يشهد متحف الإنسان (Musee de l'Homme) في باريس معرضًا بعنوان "بيكاسو وما قبل التاريخ"، يتمحور حول أثر فن عصور ما قبل التاريخ "المكتشف" على أعمال بابلو بيكاسو (1881 - 1973)، ويندرج في إطار أنشطة الذكرى الخمسين لوفاة صاحب لوحة الغرنيكا، ويستمر إلى 12 حزيران/يونيو 2023.
ترك فن عصور ما قبل التاريخ "المكتشف" في القرن العشرين، من لوحات جدارية تمثل حيوانات، وعظام محفورة، وتماثيل صغيرة؛ أثرًا واضحًا على عدد من أعمال بيكاسو، سواءً لجهة الأسلوب أو الفكرة أو المنظور. ومعرض "بيكاسو وما قبل التاريخ"، الذي يضم أكثر من 40 عملًا لبيكاسو إلى جانب قطع من عصور ما قبل التاريخ، يتيح اكتشاف هذه العلاقة العميقة.
أوضحت سيسيل غودفروا، مؤرخة الفن والقيّمة على المعرض، أن هذا المعرض الذي يعود بالزمن إلى العصر الحجري القديم يُظهر أن فن ما قبل التاريخ في أعمال بيكاسو يعبّر عن "فضول ورغبة في اكتشاف الآخر".
تكشف المنحوتات والنقوش واللوحات والرسومات كيف أصبح بيكاسو شغوفًا بهذه القطع الأثرية، التي تأثر بها، ودرسها وفهمها جيدًا. ويلاحظ الزائر كيف يتشارك بيكاسو الاهتمام بالطبيعة مع الفنانين القدماء، من حيث حضور الحيوانات والمشاهد الطبيعية، ومن حيث المواد نفسها. بل إن حيوانات بيكاسو تذكّرنا بمجموعات الحيوانات المرسومة على جدران الكهوف.
وُلد الفنان الإسباني الشهير عام 1881، بعد عامين من اكتشاف أول الجداريات من ما قبل التاريخ في إسبانيا، إذ تم العثور عليها في كهف ألتميرا، وفي عام 1922 اكتُشف تمثال فينوس المصغر في منطقة أوكستانيا، وتلاحقت الاكتشافات بشكل كبير بعد ذلك لتعطينا تصورًا جديدًا عن فنون وفنّاني ما قبل التاريخ، وكانت تجربة بيكاسو الذي وصل ذروة النضج الفني في فترة ما بين الحربين العالميتين تعكس صدى حيويًّا لهذه الفترة الفوّارة باكتشاف أعمال الفنانين الأوائل.
ليس هذا المعرض الأول من نوعه، إذ سبقته إلى النور تجارب أخرى تبحث بين علاقة بيكاسو وفنون ما قبل التاريخ، لكنّ الجديد هنا يكمن في خلق هذه الحوارية البصرية المباشرة بين هذه الأعمال.