خطوط موضة مستوحاة من الملابس المستعملة في العراق
عرض الأزياء أقيم في موقع أثري يعود إلى الدولة العباسية في مدينة البصرة للتعريف بالتراث.
الاثنين 2023/02/13
انشرWhatsAppTwitterFacebook
موضة اقتصادية
يقيم البعض من شباب العراق مبادرة تهدف إلى تغيير النظرة الاجتماعية للملابس المستعملة حفاظا على البيئة ودعمها من جهة، ولفت الانتباه إلى المواقع التراثية المنسية في البلاد من جهة أخرى.
بغداد - خرج عارضو أزياء إلى مكان العرض في مدينة البصرة بجنوب العراق، لكن بدلا من الكشف عن أحدث خطوط الموضة عرضوا ملابس مستعملة.
وعرض الأزياء المستعملة هو مبادرة تطوعية ينظمها شبان عراقيون يرغبون في زيادة الوعي بأهمية استخدام الملابس المستعملة لتقليل البصمة الكربونية لصناعة الأزياء المسؤولة عن نحو 10 في المئة من انبعاثات الكربون العالمية سنويا بحسب أرقام البنك الدولي.
وقال أزهر الربيعي منظم العرض “الهدف من العرض هو دعم قضية البيئة ومفهوم البيئة العالمي، ما يحدث في العراق هو ما يحدث في العالم ويتأثر به. لذلك نظمنا عرض أزياء للملابس المستخدمة أو ما يسمى باللغة الإنجليزية السكند هاند، ملابس الاستخدام الثاني، من أجل تشجيع الناس على ارتداء الملابس المستخدمة وإعادة التدوير. قضية إعادة التدوير موضوع مهم جدا في العالم اليوم، فالمعامل تنتج مئات الأطنان من الملابس الجديدة بشكل سنوي وهذا بالتأكيد يؤثر على البيئة من خلال حرق المواد والوقود…”.
وأُقيم عرض الأزياء الخاص بالملابس المستعملة في موقع أثري يعود إلى الدولة العباسية في مدينة البصرة. وأوضح الربيعي أنه اختار هذا المكان للفت الانتباه إلى المواقع التراثية المنسية في البلاد.
وأضاف “اخترنا هذا المكان أو الموقع الأثري لعرض الأزياء. اليوم عندنا في العراق الكثير من المواقع الأثرية المنسية أو المتروكة أو حتى الناس لم يسمعوا بها. الكثير من الناس أخبرونا بأن هذا المكان يشاهدونه للمرة الأولى، لذلك جمعنا بين عرض الأزياء التي هي داعمة للبيئة، وأيضا دعم المواقع الأثرية، أو دعنا نقلْ إننا أطلعنا العالم عليها”.
وحضرت العرض مجموعة من الشباب من الجنسين، وقال بعضهم إنهم يدعمون الحملة.
وقال أكرم، عارض أزياء شارك في العرض، “رسالتنا أن نقول للناس تعالوا استخدموا السكند هاند، استخدموا ملابس البالة (المستعملة) لأننا منذ زمن نستخدم ملابس البالة لكن غيرنا يرى البالة لا تعني شيئا، لا يلبسون ما تضمه من ملابس، لكن يجب أن يتقبلوا كل أنواع الملابس ويعرفوا أن الغاية منها هي الحفاظ على البيئة”.
وقالت نور هدى، التي كانت ضمن من شاهدوا عرض الأزياء، “أنا سعيدة جدا بهذا العرض الذي تم في العراق لأول مرة، نتمنى أن يتكرر كثيرا لأننا كشباب ندعم هذا الأمر. أنا شخصيا أشتري منذ سنوات من الملابس التي تعتبر نظيفة جدا، البالة، فهي تحافظ على أموالنا اقتصاديا وتحافظ على البيئة، لذلك نحن سعداء جدا”.
والعراق مصنف خامسا بين أكثر الدول هشاشة في العالم تجاه التغيرات المناخية، بحسب تقرير أصدرته العام الماضي المنظمة الدولية للهجرة.
وتعتبر سوق البالة (أو اللنكات) مقصدًا للكثير من العراقيين ممن يجدون فيها مخرجًا للأزمات المالية التي تحيق بهم وعدم قدرتهم على تلبية متطلبات السلع والملابس الجديدة نظرًا إلى غلائها، بل إن هناك ميسورين يرتادون بشكل منتظم دكاكين الملابس المستعملة بحثًا عما يحتاجون إليه من الموديلات النادرة والاستثنائية.
ويرتاد البعض الآخر هذه الأماكن لسبب خاص، وهو البحث عن “الماركة”، فهو يرى أن أفضل السبل وأرخصها للحصول على ملابس بنوعية جيدة هو شراؤها من سوق البالة.
وقال الطالب الجامعي محمد إنه جرّب شراء الملابس من متاجر بغداد، لكنه وجد في الملابس المستعملة أفضل نوعية، كما أنها أرخص بالطبع من الملابس الجديدة، المستوردة والمحلية على حد السواء.
واشتهرت سوق البالة في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد على مدى أجيال بأنها مقصد الفقراء ومحدودي الدخل.
وانتشرت تجارة البالة من الباب الشرقي، حيث كانت تتمركز بصورة رئيسية في مختلف مناطق بغداد والمحافظات. وفي معظم أنحاء المدن العراقية هناك متاجر خاصة بالملابس القديمة تحتل حيزًا مهمًا من أسواق الهرج التي تشتهر بها معظم المدن.
وبحسب تقارير وزارة التجارة العراقية فإن غالبية البضائع المستوردة، لاسيما الملابس والأجهزة الكهربائية، مصدرها الصين ودول جنوب شرق آسيا وتركيا، حيث يفضلها الناس لرخص ثمنها، لكن الكثير من المستهلكين يتحدثون عن سوء نوعيتها ورداءة صنعها.
ويعترف البائع أبوسليم، الذي أمضى نحو عقدين في مهنة البالات، بأن الشعب العراقي بحكم عاداته وتقاليده يزدري شراء الملابس القديمة، لكنه يضطر إلى شرائها. ويعتقد أبوسليم أن فترة الحصار الاقتصادي والحرب وطدت علاقة العراقي بالملابس القديمة، مؤكدًا أن بعض المواطنين يدخلون سوق الهرج على استحياء لشراء حاجتهم، ويرغبون في ألّا يعرف الآخرون مصادر ملابسهم.
ويندفع الكثير من أصحاب الدخول العالية أيضًا إلى شراء الملابس القديمة لينافسوا الفقراء في ذلك، إذ يعترف أبوسليم (مدخوله الشهري يتجاوز الأربعة آلاف دولار) بأنه يدمن شراء ملابس البالات، لأن غالبيتها مصادرها أوروبية، وصناعتها ذات جودة عالية، إضافة إلى وجود شعار الماركة الذي يجعل قطعة الملابس متميزة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
عرض الأزياء أقيم في موقع أثري يعود إلى الدولة العباسية في مدينة البصرة للتعريف بالتراث.
الاثنين 2023/02/13
انشرWhatsAppTwitterFacebook
موضة اقتصادية
يقيم البعض من شباب العراق مبادرة تهدف إلى تغيير النظرة الاجتماعية للملابس المستعملة حفاظا على البيئة ودعمها من جهة، ولفت الانتباه إلى المواقع التراثية المنسية في البلاد من جهة أخرى.
بغداد - خرج عارضو أزياء إلى مكان العرض في مدينة البصرة بجنوب العراق، لكن بدلا من الكشف عن أحدث خطوط الموضة عرضوا ملابس مستعملة.
وعرض الأزياء المستعملة هو مبادرة تطوعية ينظمها شبان عراقيون يرغبون في زيادة الوعي بأهمية استخدام الملابس المستعملة لتقليل البصمة الكربونية لصناعة الأزياء المسؤولة عن نحو 10 في المئة من انبعاثات الكربون العالمية سنويا بحسب أرقام البنك الدولي.
وقال أزهر الربيعي منظم العرض “الهدف من العرض هو دعم قضية البيئة ومفهوم البيئة العالمي، ما يحدث في العراق هو ما يحدث في العالم ويتأثر به. لذلك نظمنا عرض أزياء للملابس المستخدمة أو ما يسمى باللغة الإنجليزية السكند هاند، ملابس الاستخدام الثاني، من أجل تشجيع الناس على ارتداء الملابس المستخدمة وإعادة التدوير. قضية إعادة التدوير موضوع مهم جدا في العالم اليوم، فالمعامل تنتج مئات الأطنان من الملابس الجديدة بشكل سنوي وهذا بالتأكيد يؤثر على البيئة من خلال حرق المواد والوقود…”.
وأُقيم عرض الأزياء الخاص بالملابس المستعملة في موقع أثري يعود إلى الدولة العباسية في مدينة البصرة. وأوضح الربيعي أنه اختار هذا المكان للفت الانتباه إلى المواقع التراثية المنسية في البلاد.
وأضاف “اخترنا هذا المكان أو الموقع الأثري لعرض الأزياء. اليوم عندنا في العراق الكثير من المواقع الأثرية المنسية أو المتروكة أو حتى الناس لم يسمعوا بها. الكثير من الناس أخبرونا بأن هذا المكان يشاهدونه للمرة الأولى، لذلك جمعنا بين عرض الأزياء التي هي داعمة للبيئة، وأيضا دعم المواقع الأثرية، أو دعنا نقلْ إننا أطلعنا العالم عليها”.
وحضرت العرض مجموعة من الشباب من الجنسين، وقال بعضهم إنهم يدعمون الحملة.
وقال أكرم، عارض أزياء شارك في العرض، “رسالتنا أن نقول للناس تعالوا استخدموا السكند هاند، استخدموا ملابس البالة (المستعملة) لأننا منذ زمن نستخدم ملابس البالة لكن غيرنا يرى البالة لا تعني شيئا، لا يلبسون ما تضمه من ملابس، لكن يجب أن يتقبلوا كل أنواع الملابس ويعرفوا أن الغاية منها هي الحفاظ على البيئة”.
وقالت نور هدى، التي كانت ضمن من شاهدوا عرض الأزياء، “أنا سعيدة جدا بهذا العرض الذي تم في العراق لأول مرة، نتمنى أن يتكرر كثيرا لأننا كشباب ندعم هذا الأمر. أنا شخصيا أشتري منذ سنوات من الملابس التي تعتبر نظيفة جدا، البالة، فهي تحافظ على أموالنا اقتصاديا وتحافظ على البيئة، لذلك نحن سعداء جدا”.
والعراق مصنف خامسا بين أكثر الدول هشاشة في العالم تجاه التغيرات المناخية، بحسب تقرير أصدرته العام الماضي المنظمة الدولية للهجرة.
وتعتبر سوق البالة (أو اللنكات) مقصدًا للكثير من العراقيين ممن يجدون فيها مخرجًا للأزمات المالية التي تحيق بهم وعدم قدرتهم على تلبية متطلبات السلع والملابس الجديدة نظرًا إلى غلائها، بل إن هناك ميسورين يرتادون بشكل منتظم دكاكين الملابس المستعملة بحثًا عما يحتاجون إليه من الموديلات النادرة والاستثنائية.
ويرتاد البعض الآخر هذه الأماكن لسبب خاص، وهو البحث عن “الماركة”، فهو يرى أن أفضل السبل وأرخصها للحصول على ملابس بنوعية جيدة هو شراؤها من سوق البالة.
وقال الطالب الجامعي محمد إنه جرّب شراء الملابس من متاجر بغداد، لكنه وجد في الملابس المستعملة أفضل نوعية، كما أنها أرخص بالطبع من الملابس الجديدة، المستوردة والمحلية على حد السواء.
واشتهرت سوق البالة في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد على مدى أجيال بأنها مقصد الفقراء ومحدودي الدخل.
وانتشرت تجارة البالة من الباب الشرقي، حيث كانت تتمركز بصورة رئيسية في مختلف مناطق بغداد والمحافظات. وفي معظم أنحاء المدن العراقية هناك متاجر خاصة بالملابس القديمة تحتل حيزًا مهمًا من أسواق الهرج التي تشتهر بها معظم المدن.
وبحسب تقارير وزارة التجارة العراقية فإن غالبية البضائع المستوردة، لاسيما الملابس والأجهزة الكهربائية، مصدرها الصين ودول جنوب شرق آسيا وتركيا، حيث يفضلها الناس لرخص ثمنها، لكن الكثير من المستهلكين يتحدثون عن سوء نوعيتها ورداءة صنعها.
ويعترف البائع أبوسليم، الذي أمضى نحو عقدين في مهنة البالات، بأن الشعب العراقي بحكم عاداته وتقاليده يزدري شراء الملابس القديمة، لكنه يضطر إلى شرائها. ويعتقد أبوسليم أن فترة الحصار الاقتصادي والحرب وطدت علاقة العراقي بالملابس القديمة، مؤكدًا أن بعض المواطنين يدخلون سوق الهرج على استحياء لشراء حاجتهم، ويرغبون في ألّا يعرف الآخرون مصادر ملابسهم.
ويندفع الكثير من أصحاب الدخول العالية أيضًا إلى شراء الملابس القديمة لينافسوا الفقراء في ذلك، إذ يعترف أبوسليم (مدخوله الشهري يتجاوز الأربعة آلاف دولار) بأنه يدمن شراء ملابس البالات، لأن غالبيتها مصادرها أوروبية، وصناعتها ذات جودة عالية، إضافة إلى وجود شعار الماركة الذي يجعل قطعة الملابس متميزة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook