بحلول العام 359 قبل الميلاد، عيّن فيليب الثاني وصيا على العرش بمقدونيا بسبب صغر سن وريث العرش الشرعي الملك أمينتاس الرابع، ابن بيرديكاس الثالث، البالغ من العمر حينها 6 سنوات. وخلال نفس تلك السنة، استغل فيليب الثاني الأمر ليزيح ابن شقيقه من سدة الحكم ويتربع على عرش مقدونيا لأكثر من 20 عاماًوخلال فترة حكمه ما بين عامي 359 و336 قبل الميلاد تمكن فيليب الثاني من تحقيق إنجازات عسكرية جعلت من مقدونيا قوة إقليمية هامة. فمنذ البداية، أدخل الأخير إصلاحات على الجيش فأقدم على تزويد أفراده برماح ساريسا (sarissa) الطويلة والتي قدّر طولها بحوالي 16 قدما كما وافق على اعتماد التشكيلات السلامية بالتكتيكات الحربية، وهو الأمر الذي خوّل له مواجهة فرق مشاة وخيّالة العدو بشكل أكثر فاعلية.وأثناء مسيرته، مارس فيليب الثاني عقب نجاح إصلاحاته العسكرية سياسة توسعية قادته للسيطرة على أغلب مناطق اليونان القديمة حيث واجه الأخير العديد من المدن الرئيسية، ولعل أبرزها أثينا والتي انتصر عليها في حدود العام 338 قبل الميلاد بمعركة خيرونيا ليشكل بذلك رابطة كورنث والتي كانت تحالفاً تزعّمه هو بين مقدونيا والمدن الإغريقية بإستثناء أسبرطة والتي حافظت على حيادها. وأثناء هذه الحروب، تعرض فيليب الثاني لإصابات عديدة كانت أبرزها على مستوى عينه ولقّب على إثرها بفيليب الأعور.
ومن خلال رابطة كورنث، اتجه فيليب الثاني لتوحيد العنصر المقدوني واليوناني لاستغلاله بحربه القادمة وحملته العسكرية التي سعى من خلالها لإنهاء وجود الإمبراطورية الفارسية. في غضون ذلك، لم يكن لفيليب الثاني ما يريده حيث تعرض الأخير سنة 336 قبل الميلاد لعملية اغتيال قضت على طموحاته التي واصلها من بعده ابنه الإسكندر المقدوني.فخلال شهر أكتوبر سنة 336 قبل الميلاد، تواجد فيليب الثاني بالمسرح لحضور حفل زفاف ابنته كليوباترا المقدونية من ملك إبيروس ألكسندر الأول . وأثناء سيره داخل المسرح، تقدّم منه باوسانياس الأوريستيسي ، والذي كان واحدا من حرّاسه الشخصيين، ووجه له طعنة قاتلة قبل أن يحاول الفرار من مسرح الجريمة. وقد ألقى الجنود القبض على القاتل قبل مغادرته وعلى حسب العديد من الفلاسفة والمؤرخين الإغريقيين القدامى من أمثال أرسطو وبلوتارخ وديودور الصقلي، عمد باوسانياس لاغتيال فيلب الثاني بسبب إهانة تعرض لها خلال فترة سابقة على يد أتالوس وما إن اشتكى ا لفيليب الثاني حتى رفض الملك المقدوني معاقبة قريبه مفضلا تجاوز الأمر والتستر عنه عن طريق منح باوسانياس ترقية. وبسبب ذلك، دبّر باوسانياس مكيدة للانتقام من الملك فيليب الثاني يضا، لمّح العديد من المؤرخين الآخرين لإمكانية تورط الإسكندر المقدوني، ابن الملك فيليب الثاني، ووالدته أولمبياس (Olympias)، الزوجة الرابعة لفيليب الثاني، في عملية الاغتيال حيث سعت الأخيرة لتأمين حصول ابنها على عرش البلاد. وعند وفاة فيليب الثاني وحصول الإسكندر المقدوني على مقاليد الحكم، أعدم أبناء كليوباترا، الزوجة السابعة لفيليب الثاني، بينما أجبرت الأخيرة على الانتحار كما عرف عمّها أتالوس مصيرا مشابها ليعدم حسب أوامر الإسكندر المقدوني، كما تشير مصادر لإمكانية حصول باوسانياس الأوريستيسي على جنازة رسمية وتكريمات عديدة بناءا على رغبة أولمبياس. وعقب استلامه للحكم، واصل الإسكندر المقدوني طموحات والده وتمكن في حدود العام 330 قبل الميلاد من إسقاط الإمبراطورية الفارسية وأسس في أوجه واحدة من أكبر الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ، حيث امتدت الأراضي القابعة تحت سيطرته ما بين البحر الأدرياتيكي بأوروبا ونهر السند بالهند.