المصريون يحتفلون بترميم أعمدة معبد الأقصر الفرعوني
لجنة أثرية وهندسية متخصصة أوصت بضرورة ترميم وتدعيم أعمدة البهو بعد أن تبين مدى تأثر قواعد وأساسات الحوائط بالرطوبة في كل مكونات المعبد.
الخميس 2022/09/01
أعمدة الحضارة
نجح المصريون في الحفاظ على إرث الحضارة الفرعونية من خلال عمليات الحفر الأثرية وترميم وتدعيم أرضيات 22 عمودا ببهو الملك أمنحتب الثالث، وإعادة تركيبها مجددا في معبد الأقصر الأثري، وهم اليوم يحتفلون بذكرى مرور ربع قرن على نجاح هذا المشروع.
الأقصر (مصر)- يحتفل المصريون خلال العام الجاري بالذكرى الخامسة والعشرين لإتمام مشروع إنقاذ أعمدة بهو الملك أمنحتب الثالث في معبد الأقصر الأثري والذي جرى بخبرات مصرية، وتضمن فك وترميم وتدعيم أرضيات 22 عمودا ببهو الملك أمنحتب الثالث وإعادة تركيبها مجددا.
وفي هذا الإطار قال محمد عبدالحميد، عضو مجلس أمناء الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، إن “هذا المشروع هو من المشروعات الرائدة التي نفذت لإنقاذ الآثار المصرية، ويستحق أن نحتفي به، لكونه مشروعا مصريا خالصا، ولأنه نجح في حماية تلك المجموعة من الأعمدة الشاهقة التي يشتهر بها معبد الأقصر، والتي كانت قد تعرضت لميول هددت وجودها، بجانب تنفيذ مشروع لحماية تلك الأعمدة وكل معالم معبد الأقصر من صروح ومقاصير وتماثيل من مخاطر ارتفاع منسوب المياه الجوفية”.
وأكد على أن الجمعية، وغيرها من المؤسسات المعنية بقطاعي السياحة والآثار تحتفي بتلك المناسبة، لما تمثله من رمزية مهمة تؤكد على حرص مصر على حماية آثارها ومعالمها القديمة التي تمثل تراثا للإنسانية جمعاء.
◙ من المشروعات الرائدة التي نفذت لإنقاذ الآثار المصرية
وقال الأثري المصري، محمد يحيي عويضه، المدير العام الأسبق لآثار الأقصر ومصر العليا، إن الاهتمام بمعبد الأقصر بدأ مع بداية قيام الرحالة ومستشرقي وفناني أوروبا بتسجيل الآثار المصرية ورسمها.
ووفقا لعويضة، فقد كان هذا العمل المعماري الضخم في ذلك الحين مـدفونا تحت جبال من الرمال لا يظهر منه فوق سطحهـا سـوى أجـزاء بسيطة متداخلة، وبعض البيوت والبيانات التي تم تشييدها فوق المعبد في عصور مختلفة.
وخلال القرن العشرين تم رفع الرمال من حـول المعـبـد وداخله وإزالة الأتربة مـن فـوق أعمدته وتماثيله. وعندها ظهر التأثير السلبي لتلك الأتربة التي غطت المعبد لسنوات طوال، والذي تمثل في تآكل أجزاء من قواعد الأعمدة وبدنها. ونظرا إلى عدم وجود قواعـد علمـية ثابتة للترميم في ذلك الوقت فقد تم استبدال الأجزاء المتآكلة بمواد بناء تمثلت في الطوب الأحـمـر ومـونة الأسمنت التي تمت تغطيتـهـا بمونة البياض الأسمنتي. وكان ذلك في عام 1936 وهي تعتبر أول محاولة ترميمية لمعبد الأقصر تلاها غيرها من محاولات المعالجة وذلك باستخدام نفس الأسلوب.
وأضاف أن “التفكير في تنفيذ مشروع إنقاذ وحماية أعمدة بهو الملك أمنحتب الثالث في معبد الأقصر، بدأ في عام 1988 عندما لاحظ الآثاريون وجـود ميل في بعض أعمدة البهو، وهو ميل نتج عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية، ورشحها أسفل أساسات الأعمدة، وأدى ذلك بجانب ميل الأعمدة إلى ظهور أملاح على بعض جدران المعبد، ثم تآكل في جدران وأساسات الأعمدة”.
وكما يروي عويضة فقد أوصت لجنة أثرية وهندسية متخصصة بضرورة ترميم وتدعيم أعمدة البهو ومعالجة مشكلة المياه الجوفية، وسرعة معالجة الميل في الأعمدة وحل مشكلة رشح المياه الجوفية، خاصة بعد أن تبين مدى تأثر قواعد وأساسات الحوائط بالرطوبة في كل مكونات المعبد، وتم بالفعل الاستعانة بإحدى الشركات المتخصصة لبدء تنفيذ مشروع فك وتركيب وتدعيم أعمدة بهو الملك أمنحتب الثالث في معبد الأقصر، وهو المشروع الذي استغرق تنفيذه 24 شهرا.
ولفت إلى أنه تم رصد ومراقبة حالة المعبد والتأكد من عدم تأثر منشآته بخفض منسوب المياه الجوفية أسفله، من خلال رصد مساحي بمعدل 3 مرات يوميا، وطوال 50 يوما متتالية، ثم جرى فك وترميم وتركيب الأعمدة بعد تقوية التربة أسفلها.
وأشار الآثاري علي رضا إلى أن مصر شهدت العديد من مشروعات إنقاذ وحماية الآثار التي كان أضخمها مشروع إنقاذ معابد أبوسمبل، وكذلك معابد فيله في أسوان، ومشروعات عديدة لخفض منسوب المياه الجوفية أسفل المعابد التي شيدها ملوك مصر القديمة، مثل مشروع خفض منسوب المياه الجوفية أسفل المعابد الجنائزية في البر الغربي للأقصر، بجانب مشروعات مماثلة في شرق الأقصر وفي سوهاج وأسوان، إضافة إلى مشروعات جمع وترميم وإعادة تركيب مجموعة من التماثيل الضخمة المحطمة والتي تزن مئات الأطنان في كل من معابد الأقصر والكرنك وصان الحجر.