في اختبار المارشميلو الكلاسيكي، ينتظر الأطفال اليوم أكثر من أي وقت مضى.
«لم يجزم الباحثون بعد بما يقف وراء هذه الرغبة في تأخير إشباع اللذة».
بروس بور، 29 يونيو 2018
يقول باحثون إن بعض الأطفال صاروا ينتظرون وقتًا أطول في اختبار المارشميلو الشهير مقارنةً به في الستينيات أو حتى ثمانينيات القرن الماضي. لذلك فإن هذا مخالف للرأي القائل بأن مستخدمي الإنترنت أو حاملي الهواتف الذكية يجب أن يحققوا ما يريدون بالسرعة القصوى.
وقد ازدادت مدة تحمّل الأطفال لتلبية لذّاتهم في الآونة الأخيرة في مرحلة ما قبل المدرسة في الولايات المتحدة من العائلات ذات الأغلبية المتوسطة من البيض، وكما تقول عالمة النفس (ستيفاني كارلسون – Stephanie Carlson) من جامعة مينيسوتا في مينيابوليس وزملاؤها، فإن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات في عام 2000 قد انتظروا مدة أطول من دقيقتين خلال اختبار المارشميلو مقارنة بالأطفال في ستينات القرن الماضي، وبمعدل أكثر من دقيقة واحدة من أطفال الثمانينات، حسبما أفاد العلماء في تقرير 25 يونيو في علم النفس التنموي.
أسباب صبر الأطفال المتصاعد عند مواجهة كمية الحلوى المتاحة تبدو غير واضحة تمامًا. يقدّم فريق كارلسون عدة تفسيرات محتملة، بما في ذلك الزيادة في القدرة على التفكير بصورة مجرّدة، الاهتمام، التخطيط، تحديد الأولويات التي تم ربطها بالحضور قبل المدرسي، والاستخدام المبكر للتقنيات الرقمية.
في البداية، قاس اختبار مارشميلو استعداد الأطفال لمقاومة ما هو متاح من الحلوى أمامهم، في حين أنهم إن انتظروا 10 أو 15 دقيقة سيحصلون على ضعف كمية الحلوى. في هذه الحالة، يُسمح للطفل بتناول الحلوى الإضافية إذا انتظر لمدة العشر دقائق كاملة بينما المراقب يغادر لفترة وجيزة ثم يعود. لقد افترض الباحثون أن ضغط الاختبار يعكس القدرة على التحكم في النفس، على الرغم من أن الاستجابات يمكن أن تختلف اختلافًا كبيرًا عبر الثقافات.
ويقول كارلسون: «إن اختبار المارشميلو لا يمكن أن يحدّد مستقبل الطفل، لكنه مؤشر موثوق على مدى قدرة الأطفال على التفكير في موقف مليء بالتحديات، ووضع استراتيجيات لتحقيق هدفهم».
«هذا قد يتنبأ بالأوضاع المدرسية والاجتماعية بشكل دقيق».
لكن النتائج الحالية تؤكد أن استعداد الأطفال لتأخير إشباع رغباتهم في الظروف التجريبية لا يعني القدرة على مقاومة الإغراءات اليومية، حسب قول المشارك في الدراسة والتر ميشيل من جامعة كولومبيا، وهو عالم النفس الذي أخرج أول اختبارات المارشميلو في الستينات.
في الدراسة الجديدة، قام الفريق بتحليل ومقارنة بيانات من ثلاث مجموعات من الأطفال تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات: 165 طفلًا خاضوا اختبار المارشميلو بين عامي 1965 و1969، 135 طفلًا خاضوه بين عامي 1985 و1989، و 540 طفلًا تم اختبارهم بين عامي 2002 و2012.
ازداد متوسط الوقت الذي يرغب فيه الأطفال في الانتظار للحصول على اللذة في كل جيل -من خمس دقائق تقريبًا في الستينات إلى ست دقائق في الثمانينيات وسبع دقائق في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين- وقد لوحظ هذا الاتجاه بين كل من الأولاد والبنات، الأطفال الصغار في سن ما قبل المدرسة، والأطفال الأكبر سنًا في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة.
لا يُعرف ما إذا كان الاتجاه نفسه ينطبق على الأطفال من العائلات الفقيرة وغير البيض. تشير بعض الأدلة السابقة إلى أن الأطفال في الطبقات الدنيا اقتصاديًا غالبًا ما يختارون اللذة الفورية الأقل في اختبار المارشميلو، كما يقول كارلسون. قد يكون هذا السلوك منطقيًا إذا كان الأطفال يعيشون في أوضاع لا يمكن التنبؤ بها أو لا يثقون في البالغين الذين يعدونهم بجوائز مستقبلية.
تتبع نتائج كارلسون تقريرًا نُشر في 25 مايو في مجلة (العلوم النفسية – Psychological Science) يشير إلى أن أوقات الانتظار الطويلة في اختبار المارشميلو لا ترتبط إلا بشكل ضعيف بالنجاح في المدرسة والسلوك الصحي عند المراهقين، وهذا يناقض نتائج الدراسات التي أُجريت على الأطفال الذين خاضوا اختبار مارشميلو في الستينات والتي استنتجت العكس تمامًا.
حلّل تايلر واتس من جامعة نيويورك وزملاؤه بيانات أكاديمية وسلوكية لـ 918 مراهقًا، جميعهم في سن 15 عامًا، والذين أجروا اختبار مارشميلو في عام 1995 أو 1996 في عمر 4 سنوات ونصف. علمًا بأن 552 منهم وُلدوا لأمهات لم يتخرجن من الكلية، وكثير من هؤلاء الأطفال جاءوا من الطبقة دون المتوسطة أو من الأحياء الفقيرة.
انتظر الأطفال الذين حصلت أمهاتهم على شهادات جامعية متوسطة حوالي 5.4 دقيقة في اختبار المارشميلو، مقابل متوسط ما يقرب من أربع دقائق للأطفال الذين لم تتخرج أمهاتهم من الكلية. لكن القليل من الأدلة على وجود صلة بين تأخير إشباع اللذة في الطفولة والتحصيل المدرسي في سن المراهقة ظهر بعد حساب القدرات العقلية الأخرى، بما في ذلك من المهارات اللفظية والقدرات الرياضية المبكرة.
وقد تخرّجت نسبة متزايدة من الأمهات من الكلية في السنوات الأخيرة، وهو ما قد يساعد على تفسير سبب انتظار الأطفال في اختبار المارشميلو، كما تقول عالمة النفس (تيري موفيت – Terrie Moffitt) من جامعة ديوك: «لكن من الصعب مقارنة النتائج بين اختبارات المارشميلو المختلفة»، وتضيف: «كما يمكن أن يتغير استعداد الأطفال للانتظار للحصول على الحلوى الإضافية بسبب عوامل غير قابلة للقياس تختلف باختلاف الدراسات، كالتعليمات الموجّهة للأطفال، وأجواء الاختبار وحتى حجم ولون المارشميلو».
ما يثير الدهشة هو أن ما يقارب 60% من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة الذين تم اختبارهم في عام 2000 انتظروا فترة التأخير 10 دقائق بالكامل، مقابل ما يقرب من 40% في الثمانينيات، وحوالي 30% في الستينيات، كما يقول عالم النفس (أفشالوم كابسي – Avshalom Caspi). ويضيف: «ربما لا يتنبأ الأداء في اختبار مارشميلو بعد الآن بإنجاز المراهقين لأن معظم الأطفال ينتظرون الآن نفس القدر من الوقت للحصول على المزيد من الحلوى».
إذا لم يُحِطْ الاختبار بمجموعة واسعة من المعطيات في سلوك الأطفال، فإن قدرة الاختبار على التنبؤ لاحقًا بالاختلافات السلوكية ستتأثر.
المصدر:ibelieveinsci