ابتسامة هذه الطفلة الناجية: تعيدُ بناء العالم.
عن صفحة الروائي والاعلامي الكبير أحمد علي الزين. Ahmad Ali El Zein
لينا هويان الحسن
الى الطفل الذي نجا هناك .
ايتها البلاد ، ايتها الارض
اين امشي
اين اروح ؟
اين انام ؟
وحدي خرجت قبل سنوات حيًا من حينا القديم ، يومَ انحنت مئذنةُ الامويين في حلب وبكت الشام .
كنت طريَّ العود، اخرجوني بلا ملامحَ مغطى بالغبار والدخان ، كأنّ يداً خفيةً موهتني كي تضلل العدو ، اذ
بدوت دميةً من تراب تحركها الدهشة ، هكذا شاهدت وجهي على الشاشة في تلك الايام ،
كانوا يتحدثون عن المعجزات ، والنجاة ،
نسيت يومها اسمي ،
كأني نسيت الكلام !!!
حين سالوني ما اسمك ؟ لم اقل اسمي قلت سهواً اسمَ ابي الذي بقي تحت الركام ...
تظهر منه يدُه التي كانت تضمني قبل ان تذبلَ وتتركَني، كان يسند فيها سقف البيت ،حولها لاجلنا من يدٍ الى وتدٍ ، وكان صوت امي وهي تناديني ، يجيء من بئر غائر في العتمة كأنّه من زمان .
اما صراخ اخوتي فتحول الى جرح في حنجرتي ، نشيج كمان .
يومها ؛
وجدتُني يا بلادي مقيماً على الحدود هناك بيني وبيني ، ابحث في وجوه العابرين عنك وعنهم وعني ...
قلت لعله كان مشهدا في منام .
ومرت الايام وفي فجر بارد بعد سنين ،شيء لا اعرفه رجني جعل الارض تحتي تمور والناس تحبو ، اعاد الكائنات الى بدائية المسعى والصوت ، ومحا اللغة محا الكلام ، حولها كلها الى حطام .
سمعتهم يقولون ، وانا محمولا على شيء رجراج ، هذا مابقي من البلاد
وهذا ما بقي مني .
كنت ممددا على نصف مهد نصف نعش
لمحت في السماء سرباً ملتاعاً من طير الحمام ...
لا برج له ولا مئذنة ولا سطوح
وسمعت ندابة الحي تنوح
اين امشي يا بلادي اين اروح .
الى الطفل الذي نجا هناك .
___________________________
#زلزال_سوريا