كما تقول الأسطورة، وقع نرسيس (Narcissus) في حب انعكاسه على البحيرة فلم يكن قادرًا على القيام بأي شيء آخر إلا الإعجاب بنفسه. وأخيرًا، ذبل ومات وهو يحدّق بانعكاسه. فهل كان نرسيس معتدًّا بنفسه اعتدادًا شديدًا؟ هل هذا هو السبب الكامن وراء نرجسيته؟ أم أن هناك سببًا آخر؟
لسنوات طويلة، تعامل أطباء النفس ووسائل الإعلام على حد سواء مع النرجسية على أنها “اعتداد مفرط بالنفس”، لكن يقترح بحث جديد أن النرجسية تختلف كثيرًا عن الثقة بالنفس في منشئها وتطورها ونتائجها وعواقبها, وإن لذلك تأثيرًا كبيرًا على فهمنا للنرجسية وعلى التداخلات العلاجية لتعزيز ثقة صحية بالنفس.
تبدأ النرجسية والثقة بالنفس كلاهما بالتطور في سن السابعة. ففي هذا العمر يقوم الطفل بمقارنات اجتماعية مع الآخرين لتقييم نفسه بحسب مقياس “أنا فاشل” أو “أنا أستحق” أو “أنا مميز”, إذ يرى الأطفال أنفسهم كما يعتقدون أن الآخرين يرونهم.
يميل الاعتداد بالنفس ليكون في أقل مستوىً له عند اليافعين، ويزداد تدريجيًا وببطء مع تقدّم العمر، بينما تصل النرجسية لذروتها في سن المراهقة، وتنخفض تدريجيًا مع تقدّم العمر. وبذلك فإن تطور النرجسية والاعتداد الشديد بالنفس يظهران الصورة المطابقة لبعضهما خلال تطور الإنسان.
كما يتأثر الاعتداد بالنفس والنرجسية بأساليب الوالدين المختلفة، فالنرجسية تميل للتطور في ظل تقدير الوالدين المفرط، إذ يميل والدا الطفل النرجسي إلى المبالغة في الادعاء بمعرفة ابنهما كأن يقولا “يعرف ابننا كل ما يتعلق بالرياضيات” أو يبالغان في تقدير معدل ذكاء ابنهما، ويبالغان في مدح أدائه، كما أنهما يمنحان ابنهما اسمًا فريدًا يميزه عن الناس، وبالنتيجة يتبنّى الطفل وجهات النظرهذه، فتقود علاقاته مع الآخرين لاشعوريًا.
وبالعكس، يتطور الاعتداد بالنفس في جو من الدفء الوالدي، فوالدا الطفل المعتدّ بنفسه يميلان لمعاملته بحبٍّ وتقديرٍ وولع وكأنه شخص مهمّ، فيتبنّى الطفل تلك الفكرة بأنه فرد ذو أهمية، ويمثّل ذلك نواة الاعتداد بالنفس.
المصدر:.ibelieveinsci