مثلث برمودا منطقة في المحيط الأطلنطي ذاع صيتها على أنها موقع لكثير من الحوادث وحالات الاختفاء الغامضة التي أبى كثيرون اعتبارها من قبيل الصدفة. فلم يُعثر على الحطام في معظم تلك الحوادث، ذلك على الرغم من العثور على بعض السفن مهجورة تمامًا لأسباب لم تتضح. وعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو لغزًا كبيرًا، فإنه يصبح أقل غموضًا كلما بحثت فيه بشكل أعمق. فستجد أن بعض هذه الحوادث لم تقع في مثلث برمودا من الأساس، وأن بعضها فُسِّر تفسيرًا منطقيًّا بالفعل وأُرجع إلى أخطاء بشرية أو عوامل بيئية.
ليس هناك اتفاق عالمي حول حدود منطقة مثلث برمودا، ولكنه يقع بالتقريب بين الساحل الشرقي الجنوبي للولايات المتحدة الأمريكية، وبرمودا، وبورتوريكو. كثير من المؤسسات الرسمية تعتبرها منطقة خيالية؛ فعلى سبيل المثال، لا يعترف مجلس الولايات المتحدة للأسماء الجغرافية بوجود مثلث برمودا، ولا يحتفظ بملفٍ رسمي له. إذًا، ما الذي أشعل حمى مثلث برمودا؟
اصطلح اسم «مثلث برمودا» لأول مرة في 1963 في مقال للكاتب الأمريكي فينسينت جاديس بمجلة أرجوسي Argosy Magazine الذي طرح فيه وجود قوًى سوداء خارقة في المنطقة. افتقر مقال جاديس إلى الدلائل العلمية وكان مفعمًا بالتكهنات؛ إلا أنه نُشر في التوقيت الأمثل وذلك بعد اختفاء طيارتين حربيتين أمريكيتين هناك. وبعد ذلك بفترة، جاء كتاب تشارلز بيرليتز «مثلث برمودا» The Bermuda Triangle بين الكتب الأكثر مبيعًا حول العام، وقد أرجع فيه الكاتب الحوادث إلى الكائنات الفضائية وإلى الناجين من حضارة أطلانتس الخيالية المفقودة.
إلا أن هذا كله لا ينفي بالضرورة مزاعم المرور بتجارب غريبة في مثلث برمودا. فقد أثبت العلم بالفعل بعض الأمور الخارجة عن المألوف في المنطقة؛ أحدثها كان في أكتوبر 2016 حينما أعلنت مجموعة من علماء الأرصاد الجوية عن تسبب نوع فريد من السحاب في المنطقة في وقوع الحوادث الغامضة. قال دكتور راندي كيرفيني من جامعة ولاية أريزونا إن هناك سحبًا عملاقة سداسية الشكل تطلق «قنابل هوائية» تضرب المحيط مسببةً في حدوث أمواج عاتية. ونتيجة لذلك، تتكون عواصف شديدة غير متوقعة تبلغ من القوة ما يمكنها من إغراق السفن وإسقاط الطائرات في لحظات.
وتشمل الأسباب البيئية الأخرى الزلازل التي تحدث تحت المحيط؛ حيث رصد العلماء نشاطًا زلزاليًّا ملحوظًا في المنطقة؛ كما أن المثلث يقع في نطاق تيار الخليج الدافئ، وهو تيار قوي قد يسبب تحديات خطيرة للملاحين غير المخضرمين، ويبلغ من السرعة ما يمكنه من إزالة آثار الكوارث التي قد يتسبب في حدوثها. وقد تكون الطبيعة الطبوغرافية لأرضية المحيط أحد تلك العوامل؛ حيث يحتضن مثلث برمودا بعض أعمق الخنادق على سطح الأرض، مما يجعل العثور على حطام السفن أو الطائرات الغارقة أمرًا شبه مستحيل.
ويُرجح أيضًا أن تكون هيدرات الميثان أحد الأسباب. فقد اكتشف علماء من جامعة كارديف تركيزات كبيرة من غاز الميثان محتبسة في قاع المحيط كانت قد تكونت بفعل الكائنات البحرية المتحللة. وتحتوي ترسبات قاع المحيط على بكتيريا منتجة لغاز الميثان الذي يتراكم ويتركز بدوره مكونًا هيدرات الغاز. وفي حالة تمزق الجيوب الحاوية لهيدرات الميثان فإنها تنفجر فجأة مقللة كثافة المياه، مما يُغرق أية سفينة موجودة في المنطقة ويدفنها أسفل ترسبات القاع بسرعة.
علاوة على ذلك، أبلغ عديد من الطيارين عن حالات شذوذ مغناطيسي في مثلث برمودا. ففي عام 1970، أبلغ بروس جيرنون عن سحابة غريبة تمددت مكونة نفقًا عندما كان يمر من خلالها بطائرته؛ حينها توقفت معدات الملاحة عن العمل ودارت إبرة البوصلة عكس عقارب الساعة. كذلك اختفت طائرته من على شاشة الرادار بمركز مراقبة الملاحة الجوية بميامي، ثم ظهرت فجأة فور خروجها من السحابة. والمثير للدهشة هو وجود فجوة زمنية قدرها ثلاثون دقيقة أكدتها ساعة يده؛ الأمر الذي جعله يؤمن أن لهذه السحابة خصائص زمنية خاصة، وليس هناك تفسير علمي قاطع حتى الآن لهذه الظاهرة.
وقد شاع سابقًا تفسير لحوادث مثلث برمودا يتعلق بالخطأ البشري، وهو أن الطيارين والملاحين لا يحتسبون فروقات خط الميل المغناطيسي الذي يمر في المنطقة، مما يتسبب في أخطاء ملاحية وكوارث خطيرة. وخط الميل المغناطيسي هو نقطة التوافق التام بين الشمال الحقيقي والشمال المغناطيسي؛ ومن ثَمَّ لا يكون هناك انحراف مغناطيسي ولا تكون هناك حاجة إلى تعويضه عند قراءة البوصلة. إلا أن هذه النظرية لم تعد صالحة؛ حيث أثبت العلماء أن خط الميل المغناطيسي يتحرك نحو الغرب بمقدار درجتين في السنة تقريبًا. ففي الواقع أن خط الميل المغناطيسي قد عبر بالفعل خلال مثلث برمودا في وقتٍ ما، ولكنه الآن يقع في نطاق خليج المكسيك.
مرة تلو الأخرى، يثبت العلم أنه صاحب الكلمة الأخيرة في أي سجال بين الحقائق والخرافات. نعم، قد تبدو الحكايات وعناوين الأخبار الآخذة للأنفاس جاذبة وشائقة. ونعم، ستظل الأساطير تجد طريقها إلى عقول البشر. ولكن، سيظل العلم آلية دفاع البشرية ضد مثل هذه الخرافات.
ليس هناك اتفاق عالمي حول حدود منطقة مثلث برمودا، ولكنه يقع بالتقريب بين الساحل الشرقي الجنوبي للولايات المتحدة الأمريكية، وبرمودا، وبورتوريكو. كثير من المؤسسات الرسمية تعتبرها منطقة خيالية؛ فعلى سبيل المثال، لا يعترف مجلس الولايات المتحدة للأسماء الجغرافية بوجود مثلث برمودا، ولا يحتفظ بملفٍ رسمي له. إذًا، ما الذي أشعل حمى مثلث برمودا؟
اصطلح اسم «مثلث برمودا» لأول مرة في 1963 في مقال للكاتب الأمريكي فينسينت جاديس بمجلة أرجوسي Argosy Magazine الذي طرح فيه وجود قوًى سوداء خارقة في المنطقة. افتقر مقال جاديس إلى الدلائل العلمية وكان مفعمًا بالتكهنات؛ إلا أنه نُشر في التوقيت الأمثل وذلك بعد اختفاء طيارتين حربيتين أمريكيتين هناك. وبعد ذلك بفترة، جاء كتاب تشارلز بيرليتز «مثلث برمودا» The Bermuda Triangle بين الكتب الأكثر مبيعًا حول العام، وقد أرجع فيه الكاتب الحوادث إلى الكائنات الفضائية وإلى الناجين من حضارة أطلانتس الخيالية المفقودة.
إلا أن هذا كله لا ينفي بالضرورة مزاعم المرور بتجارب غريبة في مثلث برمودا. فقد أثبت العلم بالفعل بعض الأمور الخارجة عن المألوف في المنطقة؛ أحدثها كان في أكتوبر 2016 حينما أعلنت مجموعة من علماء الأرصاد الجوية عن تسبب نوع فريد من السحاب في المنطقة في وقوع الحوادث الغامضة. قال دكتور راندي كيرفيني من جامعة ولاية أريزونا إن هناك سحبًا عملاقة سداسية الشكل تطلق «قنابل هوائية» تضرب المحيط مسببةً في حدوث أمواج عاتية. ونتيجة لذلك، تتكون عواصف شديدة غير متوقعة تبلغ من القوة ما يمكنها من إغراق السفن وإسقاط الطائرات في لحظات.
وتشمل الأسباب البيئية الأخرى الزلازل التي تحدث تحت المحيط؛ حيث رصد العلماء نشاطًا زلزاليًّا ملحوظًا في المنطقة؛ كما أن المثلث يقع في نطاق تيار الخليج الدافئ، وهو تيار قوي قد يسبب تحديات خطيرة للملاحين غير المخضرمين، ويبلغ من السرعة ما يمكنه من إزالة آثار الكوارث التي قد يتسبب في حدوثها. وقد تكون الطبيعة الطبوغرافية لأرضية المحيط أحد تلك العوامل؛ حيث يحتضن مثلث برمودا بعض أعمق الخنادق على سطح الأرض، مما يجعل العثور على حطام السفن أو الطائرات الغارقة أمرًا شبه مستحيل.
ويُرجح أيضًا أن تكون هيدرات الميثان أحد الأسباب. فقد اكتشف علماء من جامعة كارديف تركيزات كبيرة من غاز الميثان محتبسة في قاع المحيط كانت قد تكونت بفعل الكائنات البحرية المتحللة. وتحتوي ترسبات قاع المحيط على بكتيريا منتجة لغاز الميثان الذي يتراكم ويتركز بدوره مكونًا هيدرات الغاز. وفي حالة تمزق الجيوب الحاوية لهيدرات الميثان فإنها تنفجر فجأة مقللة كثافة المياه، مما يُغرق أية سفينة موجودة في المنطقة ويدفنها أسفل ترسبات القاع بسرعة.
علاوة على ذلك، أبلغ عديد من الطيارين عن حالات شذوذ مغناطيسي في مثلث برمودا. ففي عام 1970، أبلغ بروس جيرنون عن سحابة غريبة تمددت مكونة نفقًا عندما كان يمر من خلالها بطائرته؛ حينها توقفت معدات الملاحة عن العمل ودارت إبرة البوصلة عكس عقارب الساعة. كذلك اختفت طائرته من على شاشة الرادار بمركز مراقبة الملاحة الجوية بميامي، ثم ظهرت فجأة فور خروجها من السحابة. والمثير للدهشة هو وجود فجوة زمنية قدرها ثلاثون دقيقة أكدتها ساعة يده؛ الأمر الذي جعله يؤمن أن لهذه السحابة خصائص زمنية خاصة، وليس هناك تفسير علمي قاطع حتى الآن لهذه الظاهرة.
وقد شاع سابقًا تفسير لحوادث مثلث برمودا يتعلق بالخطأ البشري، وهو أن الطيارين والملاحين لا يحتسبون فروقات خط الميل المغناطيسي الذي يمر في المنطقة، مما يتسبب في أخطاء ملاحية وكوارث خطيرة. وخط الميل المغناطيسي هو نقطة التوافق التام بين الشمال الحقيقي والشمال المغناطيسي؛ ومن ثَمَّ لا يكون هناك انحراف مغناطيسي ولا تكون هناك حاجة إلى تعويضه عند قراءة البوصلة. إلا أن هذه النظرية لم تعد صالحة؛ حيث أثبت العلماء أن خط الميل المغناطيسي يتحرك نحو الغرب بمقدار درجتين في السنة تقريبًا. ففي الواقع أن خط الميل المغناطيسي قد عبر بالفعل خلال مثلث برمودا في وقتٍ ما، ولكنه الآن يقع في نطاق خليج المكسيك.
مرة تلو الأخرى، يثبت العلم أنه صاحب الكلمة الأخيرة في أي سجال بين الحقائق والخرافات. نعم، قد تبدو الحكايات وعناوين الأخبار الآخذة للأنفاس جاذبة وشائقة. ونعم، ستظل الأساطير تجد طريقها إلى عقول البشر. ولكن، سيظل العلم آلية دفاع البشرية ضد مثل هذه الخرافات.