اكتشافات الصورة السالية
« النيغاتيف » : هي الانثى التي مكنت الصورة من التناسل !
بعد ان تحدثنا في الحلقة الماضية ( الثانية ) عن اكتشاف العوامل الرئيسية لتثبيت الصورة والمحاليل التي ساعدت على اظهارها وانطلاق عهد التصوير ، نتطرق اليوم الى عملية مهمة في مرحلة تكرار الصورة الواحدة وانتشارها . ذلك ان الصورة الاولى المنتجة كانت في الحقيقة صورة « ذكراً » ـ أي غير قابلة للتناسل والتوالد الى صورة أخرى . فكانت الصورة السالبة - موضوع هذه الحلقة ـ هي الرجم ، أو الانثى التي تمكن الصورة من التوالد إلى ما لا نهاية.
لم تكن الظروف التي مر بها المصورون والباحثون القدامي من أجل تطوير اكتشاف الصورة الأولى ، سهلة البنة . ومنذ العام 1833 أخذ العالم الانكليزي وليام فوكس تالبوت يتابع أبحاث من سبقه على هذا الطريق ، امثال ودغود ، نبيس وداغير ، لكن دون اطلاع معمق على ما توصلوا إليه وذات مرة كان فوكس تالبوت يقوم بنزهة في البرية ، فلفتت انتباهه المناظر الخلابة التي تحيط به ، وأخذ يتغنى بجمالها . وفي الوقت ذاته راح يفكر فيها لو استطاع عكس هذه المناظر الى الورق لتكون تحت نظره بشكل دائم فكان ان عكف على جمع معلومات من سبقه من الباحثين ، وضمها إلى بعض المعلومات التي لديه حول محلول الفضة والاملاح والأسيد الخ . . وأخذ يجري التجربة تلو التجربة ، وفي كل مرة يتوصل إلى أشياء جديدة على طريق التصوير ، حتى انه توصل إلى نفس الاسلوب الذي توصل إليه جوزيا ودغود ، الحرفي الانكليزي ، وجوزف نيبس ، الباحث الفرنسي . ومذ ذاك بدأت المنافسة بين تالبوت الانكليزي وداغير الفرنسي لتقديم الافضل في هذا المضمار بيد ان الثاني كان السباق في نشر أسلوبه الذي سماه د الداغر وتيب ، . وبدأ تالبوت يقوم بتجارب على ما توصل إليه مع الآخرين للتوصل إلى الصورة السلبية بدلا من الايجابية . وأخذ يحسب بدقة المقادير المطلوبة لمحلول نترات الفضة ومحلول آخر هو كلورور الصوديوم على ورق رقيق جدا . وبالفعل حقق تالبوت ما أراد ، إذ انه النقط أول صورة سلبية ، في شهر آب / اغسطس 1835 لنافذة منزله ، وقام بتثبيتها بمحلول الملح العادي . لم تلق طريقة تالبوت النجاح الذي لاقته طريقة داغير ، لان الناس في ذلك الزمان كانوا يحيون الصور السريعة ، وطريقة تالبوت تتطلب وقتاً أطول لكنهم شيئاً فشيئاً تفهموا الاسلوب الجديد وأدركوا عظمته إذ يستطيع المرء اعادة نسخ نفس الصورة فيها لو فقد النسخة الاصلية ، أو انه أراد مجرد تولید نسخ اضافية عنها . وفي بداية العام 1839 کتب فوکس تالبوت الى فرانسوا اراغو ، الفيزيائي الفرنسي الوثيق الصلة بالحكومة الفرنسية ، يقول ان اختراعه يتفوق على اختراع داغير ، وأرفق رسالته بنماذج من صوره المتعددة يثبت فيها تكرار المنظر الواحد ، کہا ارسل الوقت ذاته الى المركز الملكي في لندن بأمثلة عن انتاجه التصويري . وفي شهر تموز من العام نفسه عرض تالبوت ٩5 لوحة تصويرية تحتوي على صور بطريقة الملامسة ( كونتاكت ) وسلبيات وايجابيات وصوراً عديدة أخرى لنماذج صنعت في الغرفة المظلمة ولكن ، مع الاسف ، لم يلق تالبوت الاهتمام الذي لقيه منافسه الفرنسي لويس داغير بسبب طريقته السريعة . لكن تالبوت ، رغم اعراض الجمهور عنه ، زاد من اندفاعه وعكف على تكثيف تجاربه مع ادراكه الواضح للمنافسة الفرنسية . وفي العام ١٨٤١ حسن تالبوت أسلوبه التقني فأصبح سريعاً ينافس في سرعته أسلوب داغير ، إذ صنع آلة تصوير جديدة ذات عدسة أكثر حساسية ، وزاد أيضاً من حساسية الورق المستعمل بزيادة يود الفضة مع مزجه بتترات الفضة وكان ان ثبت تالبوت بعدئذ اختراعه الجديد وأطلق عليه اسم الكالوتيب : Calotype أي : التسجيل المدهش ، حيث كان هذا الاكتشاف يثبت بالهيبوسولفیت الذي أثبت فعاليته جون هيرشل في العام ١٨١٩ في تثبيت الصورة وفي العام 1844 أسس تالبوت استوديو خاصاً للتصوير ليتمكن من تلبية الطلبات المنهالة عليه لاستعمال جهازه الجديد الذي كان قد زاد أيضاً في تطويره وسرعته ، مما سمح له بأخذ صورة الوجن البورتريه ) وقد ألف تالبوت كتاباً سماه « فيلم الطبيعة ، وزوده بصور ومعلومات عن طريقته الجديدة ، ونضمن وصفاً موسعاً لآلته الجديدة . ورغم كل ذلك لم ينتشر جهازه جيداً في الولايات المتحدة ، إذ كان جهاز داغير ما يزال هو المسيطر . وحين قام جماعة من المصورين البريطانيين باستخدام الكالوتيب الذي اخترعه تالبوت ، في التقاط مناظر جميلة في أماكن متعددة من بريطانيا ، تمكن تالبوت من اقتسام عرش السيطرة مع داغير واحتكار سوق التصوير في العالم حتى العام 1851 الذي توفي فيه داغير . وكان هذا التاريخ بمثابة انتهاء عهد وبداية عهد جديد سجل تكاثر المصورين وظهور تقنية جديدة لفردريك سكوت ارشيه ، تدعى الكولودين ، والتي ستكون موضوع - الحلقة القادمة .
« النيغاتيف » : هي الانثى التي مكنت الصورة من التناسل !
بعد ان تحدثنا في الحلقة الماضية ( الثانية ) عن اكتشاف العوامل الرئيسية لتثبيت الصورة والمحاليل التي ساعدت على اظهارها وانطلاق عهد التصوير ، نتطرق اليوم الى عملية مهمة في مرحلة تكرار الصورة الواحدة وانتشارها . ذلك ان الصورة الاولى المنتجة كانت في الحقيقة صورة « ذكراً » ـ أي غير قابلة للتناسل والتوالد الى صورة أخرى . فكانت الصورة السالبة - موضوع هذه الحلقة ـ هي الرجم ، أو الانثى التي تمكن الصورة من التوالد إلى ما لا نهاية.
لم تكن الظروف التي مر بها المصورون والباحثون القدامي من أجل تطوير اكتشاف الصورة الأولى ، سهلة البنة . ومنذ العام 1833 أخذ العالم الانكليزي وليام فوكس تالبوت يتابع أبحاث من سبقه على هذا الطريق ، امثال ودغود ، نبيس وداغير ، لكن دون اطلاع معمق على ما توصلوا إليه وذات مرة كان فوكس تالبوت يقوم بنزهة في البرية ، فلفتت انتباهه المناظر الخلابة التي تحيط به ، وأخذ يتغنى بجمالها . وفي الوقت ذاته راح يفكر فيها لو استطاع عكس هذه المناظر الى الورق لتكون تحت نظره بشكل دائم فكان ان عكف على جمع معلومات من سبقه من الباحثين ، وضمها إلى بعض المعلومات التي لديه حول محلول الفضة والاملاح والأسيد الخ . . وأخذ يجري التجربة تلو التجربة ، وفي كل مرة يتوصل إلى أشياء جديدة على طريق التصوير ، حتى انه توصل إلى نفس الاسلوب الذي توصل إليه جوزيا ودغود ، الحرفي الانكليزي ، وجوزف نيبس ، الباحث الفرنسي . ومذ ذاك بدأت المنافسة بين تالبوت الانكليزي وداغير الفرنسي لتقديم الافضل في هذا المضمار بيد ان الثاني كان السباق في نشر أسلوبه الذي سماه د الداغر وتيب ، . وبدأ تالبوت يقوم بتجارب على ما توصل إليه مع الآخرين للتوصل إلى الصورة السلبية بدلا من الايجابية . وأخذ يحسب بدقة المقادير المطلوبة لمحلول نترات الفضة ومحلول آخر هو كلورور الصوديوم على ورق رقيق جدا . وبالفعل حقق تالبوت ما أراد ، إذ انه النقط أول صورة سلبية ، في شهر آب / اغسطس 1835 لنافذة منزله ، وقام بتثبيتها بمحلول الملح العادي . لم تلق طريقة تالبوت النجاح الذي لاقته طريقة داغير ، لان الناس في ذلك الزمان كانوا يحيون الصور السريعة ، وطريقة تالبوت تتطلب وقتاً أطول لكنهم شيئاً فشيئاً تفهموا الاسلوب الجديد وأدركوا عظمته إذ يستطيع المرء اعادة نسخ نفس الصورة فيها لو فقد النسخة الاصلية ، أو انه أراد مجرد تولید نسخ اضافية عنها . وفي بداية العام 1839 کتب فوکس تالبوت الى فرانسوا اراغو ، الفيزيائي الفرنسي الوثيق الصلة بالحكومة الفرنسية ، يقول ان اختراعه يتفوق على اختراع داغير ، وأرفق رسالته بنماذج من صوره المتعددة يثبت فيها تكرار المنظر الواحد ، کہا ارسل الوقت ذاته الى المركز الملكي في لندن بأمثلة عن انتاجه التصويري . وفي شهر تموز من العام نفسه عرض تالبوت ٩5 لوحة تصويرية تحتوي على صور بطريقة الملامسة ( كونتاكت ) وسلبيات وايجابيات وصوراً عديدة أخرى لنماذج صنعت في الغرفة المظلمة ولكن ، مع الاسف ، لم يلق تالبوت الاهتمام الذي لقيه منافسه الفرنسي لويس داغير بسبب طريقته السريعة . لكن تالبوت ، رغم اعراض الجمهور عنه ، زاد من اندفاعه وعكف على تكثيف تجاربه مع ادراكه الواضح للمنافسة الفرنسية . وفي العام ١٨٤١ حسن تالبوت أسلوبه التقني فأصبح سريعاً ينافس في سرعته أسلوب داغير ، إذ صنع آلة تصوير جديدة ذات عدسة أكثر حساسية ، وزاد أيضاً من حساسية الورق المستعمل بزيادة يود الفضة مع مزجه بتترات الفضة وكان ان ثبت تالبوت بعدئذ اختراعه الجديد وأطلق عليه اسم الكالوتيب : Calotype أي : التسجيل المدهش ، حيث كان هذا الاكتشاف يثبت بالهيبوسولفیت الذي أثبت فعاليته جون هيرشل في العام ١٨١٩ في تثبيت الصورة وفي العام 1844 أسس تالبوت استوديو خاصاً للتصوير ليتمكن من تلبية الطلبات المنهالة عليه لاستعمال جهازه الجديد الذي كان قد زاد أيضاً في تطويره وسرعته ، مما سمح له بأخذ صورة الوجن البورتريه ) وقد ألف تالبوت كتاباً سماه « فيلم الطبيعة ، وزوده بصور ومعلومات عن طريقته الجديدة ، ونضمن وصفاً موسعاً لآلته الجديدة . ورغم كل ذلك لم ينتشر جهازه جيداً في الولايات المتحدة ، إذ كان جهاز داغير ما يزال هو المسيطر . وحين قام جماعة من المصورين البريطانيين باستخدام الكالوتيب الذي اخترعه تالبوت ، في التقاط مناظر جميلة في أماكن متعددة من بريطانيا ، تمكن تالبوت من اقتسام عرش السيطرة مع داغير واحتكار سوق التصوير في العالم حتى العام 1851 الذي توفي فيه داغير . وكان هذا التاريخ بمثابة انتهاء عهد وبداية عهد جديد سجل تكاثر المصورين وظهور تقنية جديدة لفردريك سكوت ارشيه ، تدعى الكولودين ، والتي ستكون موضوع - الحلقة القادمة .
تعليق