الموسيقى تلمسنا. منذ وقت قريب كانت هذه الجملة مجازية، لكننا بإمكاننا أن نتعامل معها حرفيًا من الآن. وجد العلماء في معهد ماكس بلانك لعلوم الدماغ والإدراك أن اللمس يتغير إدراكه اعتمادًا على نوع الموسيقى التي نسمعها. فكلما كان إدراكنا لها أكثر جنسية زادت العملية الحسية التي نمر بها، حتى مع معرفتنا أننا نلمس بواسطة إنسان آلي
سواءً كنت في أي مكان، الموسيقى منتشرة في كل ثقافة وبقعة من بقاع الأرض. بإمكانها أن تثير شعورًا إيجابيًا، ربما كانت مهمة لجعل البشر يعيشون في جماعات أكثر من الرئيسات الأخرى. كيف حدث ذلك؟ لسنا نفهمه بشكل كامل.
ربما اكتشف العلماء جزءً مهمًا من التفسير، الموسيقى تؤثر على إدراكنا لشعور اللمس، يقول قائد البحث توم فريتز Tom Fritz عن تلك الدراسة: «لقد وجدنا أنه كلما أدركنا الموسيقى بشكل جنسي أكبر، كلما كان شعورنا باللمس المتزامن أكثر أثناء العملية الجنسية».
وحقق علماء الأعصاب هذه الاكتشافات بمساعدة تطبيق تجريبي ذكي يتضمن اللمس بواسطة روبوت، حيث يضع المشاركون في التجربة ساعدهم خلال ستارة حيث يتم لمسهم بواسطة حركة الروبوت. وفي نفس الوقت يستمعون إلى موسيقى، البعض منها ليس جنسيًا على الإطلاق، والآخر جنسي للغاية.
في واحدة من التجارب التي تضمنت مساعدة بشرية، وجدوا أن مدى جنسية الموسيقى انتقلت إلى شعور اللمس، مما جعل المشاركون يعتقدون أنهم لُمِسوا بواسطة إنسان، ولكنهم في الواقع لُمِسوا بواسطة روبوت. الأكثر إدهاشًا من ذلك أنهم عندما علموا أنهم لُمِسوا بواسطة روبوت، استمرت الموسيقى في إحداث نفس الشعور. استخدام فرشاة الروبوت للمس المشاركين آليًا لم يوضح فقط أن مدة وقوة الاتصال كانت دومًا نفسها. ولكنها أوضحت أيضًا أن انتقال تأثير الموسيقى إلى اللمس تضمن آليات أساسية جدًا داخل الدماغ، ولا علاقة له بخيالات المريض أنه لُمِس بواسطة شخص من جنس معين أو له جاذبية جنسية معينة.
يقول فريتز: «يبدو أن الموسيقى تغير من إدراكنا للمس، بعض السمات يبدو أنها تنتقل من الموسيقى للمس». أحد التفسيرات المطروحة أن التعبير العاطفي للصوت الموسيقي الواحد يتبع نفس الديناميكيات التي يتبعها التعبير العاطفي لشعور اللمس. فالموسيقى الحزينة تعالج في الدماغ كما يعالج اللمس الحزين والموسيقى العنيفة تعالج كاللمس العنيف. فلكي نعالج الموسيقى في الدماغ، نوظف جزئيًا مناطق الدماغ المسئولة عن اللمس والحركة.
لوحظ أيضًا أن انتقال التأثير الموسيقي إلى الإدراك الحسي يختلف اعتمادًا على البيئة المحيطة. على سبيل المثال، إننا نُظهر تفضيلًا للألوان الزاهية النابضة بالحياة كلما كانت الموسيقى أكثر صخبًا. يقول عالم الأعصاب: «توضح تلك النتائج العلاقة التطورية للموسيقى كونها تقنية اجتماعية. فتأثير الموسيقى على إدراكنا الحسي يوجه سلوكنا نحو الجماعات ويؤثر على الانتقاء الجنسي والتناسل لدينا».
هذه النتائج تعارض الفرضية التي طرحها عالم الإدراك المعروف ستيفن بينكر Steven Pinker التي يدعي فيها أن الموسيقى هي (كعكة الجبن) قائلًا إنها تشبه الحلوى اللذيذة، لكنها ليس لها نفع من وجهة النظر التطورية، وأنها ليست إلا ناتج للغة.
المصدر:.ibelieveinsci