تكرم السيد الرئيس حافظ الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية فوجه إلى ثانوية جول جمال في احتفالها بيوبيلها الذهبي كلمة تليت في المهرجان تنشر نصها الكامل في الصفحات التالية :
السيد مدير ثانوية جول جمال – اللاذقية
السادة الأساتذة :
ایها الأبناء الطلاب :
إذ أوجه إليكم هذه الرسالة بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيس مركز من مراكز النور والوطنية في بلادنا ، أشعر وأنا أكتب هذه الكلمات أن العواطف التي يحسها الانسان والحقائق البارزة على مسرح الحياة اني تكاد تشكل كلا واحداً لا يتجزأ . ذلك ان هذه المرحلة من مراحل التاريخ بما تضمنته من القسوة والعنف أججت مشاعرنا واحساساتنا إلى الحد الذي جعل منها قوة ثابتة تشكل الخلفية المتينة والدافعة لنضالنا من أجل المستقبل . وبما بوكند تلازماً حقيقياً . ما نحن عليه وما نعانيه من جهة ، وبين ما تعمل وتناضل من أجله من جهة أخرى بين تتوارد إلى ذهني هذه الأفكار وأنا أستعرض مسيرة الماضي . منذ كنت طالباً على مقاعد الدرس في قاعات هذه المدرسة .
تتوارد الى ذهني هذه الأفكار وأنا أستعرض بعض مناقشائي مع رفاقي الطلاب ومع أساتذتي في مواقع مختلفة من ساحة هذه المدرسة وقاعاتها .
تراودني هذه الأفكار وأنا أستعرض نضالنا كطلاب وبعض نضال شعبنا العظيم ضد المستعمر . وأتذكر ما لاقى شعبنا على يد هذا المستعمر تراودني هذه الأفكار وأنا أستعرض كل مظاهر القسر والظلم التي عانيناها وعاناها شعبنا ووقفنا منها موقف الرفض والتحدي .
ولم نكن نملك في نضالنا هذا إلا حبنا لهذا الوطن . وحبنا لحرية هذا الشعب وكرامته . وتتدافع في خاطري هذه الأفكار وأنا أستعرض كيف كنا ننطلق من هذه المدرسة لنتحدى المستعمر ، ثم لنكافح فيما بعد لمحو كل من آثاره . ولكي نملك كل مقومات السيادة والحرية في بلادنا .
وكيف كان شعبنا في هذه المدينة العظيمة . مدينة اللاذقية . يلتف حولنا ليحيطنا ، نحن أبناءه طلاباً وأساتذة " . بسياج من الصلابة والقوة . . تتدافع في خاطري هذه الأفكار وأفكار كثيرة وأنا أستعرض بعض ما عرفناه على يد مدرسينا من النضال العنيد الذي مارسه شعبنا فترة طويلة من تاريخه تتوارد إلى ذهني هذه الأفكار وأفكار أخرى وأنا أتصور العلاقة بين ذلك الزمن البعيد الذي عاشه آباؤنا وعشنا بعضه نحن ، وبين هذا الزمن القريب الحاضر الذي نعيشه الآن وهكذا تمر الذكريات لزمن كانت فيه هذه المدرسة جزءاً أساسياً من حياتي . وتنبسط أمامي حقبة كاملـة من تاريخ هذا القطر . حقبة غنية بأحداثها ، حافلة بمآثر شعبنا العريق خلالها . من هذه الأحداث ما كان يأخذ مجراه حينما فتحنا أبصارنا على الحياة ، ومنها ماعايشناه أو عشناه . ومنها ماشاركنا في صنعه ونصف القرن الذي انقضى على تأسيس هذه المدرسة يمثل جزءاً كبيراً وهاماً من تاريخ سوريا الحديث فما أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى كان وطننا ضحية غدر الاستعمار الأوروبي الذي وعد وخان العهود . وقادته أطماعه في الوطن العربي الى تجزئته وفرض سيطرته عليه ، وراح يسعى لتمزيق فحنث كل جزء على حدة وتقطيع أوصاله ثم كان في هذا القطر صراع شعبن ا مع المستعمر وكانت الثورات المتلاحقة التي شملت كل بقعة من أرض الوطن . ونشبت الحرب العالمية الثانية بينما شعبنا نخوض هذا الصراع . وتحولت أرض الوطن مرة أخرى إلى ساحة صراع للدول الأجنبية المتحاربة في أجواء هذه الأحداث تفتتحت أذهاننا على ما يعاني الوطن . وتنبهت عقولنا الى ما يحاك لشعبنا وما يدبر له في عواصم الدول الأجنبية . ورغم حداثة السن فقد تحركنا ونحن طلاب ، تحركنا بوحي الضمير الحي الذي ورثناه عن الأهل والسلف الصالح . وبدافع حب الوطن الذي شربناه مع لبن الأمهات . وكما أسلفت فقد كانت المدرسة أكثر دون مقاعد للدراسة ومعهد ننهل فيه العلم كانت إلى جانب ذلك النضال الوطني . وكنا نكافح لنجعل من كل المدارس دوراً ينطلق منها الناشئة على درب . - صرحاً من صروح العمل الوطني الصادق ويفرحني جداً ان هذه الثانوية ، وقد حملت الآن اسم الشهيد جول جمال . الذي جسد باستشهاده فكرة الوحدة العربية . تكمل رسالة تجهيز البنين كما كانت تسمى في أيام دراستنا فلتتكافل جهودكم . أيها الاخوة والأبناء . لكي تبقى هذه المدرسة رمزاً لكل النواحي الخيرة في حياتنا ، ولتكن جهود الجميع . إدارة " وطلاباً ، موجهة نحو تحقيق كل خطوة يمكن أن تضيف لبنة إلى بناء هذا المعهد التربوي ، ليستمر على الدوام مدرسة للعلم والوطنية والحرية . وأخيراً ، تحيتي القلبية إلى المدرسين الأوائل الذين بذلوا الجهد والعرق ، في الكفاح - ضد المستعمر ، ومن أجل تنمية الروح القومية والوطنية وتحيتي للمدرسين الحاليين الذين يتابعون الطريق نحو المزيد من التقدم لتأكيد النجاح في المواجهة التاريخيـة الحاسمة التي تخوضها أمتنا الآن . . وأجدني مدفوعاً للقول ان النجاح في بناء الانسان ، هذه العملية الكبيرة ، هو أساس النجاح في مجابهة كل يواجه الوطن والأمة . تحيتي إلى ذلك الجيل من الطلاب ، حيث سرنا معاً شوطاً من النضال تحيتي إلى من كان قبلنا ومن جاء بعدنا من الطلاب . تحيتي إلى طلابنا الحاليين ، عدتنا وأملنا في المستقبل العظيم ، مستقبل النصر والازدهار .
والسلام عليكم
دمشق في 10 تموز 1974 ----
حافظ الأسد
السيد مدير ثانوية جول جمال – اللاذقية
السادة الأساتذة :
ایها الأبناء الطلاب :
إذ أوجه إليكم هذه الرسالة بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيس مركز من مراكز النور والوطنية في بلادنا ، أشعر وأنا أكتب هذه الكلمات أن العواطف التي يحسها الانسان والحقائق البارزة على مسرح الحياة اني تكاد تشكل كلا واحداً لا يتجزأ . ذلك ان هذه المرحلة من مراحل التاريخ بما تضمنته من القسوة والعنف أججت مشاعرنا واحساساتنا إلى الحد الذي جعل منها قوة ثابتة تشكل الخلفية المتينة والدافعة لنضالنا من أجل المستقبل . وبما بوكند تلازماً حقيقياً . ما نحن عليه وما نعانيه من جهة ، وبين ما تعمل وتناضل من أجله من جهة أخرى بين تتوارد إلى ذهني هذه الأفكار وأنا أستعرض مسيرة الماضي . منذ كنت طالباً على مقاعد الدرس في قاعات هذه المدرسة .
تتوارد الى ذهني هذه الأفكار وأنا أستعرض بعض مناقشائي مع رفاقي الطلاب ومع أساتذتي في مواقع مختلفة من ساحة هذه المدرسة وقاعاتها .
تراودني هذه الأفكار وأنا أستعرض نضالنا كطلاب وبعض نضال شعبنا العظيم ضد المستعمر . وأتذكر ما لاقى شعبنا على يد هذا المستعمر تراودني هذه الأفكار وأنا أستعرض كل مظاهر القسر والظلم التي عانيناها وعاناها شعبنا ووقفنا منها موقف الرفض والتحدي .
ولم نكن نملك في نضالنا هذا إلا حبنا لهذا الوطن . وحبنا لحرية هذا الشعب وكرامته . وتتدافع في خاطري هذه الأفكار وأنا أستعرض كيف كنا ننطلق من هذه المدرسة لنتحدى المستعمر ، ثم لنكافح فيما بعد لمحو كل من آثاره . ولكي نملك كل مقومات السيادة والحرية في بلادنا .
وكيف كان شعبنا في هذه المدينة العظيمة . مدينة اللاذقية . يلتف حولنا ليحيطنا ، نحن أبناءه طلاباً وأساتذة " . بسياج من الصلابة والقوة . . تتدافع في خاطري هذه الأفكار وأفكار كثيرة وأنا أستعرض بعض ما عرفناه على يد مدرسينا من النضال العنيد الذي مارسه شعبنا فترة طويلة من تاريخه تتوارد إلى ذهني هذه الأفكار وأفكار أخرى وأنا أتصور العلاقة بين ذلك الزمن البعيد الذي عاشه آباؤنا وعشنا بعضه نحن ، وبين هذا الزمن القريب الحاضر الذي نعيشه الآن وهكذا تمر الذكريات لزمن كانت فيه هذه المدرسة جزءاً أساسياً من حياتي . وتنبسط أمامي حقبة كاملـة من تاريخ هذا القطر . حقبة غنية بأحداثها ، حافلة بمآثر شعبنا العريق خلالها . من هذه الأحداث ما كان يأخذ مجراه حينما فتحنا أبصارنا على الحياة ، ومنها ماعايشناه أو عشناه . ومنها ماشاركنا في صنعه ونصف القرن الذي انقضى على تأسيس هذه المدرسة يمثل جزءاً كبيراً وهاماً من تاريخ سوريا الحديث فما أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى كان وطننا ضحية غدر الاستعمار الأوروبي الذي وعد وخان العهود . وقادته أطماعه في الوطن العربي الى تجزئته وفرض سيطرته عليه ، وراح يسعى لتمزيق فحنث كل جزء على حدة وتقطيع أوصاله ثم كان في هذا القطر صراع شعبن ا مع المستعمر وكانت الثورات المتلاحقة التي شملت كل بقعة من أرض الوطن . ونشبت الحرب العالمية الثانية بينما شعبنا نخوض هذا الصراع . وتحولت أرض الوطن مرة أخرى إلى ساحة صراع للدول الأجنبية المتحاربة في أجواء هذه الأحداث تفتتحت أذهاننا على ما يعاني الوطن . وتنبهت عقولنا الى ما يحاك لشعبنا وما يدبر له في عواصم الدول الأجنبية . ورغم حداثة السن فقد تحركنا ونحن طلاب ، تحركنا بوحي الضمير الحي الذي ورثناه عن الأهل والسلف الصالح . وبدافع حب الوطن الذي شربناه مع لبن الأمهات . وكما أسلفت فقد كانت المدرسة أكثر دون مقاعد للدراسة ومعهد ننهل فيه العلم كانت إلى جانب ذلك النضال الوطني . وكنا نكافح لنجعل من كل المدارس دوراً ينطلق منها الناشئة على درب . - صرحاً من صروح العمل الوطني الصادق ويفرحني جداً ان هذه الثانوية ، وقد حملت الآن اسم الشهيد جول جمال . الذي جسد باستشهاده فكرة الوحدة العربية . تكمل رسالة تجهيز البنين كما كانت تسمى في أيام دراستنا فلتتكافل جهودكم . أيها الاخوة والأبناء . لكي تبقى هذه المدرسة رمزاً لكل النواحي الخيرة في حياتنا ، ولتكن جهود الجميع . إدارة " وطلاباً ، موجهة نحو تحقيق كل خطوة يمكن أن تضيف لبنة إلى بناء هذا المعهد التربوي ، ليستمر على الدوام مدرسة للعلم والوطنية والحرية . وأخيراً ، تحيتي القلبية إلى المدرسين الأوائل الذين بذلوا الجهد والعرق ، في الكفاح - ضد المستعمر ، ومن أجل تنمية الروح القومية والوطنية وتحيتي للمدرسين الحاليين الذين يتابعون الطريق نحو المزيد من التقدم لتأكيد النجاح في المواجهة التاريخيـة الحاسمة التي تخوضها أمتنا الآن . . وأجدني مدفوعاً للقول ان النجاح في بناء الانسان ، هذه العملية الكبيرة ، هو أساس النجاح في مجابهة كل يواجه الوطن والأمة . تحيتي إلى ذلك الجيل من الطلاب ، حيث سرنا معاً شوطاً من النضال تحيتي إلى من كان قبلنا ومن جاء بعدنا من الطلاب . تحيتي إلى طلابنا الحاليين ، عدتنا وأملنا في المستقبل العظيم ، مستقبل النصر والازدهار .
والسلام عليكم
دمشق في 10 تموز 1974 ----
حافظ الأسد
تعليق