رنا سفكوني / سوريا
___________________________
أبلغ من العمر اثنين وأربعين عاماً، أحمل من الشيب في رأسي بقدر ما حملت القلق والخوف والخذلان في سنواتي جميعها.
لديّ خطّان في وجهي، معنيّان بعدد الضحكات التي أطلقتها وحدي أو على مسامع من ساهم بعمقهما.
في جبهتي علامة فارقة، صديقاتي يدفعنني بالكلام لحقنها بالبوتكس، وأنا أخبرهم أنها الدليل الوحيد على وجهٍ لا أحب العبث فيه.
أصرف الزمان بكل حركة متاحة، أمرر رسائل لعائلتي تحمل نكتة ما، ضحكة شقية، مشهداً يشرح الحب بنظريات مختلفة، أو ربما قصة تحكي عن تاريخ الطبخ أو صناعة النبيذ أو لماذا نشتري عرق الريان. أفعل ذلك لاتأكد أني من أولاد هذه الحياة.
أحمل من الحرب ندبات غير ظاهرة على جسدي، لكنها تبدو جلية للرائي إذا ما رآني أستمع إلى أغنية فيروز " خدني يا حبيبي"، تبدو وقحة إذا ما سُئلت عن اسم شخص أو مكان أو زمان وأجبت بعد شرودٍ: "لا أتذكر".
تعلمت أموراً تخص أصحاب المهن، تمديد شريط كهرباء، حفر ساقية للصرف الصحي، خلط النفط بالطلاء، إصلاح أنابيب المياه، تسيير معاملات شخصية بلغة الشوارع الحكومية، وتفاصيل كثيرة تجعلني أقف أمام المرآة لأبحث عن أنياب مخبأة في فمي، أو مخالب ضامرة تحت جلدي، أو زئير لبوة عائدة من عراك.
يغازلني الشبان والفتيان، فاضطر إلى رفع خصلة من شعري، ليفهموا الإستعارة، ثم يبتسمون قائلين:
"مو مبين عليكي العمر".
أمقت العبارات التي تمحو ما أنا عليه، ثم أبتسم مغادرة إلى مكان يليق باثنين وأربعين عاماً.
أردد دائماً.. يا ويلي يا ويلي كلّما لامست جملة بديعة قلبي.
وكلّما لامست جملة بديعةً هذا القلب.. أدرك أني بخير.
أقلق ممن يراني معادلة صعبة الفهم، لكن روحي تطمئن لأولئك الذين يعيدون نسبي إلى الماء.