مهرجان الشعر في اليوبيل
كلمة الأستاذ الشاعر سليمان العيسى / مقدمة القصيدة الشعرية /
العزيزات والأعزاء
في مثل هذا الشريط تضيع التفاصيل ، تضيع الذاكرة ، يضيع العمر في غبار الزمن وضباب الأعوام ، ولكن قطرات المطر الأخضر ، ذكريات الطفولة . . المعجونة بالدمع والدم تحفر نفسها على رخـام الذاكرة ولاتموت كان ذلك قبل خمسة وثلاثين عاماً ، خمسة وثلاثون عاماً وجئت اللاذقية ، أيتها العزيزات والأعزاء ـ عندما حملت معي ظل شجرة التوت التي كتبت تحتها أولى قصائدي ، في قريتي الصغيرة . الصغيرة الضائعة وراء الأسلاك في بساتين العاصي ،
جئت مدينتي الغالية طفلا ً من ملايين الأطفال العرب الذين لا أعرفهم والذين انتزعوامن بيوتهم في عتمة ليل أسود ، وألقي بهم في طرقات الليل الأسود ، وما زالوا ينتزعون .
إنها قصة اللواء . . وتعرفون القصة . . اللواء وحده ؟ !! إنها قصة الجسد العربي الميت العظيم ، الذي يمزق في المشرق . . ويمزق في المغرب ، وفي الشمال والجنوب في كل مكان يتحرك فيه النبض ، طمعاً بهذا الجسد مرة . وخوفاً من انتفاضة العملاق النائم في أحشائه مرات . .
جئت اللاذقية ، مدينتي الغالية طفلا ً في الصف الثامن آنذاك / الثاني الاعدادي / في هذه الباحة لعبت ، .
وفي غرفة من غرف الطابق الثاني تحرسها شجرة ضخمة إلى جانب النافذة ، تلقيت دروسي سنة ، وبعض السنة ، كانت الحرب العالمية الثانية – أيتها العزيزات والأعزاء تطحن العالم ، ولم ننج نحن أطفال تلك الأيام من نار ها وشظاياها ، وفي غمرة النار والشظايا ، كنا نحلم بالحرية ، نتحمل الدفتر والقلم بيد " . . والسلاح ضد المستعمر بيد " . . سلاحنا الحجارة ، من هذه المدرسة ، هذه القلعة العربية الصغيرة كنا ننطلق . . نحو الحلم االكبير ، نحو الاستقلال ، نحو الجلاء ، وما كان الاستقلال إلا حنيناً عربياً ، وما كانت اللاذقية في يوم من الأيام إلا مدينة من مدن الحلم الضخم الذي عشنا له حلم الوطن العربي الواحد ، والأمة العربية الواحدة .
في زاوية من الصف كان شاعر لوائي صغير يجلس ، يصغي إلى درسه العربي مرة ، ودرسه الفرنسي مرة ، ولكنه أبدأ كان عالق البصر والخاطر بسؤال صامت محزن يأكل رأسه ويأخـذ عليه فكره الصغير ، لماذا اغتصب بلدي ؟ لماذا حرمت شجرة التوت أمام الدار ؟ . . لمـاذا يحكمني أجنبي ؟ . . وطننا العربي . . لماذا لا أستطيع أن أراه ؟
ومنذ تلك الأيام . صمم الشاعر الصغير أن يقاتل بكل وسيلة ، أن يقف حياته وشعره ليزيح عن صدره كابوس السؤال المحزن ، ويلاقي وطنه العربي الكبير . ربما لم تكن سنو حياتك أيها الصغير . تكفي لبلوغ هذا الشاطيء . . ورؤية هذا الحلم العظيم ، ولكن ما أحزن العمر إذا لم نملأه بقضية . . بشيء ثمين ياعروس الموج يامدينتي الغالية ، مالي وللذكريات الآن بعد خمسة وثلاثين عاماً أنا الآن بين يديك مسافر على الطريق الذي بدأته من ظل شجرة التوت ، في بساتين العاصي من باحة هذه الثانوية . . القلعة العربية الصغيرة . الكبيرة . . ثانوية جول جمال بين يديك تلميذك القديم يا عروس الموج فهل تأذنين لي بهذه الصلاة الخافتة أقدمها لك في هذه الأمسية أنت التي أمليت وأنا الذي كتبت . .
كلمة الأستاذ الشاعر سليمان العيسى / مقدمة القصيدة الشعرية /
العزيزات والأعزاء
في مثل هذا الشريط تضيع التفاصيل ، تضيع الذاكرة ، يضيع العمر في غبار الزمن وضباب الأعوام ، ولكن قطرات المطر الأخضر ، ذكريات الطفولة . . المعجونة بالدمع والدم تحفر نفسها على رخـام الذاكرة ولاتموت كان ذلك قبل خمسة وثلاثين عاماً ، خمسة وثلاثون عاماً وجئت اللاذقية ، أيتها العزيزات والأعزاء ـ عندما حملت معي ظل شجرة التوت التي كتبت تحتها أولى قصائدي ، في قريتي الصغيرة . الصغيرة الضائعة وراء الأسلاك في بساتين العاصي ،
جئت مدينتي الغالية طفلا ً من ملايين الأطفال العرب الذين لا أعرفهم والذين انتزعوامن بيوتهم في عتمة ليل أسود ، وألقي بهم في طرقات الليل الأسود ، وما زالوا ينتزعون .
إنها قصة اللواء . . وتعرفون القصة . . اللواء وحده ؟ !! إنها قصة الجسد العربي الميت العظيم ، الذي يمزق في المشرق . . ويمزق في المغرب ، وفي الشمال والجنوب في كل مكان يتحرك فيه النبض ، طمعاً بهذا الجسد مرة . وخوفاً من انتفاضة العملاق النائم في أحشائه مرات . .
جئت اللاذقية ، مدينتي الغالية طفلا ً في الصف الثامن آنذاك / الثاني الاعدادي / في هذه الباحة لعبت ، .
وفي غرفة من غرف الطابق الثاني تحرسها شجرة ضخمة إلى جانب النافذة ، تلقيت دروسي سنة ، وبعض السنة ، كانت الحرب العالمية الثانية – أيتها العزيزات والأعزاء تطحن العالم ، ولم ننج نحن أطفال تلك الأيام من نار ها وشظاياها ، وفي غمرة النار والشظايا ، كنا نحلم بالحرية ، نتحمل الدفتر والقلم بيد " . . والسلاح ضد المستعمر بيد " . . سلاحنا الحجارة ، من هذه المدرسة ، هذه القلعة العربية الصغيرة كنا ننطلق . . نحو الحلم االكبير ، نحو الاستقلال ، نحو الجلاء ، وما كان الاستقلال إلا حنيناً عربياً ، وما كانت اللاذقية في يوم من الأيام إلا مدينة من مدن الحلم الضخم الذي عشنا له حلم الوطن العربي الواحد ، والأمة العربية الواحدة .
في زاوية من الصف كان شاعر لوائي صغير يجلس ، يصغي إلى درسه العربي مرة ، ودرسه الفرنسي مرة ، ولكنه أبدأ كان عالق البصر والخاطر بسؤال صامت محزن يأكل رأسه ويأخـذ عليه فكره الصغير ، لماذا اغتصب بلدي ؟ لماذا حرمت شجرة التوت أمام الدار ؟ . . لمـاذا يحكمني أجنبي ؟ . . وطننا العربي . . لماذا لا أستطيع أن أراه ؟
ومنذ تلك الأيام . صمم الشاعر الصغير أن يقاتل بكل وسيلة ، أن يقف حياته وشعره ليزيح عن صدره كابوس السؤال المحزن ، ويلاقي وطنه العربي الكبير . ربما لم تكن سنو حياتك أيها الصغير . تكفي لبلوغ هذا الشاطيء . . ورؤية هذا الحلم العظيم ، ولكن ما أحزن العمر إذا لم نملأه بقضية . . بشيء ثمين ياعروس الموج يامدينتي الغالية ، مالي وللذكريات الآن بعد خمسة وثلاثين عاماً أنا الآن بين يديك مسافر على الطريق الذي بدأته من ظل شجرة التوت ، في بساتين العاصي من باحة هذه الثانوية . . القلعة العربية الصغيرة . الكبيرة . . ثانوية جول جمال بين يديك تلميذك القديم يا عروس الموج فهل تأذنين لي بهذه الصلاة الخافتة أقدمها لك في هذه الأمسية أنت التي أمليت وأنا الذي كتبت . .
تعليق