في هذا الصباح أستقبل يوم جديد وعام جديد وعقد جديد ومرحلة جديدة من حياتي، في الواقع لم تكن حياة واحدة، بل حيوات متعددة، فالحياة لا تقاس بالأيام بل بالتجارب•
الحياة الأولى.. مرحلة التكوين: امتدت من الولادة حتى يوم وفاة والدي، رحمه الله، حيث توفي أبي وأنا في العاشرة من عمري، كانت هذه السنوات هي التي شكلت الرجل الذي سأكون لاحقًا، كان أبي رحمه الله شديدًا، صارمًا، طيبًا، حنونًا، عاشقًا للأرض والتراب، يرعى أرضه كأنها أحب أطفاله، حتى توفي وهو يحرث وعلى رجليه التراب كما تمنى، في هذه السنوات القليلة التي عشتها في كنفه نهلت من ينبوع معارفه الكثيرة وتعلمت الزراعة وتعلقت بالأرض والطبيعة.
الحياة الثانية. مرحلة الصقل: دفعني اليتم المبكر للعمل وأنا في سن مبكرة، عملت في أقسى الأشغال، حتى اخترت طريقي المهني، وتمتد هذه الحياة منذ وفاة والدي حتى انخراطي في مهنة في التصوير.
الحياة الثالثة• مرحلة الانتشار: وهي مرحلة دخولي في العمل الصحفي وأنا على أبواب العشرين من عمري، وصولًا لعملي في أكبر الصحف والوكالات العالمية، وتغطية الانتفاضات والاجتياح وجنازة أبو عمار وأحداث تاريخية. وامتدت هذه الفترة حتى 2006 حيث أصبت.
الحياة الرابعة: مرحلة الخروج من فم الموت، وهي مرحلة الإصابة والغيبوبة والتكيف مع حياة الشلل، عشت غيبوبة كنت أقرب للموت فيها من الحياة، بدأت من 7 أكتوبر 2006 ولم يفارقني الألم منذ ذلك اليوم حتى الآن ، ولكنها كانت مفيدة في كشف كثير من الناس والأمور التي لم تخطر ببالي لولا الإصابة.
الحياة الخامسة• مرحلة التصلب والصبر، وهي حياة ما بعد الإصابة والعودة للعمل من على كرسي متحرك وإطلاق مشروع التوثيق البصري للتراث الفلسطيني، واصدار سلسلة كتب وتكريمي في دول كثيرة في العالم، واختياري من مؤسسات دولية لتحكيم جوائز مهمة، وعودتي للدراسة وأنا في منتصف الأربعينات من عمري.
الحياة الحالية: مرحلة التحديات الكبرى والمواجهة، وهي مرحلة إكمال دراسة الماجستير والدكتوراه والبحث عن موارد مالية لإكمال دراستي وأبحاثي ومشروعي التوثيقي، والبحث عن مصدر دخل لتأمين نفقات الحياة، سيكون لي وقفة لاحقًا حول هذه المرحلة.