أصداء من الماضي".. عذابات قرية يونانية تحت الاحتلال النازي
سرد تاريخي مبعثر ما بين يوميات محامية والأيام الأخيرة لأحد الناجين.
الأحد 2022/02/27
انشرWhatsAppTwitterFacebook
مأساة إنسانية حقيقية
إشكالية الزمن في السرد السينمائي هي إحدى القضايا التي شغلت عموم التجارب السينمائية وشكلت ركنا أساسيا في تأسيس الشكل السينمائي وصولا إلى الطريق والقصة السينمائية الناجحة. والإشكالية ترتبط بالعديد من المسائل منها ما يتعلق بالانتقال بين الأزمنة ومنها ما يتعلق بالصور المرتبطة بالماضي وكيفية ربطها بالواقعي والمعيش. وخلال ذلك هنالك الخطوط السردية التي يجري اعتمادها في كل حالة وكل شخصية كما في فيلم “أصداء من الماضي” للمخرج نيكولاس ديمتروبولوس.
يحفل فيلم “أصداء من الماضي” للمخرج نيكولاس ديميتروبولوس بالكثير من الإشكاليات المرتبطة بالزمن والكيفية التي يتم تجسيده بها على الشاشة، فهو ينطلق بنا ما بين الزمن الحاضر إلى استرجاع مأساة الحرب العالمية الثانية ووقائعها المريرة على قرية يونانية صغيرة شكلت عينة لمعاناة الإنسان.
هنا في قرية كالافريتا وفي ديسمبر من العام 1943 وقعت أبشع مجزرة عندما انتقم النازيون شرّ انتقام من سكانها بسبب قيام المقاومة اليونانية آنذاك باغتيال عدة جنود ألمان.
وكان قرار القيادات العسكرية هو قتل كل رجل وطفل، وبالفعل فصلوا الرجال عن النساء وقاموا بحملة إبادة جماعية فيما تم إحراق المبنى الذي كانت النساء تحتجز فيه، لولا تدخل أحد جنود الحلفاء ليطلق النسوة وينقذهن من الموت.
هذه الخلاصة تكشف لنا عن الأرضية التي يتحرك عليها هذا الفيلم، لكن المسألة ليست مجرد عرض استعادي لواقعة تاريخية سابقة معلومة وقد خلدتها المرويات عن وقائع الحرب العالمية الثانية.
ينتصب على أعلى قمة الجبل الذي تمت على سفوحه الواقعة حائط تذكاري يضم أسماء الضحايا وتماثيل تكشف عن أبعاد المأساة وهو مزار لليونانيين والسياح.
عودة إلى الجذور
ليس كافيا أن تنطلق من واقعة حقيقية وأن تجسدها بحذافيرها ما لم يكن في ذلك هدف مواز مختلف أو إضافة لما هو معلوم، وتلك هي الإشكالية التي واجهت هذا الفيلم وبعض الانتقادات التي وجهت إليه.
لكن ذلك السرد الفيلمي المرتبط بالماضي الزمني له رابط في الواقع إذ جسد الأحداث الواقعية من وجهة نظر وتحركات محامية شابة وهي كارولين مارتن (الممثلة استريد روس) وقد انتدبتها وزارة الخارجية الألمانية لغرض تقصي الحقائق المرتبطة بالادعاءات والقصص المرتبطة بمجزرة قرية كلافريتا اليونانية.
☚ الفيلم يسرد كارثة قرية يونانية أبيد سكانها ويتناول خفايا من يوميات الاحتلال النازي والممارسات التي يقوم بها
الغرض كان محاولة دحض المطالبة بالتعويضات وهكذا تتنقل المحامية الشابة بين دول عدة وصولا إلى اليونان لننتقل خلال ذلك إلى واحد من الناجين الذين سيشكل حضوره انتقالة نوعية في هذا الفيلم.
يبدأ الفيلم بمشاهد لطفل يركض وسط الثلج وفي موازاة ذلك كان هنالك رجل كهل يكاد يلفظ أنفاسه فيما تجري معالجته بالصدمات الكهربائية للقلب ليسترجع نبضه وينجح الأطباء في ذلك.
لم يكن الرجل الكهل إلا ذلك الطفل نيكولاس نفسه، وهو يسترجع ذكرياته وهو الذي شهد فصول الاحتلال النازي لقريته ودخول الضباط النازيين لمنزل عائلته واتخاذه مقرا لهم، ثم وهو يشهد انضمام والده إلى المقاومة وصولا إلى إعدام الأب والأخ الأكبر ونجاته هو وأمه بأعجوبة من حريق مدمر.
لم يكن ذلك الكهل إلا الممثل العالمي المشهور ماكس فون سيدو وهو في التسعين من العمر، وهو آخر أدواره إذ توفي بعدها مخلفا إرثا سينمائيا ضخما وجوائز كثيرة، حيث ظهر في أكثر من 160 فيلما.
ولقد كرس العديد من النقاد من حول العالم هذا الظهور الوداعي لهذا الممثل البارع لغرض استعادة إرثه وتاريخه السينمائي الزاخر، وهو ما سوف نتوقف عنده خلال هذه المقالة.
تسعى المحامية الشابة كارولين لمنح تحقيقها المصداقية الكاملة، ولهذا فإنها إذ تتنقل بين العواصم باحثة عن أثر الناجين الذين مات قسم منهم والقسم الآخر انتقلوا للعيش في بلدان أخرى، لكن نشاطها في بداية الفيلم واللقطات التمثيلية الموازية التي تم إظهارها أربكت السرد الفيلمي إذ كانت هذه المعالجة لعنصر الزمن تحمل بعض الارتباك وربما التبسيط المبالغ فيه لعرض الوقائع.
لو اقتصر الأمر على كون الفيلم يحمل وثيقة تاريخية ويجسد واقعة مأساوية كما هو في العديد من أفلام الحرب العالمية الثانية لبدا الأمر أكثر إقناعا لجهة الموازنات الزمنية على الشاشة.
أما هنا فقد لجأ المخرج إلى عمليات استعادة متواصلة وانتقالات موازية لنشاطات المحامية فتارة يعود إلى القرية وتقدم الألمان في داخل المدن اليونانية وتارة يعود بنا إلى يوميات المحامية وصولا إلى علاقتها برؤسائها وعملها في منزلها.
هذه التفاصيل أثقلت الفيلم وظل يتراوح ما بين سرد واقعي تاريخي وبين صور من الحياة اليومية من خلال العمل الروتيني للمحامية الشابة.
يشكل المكان أهمية فائقة في أحداث هذا الفيلم وبنائه السردي، فإن كانت المصداقية المرتبطة بالأماكن التي شهدت وقائع محددة كمثل كارثة تلك القرية اليونانية تقتضي التصوير في أماكن حقيقية فإن هذا الفيلم اقترب إلى حدّ كبير من ذلك الواقع المكاني ومعاناة الشخصيات تحت الاحتلال النازي.
وقد تجلت تلك العلاقة التفاعلية مع المكان من خلال شخصية الطفل الذي تفتتح به أحداث الفيلم وما سيلي ذلك من ارتباطه بالمكان، فهو يتتبع الجنود النازيين وهم يتجولون في القرية ويذلّون سكانها كما أنه يمتلك الجرأة لتتبعهم والأكثر من ذلك يتشبث بالبيت الذي نشأ فيه وهو يشاهد الجنود الألمان وهم يحتلونه ويتجولون في أرجائه وينهبونه، وبذلك فإن عودته إلى المنزل كانت بمثابة عودة إلى الجذور العميقة التي تربطه بالمكان.
المخرج وكاتب الفيلم يمضي في نسق متواز للأحداث فتارة يعود بنا إلى القرية وتارة أخرى إلى يوميات المحامية
أما الممثلة اليونانية داناي سكايدي فقد برعت في أداء دور مميز يضاف إلى مسيرتها الحافلة في مجالات المسرح والسينما، إذ أدت دور الأم التي تسعى إلى إنقاذ أسرتها من الموت تحت أيدي النازيين.
تجلى ذلك بشكل بليغ بعد تخلصها هي وطفلها من المكان الذي احتجزهما فيه النازيون، حيث تناجي ابنها الكبير وتنادي اسمه بصوت خافت باحثة عنه بين العشرات من الأجساد المتناثرة والغارقة في دمائها بعد حملة الإعدام الجماعي التي طالت سكان القرية كبارا وصغارا ومن بينهم زوجها وابنها الكبير.
ويمتد أداؤها المميز من خلال تلك المشاهد المحمّلة بالتوتر في أثناء تواجد الجنود النازيين في المنزل وفيما زوجها ينزف دما بعد إصابته في مواجهة مع الجنود النازيين.
يوجه بعض النقاد ملاحظاتهم التي تتعلق بصورة النازي على الشاشة إذ قدم الفيلم أولئك الجنود الذين يوزعون الحلوى على الأطفال وعدّوا ذلك ما ينطبق على صورة النازي الطيب، ويتكرر ذلك في مشهد النازي – النمساوي الذي يفتح الباب من أجل الإفراج عن الضحايا المحتجزين في المدرسة، وهي تحفظات رد عليها المخرج قائلا إنها مبالغ فيها ولم تكن واردة بالنسبة إليه.
أما على الجهة الأخرى فقد كان الحضور اللافت للشخصيات الرئيسية وهم يجسدون كارثة تلك القرية اليونانية هو من المميزات المهمة في هذا الفيلم وخاصة من خلال تلك الأسرة اليونانية التي شكلت عينة من عينات العذاب والمأساة الإنسانية، حيث انتقل بنا المخرج إلى يوميات الاحتلال النازي والممارسات التي يقوم بها.
كان الطفل نيكولاس علامة فارقة فمن خلال نظراته الذكية والبريئة كنا نرى الواقع المرير، ولو اكتفينا به في مجمل المساحة الفيلمية لأغنانا عن الكثير، فقد كان هذا الطفل يقتفي أثر الألمان ويتأمل في أشكالهم ويرسمهم وهو نفسه يدفن قميص والده الملطخ بالدماء خوفا من العثور عليه من طرف الألمان.
ومن بين المشاهد الملفتة للنظر أن الطفل يتطوع بشجاعة لكي يعود إلى المنزل بعد فرض حضر التجوال واحتجاز سكان القرية في إحدى البنايات، وأن يذهب بنفسه إلى المنزل ويتسلل وسط الجنود النازيين ليجلب القطع الذهبية الخاصة بوالدته خشية سرقتها من الجنود النازيين.
كانت تلك التفاصيل لوحدها قد ربطتنا بالكارثة التي وقعت في خط سردي مواز بينما كان المخرج يتجه بنا إلى مساحة أخرى وكأن ظهور الطفل وما قام به كان ظهورا عرضيا في السياق الفيلمي بينما كان في الحقيقة حضورا جوهريا مهما.
هنا سنتوقف عند الإشكالية المرتبطة بطريقة السرد الفيلمي التي اعتمدها المخرج وهو نفسه كاتب السيناريو.
السرد الفيلمي
آخر دور للممثل الراحل ماكس فون سيدو
الملاحظ هو أن أول الأسئلة التي يطرحها هذا النوع من السرد هو السؤال عن وجهة النظر ومن خلال سيرة وحياة وأفعال ودوافع أي من الشخصيات وقد تقدّمت المحامية كارولين في هذا الإطار وقدمها المخرج على أنها هي الشخصية المحورية في الفيلم.
كانت المحامية في الواقع أقرب إلى الشاهد على الأحداث من خلال قيامها بالبحث والتحري والتحقيق في واقعة القرية المنكوبة، فهي لم تكن تتمتع بذلك الدور الذي يغير مسار السرد الفيلمي واكتفت بتعاطفها الحزين مع الضحايا وعيناها مغرورقتان بالدمع كلما سمعت قصة الإبادة.
بالطبع كان بالإمكان مثلا أن يكون الفيلم نوعا من السيرة الذاتية والذكريات الوداعية للشخصية الرئيسية لكن زج المحامية وموقف الحكومة الألمانية أخذ الأحداث باتجاه مسار آخر مختلف، وصار السرد المرتبط بشخصية الرجل المسن امتدادا للأحداث وليس الموضوع المحوري في هذه الدراما الفيلمية.
ولعل السؤال في ما يتعلق بشخصية كارولين ذاتها وبعدما تراكمت القصص والشهادات لديها وبعد نبشها في الأرشيف إلى أي مسار سوف تتجه وأي قرار سوف تتخذ.
واقعيا كنا ننتظر مثلا أن يكون لها دور لا يقل ثقلا عن أدوار ضحايا تلك القرية، لكن أن تكتفي بالاستقالة المجردة دون أن يكون لها رأي أو موقف احتجاجي مثلا كان إحدى الثغرات الإشكالية التي ترتبط بالسرد الفيلمي، والتي أشرنا إليها في بداية المقال.
المخرج نيكولاس ديمتروبولوس
● مخرج بريطاني من أصل يوناني ولد في العام 1976.
● انتقل للعيش في بريطانيا مع عائلته وهناك أكمل دراسته الجامعية.
● دخل ميدان السينما والإنتاج التلفزيوني ابتداء من العام 2006 واشتغل في العديد من التخصصات من إدارة إنتاج إلى المونتاج إلى كتابة السيناريو وانتهاء بالإخراج.
● أخرج العديد من الأفلام من بينها، فيلم “ما بعد إيغو” 2007 و”أريد بطلا” 2008 و”كبير في اليابان” 2009 و”حب فعلي” 2010 و”180 درجة ذكريات” 2010 و”أن تكون هنا” 2018.
الحاصل أن المخرج بوصفه كاتبا للسيناريو أيضا قرر المضي في هذا النسق المتوازي للأحداث لا يحيد عنه فتارة يعود بنا إلى القرية وتارة أخرى إلى يوميات المحامية.
هكذا توزع السرد الفيلمي بينهما، لكن الملاحظ هنا أن كثيرا من تلك الانتقالات يمكن أن تصنفها على أنها غير مسببة وليس هنالك من تأسيس لوجهة النظر لكي ننتقل إلى الماضي.
في المقابل هنالك شخصية أساسية في هذه الدراما وهي التي تم تداولها تاريخيا ضمن تلك الواقعة وهي شخصية الجندي النمساوي الذي سوف تمضي المحامية وقتا في سبيل اقتفاء أثره والعثور على عائلته، وهو الذي تحمل المجازفة بحياته وكسر أقفال المبنى الذي تحاصره النيران وتحتجز فيه نساء القرية مع أطفالهن، مما تسبب في إنقاذ حياة العشرات وفي روايات تاريخية المئات.
هذا الجندي النمساوي ظهر بشكل عرضي وهو يكسر الأقفال من دون التوقف عند دوافعه واستعداده للمغامرة بحياته فيما لو علم به الجيش النازي.
هذا الجانب من الفيلم يستعرضه الناقد السينمائي في الغارديان منتقدا المعالجة الفيلمية وأن الفيلم لم يكن رصينا بما يكفي لجهة رسم الأحداث وبنائها، فضلا عن الخلل في عرض الوقائع التاريخية والمرويات المرتبطة بها، وهي بالطبع تحتمل في بعض الأحيان وجهات نظر مختلفة وحتى مثيرة للجدل مما تم عرضه من مشاهد التوغل في القرية وعمليات الإعدام بعدد من سكنها منذ بدايات دخول النازيين إليها.
بينما تذكر الناقدة بارا ريتشاردسون بأن الفيلم بدا مفككا وغير متماسك في أحداثه بسبب كثرة مشاهد العودة إلى الماضي، ومن جهة أخرى هنالك إشكالية مرتبطة بالمصداقية وهي مسـألة أخرى كان قد أثارها يونانيون من أقارب الضحايا، وصولا إلى اتهام الفيلم بعدم المصداقية في عرض بعض الوقائع.
هنالك مثلا قصة احتجاز النسوة والأطفال بقصد إحراقهم، وكان السؤال مرتبطا بمن قام بإنقاذهم بكسر الأقفال، وهو ما ينسب إلى جندي نمساوي، بينما هنالك رواية أخرى أو أكثر تتعلق بهذه الواقعة تحديدا.
هنا سوف تحضر شخصية نيكولاس من طفولته وحتى شيخوخته وليس مرورا بشبابه، فمثلا لو افترضنا أن الأحداث الماضية تتم من وجهة نظره لكان ذلك القسم السردي المرتبط بالماضي أكثر إقناعا.
استرجاع الذكريات والمأساة التي كان شاهدا عليها والتي طالت أسرته من خلال واقعة الإبادة التي شهدتها تلك القرية اليونانية تشكل ثقلا مهما، وتجد لها مبرراتها لأن نيكولاس صار كاتبا لامعا وعنده مؤلفاته.
في المقابل شاهدنا الممثل العالمي ماكس فون سيدو وهو في شيخوخته الجميلة، وقد ناهز التسعين من العمر، هو يؤدي دوره على نفس الوتيرة التي عرف بها في التوازن والرصانة إنه يردد “لطالما كان التاريخ أعمى لأنه لا يرى ما يكفي من الحقيقة”.
الفيلم هو في الواقع بمثابة احتفالية تليق بالممثل الكبير فهو آخر فيلم له قبيل رحيله عن تسعين عاما مخلفا وراءه أكثر من 160 عملا أدى فيها العديد من الأدوار التي بقي لها موقعها المميز في تاريخ السينما.
آخر دور لممثل كبير
معالجة الزمن تحمل بعض الارتباك
فون سيدو هو النجم بلا منازع في أفلام المخرج السويدي الكبير انغمار برغمان، المعروف بأنه الفيلسوف السينمائي والسينمائي الأكثر تعمقا في دوافع الذات البشرية، حيث ظهر في عدد قياسي من أفلامه من خلال 13 فيلما من أهمها فيلم “الختم السابع” 1957 و”التوت البري” 1958 و”ساعة الذئب” 1968 و”العار” 1969 و”عاطفة أنا” 1969 و”اللمسة” 1971 وغيرها.
وهو بالإضافة إلى ذلك نال العديد من الجوائز ومنها غولدن غلوب وجوائز إيمي، وكان قد رشح لنيل جائزة الأوسكار من خلال خمسة أفلام وهي “المهاجرون” 1971 و”إكسورسيت” 1973 و”هانا وأخواتها” 1986 و”الاستيقاظ” 1990 و”أكثر صخبا وأشد قربا” 2011.
ومن فرط تواضعه كان قد أشاد بممثلين أميركان عالميين من أبرزهم آل باتشينو وروبرت دي نيرو ومارلون براندو وسبنسر تريسي الذين يبدون من وجهة نظره وكأنهم شخصيات حقيقية، وهو يتساءل في مقابلات صحافية سابقة “إنهم واقعيون تماما وكأنهم في الحياة الحقيقية، لست أدري كيف يفعلون ذلك”.
ولاحظ أن ملصق هذا الفيلم يضع صورة فون سيدو وكأنه هو نجم الفيلم الذي سوف يقود الأحداث، لكن في الواقع إنه لم يظهر إلا في دور ختامي يليق بمكانته، وربما كان دور المحامية هو الذي أخذ مساحة أكبر وحتى الحوار الذي يخصه لم يكن الذي نتوقعه.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن
سرد تاريخي مبعثر ما بين يوميات محامية والأيام الأخيرة لأحد الناجين.
الأحد 2022/02/27
انشرWhatsAppTwitterFacebook
مأساة إنسانية حقيقية
إشكالية الزمن في السرد السينمائي هي إحدى القضايا التي شغلت عموم التجارب السينمائية وشكلت ركنا أساسيا في تأسيس الشكل السينمائي وصولا إلى الطريق والقصة السينمائية الناجحة. والإشكالية ترتبط بالعديد من المسائل منها ما يتعلق بالانتقال بين الأزمنة ومنها ما يتعلق بالصور المرتبطة بالماضي وكيفية ربطها بالواقعي والمعيش. وخلال ذلك هنالك الخطوط السردية التي يجري اعتمادها في كل حالة وكل شخصية كما في فيلم “أصداء من الماضي” للمخرج نيكولاس ديمتروبولوس.
يحفل فيلم “أصداء من الماضي” للمخرج نيكولاس ديميتروبولوس بالكثير من الإشكاليات المرتبطة بالزمن والكيفية التي يتم تجسيده بها على الشاشة، فهو ينطلق بنا ما بين الزمن الحاضر إلى استرجاع مأساة الحرب العالمية الثانية ووقائعها المريرة على قرية يونانية صغيرة شكلت عينة لمعاناة الإنسان.
هنا في قرية كالافريتا وفي ديسمبر من العام 1943 وقعت أبشع مجزرة عندما انتقم النازيون شرّ انتقام من سكانها بسبب قيام المقاومة اليونانية آنذاك باغتيال عدة جنود ألمان.
وكان قرار القيادات العسكرية هو قتل كل رجل وطفل، وبالفعل فصلوا الرجال عن النساء وقاموا بحملة إبادة جماعية فيما تم إحراق المبنى الذي كانت النساء تحتجز فيه، لولا تدخل أحد جنود الحلفاء ليطلق النسوة وينقذهن من الموت.
هذه الخلاصة تكشف لنا عن الأرضية التي يتحرك عليها هذا الفيلم، لكن المسألة ليست مجرد عرض استعادي لواقعة تاريخية سابقة معلومة وقد خلدتها المرويات عن وقائع الحرب العالمية الثانية.
ينتصب على أعلى قمة الجبل الذي تمت على سفوحه الواقعة حائط تذكاري يضم أسماء الضحايا وتماثيل تكشف عن أبعاد المأساة وهو مزار لليونانيين والسياح.
عودة إلى الجذور
ليس كافيا أن تنطلق من واقعة حقيقية وأن تجسدها بحذافيرها ما لم يكن في ذلك هدف مواز مختلف أو إضافة لما هو معلوم، وتلك هي الإشكالية التي واجهت هذا الفيلم وبعض الانتقادات التي وجهت إليه.
لكن ذلك السرد الفيلمي المرتبط بالماضي الزمني له رابط في الواقع إذ جسد الأحداث الواقعية من وجهة نظر وتحركات محامية شابة وهي كارولين مارتن (الممثلة استريد روس) وقد انتدبتها وزارة الخارجية الألمانية لغرض تقصي الحقائق المرتبطة بالادعاءات والقصص المرتبطة بمجزرة قرية كلافريتا اليونانية.
☚ الفيلم يسرد كارثة قرية يونانية أبيد سكانها ويتناول خفايا من يوميات الاحتلال النازي والممارسات التي يقوم بها
الغرض كان محاولة دحض المطالبة بالتعويضات وهكذا تتنقل المحامية الشابة بين دول عدة وصولا إلى اليونان لننتقل خلال ذلك إلى واحد من الناجين الذين سيشكل حضوره انتقالة نوعية في هذا الفيلم.
يبدأ الفيلم بمشاهد لطفل يركض وسط الثلج وفي موازاة ذلك كان هنالك رجل كهل يكاد يلفظ أنفاسه فيما تجري معالجته بالصدمات الكهربائية للقلب ليسترجع نبضه وينجح الأطباء في ذلك.
لم يكن الرجل الكهل إلا ذلك الطفل نيكولاس نفسه، وهو يسترجع ذكرياته وهو الذي شهد فصول الاحتلال النازي لقريته ودخول الضباط النازيين لمنزل عائلته واتخاذه مقرا لهم، ثم وهو يشهد انضمام والده إلى المقاومة وصولا إلى إعدام الأب والأخ الأكبر ونجاته هو وأمه بأعجوبة من حريق مدمر.
لم يكن ذلك الكهل إلا الممثل العالمي المشهور ماكس فون سيدو وهو في التسعين من العمر، وهو آخر أدواره إذ توفي بعدها مخلفا إرثا سينمائيا ضخما وجوائز كثيرة، حيث ظهر في أكثر من 160 فيلما.
ولقد كرس العديد من النقاد من حول العالم هذا الظهور الوداعي لهذا الممثل البارع لغرض استعادة إرثه وتاريخه السينمائي الزاخر، وهو ما سوف نتوقف عنده خلال هذه المقالة.
تسعى المحامية الشابة كارولين لمنح تحقيقها المصداقية الكاملة، ولهذا فإنها إذ تتنقل بين العواصم باحثة عن أثر الناجين الذين مات قسم منهم والقسم الآخر انتقلوا للعيش في بلدان أخرى، لكن نشاطها في بداية الفيلم واللقطات التمثيلية الموازية التي تم إظهارها أربكت السرد الفيلمي إذ كانت هذه المعالجة لعنصر الزمن تحمل بعض الارتباك وربما التبسيط المبالغ فيه لعرض الوقائع.
لو اقتصر الأمر على كون الفيلم يحمل وثيقة تاريخية ويجسد واقعة مأساوية كما هو في العديد من أفلام الحرب العالمية الثانية لبدا الأمر أكثر إقناعا لجهة الموازنات الزمنية على الشاشة.
أما هنا فقد لجأ المخرج إلى عمليات استعادة متواصلة وانتقالات موازية لنشاطات المحامية فتارة يعود إلى القرية وتقدم الألمان في داخل المدن اليونانية وتارة يعود بنا إلى يوميات المحامية وصولا إلى علاقتها برؤسائها وعملها في منزلها.
هذه التفاصيل أثقلت الفيلم وظل يتراوح ما بين سرد واقعي تاريخي وبين صور من الحياة اليومية من خلال العمل الروتيني للمحامية الشابة.
يشكل المكان أهمية فائقة في أحداث هذا الفيلم وبنائه السردي، فإن كانت المصداقية المرتبطة بالأماكن التي شهدت وقائع محددة كمثل كارثة تلك القرية اليونانية تقتضي التصوير في أماكن حقيقية فإن هذا الفيلم اقترب إلى حدّ كبير من ذلك الواقع المكاني ومعاناة الشخصيات تحت الاحتلال النازي.
وقد تجلت تلك العلاقة التفاعلية مع المكان من خلال شخصية الطفل الذي تفتتح به أحداث الفيلم وما سيلي ذلك من ارتباطه بالمكان، فهو يتتبع الجنود النازيين وهم يتجولون في القرية ويذلّون سكانها كما أنه يمتلك الجرأة لتتبعهم والأكثر من ذلك يتشبث بالبيت الذي نشأ فيه وهو يشاهد الجنود الألمان وهم يحتلونه ويتجولون في أرجائه وينهبونه، وبذلك فإن عودته إلى المنزل كانت بمثابة عودة إلى الجذور العميقة التي تربطه بالمكان.
المخرج وكاتب الفيلم يمضي في نسق متواز للأحداث فتارة يعود بنا إلى القرية وتارة أخرى إلى يوميات المحامية
أما الممثلة اليونانية داناي سكايدي فقد برعت في أداء دور مميز يضاف إلى مسيرتها الحافلة في مجالات المسرح والسينما، إذ أدت دور الأم التي تسعى إلى إنقاذ أسرتها من الموت تحت أيدي النازيين.
تجلى ذلك بشكل بليغ بعد تخلصها هي وطفلها من المكان الذي احتجزهما فيه النازيون، حيث تناجي ابنها الكبير وتنادي اسمه بصوت خافت باحثة عنه بين العشرات من الأجساد المتناثرة والغارقة في دمائها بعد حملة الإعدام الجماعي التي طالت سكان القرية كبارا وصغارا ومن بينهم زوجها وابنها الكبير.
ويمتد أداؤها المميز من خلال تلك المشاهد المحمّلة بالتوتر في أثناء تواجد الجنود النازيين في المنزل وفيما زوجها ينزف دما بعد إصابته في مواجهة مع الجنود النازيين.
يوجه بعض النقاد ملاحظاتهم التي تتعلق بصورة النازي على الشاشة إذ قدم الفيلم أولئك الجنود الذين يوزعون الحلوى على الأطفال وعدّوا ذلك ما ينطبق على صورة النازي الطيب، ويتكرر ذلك في مشهد النازي – النمساوي الذي يفتح الباب من أجل الإفراج عن الضحايا المحتجزين في المدرسة، وهي تحفظات رد عليها المخرج قائلا إنها مبالغ فيها ولم تكن واردة بالنسبة إليه.
أما على الجهة الأخرى فقد كان الحضور اللافت للشخصيات الرئيسية وهم يجسدون كارثة تلك القرية اليونانية هو من المميزات المهمة في هذا الفيلم وخاصة من خلال تلك الأسرة اليونانية التي شكلت عينة من عينات العذاب والمأساة الإنسانية، حيث انتقل بنا المخرج إلى يوميات الاحتلال النازي والممارسات التي يقوم بها.
كان الطفل نيكولاس علامة فارقة فمن خلال نظراته الذكية والبريئة كنا نرى الواقع المرير، ولو اكتفينا به في مجمل المساحة الفيلمية لأغنانا عن الكثير، فقد كان هذا الطفل يقتفي أثر الألمان ويتأمل في أشكالهم ويرسمهم وهو نفسه يدفن قميص والده الملطخ بالدماء خوفا من العثور عليه من طرف الألمان.
ومن بين المشاهد الملفتة للنظر أن الطفل يتطوع بشجاعة لكي يعود إلى المنزل بعد فرض حضر التجوال واحتجاز سكان القرية في إحدى البنايات، وأن يذهب بنفسه إلى المنزل ويتسلل وسط الجنود النازيين ليجلب القطع الذهبية الخاصة بوالدته خشية سرقتها من الجنود النازيين.
كانت تلك التفاصيل لوحدها قد ربطتنا بالكارثة التي وقعت في خط سردي مواز بينما كان المخرج يتجه بنا إلى مساحة أخرى وكأن ظهور الطفل وما قام به كان ظهورا عرضيا في السياق الفيلمي بينما كان في الحقيقة حضورا جوهريا مهما.
هنا سنتوقف عند الإشكالية المرتبطة بطريقة السرد الفيلمي التي اعتمدها المخرج وهو نفسه كاتب السيناريو.
السرد الفيلمي
آخر دور للممثل الراحل ماكس فون سيدو
الملاحظ هو أن أول الأسئلة التي يطرحها هذا النوع من السرد هو السؤال عن وجهة النظر ومن خلال سيرة وحياة وأفعال ودوافع أي من الشخصيات وقد تقدّمت المحامية كارولين في هذا الإطار وقدمها المخرج على أنها هي الشخصية المحورية في الفيلم.
كانت المحامية في الواقع أقرب إلى الشاهد على الأحداث من خلال قيامها بالبحث والتحري والتحقيق في واقعة القرية المنكوبة، فهي لم تكن تتمتع بذلك الدور الذي يغير مسار السرد الفيلمي واكتفت بتعاطفها الحزين مع الضحايا وعيناها مغرورقتان بالدمع كلما سمعت قصة الإبادة.
بالطبع كان بالإمكان مثلا أن يكون الفيلم نوعا من السيرة الذاتية والذكريات الوداعية للشخصية الرئيسية لكن زج المحامية وموقف الحكومة الألمانية أخذ الأحداث باتجاه مسار آخر مختلف، وصار السرد المرتبط بشخصية الرجل المسن امتدادا للأحداث وليس الموضوع المحوري في هذه الدراما الفيلمية.
ولعل السؤال في ما يتعلق بشخصية كارولين ذاتها وبعدما تراكمت القصص والشهادات لديها وبعد نبشها في الأرشيف إلى أي مسار سوف تتجه وأي قرار سوف تتخذ.
واقعيا كنا ننتظر مثلا أن يكون لها دور لا يقل ثقلا عن أدوار ضحايا تلك القرية، لكن أن تكتفي بالاستقالة المجردة دون أن يكون لها رأي أو موقف احتجاجي مثلا كان إحدى الثغرات الإشكالية التي ترتبط بالسرد الفيلمي، والتي أشرنا إليها في بداية المقال.
المخرج نيكولاس ديمتروبولوس
● مخرج بريطاني من أصل يوناني ولد في العام 1976.
● انتقل للعيش في بريطانيا مع عائلته وهناك أكمل دراسته الجامعية.
● دخل ميدان السينما والإنتاج التلفزيوني ابتداء من العام 2006 واشتغل في العديد من التخصصات من إدارة إنتاج إلى المونتاج إلى كتابة السيناريو وانتهاء بالإخراج.
● أخرج العديد من الأفلام من بينها، فيلم “ما بعد إيغو” 2007 و”أريد بطلا” 2008 و”كبير في اليابان” 2009 و”حب فعلي” 2010 و”180 درجة ذكريات” 2010 و”أن تكون هنا” 2018.
الحاصل أن المخرج بوصفه كاتبا للسيناريو أيضا قرر المضي في هذا النسق المتوازي للأحداث لا يحيد عنه فتارة يعود بنا إلى القرية وتارة أخرى إلى يوميات المحامية.
هكذا توزع السرد الفيلمي بينهما، لكن الملاحظ هنا أن كثيرا من تلك الانتقالات يمكن أن تصنفها على أنها غير مسببة وليس هنالك من تأسيس لوجهة النظر لكي ننتقل إلى الماضي.
في المقابل هنالك شخصية أساسية في هذه الدراما وهي التي تم تداولها تاريخيا ضمن تلك الواقعة وهي شخصية الجندي النمساوي الذي سوف تمضي المحامية وقتا في سبيل اقتفاء أثره والعثور على عائلته، وهو الذي تحمل المجازفة بحياته وكسر أقفال المبنى الذي تحاصره النيران وتحتجز فيه نساء القرية مع أطفالهن، مما تسبب في إنقاذ حياة العشرات وفي روايات تاريخية المئات.
هذا الجندي النمساوي ظهر بشكل عرضي وهو يكسر الأقفال من دون التوقف عند دوافعه واستعداده للمغامرة بحياته فيما لو علم به الجيش النازي.
هذا الجانب من الفيلم يستعرضه الناقد السينمائي في الغارديان منتقدا المعالجة الفيلمية وأن الفيلم لم يكن رصينا بما يكفي لجهة رسم الأحداث وبنائها، فضلا عن الخلل في عرض الوقائع التاريخية والمرويات المرتبطة بها، وهي بالطبع تحتمل في بعض الأحيان وجهات نظر مختلفة وحتى مثيرة للجدل مما تم عرضه من مشاهد التوغل في القرية وعمليات الإعدام بعدد من سكنها منذ بدايات دخول النازيين إليها.
بينما تذكر الناقدة بارا ريتشاردسون بأن الفيلم بدا مفككا وغير متماسك في أحداثه بسبب كثرة مشاهد العودة إلى الماضي، ومن جهة أخرى هنالك إشكالية مرتبطة بالمصداقية وهي مسـألة أخرى كان قد أثارها يونانيون من أقارب الضحايا، وصولا إلى اتهام الفيلم بعدم المصداقية في عرض بعض الوقائع.
هنالك مثلا قصة احتجاز النسوة والأطفال بقصد إحراقهم، وكان السؤال مرتبطا بمن قام بإنقاذهم بكسر الأقفال، وهو ما ينسب إلى جندي نمساوي، بينما هنالك رواية أخرى أو أكثر تتعلق بهذه الواقعة تحديدا.
هنا سوف تحضر شخصية نيكولاس من طفولته وحتى شيخوخته وليس مرورا بشبابه، فمثلا لو افترضنا أن الأحداث الماضية تتم من وجهة نظره لكان ذلك القسم السردي المرتبط بالماضي أكثر إقناعا.
استرجاع الذكريات والمأساة التي كان شاهدا عليها والتي طالت أسرته من خلال واقعة الإبادة التي شهدتها تلك القرية اليونانية تشكل ثقلا مهما، وتجد لها مبرراتها لأن نيكولاس صار كاتبا لامعا وعنده مؤلفاته.
في المقابل شاهدنا الممثل العالمي ماكس فون سيدو وهو في شيخوخته الجميلة، وقد ناهز التسعين من العمر، هو يؤدي دوره على نفس الوتيرة التي عرف بها في التوازن والرصانة إنه يردد “لطالما كان التاريخ أعمى لأنه لا يرى ما يكفي من الحقيقة”.
الفيلم هو في الواقع بمثابة احتفالية تليق بالممثل الكبير فهو آخر فيلم له قبيل رحيله عن تسعين عاما مخلفا وراءه أكثر من 160 عملا أدى فيها العديد من الأدوار التي بقي لها موقعها المميز في تاريخ السينما.
آخر دور لممثل كبير
معالجة الزمن تحمل بعض الارتباك
فون سيدو هو النجم بلا منازع في أفلام المخرج السويدي الكبير انغمار برغمان، المعروف بأنه الفيلسوف السينمائي والسينمائي الأكثر تعمقا في دوافع الذات البشرية، حيث ظهر في عدد قياسي من أفلامه من خلال 13 فيلما من أهمها فيلم “الختم السابع” 1957 و”التوت البري” 1958 و”ساعة الذئب” 1968 و”العار” 1969 و”عاطفة أنا” 1969 و”اللمسة” 1971 وغيرها.
وهو بالإضافة إلى ذلك نال العديد من الجوائز ومنها غولدن غلوب وجوائز إيمي، وكان قد رشح لنيل جائزة الأوسكار من خلال خمسة أفلام وهي “المهاجرون” 1971 و”إكسورسيت” 1973 و”هانا وأخواتها” 1986 و”الاستيقاظ” 1990 و”أكثر صخبا وأشد قربا” 2011.
ومن فرط تواضعه كان قد أشاد بممثلين أميركان عالميين من أبرزهم آل باتشينو وروبرت دي نيرو ومارلون براندو وسبنسر تريسي الذين يبدون من وجهة نظره وكأنهم شخصيات حقيقية، وهو يتساءل في مقابلات صحافية سابقة “إنهم واقعيون تماما وكأنهم في الحياة الحقيقية، لست أدري كيف يفعلون ذلك”.
ولاحظ أن ملصق هذا الفيلم يضع صورة فون سيدو وكأنه هو نجم الفيلم الذي سوف يقود الأحداث، لكن في الواقع إنه لم يظهر إلا في دور ختامي يليق بمكانته، وربما كان دور المحامية هو الذي أخذ مساحة أكبر وحتى الحوار الذي يخصه لم يكن الذي نتوقعه.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن