"فضل ونعمة".. كوميديا مصرية ساخرة تعالج قضية جادة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "فضل ونعمة".. كوميديا مصرية ساخرة تعالج قضية جادة

    "فضل ونعمة".. كوميديا مصرية ساخرة تعالج قضية جادة


    التفاهم بين هند صبري وماجد الكدواني ينقذ الفيلم من ترهل حبكته الفنية.
    الجمعة 2022/10/14
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    فيلم طغت عليه الكوميديا

    تبقى الكوميديا من أصعب الأنماط التي يمكن إنجازها في الدراما أو المسرح أو السينما، وفي هذه الأخيرة فقد انتشرت في السنوات الأخيرة أفلام عربية تدعي الكوميديا بينما هي سيناريوهات مفتعلة ومحاولات إضحاك تنزل أحيانا كثيرة إلى الضحالة والابتذال ناهيك عن اعتماد الفضائحية، وهذا ما حاول تجاوزه الفيلم المصري الجديد “فضل ونعمة”.

    القاهرة - تلجأ الكثير من الأفلام المصرية حاليا إلى جعل الكوميديا زاوية رئيسية في القضايا التي تطرحها باعتبارها وصفة تتناسب مع الأجواء العامة التي تخيم عليها أزمات اقتصادية واجتماعية، وأداة تجذب بها جميع أفراد الأسرة، فشعار سينما “للكبار فقط” أو “نجمة الجماهير” أو “بطل الإثارة” أو “وحش الشاشة” والتي استخدمت في مراحل سابقة فقدت بريقها، ولم تعد سينما النجم الأوحد تستهوي الجمهور لأنه أصلا لا يوجد نجم وحيد يستطيع أن يحمل على عاتقه نجاح عمل بمفرده.

    وينسجم فيلم “فضل ونعمة” الذي بدأت دور العرض السينمائي في مصر طرحه قبل أيام مع ما تنطوي عليه الصيغة السابقة من معان ومفاهيم مختلفة، فقد طرح العمل قضية جادة هي رغبة أب وأم في إقامة مشروع تجاري ناجح يفتخران به ويدر عليهما دخلا وفيرا في قالب كوميدي من خلال التورط مع تجار مخدرات وما يصاحب الورطة من مواقف يتم التعامل معها بقدر عال من السخرية.
    وصفة وتّار


    الفيلم يشبع شهية الأسرة المصرية لأنه لا يحوي مشاهد خادشة وحشر كل ما يمكن عمله لتكون الوجبة كوميدية

    جمع مخرج الفيلم رامي إمام ابن الفنان المصري الكبير عادل إمام بين كل من هند صبري (نعمة) وماجد الكدواني (فضل) وقد التقيا من قبل في فيلم “أسماء” منذ حوالي 11 عاما وهو عمل درامي بامتياز، ومعهما بيومي فؤاد ومحمود حافظ وسما إبراهيم ومحمد ممدوح، وحاول رامي العودة إلى السينما بقصة مضمون نجاحها، تنحو تجاه الكوميديا بعد فترة انقطاع دامت أربعة عشر عاما منذ إخراجه لفيلم “حسن ومرقص”.

    قصص العصابات والتورط مع تجار المخدرات ليست جديدة على السينما المصرية، لكن فيلم “فضل ونعمة” الذي كتب له السيناريو والحوار المؤلف أيمن وتّار طغت عليه الكوميديا لتقليل الإثارة والمطاردات التقليدية، والرمز إلى أن هذه الثيمة مختلفة.

    واستخدم وتّار براعته في صياغة المواقف الكوميدية لمحو الفكرة التي يمكن أن يخرج بها البعض من الجمهور، وهي عدم وجود قصة حقيقية أصلا، فكل المشاهد المثيرة أو الخفيفة حاولت انتزاع الضحك، وإن نجحت أحيانا فلم تكن كذلك في غالبية المشاهد، لكن كاريزما هند والكدواني وما بينهما من كيمياء فنية وانسجام إنساني أسهمت في تخفيف وطأة الافتعال والتغيرات المفاجئة التي جرى حشر السوشيال ميديا فيها.

    وتدور قصة الفيلم حول مطعم للوجبات (فضل ونعمة) أقامه زوجان في منزل يقوم بتوصيل طلباته إلى زبائنه ويسعى لكسب شهرة كبيرة، وحاولا توسيع نشاطه، غير أن صداقتهما بأحد تجار المخدرات أوقتعهما في مصيدته عندما وضع لديهما أمانة لم يخبرهما على طبيعتها، كانت عبارة عن مجموعة من كراتين المخدرات، ويتم استخدام إحدى عبواتها على سبيل الخطأ في مسابقة للطعام فحدثت مواقف كوميدية بطلها الشيف الشهير علاء الشربيني، فتكتشف العصابة صاحبة المخدرات مكانها عند فضل ونعمة بعد إلقاء القبض على أحد أعضائها من قبل البوليس.

    من هنا توالت المشاهد بين الزوجين هند والكدواني من جهة والعصابة التي يقودها بيومي فؤاد وسما إبراهيم من جهة ثانية، ودخل بينهما محمود حافظ باعتباره ضابط بوليس لإقناعهما بالتعاون مع العصابة بغرض الإيقاع بها وهو في الوقت نفسه يعمل لحسابها وليس ضابطا حقيقيا كي يضمن السيطرة عليهما.

    الضحك كان هدفا أساسيا لمنتجي الفيلم الذي حاول مخرجه نحت طريقه الخاص ليبدو أنه يملك لونا فنيا معينا

    اقتنع الزوجان بالقيام بدور العميل المزدوج وأنهما يقومان بدور وطني لكشف العصابة وتسليمها للبوليس، واستغرقت هذه الفكرة مساحة كبيرة من المشاهد، صعودا وهبوطا، وبينهما سلسلة طويلة من المفارقات والمنحنيات التي تقود إلى طريق واحد وهو الكوميديا، وحشرت في المنتصف فكرة صورة الوالدين أمام بنتهما وقامت بالدور الفنانة الشابة ياسمين العبد التي شكّت في سلوكهما وتعاونهما مع العصابة.

    واستخدم السيناريست أيمن وتّار كل براعته ليقدم كوميديا جيدة دون أن يوفق تماما بسبب ما صاحب بعض المشاهد من تطورات غير متوقعة لمجرد أن يضاعف من وجبة الضحك، فبدت القصة مهلهلة بعض الشيء، وهو ما حاول إنقاذه من خلال ظهور ضابط حقيقي دخل فجأة على الخط لتجنيد هند والكدواني.

    وتعمد وتّار أن يكون الزوجان عديمي الخبرة وبلا قدرة على حفظ الأسرار كنوع من توسيع قماشة الكوميديا في مثل هذه المواقف التي يتم التنبيه فيها عليهما بحفظ السر ثم يكشفانه بسهولة أمام شريحة كبيرة من الناس، وهي طريقة أضفت عليها هند والكدواني طابعا ناعما أخرجها من الخفة
    المتعارف عليها.

    كان الضحك هدفا أساسيا لمنتجي الفيلم، وحاول المخرج رامي إمام نحت طريقه في هذا المجال كي يبدو أنه يملك لونا فنيا معينا ظهرت بصماته واضحة في القصة التي لم يكتب عليها اسم محدد للتأليف، ما يحيل مباشرة إلى أن صاحبها هو المخرج، والذي استعان بالسيناريست أيمن وتّار كأحد نجوم النكتة والكوميديا في مصر حاليا.
    نموذج المقدم عزت



    عمل مضحك لا يخلو من دروس وعبر


    يشبع الفيلم شهية الأسرة المصرية لأنه لا يحوي مشاهد خادشة وحشر كل ما يمكن عمله لأجل أن تكون الوجبة كوميدية وإن تضمنت إثارة، ولم تكن السخرية ظاهرة إلا في مواقف البنت (ليلى) وشقيقها (علي) وقام بدوره الطفل إسماعيل الجندي مع والديهما أو العكس، أو في مشاهد حبس الشغالة (احتمال) وقامت بدورها الفنانة مي دياب في مخزن أسفل العمارة التي يقيم بها فضل ونعمة، والتي شارك فيها الفنان محمد رضوان من خلال المفارقة التي حواها اسمه “المقدم عزت”.

    واستخدم اسمه (المقدم) للإيحاء أنه ضابط وعاش هذا الدور ومارسه على سكان العمارة في الصعود والهبوط إلى أن تبين أنه ليس ضابطا، وهو من الشخصيات التي تم جلبها لزيادة جرعة الكوميديا، والتي أجادها الفنان رضوان وكان مقنعا فيها، خاصة أنها تعكس نموذجا قريبا من الواقع عندما يحاول البعض استغلال أوجه التشابه للحصول على نفوذ اجتماعي معين.

    حوى فيلم “فضل ونعمة” المشتق من اسم بطليه مجموعة من القضايا الجادة تتعلق بإثبات الوجود في العمل والنجاح في التجارة، ورعاية الأبناء وتقديم القدوة لهما، والتحذير من مغبة الثقة المفرطة في الأصدقاء لأنها تقود أيحانا إلى مشكلات، ناهيك عن عدم افتعال دور البطولة الزائفة.

    ويستطيع كل مشاهد أن يزيد الدروس والعبر المستفادة من العمل وحكاياته المتشعبة، والتي بقدر ما منحته ثراء إلا أنها تسببت في ترهل القصة الرئيسية والهدف العام منها، لأن الحشو بدا طريقا سهلا لتقديم فيلم يرضي كل أذواق الأسرة المصرية.

    ومن حسن حظ الكثير من الأفلام العربية التي تعرض في دور السينما بمصر أنها لا تجد منافسة من أفلام أخرى، فهناك اتفاق ضمني بين المنتجين، وهم قلة، على ترتيب وتنظيم توقيتات العرض بما لا يجعل هناك منافسة حقيقية من خلال سياسة الدور، وبالتالي يغّرد أي فيلم بمفرده تقريبا ما يوفر له عوائد مالية جيدة من التذاكر.

    وتفقد هذه القاعدة أهميتها إذا كان الفيلم دون المستوى ولا يتوافر له الحد الأدنى من الكفاءة الفنية والمعالجة السينمائية، لأن الجمهور لديه من الذكاء ما يمكنه من الحكم على مدى الجودة، خاصة أن مواقع التواصل الاجتماعي سهلت كثيرا عليه، حيث يقوم البعض من اليوتيوبر بعرض لبعض الأفلام ومناقشتها على قنواتهم الخاصة، وغالبيتهم ينحازون للعمل، وحتى هذه لا يمكن أن تخدع الجمهور الذكي.
يعمل...
X