"نهاية الطريق".. رحلة محفوفة بالمخاطر تقودها امرأة شجاعة
الفيلم يتابع كفاح امرأة لإنقاذ عائلتها من مفاجآت لا تتوقف.
الأحد 2022/09/25
انشرWhatsAppTwitterFacebook
رحلة خطيرة تعيد اكتشاف الذات
الحبكة الدرامية والتفرعات عنها هي ما يخلق فيلما مشوقا ومميزا، ولعل أفلام الطريق بحبكاتها وتنقلاتها المثيرة هي الأكثر قدرة على تشويق المشاهدين، خاصة وإن كانت القصة محبوكة بكل تحولاتها كما في فيلم “نهاية الطريق”.
هنالك لحظات فاصلة في حياة الشخصية يمكن أن تشاهدها في فيلم أو تقرأها في رواية، تتمثل في انتقالها من نمط حياتي محدد كانت معتادة عليه إلى نمط آخر مختلف، وما يصحب ذلك من تحولات وصولا إلى تصادم مع واقع مختلف.
ولعل مجرد رفع الغطاء عن الواقع غير المرئي سابقا كاف ليرينا كم أن ذلك الواقع محمل بذلك الكم من السوء وأحيانا بالبشاعة.
ذلك ما سوف تمرّ به بريندا (الممثلة كوين لطيفة) في فيلم “نهاية الطريق” للمخرج ميلسينت شيلتون، فهي أم لطفلين فقدت زوجها حديثا في وقت كان ذلك الزوج هو المسؤول عن تلبية احتياجات الأسرة، وإذا بها بلا غطاء وعليها أن تتحمل مسؤوليتها وتسد فراغ الأب الراحل، وبسبب الضائقة المالية تقرر الرحيل إلى مدينة أميركية أخرى فيها تكلفة الحياة أقل.
انقلاب درامي
هذا التحوّل في الدراما الفيلمية سوف ينقلنا مباشرة إلى واحد من أفلام الطريق يضاف إلى مسار هذه الممثلة البارعة، وهي تقود سيارتها مع طفليها وشقيقها ريغي (الممثل لوداكريس) عبر الولايات لتعيد اكتشاف الحياة بشكل جديد، وذلك منذ أول توقّف لها في الطريق للتزود بالوقود وشراء لوازم الرحلة، هناك سوف يتحرش شابان عنصريان بالابنة وما يلبث ذلك أن يتحول إلى مطاردة عبر طرق مقطوعة.
ويتجلى في تلك المواجهة والمطاردة التوجه العنصري، إذ تمت ملاحقة العائلة لأنها من السود وأن على الأم أن تعتذر لهما لأنهما من البيض، وهو ما تفعله فعلا، وذلك لتجنب المشاكل والتصادم معهما.
هذه الصدمة الأولى سوف تري بريندا حياة أخرى ومجتمعا آخر تنخر فيه العنصرية ويتغلغل فيه العنف، وأن عائلة هشة ومسالمة سوف تجد صعوبة في التأقلم مع واقع مختلف ما يلبث أن يتجلى في مشاهد مكانية أخرى تتمثل في النزل الذي سوف تمضي فيه العائلة ليلتها، إذ يقع شجار في الغرفة المجاورة لها ينتهي بإطلاق رصاص، وهنا سوف تتدخل بريندا وشقيقها لتجد شخصا غارقا في دمه بعد إطلاق الرصاص عليه، لكن الشقيق سوف يكتشف وجود حقيبة محشوة بالدولارات والمخدرات فيقوم بسرقتها.
لنتأمل في هذه الفاصلة، موقف تلك المرأة التي تريد الخروج من كل شيء ولا هدف لها سوى الوصول بعائلتها إلى بر الأمان وإذا بها في صراع لم تعلم به ولم تسع إليه مع مافيا تمت سرقة حقيبة تعود لها، حيث احتفظ الشقيق بتلك الحقيبة المحشوة بالمخدرات والدولارات بينما هي تصر على إعادتها لأصحابها أيا كانوا ولكن عن أي طريق؟
تترك الحقيبة في خزانة ملابس في إحدى غرف الفندق وتدل على ذلك برقم الغرفة، لكن ما لم يكن في حسبان بريندا أن تسطو عاملة النظافة على الحقيبة، لندخل في مطاردات جديدة على الطريق بينهما تنتهي بوقوع بريندا في أيدي إحدى العصابات.
امرأة مكافحة
◙ امرأة تريد الخروج من كل شيء ولا هدف لها سوى الوصول بعائلتها إلى بر الأمان وإذا بها في صراع لا يتوقف
يحمل الفيلم حتى هذه السلسلة من المشاهد الكثير من الجاذبية، فهو يجمع بين عناصر الحركة والعنف والترقب، وفي موازاة ذلك تتأسس حكاية امرأة مكافحة ترفض إغراءات المال عندما تجبر شقيقها على إعادة الحقيبة رغم حاجتها الجدية إلى المال، لكنها لا تريد أن تعتاد ولا أن يعتاد أطفالها على المال السهل، لكن هذا المسار ما يلبث أن يجر معه تداعيات خطيرة.
هذا البناء السردي ما يلبث أن يتشعب باتجاه آخر فيه الكثير من البراعة على صعيد السيناريو والإخراج، وذلك بإضافة عوامل وشخصيات جديدة تدفع الدراما باتجاه المزيد من التصعيد، وذلك ابتداء من متابعة ضابط الشرطة لها خوفا على حياتها وحياة أطفالها، وليحذرها من انتقام زعيم للمافيا، لكنها قبل ذلك وفيما هي تلاحق عاملة التنظيف في الفندق، تلجأ إلى إحدى العصابات في مكان مهجور وتتلمس الرعب الذي ينتاب العصابة لمجرد سماعهم باسم زعيم المافيا، فكيف إذا كان زعيم المافيا الأشد بطشا وقسوة ليس إلا رئيس الشرطة.
واقعيا سوف يتكون لدى المشاهد شعور بالاطمئنان لدى لقاء رئيس الشرطة بابنة بريندا وخالها ريغي، فهو يتحدث بالمزيد من الحرص والمسؤولية بينما هو يستدرج الجميع للوقوع في الفخ، وليظهر أمامنا بعد ذلك شخص سايكوباثي شديد العدوانية والانتقام هو وزوجته التي لا تقل عنه وحشية.
أجاد المخرج في تأسيس مشاهد المواجهة الحاسمة عندما يلاحق رئيس الشرطة بريندا وأخيها والمواجهة التي تقع فيما بينهم، والتي كشفت لنا عن طبيعته الشريرة، والفخ الذي كان قد أوقع فيه الجميع في تحول ملفت للنظر في المسار الدرامي، جعل متابعة الفيلم متعة فريدة أضاف لها قوة تعبيرية أداء بريندا المميز.
لا شك أن هنالك بعضا من الأحداث مما يمكن توقع حدوثه بسهولة، فضلا عن أن ردود أفعال الأم المتمسكة بالقيم والمثل، كل ذلك سهل على المشاهد اكتشاف بعض الأحداث وأضعف عامل المفاجأة غير المتوقعة في هذه الدراما، لكن ومع ذلك فقد لفتت النظر إلى المزيد من جماليات فيلم الطريق والتحولات في البناء السردي ودوافع الشخصيات، ولنصل إلى النهايات السعيدة التي تتسق مع إيجابية تلك العائلة المكافحة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن
الفيلم يتابع كفاح امرأة لإنقاذ عائلتها من مفاجآت لا تتوقف.
الأحد 2022/09/25
انشرWhatsAppTwitterFacebook
رحلة خطيرة تعيد اكتشاف الذات
الحبكة الدرامية والتفرعات عنها هي ما يخلق فيلما مشوقا ومميزا، ولعل أفلام الطريق بحبكاتها وتنقلاتها المثيرة هي الأكثر قدرة على تشويق المشاهدين، خاصة وإن كانت القصة محبوكة بكل تحولاتها كما في فيلم “نهاية الطريق”.
هنالك لحظات فاصلة في حياة الشخصية يمكن أن تشاهدها في فيلم أو تقرأها في رواية، تتمثل في انتقالها من نمط حياتي محدد كانت معتادة عليه إلى نمط آخر مختلف، وما يصحب ذلك من تحولات وصولا إلى تصادم مع واقع مختلف.
ولعل مجرد رفع الغطاء عن الواقع غير المرئي سابقا كاف ليرينا كم أن ذلك الواقع محمل بذلك الكم من السوء وأحيانا بالبشاعة.
ذلك ما سوف تمرّ به بريندا (الممثلة كوين لطيفة) في فيلم “نهاية الطريق” للمخرج ميلسينت شيلتون، فهي أم لطفلين فقدت زوجها حديثا في وقت كان ذلك الزوج هو المسؤول عن تلبية احتياجات الأسرة، وإذا بها بلا غطاء وعليها أن تتحمل مسؤوليتها وتسد فراغ الأب الراحل، وبسبب الضائقة المالية تقرر الرحيل إلى مدينة أميركية أخرى فيها تكلفة الحياة أقل.
انقلاب درامي
هذا التحوّل في الدراما الفيلمية سوف ينقلنا مباشرة إلى واحد من أفلام الطريق يضاف إلى مسار هذه الممثلة البارعة، وهي تقود سيارتها مع طفليها وشقيقها ريغي (الممثل لوداكريس) عبر الولايات لتعيد اكتشاف الحياة بشكل جديد، وذلك منذ أول توقّف لها في الطريق للتزود بالوقود وشراء لوازم الرحلة، هناك سوف يتحرش شابان عنصريان بالابنة وما يلبث ذلك أن يتحول إلى مطاردة عبر طرق مقطوعة.
ويتجلى في تلك المواجهة والمطاردة التوجه العنصري، إذ تمت ملاحقة العائلة لأنها من السود وأن على الأم أن تعتذر لهما لأنهما من البيض، وهو ما تفعله فعلا، وذلك لتجنب المشاكل والتصادم معهما.
هذه الصدمة الأولى سوف تري بريندا حياة أخرى ومجتمعا آخر تنخر فيه العنصرية ويتغلغل فيه العنف، وأن عائلة هشة ومسالمة سوف تجد صعوبة في التأقلم مع واقع مختلف ما يلبث أن يتجلى في مشاهد مكانية أخرى تتمثل في النزل الذي سوف تمضي فيه العائلة ليلتها، إذ يقع شجار في الغرفة المجاورة لها ينتهي بإطلاق رصاص، وهنا سوف تتدخل بريندا وشقيقها لتجد شخصا غارقا في دمه بعد إطلاق الرصاص عليه، لكن الشقيق سوف يكتشف وجود حقيبة محشوة بالدولارات والمخدرات فيقوم بسرقتها.
لنتأمل في هذه الفاصلة، موقف تلك المرأة التي تريد الخروج من كل شيء ولا هدف لها سوى الوصول بعائلتها إلى بر الأمان وإذا بها في صراع لم تعلم به ولم تسع إليه مع مافيا تمت سرقة حقيبة تعود لها، حيث احتفظ الشقيق بتلك الحقيبة المحشوة بالمخدرات والدولارات بينما هي تصر على إعادتها لأصحابها أيا كانوا ولكن عن أي طريق؟
تترك الحقيبة في خزانة ملابس في إحدى غرف الفندق وتدل على ذلك برقم الغرفة، لكن ما لم يكن في حسبان بريندا أن تسطو عاملة النظافة على الحقيبة، لندخل في مطاردات جديدة على الطريق بينهما تنتهي بوقوع بريندا في أيدي إحدى العصابات.
امرأة مكافحة
◙ امرأة تريد الخروج من كل شيء ولا هدف لها سوى الوصول بعائلتها إلى بر الأمان وإذا بها في صراع لا يتوقف
يحمل الفيلم حتى هذه السلسلة من المشاهد الكثير من الجاذبية، فهو يجمع بين عناصر الحركة والعنف والترقب، وفي موازاة ذلك تتأسس حكاية امرأة مكافحة ترفض إغراءات المال عندما تجبر شقيقها على إعادة الحقيبة رغم حاجتها الجدية إلى المال، لكنها لا تريد أن تعتاد ولا أن يعتاد أطفالها على المال السهل، لكن هذا المسار ما يلبث أن يجر معه تداعيات خطيرة.
هذا البناء السردي ما يلبث أن يتشعب باتجاه آخر فيه الكثير من البراعة على صعيد السيناريو والإخراج، وذلك بإضافة عوامل وشخصيات جديدة تدفع الدراما باتجاه المزيد من التصعيد، وذلك ابتداء من متابعة ضابط الشرطة لها خوفا على حياتها وحياة أطفالها، وليحذرها من انتقام زعيم للمافيا، لكنها قبل ذلك وفيما هي تلاحق عاملة التنظيف في الفندق، تلجأ إلى إحدى العصابات في مكان مهجور وتتلمس الرعب الذي ينتاب العصابة لمجرد سماعهم باسم زعيم المافيا، فكيف إذا كان زعيم المافيا الأشد بطشا وقسوة ليس إلا رئيس الشرطة.
واقعيا سوف يتكون لدى المشاهد شعور بالاطمئنان لدى لقاء رئيس الشرطة بابنة بريندا وخالها ريغي، فهو يتحدث بالمزيد من الحرص والمسؤولية بينما هو يستدرج الجميع للوقوع في الفخ، وليظهر أمامنا بعد ذلك شخص سايكوباثي شديد العدوانية والانتقام هو وزوجته التي لا تقل عنه وحشية.
أجاد المخرج في تأسيس مشاهد المواجهة الحاسمة عندما يلاحق رئيس الشرطة بريندا وأخيها والمواجهة التي تقع فيما بينهم، والتي كشفت لنا عن طبيعته الشريرة، والفخ الذي كان قد أوقع فيه الجميع في تحول ملفت للنظر في المسار الدرامي، جعل متابعة الفيلم متعة فريدة أضاف لها قوة تعبيرية أداء بريندا المميز.
لا شك أن هنالك بعضا من الأحداث مما يمكن توقع حدوثه بسهولة، فضلا عن أن ردود أفعال الأم المتمسكة بالقيم والمثل، كل ذلك سهل على المشاهد اكتشاف بعض الأحداث وأضعف عامل المفاجأة غير المتوقعة في هذه الدراما، لكن ومع ذلك فقد لفتت النظر إلى المزيد من جماليات فيلم الطريق والتحولات في البناء السردي ودوافع الشخصيات، ولنصل إلى النهايات السعيدة التي تتسق مع إيجابية تلك العائلة المكافحة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن