹۳۸ الدراسي حينما وافقت الحكومة الافرنسية على اجراء المفاوضات مع وفد سوري لإعطاء سوريا استقلالها وضمت اللاذقية إلى سوريا كإحدى محافظاتها حينذاك نقل السيد مصطفى الزين لوظيفة التفتيش ، وعينت مكانه مديراً للدروس العربية بتاريخ ٢ أيلول 1937 ثم مديراً للمدرسة ، فألغينا نظام التعليم التكميلي واعددنا نظام التعليم الثانوي حسب البرنامج المطبق في الجمهورية السورية وفي عام 1939 استقال محافظ اللاذقية السيد إحسان الجابري وعينت المفوضية الفرنسية محافظاً للاذقية ونكلت فرنسا عن تطبيق المعاهدة مع سوريا لأن البرلمان الفرنسي يوافق عليها ودخلت الحرب العالمية الثانية وعادت البلاد إلى وضعها السابق وبقيت الدراسة في المدرسة تسير سيرها الطبيعي وصار فيها الصف الأخير للبكالوريا السورية الموحدة ، وكان نجاح طلابها في هذه الشهادة ملحوظاً وأصبح اسم المدرسة ثانوية البنين في اللاذقية ، وألغيت مدرسة المعلمين فيهـا ونقل طلاب على الصفوف الثانوية والاعدادية مع الصفوف الابتدائية دار المعلين إلى مدرسة المعلمين في حلب . ثم أحدث في المدرسة القسم الداخلي وبني له جناح في الجهة الشمالية من المدرسة لإطعامهم وإيوائهم ، وبني فوق الطابق الأرضي الطابق الأول ، وأصبحت تحتوي ثم نقلت الصفوف الابتدائية لمدرسة خاصة وبقيت المدرسة للتعليم الثانوي والمتوسط فقط . وفي الخمسينيات من القرن الحالي الغي القسم الداخلي وأصبح عدد الطلاب كبيراً لدرجة جعلتنا نحول بناء القسم الداخلي ومهاجعه إلى صفوف للدراسة . وفي عام 1954 أحلت على التقاعد بناء على طلبي وتركت المدرسة وعدد طلابها ۱۲۰۰ طالب ، وبعد ذلك تحول اسم المدرسة إلى ثانوية « جول جمال » تخليداً لذكرى الضابط السوري البطل جول جمال الذي ضحى بحياته في حرب عام 1956 في مصر ولا تزال المدرسة تحمل هذا الاسم حتى يومنا هذا .
۲ – لقد امتازت فترة ادارتكم لهذه الثانوية في عهد الاحتلال الأجنبي بمرحلة من النضال ضد وجوده فهل لكم أن تحدثونا عن بعض ذكرياتكم خلال هذه الفترة ؟
ج - لقد كان حكم الانتداب الفرنسي في اللاذقية يتدخل في كل أمور الدولة وكانت فرنسا تأمل أن تجعل من ساحل سوريا ولبنان مركزاً خاصاً بها كأنه جزء من بلادها ومن القواعد التي كانت تتبعها في البلاد إذكاء النعرة الطائفية على مبدأ « فرق تسد » لذلك كنت أرى عقب استلامي إدارة المدرسة أن أولى واجباتي القومية إزالة الفوارق الطائفية بين الطلاب لذلك كانت ثانوية البنين البوتقة التي استطعنا أن نصهر فيها كل هذه الفوارق ، وبقيت اللاذقية في هدوء نسبي حتى 1937 ، يوم سافر وفد يمثل سوريا لأجل عقد معاهدة الاستقلال مع فرنسا . وفي بداية هذه الفترة بدأت الروح الوطنية خصوصاً الطلاب تظهر رويداً رويداً في المجتمع اللاذقي بين طلاب ثانوية البنين ، وكان الجيش والشرطة وكل قوى الأمن في هذا العهد تحت إمرة السلطة الفرنسية ، لذلك رأينا من الضرورة تشجيع الحركة الكشفية بين الطلاب ، وأسسنا في عام 1938 فوجا للكشافة في ثانوية البنين وكنت أنا شخصياً قائد الفوج تشجيعاً للحركة الكشفية ، إذ بلغ عدد الكشافة ٢٥٠ کشافا .
ولما بدأت فرنسا في التراجع عما وعدت به من تصديق معاهدة الاستقلال ، كان الطلاب يقومون في كل مناسبة بالاضراب والتظاهر احتجاجاً على ماتقوم به فرنسـا آنذاك في البلاد ، وكان شعار كل طالب و مصلحة البلاد العليا فوق كل شيء ، دون أن يكون أي فرد من الطلاب تحت أي موثر خارجي . وللحقيقة أقول إن ثانوية البنين بعد عام 1939 كانت المرجـل الذي تنتقل منه كل حركة قومية في المدينـة . وقد رأيت من الواجب أن يكون للطلاب لجنة منهم تمثلهم وتوجههم وتقود خطاهم ، حتى يكون العمل منتظماً يسير في الطريق السوي مصدره ومبعثه الشعور الوطني الصادق للطلاب .
وفي مطلع الحرب العالمية الثانية رأيت أن هناك بعض الطلاب المعوزين ، وهم بحاجة لمساعدتهم ماديا ، ورأيت الفرصة مناسبة لتعويد الطلاب على مساعدة بعضهم بعضاً فعرضت فكرة سميتها « الرغيف للمحتاج » وفحواها ان تحضر من أراد من الطلاب رغيفاً من الخبز يومياً يقدمه لمساعدة المحتاج من رفاقه ، ونجحت الفكرة وقام الطلاب باحضار كمية من الخبز يومياً كنت أجمعها بنفسي في مكان من المدرسة ، وعقب خروج الطلاب إلى بيوتهم لتناول طعام الظهر كان يتخلف في المدرسة الطلاب المعوزون وقد يربو عددهم في بعض الأحيان على السبعين كنت أوزع عليهم بنفسي ماتجمع لدي في الصباح من الخبز والزيتون وسواه ، وهكذا بقي الطلاب يقومون بهذا الواجب طوال مدة الحرب دون تراخ أو كلل أو ملل ، كأنهم أبناء أسرة واحدة بجمعهم شعور القيام بالواجب تجاه كل محتاج منهم .
٣ س - خلال ادارتكم شهدت الثانوية بعض الحركات الطلابية فما هي أبرز هذه الحركات وأعمقها تحسسا بمشاعر الجماهير ؟
ج – إن أول صورة بارزة في المدرسة هي انعدام الروح الطائفية بين الطلاب وكان لهذه الروح التأثير الكبير على الوضع العام في المدينة وخارجها . وكنت أرى أن الحزبية في بلادنا ينقصها الشيء الكثير من التنظيم والتضحية والاخلاص حتى أنها كانت استقلاليـة في بعض الحالات ، لذلك حاولت جهدي أن أبعد الطلاب عن الانتساب للحزبية والأحزاب حتى أصبح من الملحوظ أن الروح التي كانت تسود الطلاب هي خدمة المصلحة العامة والتضحيـة في سبيل استقلال البلاد والخلاص من ربقة الانتداب ، وهذا مادفعني بأن يكون للطلاب لجنة ينتخبون أعضاءها من بينهم دون أن يكون هناك أي تدخل من أحد سواء من الموظفين أو المدرسين أو سواهم ، لتكون هذه اللجنة الممثل الحقيقي لشعور الطلاب وميولهم ، وتقودهم إلى مايجب عمله بصورة منتظمة إذا دعا الواجب لذلك . لقد كانت اللجنة في بعض الأحيان حسب معرفتها واستنتاجها تشط في بعض أعمالها وتصرفاتها ولكن النية الحسنة والغاية النبيلة تشفع عند حدوث بعض الأخطاء . ولبيان حقيقة الروح التي كانت تهيمن على الطلاب أورد نص البيان الصادر عن لجنة الطلاب بتاريخ ۱۲ / ۲ / ۱۹۳۹
تعليق