الغابات ليست لامتصاص الكربون فقط بل هي مفتاح التوازن البيئي
الغابات تستطيع لعب دور الحاجز ضد الكوارث الطبيعية التي أصبحت شائعة بشكل متزايد بسبب تغير المناخ.
السبت 2022/10/29
الغابات تلعب دور المانع من الكوارث الطبيعية
لندن - تلعب المساحات الخضراء، من غابات الأمازون المطيرة إلى الغابات الشمالية، دورا هامّا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، حيث يجد العالم نفسه في سباق مع الزمن لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ.
وتعدّ الغابات أكبر ممتص للكربون على الأرض، إذ تزيل من الغلاف الجوي ما يقرب من 7.6 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون كل سنة، وهو ما يعادل مرة ونصف المرة متوسط الانبعاثات الأميركية السنوية.
وتتخذ الحكومات إجراءات لحماية هذه المخزونات الطبيعية من ثاني أكسيد الكربون، حيث تعهدت أكثر من 140 دولة في محادثات الأمم المتحدة كوب 26 العام الماضي بوقف تراجع الغابات وعكسه بحلول 2030، على الرغم من أن تحليلا أخيرا أظهر أنها ليست على المسار الصحيح.
ووجد تقييم إعلان الغابات أن إزالة الغابات في جميع أنحاء العالم تباطأت بنسبة 6.3 في المئة عام 2021 مقارنة بالتخفيض السنوي المطلوب بنسبة 10 في المئة. لكن الغابات لا يقتصر دورها على امتصاص الكربون فحسب، وإنما تعتبر حيوية بالنسبة إلى المناخ والطبيعة بطرق أخرى لا تعد ولا تحصى، وتوفر فوائد لا يزال العلماء يستكشفونها. فما الذي يمكن للغابات أن تفعله لكوكب الأرض وسكانه؟
المساعدة على تبريد الكرة الأرضية
◙ التبريد الذي تحدثه الغابات يتجاوز قدرتها على امتصاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن تسخين الكوكب
يتجاوز التبريد الذي تحدثه الغابات قدرتها على امتصاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن تسخين الكوكب. ويوفر الحفاظ على الغابات الاستوائية تأثيرا أكبر بنسبة 50 في المئة على خفض درجات الحرارة العالمية مما يمكن حسابه ببساطة من خلال قدراتها على امتصاص الكربون، وفقا لتقرير جديد صادر عن معهد الموارد العالمية، وهو مركز أبحاث.
وقالت فرانسيس سيمور، زميلة معهد الموارد العالمية التي شاركت في كتابة التقرير، إن “الغابات أكثر أهمية مما كنا نظن لتحقيق الاستقرار في المناخ”. وتوفر حواجز الأشجار، على سبيل المثال، "النتح التبخري" الذي يتم من خلاله إطلاق المياه من التربة إلى الغلاف الجوي لتسقط في شكل أمطار. وقال التقرير "يجب دمج تأثيرات التبريد الإضافية هذه في سياسات المناخ الحكومية لتعكس بشكل كامل ما تفعله الغابات لكوكب الأرض".
وتساعد الغابات في الحفاظ على أنماط هطول الأمطار المستقرة ودرجات الحرارة المحلية، والتي تعتبر حيوية للأمن الغذائي والمائي، وفقا لتقرير معهد الموارد العالمية.
الغابات تساعد في الحفاظ على أنماط هطول الأمطار التي تعتبر مهمة للأمن الغذائي والمائي
وقال مايكل وولوسين، المؤلف المشارك من منظمة كونسيرفيشن أنترناشونال غير الربحية، "إن الاضطراب الذي أصاب نظام الغذاء العالمي بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا يؤكد الحاجة إلى حماية الغابات العالمية”. وذكر أن إزالة الغابات تخاطر بتعطيل أنماط هطول الأمطار التي تدعم الزراعة، وهذا تهديد "في غاية الخطورة، وهو أمر نحتاج إلى مواجهته من خلال المفاوضات العالمية".
وقال التقرير إن "منطقة الأمازون البرازيلية، على سبيل المثال، تساعد في الحفاظ على هطول الأمطار الحيوية في العديد من البلدان الأخرى، مما يؤثر على الإنتاج الزراعي حتى في الأرجنتين".
ولأن إزالة الغابات تحوّل أجزاء من أكبر غابة استوائية مطيرة في العالم إلى سافانا جافة، فإن العلماء متخوّفون من إمكانية أن تتجه غابات الأمازون نحو نقطة تحول قد لا تتعافى بعدها أبدا.
تستطيع الغابات لعب دور الحاجز ضد الكوارث الطبيعية التي أصبحت شائعة بشكل متزايد بسبب تغير المناخ. فيمكن لمظلات الأشجار اعتراض هطول الأمطار وإبطائها في العاصفة، مما يسمح لما يصل إلى 30 في المئة من المياه بالتبخر في الغلاف الجوي دون الوصول إلى الأرض، وفقا لجمعية وودلاند ترست الخيرية في بريطانيا. وتستخدم بعض المدن الغابات الحضرية لتصبح أكثر قدرة على الصمود في وجه الفيضانات، حيث توفر الأشجار المزيد من الأراضي القابلة لامتصاص مياه الأمطار.
ويستشهد خبراء بتجربة فريتاون عاصمة سيراليون، فبعد الانهيارات الأرضية المدمرة عام 2017 تضمنت خطة الإنعاش التي وضعها العمدة تدريب السكان على زراعة 21 ألف شجرة محلية. وتخزن غابات المنغروف كمية كبيرة من الكربون عبر المناطق الاستوائية في العالم وتوفر دفاعا ضد تآكل السواحل والعواصف.
الدفاع عن التنوع البيولوجي العالمي
◙ الغابات تؤثر على التنوع البيولوجي، حيث تضم هذه النظم البيئية أكثر من نصف أنواع الحيوانات والنباتات البرية في العالم
تؤثر الغابات على التنوع البيولوجي، حيث تضم هذه النظم البيئية أكثر من نصف أنواع الحيوانات والنباتات البرية في العالم. وبالإضافة إلى حماية الطبيعة يمكن للغابات أن توفر للناس مجموعة من الفوائد، بدءا من الأغذية وليس انتهاء بالأدوية. وارتبطت إزالة الغابات، خاصة في المناطق الاستوائية، بزيادة تفشي الأمراض المعدية، لاسيما عندما تكون الحيوانات على اتصال وثيق بالبشر.
ووفقا لتحليل حديث أجراه الصندوق العالمي للحياة البرية، انخفض عدد سكان الحياة البرية في العالم بأكثر من الثلثين منذ 1970، وكانت إزالة الغابات سببا رئيسيا في ذلك. ويوجد في الأمازون أكثر من 10 آلاف نوع معرض لخطر الانقراض بسبب إزالة الغابات المطيرة لاستخدامات مثل تربية الماشية وزراعة فول الصويا.
◙ إزالة الغابات تؤدي مباشرة إلى ارتفاع درجات الحرارة المحلية، مما يعرض الناس والمحاصيل للإجهاد الحراري
وقال معهد الموارد العالمية إن "إزالة الغابات تؤدي مباشرة إلى ارتفاع درجات الحرارة المحلية، مما يعرض الناس والمحاصيل للإجهاد الحراري”. وقالت سيمور من المعهد إن “درجات الحرارة المحلية الحادة تشكل تهديدا خاصا في المناطق الاستوائية لصغار المزارعين والعاملين الزراعيين والسكان الأصليين والمجتمعات المحلية الأخرى".
وتعتمد مجتمعات السكان الأصليين بشكل خاص على الغابات في أسلوب حياتها. وتظهر الأبحاث أن أفرادها هم من أفضل الأشخاص الذين بإمكانهم أن يحافظوا على هذه المناطق، مما يؤدي إلى دعوات لوضع المزيد من الموارد في أيدي مجتمعات الخطوط الأمامية.
وأظهر تقرير سنة 2021 الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن معدلات إزالة الغابات في حوض الأمازون أقل بنسبة تصل إلى 50 في المئة في أراضي غابات الشعوب الأصلية مقارنة بالمناطق الأخرى.
وفي الوقت الذي يتطلع فيه قادة العالم إلى معالجة أزمة المناخ والطبيعة والتنوع البيولوجي المتزايدة، يجب أن يأخذوا أدوار الغابات المتعددة على محمل الجد، كما قال معدو تقرير معهد الموارد العالمية. وقال مايكل وولوسين إن "الغابات جزء من الصورة الأوسع للحفاظ على صحة المجتمعات وأمانها في مناخ متغير".
الغابات تستطيع لعب دور الحاجز ضد الكوارث الطبيعية التي أصبحت شائعة بشكل متزايد بسبب تغير المناخ.
السبت 2022/10/29
الغابات تلعب دور المانع من الكوارث الطبيعية
لندن - تلعب المساحات الخضراء، من غابات الأمازون المطيرة إلى الغابات الشمالية، دورا هامّا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، حيث يجد العالم نفسه في سباق مع الزمن لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ.
وتعدّ الغابات أكبر ممتص للكربون على الأرض، إذ تزيل من الغلاف الجوي ما يقرب من 7.6 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون كل سنة، وهو ما يعادل مرة ونصف المرة متوسط الانبعاثات الأميركية السنوية.
وتتخذ الحكومات إجراءات لحماية هذه المخزونات الطبيعية من ثاني أكسيد الكربون، حيث تعهدت أكثر من 140 دولة في محادثات الأمم المتحدة كوب 26 العام الماضي بوقف تراجع الغابات وعكسه بحلول 2030، على الرغم من أن تحليلا أخيرا أظهر أنها ليست على المسار الصحيح.
ووجد تقييم إعلان الغابات أن إزالة الغابات في جميع أنحاء العالم تباطأت بنسبة 6.3 في المئة عام 2021 مقارنة بالتخفيض السنوي المطلوب بنسبة 10 في المئة. لكن الغابات لا يقتصر دورها على امتصاص الكربون فحسب، وإنما تعتبر حيوية بالنسبة إلى المناخ والطبيعة بطرق أخرى لا تعد ولا تحصى، وتوفر فوائد لا يزال العلماء يستكشفونها. فما الذي يمكن للغابات أن تفعله لكوكب الأرض وسكانه؟
المساعدة على تبريد الكرة الأرضية
◙ التبريد الذي تحدثه الغابات يتجاوز قدرتها على امتصاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن تسخين الكوكب
يتجاوز التبريد الذي تحدثه الغابات قدرتها على امتصاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن تسخين الكوكب. ويوفر الحفاظ على الغابات الاستوائية تأثيرا أكبر بنسبة 50 في المئة على خفض درجات الحرارة العالمية مما يمكن حسابه ببساطة من خلال قدراتها على امتصاص الكربون، وفقا لتقرير جديد صادر عن معهد الموارد العالمية، وهو مركز أبحاث.
وقالت فرانسيس سيمور، زميلة معهد الموارد العالمية التي شاركت في كتابة التقرير، إن “الغابات أكثر أهمية مما كنا نظن لتحقيق الاستقرار في المناخ”. وتوفر حواجز الأشجار، على سبيل المثال، "النتح التبخري" الذي يتم من خلاله إطلاق المياه من التربة إلى الغلاف الجوي لتسقط في شكل أمطار. وقال التقرير "يجب دمج تأثيرات التبريد الإضافية هذه في سياسات المناخ الحكومية لتعكس بشكل كامل ما تفعله الغابات لكوكب الأرض".
وتساعد الغابات في الحفاظ على أنماط هطول الأمطار المستقرة ودرجات الحرارة المحلية، والتي تعتبر حيوية للأمن الغذائي والمائي، وفقا لتقرير معهد الموارد العالمية.
الغابات تساعد في الحفاظ على أنماط هطول الأمطار التي تعتبر مهمة للأمن الغذائي والمائي
وقال مايكل وولوسين، المؤلف المشارك من منظمة كونسيرفيشن أنترناشونال غير الربحية، "إن الاضطراب الذي أصاب نظام الغذاء العالمي بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا يؤكد الحاجة إلى حماية الغابات العالمية”. وذكر أن إزالة الغابات تخاطر بتعطيل أنماط هطول الأمطار التي تدعم الزراعة، وهذا تهديد "في غاية الخطورة، وهو أمر نحتاج إلى مواجهته من خلال المفاوضات العالمية".
وقال التقرير إن "منطقة الأمازون البرازيلية، على سبيل المثال، تساعد في الحفاظ على هطول الأمطار الحيوية في العديد من البلدان الأخرى، مما يؤثر على الإنتاج الزراعي حتى في الأرجنتين".
ولأن إزالة الغابات تحوّل أجزاء من أكبر غابة استوائية مطيرة في العالم إلى سافانا جافة، فإن العلماء متخوّفون من إمكانية أن تتجه غابات الأمازون نحو نقطة تحول قد لا تتعافى بعدها أبدا.
تستطيع الغابات لعب دور الحاجز ضد الكوارث الطبيعية التي أصبحت شائعة بشكل متزايد بسبب تغير المناخ. فيمكن لمظلات الأشجار اعتراض هطول الأمطار وإبطائها في العاصفة، مما يسمح لما يصل إلى 30 في المئة من المياه بالتبخر في الغلاف الجوي دون الوصول إلى الأرض، وفقا لجمعية وودلاند ترست الخيرية في بريطانيا. وتستخدم بعض المدن الغابات الحضرية لتصبح أكثر قدرة على الصمود في وجه الفيضانات، حيث توفر الأشجار المزيد من الأراضي القابلة لامتصاص مياه الأمطار.
ويستشهد خبراء بتجربة فريتاون عاصمة سيراليون، فبعد الانهيارات الأرضية المدمرة عام 2017 تضمنت خطة الإنعاش التي وضعها العمدة تدريب السكان على زراعة 21 ألف شجرة محلية. وتخزن غابات المنغروف كمية كبيرة من الكربون عبر المناطق الاستوائية في العالم وتوفر دفاعا ضد تآكل السواحل والعواصف.
الدفاع عن التنوع البيولوجي العالمي
◙ الغابات تؤثر على التنوع البيولوجي، حيث تضم هذه النظم البيئية أكثر من نصف أنواع الحيوانات والنباتات البرية في العالم
تؤثر الغابات على التنوع البيولوجي، حيث تضم هذه النظم البيئية أكثر من نصف أنواع الحيوانات والنباتات البرية في العالم. وبالإضافة إلى حماية الطبيعة يمكن للغابات أن توفر للناس مجموعة من الفوائد، بدءا من الأغذية وليس انتهاء بالأدوية. وارتبطت إزالة الغابات، خاصة في المناطق الاستوائية، بزيادة تفشي الأمراض المعدية، لاسيما عندما تكون الحيوانات على اتصال وثيق بالبشر.
ووفقا لتحليل حديث أجراه الصندوق العالمي للحياة البرية، انخفض عدد سكان الحياة البرية في العالم بأكثر من الثلثين منذ 1970، وكانت إزالة الغابات سببا رئيسيا في ذلك. ويوجد في الأمازون أكثر من 10 آلاف نوع معرض لخطر الانقراض بسبب إزالة الغابات المطيرة لاستخدامات مثل تربية الماشية وزراعة فول الصويا.
◙ إزالة الغابات تؤدي مباشرة إلى ارتفاع درجات الحرارة المحلية، مما يعرض الناس والمحاصيل للإجهاد الحراري
وقال معهد الموارد العالمية إن "إزالة الغابات تؤدي مباشرة إلى ارتفاع درجات الحرارة المحلية، مما يعرض الناس والمحاصيل للإجهاد الحراري”. وقالت سيمور من المعهد إن “درجات الحرارة المحلية الحادة تشكل تهديدا خاصا في المناطق الاستوائية لصغار المزارعين والعاملين الزراعيين والسكان الأصليين والمجتمعات المحلية الأخرى".
وتعتمد مجتمعات السكان الأصليين بشكل خاص على الغابات في أسلوب حياتها. وتظهر الأبحاث أن أفرادها هم من أفضل الأشخاص الذين بإمكانهم أن يحافظوا على هذه المناطق، مما يؤدي إلى دعوات لوضع المزيد من الموارد في أيدي مجتمعات الخطوط الأمامية.
وأظهر تقرير سنة 2021 الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن معدلات إزالة الغابات في حوض الأمازون أقل بنسبة تصل إلى 50 في المئة في أراضي غابات الشعوب الأصلية مقارنة بالمناطق الأخرى.
وفي الوقت الذي يتطلع فيه قادة العالم إلى معالجة أزمة المناخ والطبيعة والتنوع البيولوجي المتزايدة، يجب أن يأخذوا أدوار الغابات المتعددة على محمل الجد، كما قال معدو تقرير معهد الموارد العالمية. وقال مايكل وولوسين إن "الغابات جزء من الصورة الأوسع للحفاظ على صحة المجتمعات وأمانها في مناخ متغير".