ياسمين عز.. صوت إعلامي تحيطه علامات استفهام نسوية عديدة
مذيعة مصرية حققت حلم الشهرة بالانحياز إلى الرجال.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
خطاب يستنفر السيدات إلى حد بعيد
يكتشف المتابع عن قُرب للبرامج التلفزيونية في مصر أن هناك مسارات محددة يمكن من خلالها المذيع/ المذيعة أن يحقق شهرة واسعة في فترة زمنية قصيرة، دونها قد يصبح بعيدا عن الأضواء ولو كان يقدم أو تقدم برنامجا يوميا يحوي خطابا إعلاميا تقليديا وينأى عن طرق الشهرة السريعة التي باتت مرتبطة بما يعرف بـ”ثقافة التريند”.
تختصر مسارات الشهرة حاليا في تكثيف الجرعات التي تفتح الباب للجدل والخروج عن المألوف والتركيز على القضايا الشاذة والانحياز إلى فئة بعينها تبدو مهمشة أو يثير تناول قصصها اللغط إعلاميا، مثل تفاصيل العلاقة بين الرجل والمرأة.
تظل المذيعة ياسمين عز، والتي تقدم برنامج “كلام الناس” على فضائية “إم.بي.سي- مصر”، واحدة ممن أثاروا الانقسام مؤخرا على الساحة المصرية بعد أن عرفت كيف تحقق شهرة واسعة بأقل جهد عندما اختارت طرق أبواب القضايا المثيرة للجدل.
تستهدف عز من برنامجها إنصاف الرجل، مظلوما أو ظالما، المهم أن تصبح متحدثة بلسان عقلية ذكورية فجة، تدافع عن الرجل وتمنحه المئات من الأعذار في تعامله الخشن مع المرأة وأصبح برنامجها يغرد وحيدا في مواجهة البرامج النسوية الكثيرة.
أصبح من الصعب أن تنتهي أيّ من حلقات برنامج “كلام الناس” إلا بتحول عز إلى ظاهرة على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر بسبب الآراء المنحازة بشكل مطلق للرجال، حتى في بعض القضايا التي يفترض أن يكون المتهم فيها رجلا بعد ارتكابه وقائع عنف شديدة تجاه المرأة تتبنى موقفا سافرا في دعمه.
لا كرامة بعد الزواج
مجاراتها للتريند تجلب على عز حملات تطالب بإيقاف برنامجها
في ذروة الجدل الذي أثير مؤخرا حول المطربة المصرية شيرين عبدالوهاب جراء عودتها إلى زوجها المطرب حسام حبيب، خرجت ياسمين لتدافع عن قرارها، واصفة شيرين بالمرأة الأصيلة التي تحملت كل ما حدث من طليقها، المهم أن تحافظ على بيتها وأسرتها وتلتمس لشريكها الأعذار.
حمل الدفاع عن عودة المطربة لطليقها الكثير من العبارات التي تحمل تحقيرا للمرأة، حيث قالت صراحة “لا توجد كرامة بعد الزواج، والمرأة عليها أن تتعامل مع زوجها على أنه سيدها”، معتبرة أن ذلك من أساسيات نجاح المرأة المتزوجة.
هكذا تتعامل عز مع أي مشكلة أو أزمة يكون طرفها رجلا وامرأة، وتتعمد في مواقفها ترجيح كفة الذكور على النساء، مع أن برامج اجتماعية نسوية عديدة تناصر المرأة وتقنعها بأن تكون ندا قويا للرجل وليست مطيعة أو خادمة.
تعبر بشكل واقعي عن إعلام المرحلة الراهنة في مصر، فمن أبرز سلبياته محاولة بعض مقدمي البرامج توظيف ظهورهم على الشاشة للتقرب للناس من خلال طرق قضايا مثيرة للجدل لتحقيق شهرة عبر زيادة المشاهدة والبقاء على “التريند”.
يرى كثيرون أن عز وجه إعلامي يسير عكس اتجاه المذيعة المصرية رضوى الشربيني، فكلتاهما متطرفة، ومنحازة للشريحة التي تناصرها، فالأخيرة تجاهد لأن تكون المرأة ندا قويا للرجل وعليها أن تتعامل معه بطريقة لا تجعله المتحكم في الأسرة، بل مجرد جزء من كيان العائلة.
استدعاء “سي السيد”
التهمة التي تلاحق عز بأنها تتحرك في اتجاه معاكس للرؤية السياسية للدولة
على النقيض تماما تريد عز أن تكون المرأة عديمة الشخصية وأسيرة للرجل، تقدس زوجها وتسير خلفه ولا تعامله إلا بطريقة تحمل قدرا من القداسة على طريقة شخصية “سي السيد” المتعارف عليها في المجتمع المصري والمستقاة من شخصية تحمل الاسم نفسه في ثلاثية “قصر الشوق” و”بين القصرين” و”السكرية” للأديب المصري نجيب محفوظ، وذلك إذا أرادت أن تعيش حياة مستقرة وهادئة، بذريعة أن المرأة دون الرجل، في نظر ياسمين، لا تساوي شيئا.
تقدم المذيعة المصرية الشابة إعلاما يخلو من إدراك المساوئ التي تعود على أي مجتمع من الانحياز الأعمى لفكرة معينة والدفاع عنها بقوة من دون نظر للأمور بشكل متوازن، وتصرر على إقناع الجمهور برؤيتها وهي تبحث عن الشهرة.
تبدو ذكية وماكرة، لأنها حققت الهدف وكونت لها جماهيرية سريعا، مع ذلك قد يخفت نجمها في أيّ وقت، وتبتعد عن دائرة الأضواء لأنها تروج لخطاب لا يتسق مع التوجه العام حيال تحسين وضعية المرأة في المجتمع، حيث يتعامل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع العنصر النسائي باحترام شديد، ينبع من تقديره للمرأة ودورها داخل الأسرة.
ويمكن أن تعصف التهمة التي تلاحق عز بأنها تتحرك في اتجاه عكس الرؤية السياسية بالكثير مما قامت به، فخطابها ينسف شخصية المرأة ومركزيتها في المجتمع.
ربما يكون الرجل مظلوما إعلاميا مقابل التركيز على القضايا التي تخص المرأة في البرامج النسوية، لكن إنصافه لا يجب أن يأتي من خلال استقطاب بين الجنسين، وتصبح هناك منابر داعمة للمرأة وأخرى مناصرة للرجل.
الصراع مع النساء
عز تستهدف في برنامجها إنصاف الرجل، ظالما أو مظلوماً
تدرك عز جيدا أن خطابها المناصر للعقلية الذكورية يصعب تطبيقه، فهي تقدم نصائح خيالية للمرأة التي صارت أكثر تحررا وانفتاحا واستقلالية، ولم تعد تلك السيدة الساذجة التي تنظر للرجل بقداسة وتتعامل معه كخادمة، كما أن نصائحها لا تلقى رواجا عند أغلب الرجال أنفسهم لإدراكهم أنها غير جادة.
دافعت عن نفسها، وقالت إنها لا تستهدف الدخول في صراع مع السيدات، وتريد تقديم الوجه الآخر الذي يغيب عن كثير من البرامج وتترك الفرصة للرجال من أجل التعبير عن وجهة نظرهم بحجة أن هناك اتجاها إعلاميا سائدا يكيل الاتهامات جزافا لرب الأسرة ويبرئ المرأة من الأخطاء التي تقع فيها.
تعتمد على الخطاب المستفز، وتستنفر السيدات إلى حد بعيد، باعتبار أنه كلما ارتفعت الانتقادات الموجهة إليها أمام تخمة البرامج الأخرى التي تتحدث بلسانهن وتدافع عنهن تنال شعبية أوسع وتحصل على المزيد من نسب المشاهدة.
بغض النظر عن نواياها، يشير التمعن في خطابها إلى سيرها في الطريق الخطأ، فمجاراة التريند والبحث عن الوصول لأعلى نسب المشاهدة وجذب الانتباه بالإثارة من العوامل التي تتسبب في شن هجوم واسع عليها للمطالبة بوقف برنامجها، لأنه يزيد الاحتقان داخل الأسرة الواحدة، ويكرس الصراع بين الأزواج، ويغذي أفكار المجتمع الذكوري بقناعات متشددة بما يضر بمكانة المرأة وكرامتها في المجتمع.
تعرضت عز لانتقادات حادة من الحقوقية والناشطة في مجال المرأة نهاد أبوالقمصان، حيث وصفت ما تقدمه الإعلامية المصرية بأنه “جريمة في حق النساء”، وتساءلت عن طبيعة الجهة التي تسمح لها باستمرار هذا “العبث” لمجرد “ركوب التريند” وتكوين شهرة بإهانة النساء وتخريب خطط الدولة، وتعهدت بأنه حال استمرار البرنامج على نفس المنوال سوف تتقدم ببلاغ للنائب العام لوقفه.
لا تهتم المذيعة المصرية كثيرا بهذه الاتهامات، وترى أنها تقدم رسالة توعوية للمرأة للحفاظ على أسرتها من خلال توقير الرجل ومنحه المكانة التي يستحقها، مؤكدة أنها تشجع الرجل وتدعمه باعتباره الشخص المسؤول الذي يحاول أن يحافظ على أسرته.
وتقدم نصائح للمرأة، مثل “متى تتحدث مع زوجها، وكيف تطلب منه الأموال، وبأي طريقة تستأذنه في الخروج من المنزل، وماذا تفعل وقت الخلافات الأسرية، لدرجة أنها أحيانا تبرر عنف الرجل ضد المرأة”.
بجوار عبدالله رشدي
دفاعها عن عريس اعتدى على زوجته بوحشية ليلة الزفاف في مدينة الإسماعيلية بررته عز بأن "الرجل بطبعه دمه حامي"
كانت الوحيدة التي دافعت عن عريس اعتدى على زوجته بوحشية ليلة الزفاف في مدينة الإسماعيلية القريبة من الممر الملاحي لقناة السويس، وبررت ذلك بأن “الرجل بطبعه دمه حامي”.
يستهوي هذا الخطاب الإعلامي شريحة من المتشددين بطبيعتهم ضد المرأة، وعلى رأسهم الأزهري عبدالله رشدي الذي أعلن دعمه لها لدفاعها عن الرجال في مواجهة من وصفهن بـ”خرّابات البيوت”، في إشارة إلى مذيعات يقدمن برامج داعمة للنساء.
ومعروف أن رشدي من أكثر الشيوخ الذين يبررون للرجل سلوكياته السلبية تجاه المرأة، سواء أكانت عنفا أو تحرشا، بزعم أنه يمتلك القوامة، وجاء دعمه لعز كصدمة أصابت الكثير من السيدات، لأن وجود صوت نسائي يتفق مع شخصية معادية للمرأة مثل رشدي، طامة كبرى.
المشكلة أنها تستعين كثيرا في برنامجها بنساء يدعمن وجهات نظرها في تقديس الرجل ويعملن على إقناع السيدات بأنه لا كرامة لزوجة في بيت زوجها، وغالبا ما يكون هؤلاء من كبار السن ونشأن في بيئة سادت فيها عادات لا تستطيع المرأة التنصل منها.
ويقول مقربون منها في المحطة السعودية التي تعمل بها ”إم.بي.سي- مصر“ أنها تُعامل داخل القناة بخصوصية شديدة وكلمتها مسموعة للكبير والصغير، على اعتبار أنها جذبت أعدادا كبيرة من المشاهدين من خلال برنامج يصعب تحديد هويته.
يصعب للمتابع لبرنامجها أن يعرف بالضبط، هل هو اجتماعي أم سياسي أم ترفيهي أم فني؟ حيث تتحدث في كل شيء يلفت انتباه الجمهور لها، خاصة أن معظم تجاربها الإعلامية السابقة لم تكلل بالنجاح، وكانت تنتهي تجاربها سريعا كما بدأت، في حين أنها حاليا تصنف من أكثر المذيعات شهرة، حتى لو كانت المشاهدة سلبية.
عمرها لا يتجاوز 34 عاما، وتخرجت في كلية الإعلام بإحدى الجامعات المصرية الخاصة، وكانت من أوائل دفعتها، بدأت علاقتها بالبرامج في قناة “روتانا – مصرية”، وشاركت في تقديم برنامج “عز الشباب”، ولها تجربتان في مجال التمثيل، الأولى في مسلسل “بره الدنيا” عام 2010، بطولة شريف منير، والثانية مع مسلسل “الصفعة”.
عقب تدشين محطة “إم.بي.سي – مصر” تقدمت للاختبارات واجتازتها وتم اعتمادها كمقدمة برامج، وبدأت عملها بالمشاركة في تقديم برنامج “صباحك مصري”، ثم أسندت إليها القناة تقديم برنامج “حديث المساء”، وأخيرا “كلام الناس” الذي أصبح وكأنه المتحدث الرسمي باسم الرجال في مواجهة منابر نسائية عديدة.
من المستبعد أن تغير عز خطابها غير المنصف للمرأة، بعدما وجدت فيه وصفة مضمونة لجذب الجمهور وفتح المجال أمامها وتحقيق شهرة على شبكات التواصل.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أحمد حافظ
كاتب مصري
مذيعة مصرية حققت حلم الشهرة بالانحياز إلى الرجال.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
خطاب يستنفر السيدات إلى حد بعيد
يكتشف المتابع عن قُرب للبرامج التلفزيونية في مصر أن هناك مسارات محددة يمكن من خلالها المذيع/ المذيعة أن يحقق شهرة واسعة في فترة زمنية قصيرة، دونها قد يصبح بعيدا عن الأضواء ولو كان يقدم أو تقدم برنامجا يوميا يحوي خطابا إعلاميا تقليديا وينأى عن طرق الشهرة السريعة التي باتت مرتبطة بما يعرف بـ”ثقافة التريند”.
تختصر مسارات الشهرة حاليا في تكثيف الجرعات التي تفتح الباب للجدل والخروج عن المألوف والتركيز على القضايا الشاذة والانحياز إلى فئة بعينها تبدو مهمشة أو يثير تناول قصصها اللغط إعلاميا، مثل تفاصيل العلاقة بين الرجل والمرأة.
تظل المذيعة ياسمين عز، والتي تقدم برنامج “كلام الناس” على فضائية “إم.بي.سي- مصر”، واحدة ممن أثاروا الانقسام مؤخرا على الساحة المصرية بعد أن عرفت كيف تحقق شهرة واسعة بأقل جهد عندما اختارت طرق أبواب القضايا المثيرة للجدل.
تستهدف عز من برنامجها إنصاف الرجل، مظلوما أو ظالما، المهم أن تصبح متحدثة بلسان عقلية ذكورية فجة، تدافع عن الرجل وتمنحه المئات من الأعذار في تعامله الخشن مع المرأة وأصبح برنامجها يغرد وحيدا في مواجهة البرامج النسوية الكثيرة.
أصبح من الصعب أن تنتهي أيّ من حلقات برنامج “كلام الناس” إلا بتحول عز إلى ظاهرة على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر بسبب الآراء المنحازة بشكل مطلق للرجال، حتى في بعض القضايا التي يفترض أن يكون المتهم فيها رجلا بعد ارتكابه وقائع عنف شديدة تجاه المرأة تتبنى موقفا سافرا في دعمه.
لا كرامة بعد الزواج
مجاراتها للتريند تجلب على عز حملات تطالب بإيقاف برنامجها
في ذروة الجدل الذي أثير مؤخرا حول المطربة المصرية شيرين عبدالوهاب جراء عودتها إلى زوجها المطرب حسام حبيب، خرجت ياسمين لتدافع عن قرارها، واصفة شيرين بالمرأة الأصيلة التي تحملت كل ما حدث من طليقها، المهم أن تحافظ على بيتها وأسرتها وتلتمس لشريكها الأعذار.
حمل الدفاع عن عودة المطربة لطليقها الكثير من العبارات التي تحمل تحقيرا للمرأة، حيث قالت صراحة “لا توجد كرامة بعد الزواج، والمرأة عليها أن تتعامل مع زوجها على أنه سيدها”، معتبرة أن ذلك من أساسيات نجاح المرأة المتزوجة.
هكذا تتعامل عز مع أي مشكلة أو أزمة يكون طرفها رجلا وامرأة، وتتعمد في مواقفها ترجيح كفة الذكور على النساء، مع أن برامج اجتماعية نسوية عديدة تناصر المرأة وتقنعها بأن تكون ندا قويا للرجل وليست مطيعة أو خادمة.
تعبر بشكل واقعي عن إعلام المرحلة الراهنة في مصر، فمن أبرز سلبياته محاولة بعض مقدمي البرامج توظيف ظهورهم على الشاشة للتقرب للناس من خلال طرق قضايا مثيرة للجدل لتحقيق شهرة عبر زيادة المشاهدة والبقاء على “التريند”.
يرى كثيرون أن عز وجه إعلامي يسير عكس اتجاه المذيعة المصرية رضوى الشربيني، فكلتاهما متطرفة، ومنحازة للشريحة التي تناصرها، فالأخيرة تجاهد لأن تكون المرأة ندا قويا للرجل وعليها أن تتعامل معه بطريقة لا تجعله المتحكم في الأسرة، بل مجرد جزء من كيان العائلة.
استدعاء “سي السيد”
التهمة التي تلاحق عز بأنها تتحرك في اتجاه معاكس للرؤية السياسية للدولة
على النقيض تماما تريد عز أن تكون المرأة عديمة الشخصية وأسيرة للرجل، تقدس زوجها وتسير خلفه ولا تعامله إلا بطريقة تحمل قدرا من القداسة على طريقة شخصية “سي السيد” المتعارف عليها في المجتمع المصري والمستقاة من شخصية تحمل الاسم نفسه في ثلاثية “قصر الشوق” و”بين القصرين” و”السكرية” للأديب المصري نجيب محفوظ، وذلك إذا أرادت أن تعيش حياة مستقرة وهادئة، بذريعة أن المرأة دون الرجل، في نظر ياسمين، لا تساوي شيئا.
تقدم المذيعة المصرية الشابة إعلاما يخلو من إدراك المساوئ التي تعود على أي مجتمع من الانحياز الأعمى لفكرة معينة والدفاع عنها بقوة من دون نظر للأمور بشكل متوازن، وتصرر على إقناع الجمهور برؤيتها وهي تبحث عن الشهرة.
تبدو ذكية وماكرة، لأنها حققت الهدف وكونت لها جماهيرية سريعا، مع ذلك قد يخفت نجمها في أيّ وقت، وتبتعد عن دائرة الأضواء لأنها تروج لخطاب لا يتسق مع التوجه العام حيال تحسين وضعية المرأة في المجتمع، حيث يتعامل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع العنصر النسائي باحترام شديد، ينبع من تقديره للمرأة ودورها داخل الأسرة.
ويمكن أن تعصف التهمة التي تلاحق عز بأنها تتحرك في اتجاه عكس الرؤية السياسية بالكثير مما قامت به، فخطابها ينسف شخصية المرأة ومركزيتها في المجتمع.
ربما يكون الرجل مظلوما إعلاميا مقابل التركيز على القضايا التي تخص المرأة في البرامج النسوية، لكن إنصافه لا يجب أن يأتي من خلال استقطاب بين الجنسين، وتصبح هناك منابر داعمة للمرأة وأخرى مناصرة للرجل.
الصراع مع النساء
عز تستهدف في برنامجها إنصاف الرجل، ظالما أو مظلوماً
تدرك عز جيدا أن خطابها المناصر للعقلية الذكورية يصعب تطبيقه، فهي تقدم نصائح خيالية للمرأة التي صارت أكثر تحررا وانفتاحا واستقلالية، ولم تعد تلك السيدة الساذجة التي تنظر للرجل بقداسة وتتعامل معه كخادمة، كما أن نصائحها لا تلقى رواجا عند أغلب الرجال أنفسهم لإدراكهم أنها غير جادة.
دافعت عن نفسها، وقالت إنها لا تستهدف الدخول في صراع مع السيدات، وتريد تقديم الوجه الآخر الذي يغيب عن كثير من البرامج وتترك الفرصة للرجال من أجل التعبير عن وجهة نظرهم بحجة أن هناك اتجاها إعلاميا سائدا يكيل الاتهامات جزافا لرب الأسرة ويبرئ المرأة من الأخطاء التي تقع فيها.
تعتمد على الخطاب المستفز، وتستنفر السيدات إلى حد بعيد، باعتبار أنه كلما ارتفعت الانتقادات الموجهة إليها أمام تخمة البرامج الأخرى التي تتحدث بلسانهن وتدافع عنهن تنال شعبية أوسع وتحصل على المزيد من نسب المشاهدة.
المتابع لبرنامجها من الصعب عليه أن يعرف بالضبط، هل هو اجتماعي أم سياسي أم ترفيهي أم فني؟ فهي تتحدث في كل شيء يلفت انتباه الجمهور
بغض النظر عن نواياها، يشير التمعن في خطابها إلى سيرها في الطريق الخطأ، فمجاراة التريند والبحث عن الوصول لأعلى نسب المشاهدة وجذب الانتباه بالإثارة من العوامل التي تتسبب في شن هجوم واسع عليها للمطالبة بوقف برنامجها، لأنه يزيد الاحتقان داخل الأسرة الواحدة، ويكرس الصراع بين الأزواج، ويغذي أفكار المجتمع الذكوري بقناعات متشددة بما يضر بمكانة المرأة وكرامتها في المجتمع.
تعرضت عز لانتقادات حادة من الحقوقية والناشطة في مجال المرأة نهاد أبوالقمصان، حيث وصفت ما تقدمه الإعلامية المصرية بأنه “جريمة في حق النساء”، وتساءلت عن طبيعة الجهة التي تسمح لها باستمرار هذا “العبث” لمجرد “ركوب التريند” وتكوين شهرة بإهانة النساء وتخريب خطط الدولة، وتعهدت بأنه حال استمرار البرنامج على نفس المنوال سوف تتقدم ببلاغ للنائب العام لوقفه.
لا تهتم المذيعة المصرية كثيرا بهذه الاتهامات، وترى أنها تقدم رسالة توعوية للمرأة للحفاظ على أسرتها من خلال توقير الرجل ومنحه المكانة التي يستحقها، مؤكدة أنها تشجع الرجل وتدعمه باعتباره الشخص المسؤول الذي يحاول أن يحافظ على أسرته.
وتقدم نصائح للمرأة، مثل “متى تتحدث مع زوجها، وكيف تطلب منه الأموال، وبأي طريقة تستأذنه في الخروج من المنزل، وماذا تفعل وقت الخلافات الأسرية، لدرجة أنها أحيانا تبرر عنف الرجل ضد المرأة”.
بجوار عبدالله رشدي
دفاعها عن عريس اعتدى على زوجته بوحشية ليلة الزفاف في مدينة الإسماعيلية بررته عز بأن "الرجل بطبعه دمه حامي"
كانت الوحيدة التي دافعت عن عريس اعتدى على زوجته بوحشية ليلة الزفاف في مدينة الإسماعيلية القريبة من الممر الملاحي لقناة السويس، وبررت ذلك بأن “الرجل بطبعه دمه حامي”.
يستهوي هذا الخطاب الإعلامي شريحة من المتشددين بطبيعتهم ضد المرأة، وعلى رأسهم الأزهري عبدالله رشدي الذي أعلن دعمه لها لدفاعها عن الرجال في مواجهة من وصفهن بـ”خرّابات البيوت”، في إشارة إلى مذيعات يقدمن برامج داعمة للنساء.
ومعروف أن رشدي من أكثر الشيوخ الذين يبررون للرجل سلوكياته السلبية تجاه المرأة، سواء أكانت عنفا أو تحرشا، بزعم أنه يمتلك القوامة، وجاء دعمه لعز كصدمة أصابت الكثير من السيدات، لأن وجود صوت نسائي يتفق مع شخصية معادية للمرأة مثل رشدي، طامة كبرى.
المشكلة أنها تستعين كثيرا في برنامجها بنساء يدعمن وجهات نظرها في تقديس الرجل ويعملن على إقناع السيدات بأنه لا كرامة لزوجة في بيت زوجها، وغالبا ما يكون هؤلاء من كبار السن ونشأن في بيئة سادت فيها عادات لا تستطيع المرأة التنصل منها.
ويقول مقربون منها في المحطة السعودية التي تعمل بها ”إم.بي.سي- مصر“ أنها تُعامل داخل القناة بخصوصية شديدة وكلمتها مسموعة للكبير والصغير، على اعتبار أنها جذبت أعدادا كبيرة من المشاهدين من خلال برنامج يصعب تحديد هويته.
المشكلة التي يكون طرفاها رجلا وامرأة، تتعمد عز في تناولها ترجيح كفة الذكور على النساء
يصعب للمتابع لبرنامجها أن يعرف بالضبط، هل هو اجتماعي أم سياسي أم ترفيهي أم فني؟ حيث تتحدث في كل شيء يلفت انتباه الجمهور لها، خاصة أن معظم تجاربها الإعلامية السابقة لم تكلل بالنجاح، وكانت تنتهي تجاربها سريعا كما بدأت، في حين أنها حاليا تصنف من أكثر المذيعات شهرة، حتى لو كانت المشاهدة سلبية.
عمرها لا يتجاوز 34 عاما، وتخرجت في كلية الإعلام بإحدى الجامعات المصرية الخاصة، وكانت من أوائل دفعتها، بدأت علاقتها بالبرامج في قناة “روتانا – مصرية”، وشاركت في تقديم برنامج “عز الشباب”، ولها تجربتان في مجال التمثيل، الأولى في مسلسل “بره الدنيا” عام 2010، بطولة شريف منير، والثانية مع مسلسل “الصفعة”.
عقب تدشين محطة “إم.بي.سي – مصر” تقدمت للاختبارات واجتازتها وتم اعتمادها كمقدمة برامج، وبدأت عملها بالمشاركة في تقديم برنامج “صباحك مصري”، ثم أسندت إليها القناة تقديم برنامج “حديث المساء”، وأخيرا “كلام الناس” الذي أصبح وكأنه المتحدث الرسمي باسم الرجال في مواجهة منابر نسائية عديدة.
من المستبعد أن تغير عز خطابها غير المنصف للمرأة، بعدما وجدت فيه وصفة مضمونة لجذب الجمهور وفتح المجال أمامها وتحقيق شهرة على شبكات التواصل.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أحمد حافظ
كاتب مصري