المصدر:
- دمشق – جمال الصايغ
الروائية، لينا هويان الحسن، بنتُ البادية السورية، من قبيلة الجّميلة القيّسيّة، بنتُ «الأندرين» المدينة الأثرية السورية الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة حماة، التي عمّت شهرتها الآفاق، بكرومها المميزة، وذكرها عمرو بن كلثوم في معلقته.
«الحسن» الفائزة بجائزة «ابن بطوطة» للرحلة المعاصرة (سندباد الجديد)، عن روايتها «كعبُ الجنيّة: رحلة إلى مدن تسكنها الجنيّات: الأندرين، أثرية، قصر ابن وردان»، تخشى اليوم من أنها قد لا تعود إلى بلدتها أبداً وقد تحولت إلى أطلال يغطيها التراب ولم يبقَ فيها إلا بقايا جدران.
«البيان» حاورت الأديبة السورية، التي أشارت بداية إلى تأثير البادية والأسطورة وحكايا الجدات في أعمالها الروائية، وهي التي درست المرحلة الابتدائية فيها، في بيئة تتميز بأُفقها الممتد، الرحب، ودوّنتّها في رواياتها ودراساتها.
القراء باتوا يهددون النقاد
- الكتابة بالنسبة للينا هويان الحسن ماذا تمثل؟ تقولين «الكتابة أسلوب عيش كما أي مهنة، وهذا يذكر بقول للروائي المصري يوسف القعيد، الذي سئل مرة، لماذا تعمل موظفاً؟ فيرد أريد أن أعيش. هل يمكن أن تؤمن الكتابة عيشاً كريماً للكاتب، في وطننا العربي أعني، مع التراجع الكبير في طباعة الكتاب، وحتى تراجع الثقافة الحقيقية أمام المد الطاغي لوسائل التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها؟
- «الكتابة أسلوب عيش» عبارة استعرتُها من فلوبير. ساعدتني ظروفي الشخصية على التفرغ للكتابة، في رحلتي مع الكتابة كنت دائماً ابنة الحظ بامتياز، لأن الظروف تواطأت معي، وتعاونت معي، لأحظى بفرصة الكتابة دون الاضطرار لعمل وظيفي يومي، وهذا التزام لم ترغمني عليه الحياة، إضافة إلى تعاوني مع دور نشر متميزة بحيث أثمرت «الكتابة» مردوداً مادياً محترماً. لا أعتقد أنّ النص الجيد يمكن أن ينهزم أمام مدّ السوشيال ميديا، التي ساعدت على إبراز رأي القارئ، بل إنّ القرّاء باتوا يهددون النقاد، وهو أمر مثير، فلنتفرّج!
- تقولين: إن تدخل الكاتب (الروائي) شرعي ومنقذ لبعض نسيج الماضي، هل يمكن أن يكون الكاتب محايداً؟
- لدي يقين أنّ التاريخ مطعون بالخيانات، وهنا، تكمن العلاقة الوطيدة بين فن الرواية وإعادة كتابة التاريخ كقصّة. لأن المؤرخ لا يكون محايداً فإن الكاتب سينحاز للحقيقة.
- تفضلين العزلة، لماذا؟
- عندما تكون العُزلة خياراً يفرضه وعيُكَ فإنها نعمة حقيقية، كان«محمود درويش» يقول.. «العزلة مصفاة» وجان كوكتو يقول (في الاختفاء، أناقة)، العُزلة، هي أن لا تكون حاضراً ومتاحاً وتحت الأنظار دائماً، لابد من أن تُطعم «الفضول» من حولك ليسأل عنك «الآخرون»، يشتاقونك ويستعدون لتلقي جديدك. العزلة هي حديقة كل كاتب. وقطعاً لا أقصد العزلة المطلقة، إنما أتحدث عن حيّز آمن من التعديات غير المقصودة من قبل المحيطين بنا، أتذكر دائماً أنّ مجتمعاتنا مأزومة ومتحاملة ويطلق الناس آراء متعسفة، الناس مولعون بإطلاق الأحكام دون النظر إلى حقيقتهم الشخصية. لذا لابد من تعويدهم على أنك لست متوفراً دائماً، وبالتالي لست بمرمى النمائم والثرثرات الفارغة، التي تفضح الخواء العاطفي الذي يسم المجتمعات الحديثة. وليس من الضرورة أن تجيب على هاتفك كلما رن. كلما أردتُ الكتابة أتوغل في الغابة دون أن أترك أثراً.
مركب الجوائز أبحر من الإمارات
- كيف تنظرين إلى دور الجوائز الأدبية؟ وما تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة في هذا المجال لجهة دعم الكاتب ومنحه مزيداً من الاستقلالية؟
- نظمت الجوائز مواسم النشر لدى دور النشر كذلك أفرزت الدور القوية عن تلك الضعيفة وأثبتت أنّ الطباعة بالنوع وليست بالكم، أيضاً أججت روح المنافسة بين الكتّاب وأقلع مركب الجوائز العربية من دولة الإمارات وحرّض دولاً أخرى لدخول جو الجوائز الأدبية.
سيرة
درست الحسن في كلية الآداب بجامعة دمشق، وتخرجت من كلية الفلسفة.
عملت في الصحافة السورية، الثقافية والنقدية، بين عامي 2003 و2013 قبل أن تغادر البلاد إلى لبنان لأسباب شخصية.
من نتاجها الروائي: معشوقة الشمس، التروس القرمزية، التفاحة السوداء، بنات نعش، سلطانات الرمل، نازك خانم، ألماس ونساء، البحث عن الصقر غنام، الذئبة أم كاسب، الذئاب لا تنسى، انطاكية وملوك الخفاء.
وفي الدراسات والتوثيق: مرآة الصحراء، رجال وقبائل، إضافة إلى مجموعة شعرية «آنا كارنينا تفاحة الحلم».