الموت ضروري للحياة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الموت ضروري للحياة

    يعتقد الكثيرون أن الموت عدو لعين؛ فيميلون إلى تعريف الموت على أنه نهاية الحياة، وبالفعل، هو كذلك بالنسبة لكل فرد. ومع ذلك، ليس هناك نوع واحد فقط من الموت، بل الموت له أشكال عدة. فبالإضافة إلى موت أجسامنا بوصفنا كائنات كبيرة متعددة الخلايا، هناك أيضًا صور أخرى عديدة للموت داخل أجسامنا بينما نحيا. وذلك الموت، على المستوى الخلوي، يعد ضروريًّا للحياة!

    وهناك طريقتان تموت بهما الخلايا؛ وهما: النَخَر والاستماتة. أما النخر، فيعني موت منطقة معينة من الأنسجة النباتية أو الحيوانية نتيجة لقوى خارجية؛ مثل الإصابات سواء كانت بدنية؛ مثل الجروح، والحروق، والكدمات أو كانت بيولوجية؛ مثل تأثيرات العوامل المسببة للمرض. وعلامة النخر تتمثل في أثر واضح، وهو دائمًا ذو قيمة تشخيصية. والنخر ينتج عن إنزيمات داخل الخلايا والتي تنشط بمجرد الإصابة، وتكمل دورها في تدمير الخلايا التالفة.

    وأما الاستماتة – من ناحية أخرى – فهي عملية تقوم فيها الخلايا بالانتحار إذا لم تعد لها فائدة، وذلك من خلال عملية مبرمجة من التدمير الخلوي الذاتي. وبينما تقرأ هذا المقال، هناك ملايين الخلايا تموت بداخلك؛ ولكن لا داعي للذعر، فلن تفقد إياها. فمعظم تلك الخلايا الميتة إما ليست ذات فائدة أو ضارة، ولذلك فإنك بالطبع أفضل حالًا دونها.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_20220131-075742-1.jpg 
مشاهدات:	11 
الحجم:	42.4 كيلوبايت 
الهوية:	6865 ومصطلح الاستماتة بالإنجليزية apoptosis كلمة يونانية تستخدم في وصف حدث سقوط أو وقوع البتلات من الزهور، أو الأوراق من الأشجار. وعلى الرغم من أن الاستماتة تشمل موت الخلايا، فإنها تقوم بدور صحي ووقائي في أجسامنا. كما تساعد الاستماتة في تشكيل خصائصنا الفيزيائية وأعضائنا قبل ولادتنا، وتخلص أجسامنا من الخلايا غير الضرورية أو التي من المحتمل أن تكون ضارة. ولولا الاستماتة، لما كان لك أصابع في يديك وقدميك أو خلايا دماغية ذات اتصالات مناسبة لتصبح قادرًا على قراءة كلمات هذه المقالة أو فهمها.

    فتختلف الاستماتة عن النخر في كونها ضرورية في التطور البشري. ففي الرحم على سبيل المثال، ترتبط أصابع أيدينا وأقدامنا ببعضها عن طريق نوع من الشبكات، والذي تعمل الاستماتة على إخفائه، لتتركنا بعشر أنامل منفصلة. ومع تطور عقولنا، يخلق الجسم ملايين الخلايا أكثر مما نحتاجها؛ فتخضع تلك التي لا تشكل اتصالات شبكية لعملية الاستماتة؛ حتى تتمكن الخلايا المتبقية من العمل بشكل جيد.

    وخلال عملية الاستماتة، تتقلص الخلية وتنسحب بعيدًا عن جيرانها؛ ثم يبدو سطح الخلية وكأنه يغلي، مع وجود شظايا تنفصل وتهرب؛ مثل الفقاعات في وعاء من الماء الساخن. ويتكثف الحمض النووي في نواة الخلية وينقسم إلى أجزاء متساوية في الحجم. وتتقلص الخلية وترسل إشارات استغاثة، والتي يتم الرد عليها من قبل أجزاء تظهر على الساحة لتقوم بدور المكانس التي تتخلص من البقايا، ولذلك فهذه الخلايا لا يصبح لديها أية فرصة لإحداث ضرر.

    على عكس النخر، تموت الخلايا التي تمر بعملية الاستماتة استجابة لإشارات داخل الجسم وليس بسبب عوامل خارجية. وعندما تتعرف الخلايا على الفيروسات والتحولات الجينية، فإنها قد تحفز الموت لمنع وقوع الضرر من الانتشار. ويمكن أن تحدث الاستماتة أيضًا عندما تكون الخلايا تحت ضغط، كما قد يحدث ذلك عندما يخضع الفرد للإشعاع.

    هذا لا يعني أن الاستماتة تعد عملية مثالية؛ فهناك أيضًا إشارات داخل الجسم تبعث برسائل بأنه ينبغي استمرار الخلية في الحياة. وجميع الخلايا لها درجات متفاوتة من الحساسية تجاه المحفزات الإيجابية والسلبية، لذا أحيانًا قد تعيش الخلايا الخاطئة أو تموت.

    وترتبط عديد من الأمراض والاضطرابات بحياة الخلايا وموتها. فالزيادة في عملية الاستماتة تعد من سمات أمراض الإيدز، والزهايمر، وباركنسون؛ في حين أن انخفاضها يشير إلى مرض الذئبة أو السرطان. ولذلك يحاول العلماء معرفة كيف يمكنهم التحكم في الخلايا الحية والتي تخضع لعملية موت الخلايا المبرمج. والأدوية المضادة للسرطان والإشعاع – على سبيل المثال – تعمل عن طريق تحفيز عملية الاستماتة في الخلايا المريضة.

    يعد موت الخلايا أحد المجالات التي قد سار فيها العلماء بخطىً سريعة لفهمها في السنوات الأخيرة؛ ففهم كيفية تنظيم عملية الاستماتة قد يكون الخطوة الأولى في علاج الحالات السابق ذكرها. إن دور الموت في الطبيعة وفي أجسامنا لا غنى عنه. لذا، حين تسمع كلمة الموت في المرة القادمة، فكر مرة أخرى قبل أن تصدر حكمك؛ فهي وإن كانت تبدو في البداية كلمة مفزعة، فتذكر أن الموت ضروري للحياة.
يعمل...
X