Shade Abo Hala
Shade Abo Hala
ظل ولازال لزمن نادر ومختلف في حركية الواقع الجمالي التشكيلي السوري، ذلك الشاب الصامت الضاج، الخجول بحدود أدبه واخلاقيته ورصانة حياته الاجتماعية المعاشة، ذلك الفنان الهادى المتزن، في الفن والحب والحياة والعطاء الانساني، انه ذلك الشادي ابو حلا، المع فناني جيل طلائع التقدمية لصناعة ملامح ومميزات هامة في جماليات المحترف التشكيلي السوري المعاصر، لفن الحفر السوري، حيث يتالق بصمت بعيد، غير مستعجل لصوضاء الإعلان المجاني، وعلى خطى المعلمين الكبار غياث الاخرس وسعيد دلول وليلى مريود وعبد السلام شعيرة وعلي رزوق وعبد الكريم فرج وعلي سليم الخالد، واخرون، يستمر ذلك المعتزل في جنوب خريطة المحترف السوري الحديث ،في قلب روح السويداء، ومكمن وعي الانسان الحضاري هناك، حيث فلسفة اعماق شجرة المعرفة الجمالية، وحيث الأصالة متحف جمال دائمة، معلقة مابين محاكاة الواقع المعاش، وافاق رحبة من جدلية رمزية فاعلية هذا الفنان، وهذا الفن البصري التقليدي في ثقافة الناس ومخيلتهم،
ولأن فن الغرافيك، كواحد من الفنون التشكيلية الرئيسة الخمسة مع فن النحت والغرافيك والتصوير والاعلان والديكور، حيث تأسيس في بدأ عام ١٩٦٠م ،في سورية عبر ماتم تاسيسه في قسم الحفر والطباعة بكلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، ليزدهر مع محاولات ارشيف كل من اشتغل من فناني سورية،وخريجي ذلك القسم الذي يعتبر حجر اساس لكل مصور تشكيلي ناحج، وبدونه لم ينحج فناني عالميين لهم تاريخ مشرق في كتب الثقافة الفنية التي تدرسها الاجيال المتعلمة للفن والفنون، منذ كانت مرحلة الهواية الى الاحتراف، هي سمة المبدعين الاوائل الكبار، ومن ترك اثاره الفنية الخالدة في ساحات ميادين جمال الفنون التشكيلية السورية المعاصرة،
ومابين تقليدية المسعى، وتقنيات العصر، والصناعات التكنولوجية اصبح لافت بشكل مدهش،ولايدعو للشك، ان فن الطباعة على الالواح الخشبية، الموزنيت والحفر على المعدن والزجاج والنحاس واللينو ليوم وغيره، والطباعة المسامية والحريرية والحجرية، ماهي الا قدرات ابداعية وشواغل ماتنوله الفنان التشكيلي السوري عبر مختلف مراحل تطور الحركة الفنية التشكيلية السورية، ومنهم يأتي ذلك الفنان السوري الحفار شادي ابو حلا، اضافة ابداعية خلاقة لمل فنانين هذا الاختصاص الفني الغني، منذ عصور الفنينيقين والسومريين والمصريين الفراعنة متخذا من خاصية مختلف تقنيات فن الحفر والطباعة الغرافيك، إنتاج اعمال فنية مذهلة تعيد الوجه المشرق لتميز اللوحة المطبوعة في معارض فناني سورية، وتحقق رؤية ذاتية الفنان المشبع بفعل الخصوبة والعطاء التشكيلي، حيث اوقف خصوصية تجربته الفنية، على كامل اختصاصه، عندما يرسم عوالمه في شهادات مبتكرة على منازع الدهشة، ومختلف جمالية المسطح التصويري الذي يشتغل عليه، وفق كليشهات عديدة،
وبحكم العادة الابداعية لتكاوين شخوصه في عوالمه، يرسم ويبدع وجوده وفق قدرات تتابعية تحقق للفنان تصوراته نحو تقديم حالاته المبدعة التي تحاكي قيم الانسان والواقع الطبيعي الذي يعيش فيه، وفي مختلف الافكار والحالات تهجس اعماله بعمق بحثه التقني، مستفيد من بساطة المتناول اليدوي، حيث تتوفر الواح الخشب، زاخرة مع ادوات حفره، التي يمتشقها وكانها فرشاته بعد كل ماهو تخطيطي قد رسمه بأفكاره حول قلقه الانساني المسكون به ،انفعالات تؤرقه هاجس لوجهات نظره اتجاه المرأة التي يتناولها في شتى حالاتها، مع كوامن روح سنوات طفولته التي تحتل قسم كبير من انفاس اعلاناته في اعماله، حول التشخيصي والتجريدي الذي غالبا مايلعب به في مساحاته التصويرية، ومساماتها الصارمة، الحادة بحدود قسوة الواقع، والذي منه يميل وفق اسلوبيته الفنية، وصعوبة متعته في ذات التكاوين المبدعة، التي يجسدها، منحوته قبل ألوان طباعته التي تختزل الخط الغرافيكي وتتحرر به ومنه، وهكذا يستقى طبيعة فهم عناصره الرمزية التي لاينفك عنه، في العديد من اعماله التي تلخص الفضاءات الفنية مابين المساحات والخطوط المتشابكة لتشكل مستوى تفكيره في الفن،ومطبوعته التي تخرج للناس بعد مخاض صعب،في افق المتاملين ولكنها معه، هي متعة العاشق الذي يجد فرحه بجسد لوحته الموسومة بالمواضيع التي تهمه وتعنيه في شيء، وتهبه وجوده الفني في عمله، الذي هو على مستوى البصري، الفة وحريته الخاصة التي يقدمها بكرم انساني وجمالي للناس وعشاق فن الحفر والطباعة، ليقول لهم ان السلوك الابداعي ان تصنع من تقنيات الرسم والطباعة وجوهر عمق اختزلات قلم الرصاص واصباغ الحبر الطباعي ، مستفيدين من خامات الطبيعة المحيطة بنا،
ووحده الرسام الجيد العفوي الذي يقدر ان يكون ملون مدهش في ابداعه، عندما يقترب من ولعه الانساني بشكل وجداني عميق، لهذا هو يرسم كل انفعالاته وعواطفه طبعات خشبية، ومثل الحفاريين في اليابان القدماء، وفناني الطبعات السوفيتية المتعددة زمن الواقعية الاشتراكية، وفناني المانيا الشرقية ويوغسولافيا القديمة، حيث ابداع فناني فن الحفر الطباعي وكانوا مدهشين في انتاجهم الفني، لتظل المدرسة السورية في انتاج الطباعة القماشية في حلب ودمشق وحماه وغيرها، من أجمل الحداثة الفنية التي واكب مصدر الهام فن الحفر السوري الحديث، الذي اشتغل عليه التشكيلي السوري المعاصر ، الشاب المقل في انتاجه لصعوبة واقعية جمة يعيش الفنان السوري اليوم، نتيجة استمرار ازمات معاشة تنتقل بسرعة الى سلوك الفنان الحقيقي الصادق الذي يحيا ابداعه ولا يعيش من واقع انتاج لوحته الفنية التي تظل حبيسة غرف نومه ،وبيته الصغير في ظل غياب قوانين التفرغ للفن وانتاجه،
ولهذا تصلح الاستمرارية مقاومة للقبح، والتهميش والاقصاء في ظل قرية كونية غير عادلة، تحكمها سلسلة شركات راسمالية صعبة لايحترم الانسان فيها، غير المستفاد منه، كذلك يصبح انتاج اللوحة الفنية، بلا جدوى، لتبدو العلاقة الجدلية شاقة في ظل سطوة اللاانسانيون على مفاصل كبرى من واقع مر ، اصبح كالعلقم ولهذا اصبح جهد هذا الفنان، الفتي، الطالع من حب الفن النقي، مسألة ضرب من اخلاق الفارس التشكيلي، ومااجملها اخلاق الفرسان التشكيلية الذي رغم صعوبات الحياة، يستمرون لان الفن والابداع في دمهم، شرايين الامل، وانفاسهم الحميمية هي من اصنع لوحاتهم، وكانها علامات فارقة في تاريخ الحياة، ومنها تحيا تجربة شادي ابو الحلا،وهو الحلا كله في زمان المرارة الكبرى، ومابين صمود والوانه الممتلئة بجمال خيوط اشراقات الشمس عند مشرقها ومغربها في جنوب الأرض السورية، تحيا عيون نساءه الحالمات بحكم العادة الطبيعة، إلى فرح اعراس الجنوب وازاهير قدرة الفن على بعث الامل في النفوس، ولهذا رغم كآبة نظرات تشخصيه لشخوصه المتناول رسمها حيث يشغله الهم الانساني العالمي والسوري منه، حيث تحيط تشكيلاته لأشخاص يرسمه، خطوط وكانها حدود الوطن المسكون في حصار الجهات الاربع التي تقبع بشر حالمون، في انتظار دائم، قد يخرج من الوانه لوحاته المطبوعة في تلوين كابي حزين، ورغم اشراقات البرتقالي ولكن يلعب الحزن الجميل في شخوصه الملونين في واقع لون تربة الجنوب، ومنها تحاول اكتشاف دفق الجهات، وتحديد ذلك اللون الذي يحمل هواجس شخوصه الحبيسة، السجينة واقعها المعاش، كمل هو يعيش، رغم رفضه لقنوطه، وذلك من خلال زراعته الى ذلك اللون الذكي المتعشق بطباعته، والذي يثير في مشهدية عمق تجربته الابداعية ليكون هو القدرة الكامنة الذي يبثه الفنان، وقتها بصيص امل، تتلوع فيه تصالح الاخرين من امتداداته الاخرى الحائرة، مابين الكامد والحار المشرق، والاسود والابيض ، ومابين نوافذ يحرص ان تكون في رسوماته وكانها شبابيك الضوء،وهي شبابيك الهواء المر،
باحث عن بلسم لابطاله المحكومين بالامل، حتى لو يجدوه في عشبة الخلود، كما بحث عنها جلجامش الصديق اللدود للفنان الحفار شادي ابو حلا، ولكنه مع بحثه في لون الارض الجنوبية، وحب إنسان وطنه، وجراة مرايا الفنان الجريء في رسمه وتمكنه يسعى في بحثه التقني والمهني والطباعة ليكرس لوحته الى غدا احلى، حتى لو لم يأتي بكرا احلى،
قراءة وتحليل الناقد التشكيلي عبود سلمان/ كندا