تُقدّم الأخبار الأخيرة مجموعةً من المواضيع التي تُثير الغضب حولها.
إليك أحدها: «بعد توقف دام قرابة أسبوعين أعاد مطعم ليكسينغتون “the Lexington” في فيرجينيا والمعروف بإبعاده السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض سارة ساندرز “Sarah Sanders” فتح أبوابه ليلة الخميس».
والاحتمالات هي أنك قد استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتبيّن رأيك حول ذلك الموضوع. وبانتهاء الموضوع سواء إذا كنت بجانب “Ms. Sanders” أو “the Red Hen” فإنّ وسائل التواصل الاجتماعي نفسها ربّما هي التي سبّبت تطرف رأيك ما أدى إلى إشعال غضبك.
تُقدّم وسائل التواصل الاجتماعي دراسةً استقصائيةً مُثيرةً لباحثي التطرف (الراديكالية). اكتشفوا في البحث الذي أُجري على المجموعات ذات التواصل المباشر أنّ النقاش عبر الناس مُتشابهي الرأي سوف يجعل من آرائهم مُتطرفةً (راديكالية)، المجموعة التي تباشر هدفها بمناهضة الإجهاض ستحصل بنهاية المطاف على المزيد من مناهضة الإجهاض، والمجموعة التي تباشر هدفها بمناهضة السلاح ستحصل كذلك بنهاية المطاف على المزيد منه.
يوجد قوّتان لجعل الآراء متطرفةً في نقاشات المجموعة، القوة الأولى هي إعلامية (معلوماتية) حيث يتعلم الناس حُججًا جديدةً لدعم آراءهم التي يتبنونها. أما القوة الثانية في نقاشات المجموعة هي اجتماعية حيث يُعجب الناس ويريدون أن يقلّدوا أولئك الذين يعبرون عن الآراء الأكثر تطرفًا.
تحمل نقاشات وسائل التواصل الاجتماعي كُلًّا من الجوانب الإعلامية والاجتماعية لاستقطاب المجموعة. في سلسلة من تغريدات التويتر المتعلقة بالأخبار تحظى التغريدات التي تُقدم حُججًا جديدةً لدعم سلوك معين (حقائق مفيدة، استعارات جذّابة، ومحاكمات أخلاقية) على المزيد من “الإعجاب” وإعادة التغريد.
كما يتعلم مستخدمو التويتر حججًا ذات صلة ليدعموا آراءهم الخاصة. حيث يحصل المستخدمون أصحاب الآراء الراديكالية الأكثر على متابعة أكبر، على وجه التحديد لأن تغريداتهم تستخدم ألفاظًا سوقيةً وخطابات استقطابيةً. يعني أن الأفراد الأكثر راديكالية لديهم تأثير اجتماعي أكبر.
تُسبّب وسائل التواصل الاجتماعي تطرفًا أكثر من مجموعات التواصل المباشر لأنها مُنظمات أكبر (أي المزيد من مصادر المعلومات) ولأنّه في هذه التجمعات الضخمة توجد احتمالية أكبر ليلتقي فيها الأفراد المتطرفون.
كما يوجد سبب ثالث يجعل من مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي أكثر تسبّبًا بالتطرف وهو أنه يمكن أن يتم تجاهل أو طرد المنشقين في مجموعة التواصل المباشر مع القليل من البغض (الكره) أمّا في منصات التواصل الاجتماعي لا يحتوي الاختيار على سلبيات، فقط قم بالضغط على زر كتم الصوت أو الحظر.
إنّ بعض حالات تطرف وسائل التواصل الاجتماعي قد أتت للواجهة مسبقًا، قد نشأ كُلّ من الربيع العربي والثورة الأوكرانية عام 2014 والثورة الأرمينية عام 2018 في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تطرّفت الآراء أولًا ومن ثم خُطط ونُسق الفعل.
وأدّى استخدام تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (ISIS) لوسائل التواصل الاجتماعي من أجل تجنيد المقاتلين والزوجات والمؤيدين من كافة أنحاء العالم إلى سفر الآلاف من الشباب الغربيين لسوريا والعراق. كما استخدمت روسيا تويتر من أجل محاولة تضليل الناخبين في الولايات المتحدة عن طريق المنشورات المتطرفة.
ومن الممكن أن يكون المثال الأكثر إثارةً للدهشة هو حركة “INCEL” أو حركة العزوبية الإلزامية والتي توحّد المنهزمين والذي يعيشون في بيوت آبائهم وترفع مظالمهم الشخصية من الفشل الجنسي لتصبح بمستوى حركة سياسية استحقت أن تفتتح بها نيويورك تايمز أخبارها.
يعتمد المزيد من الناس كل يوم على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الحصول على أخبارهم سواء للتسلية أو من أجل التفاعلات الاجتماعية. ومن أجل فحص تأثيراتها السياسية المحتملة نحتاج للبحث المستقل. كحصان طروادة فقد تركنا هذه الوسائل تدخل لحياتنا اليومية. ودعونا لا نغلق أعيننا كجماعة على الخطر الذي يمكن أن تحمله.
المصدر:ibelieveinsci