عمر مروان قاضٍ حقق في جرائم ما بعد سقوط نظامي مبارك والإخوان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عمر مروان قاضٍ حقق في جرائم ما بعد سقوط نظامي مبارك والإخوان

    عمر مروان قاضٍ حقق في جرائم ما بعد سقوط نظامي مبارك والإخوان


    قاضِ لا تستهويه البيروقراطية أو الروتين، ويرفض بشكل مطلق أن يكون بين رجال القضاء شخصية عليها علامات استفهام.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    الوزير المكلف بتوثيق الطلاق بعد رفض الأزهر

    خلال انعقاد المؤتمر الاقتصادي في القاهرة مؤخرا طلب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من وزير العدل القاضي عمر مروان أن يقف ليتحدث عما يفكر فيه لحل ظاهرة الطلاق بالمجتمع، فجاء رده بأن الرئيس “مهموم بحال الأسرة المصرية، ويبحث عن حل جذري لمشكلة الطلاق ونحن سنحقق له رؤيته عبر تشريع عصري جديد يواكب الشريعة”.

    وقال إنه عندما سأل عن توثيق الطلاق قيل له من رجال دين لهم ثقل ووزن إن الزواج الموثق يُشترط له طلاق موثق، ولا يجب أن تنتهي العلاقة بمجرد كلمة، ويقصد كلمة “أنتِ طالق”، وتم إبلاغه بالقول “نحن سنعمل على ذلك”، في إشارة واضحة إلى أن الرجل تم تكليفه من جانب الرئيس بإنجاز تشريع يعتمد الطلاق بالتوثيق وينهي عصر الطلاق الشفهي.

    هذه المسألة تمثل جوهر أزمة السيسي مع مؤسسة الأزهر بعدما رفضت هيئة كبار العلماء فيها الاستجابة إليه، عندما طلب منها التفكير في استبدال الطلاق الشفهي بالموثق لمواجهة الظاهرة التي تفشت بالمجتمع، وصارت مصر بسببها تحتل المرتبة الأولى عالميا في معدلات الطلاق، لكن الأزهر تمسك بموقفه، وقال إن الشريعة الإسلامية اعتمدت الشفهي لا الموثق.
    ذراع السيسي القانونية


    ◘ ميزة مروان أنه يستوثق من كل قضية تحمل قدرا من الحساسية، ويجمع خيوطها كاملة قبل عرضها أمام الرأي العام، فلا يترك ثغرة واحدة تنفذ منها الأصوات المناوئة

    أشار حديث مروان في حينه إلى أنه سيكون بمثابة الذراع القوية والعادلة في تكريس الطلاق الشفهي، سواء وافق الأزهر على ذلك أم تمسك بموقفه، فالرجل لديه علاقات قوية مع دار الإفتاء، ويتواصل بشكل مستمر مع المفتي شوقي علام، وهناك لقاءات دورية بينهما ويستطيع أن يحصل على دعم من مؤسسة الفتوى بمشروعية الطلاق الموثق.

    وأصبحت دار الإفتاء تابعة لمجلس الوزراء منذ عامين بعد أن كانت تحت سلطة الأزهر ويتحكم في كل مفاصلها، إداريا وإفتائيا، وهي ميزة سوف يستفيد منها القاضي مروان في انتزاع المباركة الدينية التي تشرعن الطلاق الموثق، خاصة وأنه كلف لجنة قضائية من خبراء قانون ومستشاري محاكم الأسرة لإنجاز قانون جديد للأحوال الشخصية للمسلمين يناسب العصر الراهن.

    في نظر القاضي مروان، طالما أن الزواج بدأ بتوثيق، فيجب أن ينتهي بالتوثيق، لا مجرد كلمة ينطق بها الرجل وبسببها يتم هدم الأسرة وتشريد الأبناء وضياع مستقبل المرأة، وقد تكون هذه الكلمة تم نطقها من الرجل عن دون وعي أو فهم لمخاطرها وتداعياتها، أو لم يكن يقصدها بالأساس، بالتالي ليس من المنطق أن تنتهي العلاقة الزوجية بكلمة، لا بورقة.

    المتابع عن قرب لأحاديث مروان عن المؤسسات الدينية يكتشف من الوهلة الأولى أنه لا يتطرق كثيرا إلى مؤسسة الأزهر، ويركز اهتمامه على دار الإفتاء، ويراها مؤسسة منفتحة وعقلانية وتنويرية ومواكبة لمتطلبات العصر، ولديها مرونة فريدة في التعامل مع القضايا الاجتماعية والتحديات المرتبطة بالفتوى والتطرف والتشدد الفكري والديني وحجية الأطروحات.

    يبدو أن دار الإفتاء مهدت الطريق أمام القاضي مروان لتطبيق الطلاق الموثق استجابة لرغبة الدولة خاصة وأن المسؤولين لم يتوقفوا عن الحديث حول وجود وقائع طلاق ليست حقيقية، أيّ أن الرجل فيها عندما ينطق بكلمة “أنت ِطالق”، فإن طلاقه لا يقع، لأنه كان في لحظة غضب أو فاقدا للوعي بما يقول، ومفتي الجمهورية سبق وقال إن 98 في المئة من وقائع الطلاق لا تقع، أي أن الطلاق الشفهي مجرد إرث.
    ثأر سياسي مع الإخوان



    اسم وزير العدل ضمن قوائم المستهدفين بالاغتيال من جانب عناصر مسلحة تم ضبطها من جانب أجهزة الأمن


    ميزة وزير العدل المصري أنه قاضِ اعتاد أن يستوثق من كل قضية تحمل قدرا من الحساسية، ويجمع خيوطها كاملة قبل عرضها أمام الرأي العام، فلا يترك ثغرة واحدة تنفذ منها الأصوات المناوئة، أو يغفل عن غلق باب الحجج التي سيطرحها المعارضون لموقفه، ولديه شجاعة استثنائية في مواجهة أي طرف، طالما أنه يمتلك الحقيقة الكاملة ومعه أسانيد قوية للدفاع عن أطروحاته.

    منذ أن كان عضوا بالمكتب الفني للنائب العام المصري، وهو يختص بالقضايا ذات الحساسية الفائقة لقدرته على إنجازها بدقة متناهية، لذلك يُدرك الأزهر نفسه أنه سينجح في المهمة ويجمع ما يكفي من أدلة وبراهين تعزز موقف السيسي في إصدار تشريع يكرس الطلاق الموثق، سواء أكانت تلك الأسانيد شرعية أو قانونية، فهو رجل لا يقدس التراث ويؤمن بالعصرنة.

    إذا كان مروان تعرض لهجوم كاسح من أصوات دينية متشددة، بعدما ألمح إلى حتمية وجود وثيقة للطلاق، فإن ذلك لا يبدو مرتبطا بإشكالية توثيق الطلاق من عدمه، بقدر ما له علاقة بثأر سياسي قديم يريد الإخوان والسلفيون أن يأخذوه منه، بحكم أن القاضي الذي أدان تيارات الإسلام السياسي وفضح مخططاتها إبان ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بنظام الإخوان.

    يرتبط الثأر السياسي من الإخوان والسلفيين تجاه القاضي مروان بأنه كان الأمين العام للجنة تقصي الحقائق في أحداث العنف التي وقعت عقب الإطاحة بنظام حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي وأثبت للجميع كيف كانت الجماعة دموية وحاولت بشتى الطرق أن تعيد مرسي إلى الحكم بقوة السلاح والترهيب وسفك الدماء وقتل رجال الجيش والشرطة والقضاء والمعارضين.

    ◘ مروان يمتلك رصيداً زاخراً بشهادات موثقة حول جرائم تيارات الإسلام السياسي في مصر، ونجح بتقديم براهين كثيرة للشارع مدعومة بلقطات مصورة بالفيديو

    يظل من القضاة القلائل الذين لديهم شهادات موثقة حول جرائم تيارات الإسلام السياسي في مصر بحكم أنه حقق واستقصى وجمع الأدلة لإعلانها للرأي العام، ونجح في تقديم براهين كثيرة للشارع مدعومة بلقطات مصورة بالفيديو لاعتصام جماعة الإخوان في ميدان رابعة العدوية، في شرق القاهرة، ولأي درجة كان مسلحا وشهد تدريبات على العنف.

    وقتها، كانت بعض المنظمات والحكومات الغربية تتحدث عن عنف ارتكبته أجهزة الأمن بحق الإخوان وأنصارهم عند فض اعتصام رابعة العدوية وما قبلها، لكن مروان نجح في تغيير الدفة لصالح أجهزة الأمن وأثبت للداخل والخارج كيف أن تنظيم الإخوان استعان بأسلحة ثقيلة وخفيفة في الهجوم على قوات الجيش والشرطة لجرها إلى معركة دموية، وتم توثيق ذلك بالفيديو.

    لم يكن يتلقى تقارير مكتوبة من أعضاء لجنة تقصي الحقائق، بل إنه نزل بنفسه إلى المكان، والتقى بسكان المنطقة وجلس معهم في منازلهم وسمع شهاداتهم وحصل منهم على مقاطع مصورة للاعتصام، وماذا كان يحدث فيه، وتقمص دور المحقق الذي يجمع الأدلة ليصدر حكما نزيها وسط اتهامات إخوانية طالته بأنه يدافع عن الأمن.

    يُدرك مروان أن أي هجوم سيتعرض له لوقوفه بجانب السيسي في مسألة اعتماد الطلاق الموثق، سيكون مصدره الأول من الإخوان وأنصارهم ومنابرهم الإعلامية، لاسيما وأنه كان ضمن قوائم المستهدفين بالاغتيال من جانب عناصر مسلحة تم ضبطها من جانب أجهزة الأمن واعترفت بأنها تستهدف قضاة بعينهم، من بينهم المستشار مروان، قبل أن يصبح وزيرا للعدل.

    لم ينجح المسلحون المتناغمون مع الإخوان فكريا في استهدافه، لكنهم قتلوا شقيقه القاضي محمد، وكان يعمل بمحكمة شمال سيناء، حيث أمطروه بالرصاص حين كان يستقل السيارة داخل مدينة العريش، لكنه لم يرتدع أو يتوقف عن المضي في طريق توضيح الحقائق للرأي العام، بإدانة الإخوان وأنصارهم من تيارات أخرى.

    سبقت إدانته للإخوان، أنه أدان الرئيس الأسبق حسني مبارك وأجهزته الأمنية بقتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير 2011، حيث كان أمينا للجنة تقصي الحقائق في أحداث الثورة، ووقتها طالب النائب العام بإعادة محاكمة مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي بعد أن قررت المحكمة معاقبتهم بالسجن، وهي العقوبة التي رآها مروان مخففة مقابل الجرائم المرتكبة.

    لم يكتف بذلك، بل طالب بمحاكمة كل العناصر الفاعلة في نظام مبارك، من نواب في البرلمان إلى أعضاء في الحزب الحاكم “الحزب الوطني الديمقراطي”، لضلوعهم في جريمة تنظيم مسيرات مؤيدة للسلطة وتحريضهم على قتل المتظاهرين في ميدان التحرير، وبسبب تقاريره استدعى القضاء الكثير من الأسماء البارزة في نظام مبارك وحاكمهم، والكثير منهم تعرضوا للحبس، ومن بينهم وزراء ورجال أعمال.
    علاقات مع أجهزة الدولة



    مروان من الوزراء النادرين في مصر المغضوب عليهم من أنصار نظام مبارك وأنصار الإخوان في الوقت نفسه


    يظل مروان من الوزراء القلائل في مصر المغضوب عليهم من أنصار نظام مبارك والإخوان، لكنه لم يبال طالما يمارس دور القاضي بنزاهة ومصداقية وحياد، لا يتحدث إلا بدليل، ولا يصدر حكما على أحد قبل أن يكون بين يديه جملة من القرائن التي تعزز موقفه وتجعله في موقف قوة، لذلك كلف بضبط ميزان العدالة.

    بحكم أنه شريك في المشهد السياسي منذ ثورة 2011، فلديه قاعدة علاقات قوية مع كل أجهزة الدولة، ويعرف دواليبها عن ظهر قلب، فهو الذي تولى لجنة تقصي الحقائق في أحداث سياسية وأمنية معقدة ثلاث مرات متتالية، الأولى بعد رحيل نظام مبارك وكان السيسي وقتها مديرا للمخابرات الحربية، والثانية بعد سقوط حكم الإخوان وكان السيسي وقتها وزيرا للدفاع.

    المرة الثالثة كانت في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، حتى وصل السيسي إلى حكم البلاد وتسلم منه التقارير السرية عن كل الأحداث التي جرت بعد الثورتين، أيّ أنه كان ضمن مفاتيحه لفهم المزيد من الكواليس التي دارت خلال هذه الحقبة، وأدرك السيسي جيدا كم أن هذا القاضي حكيما وعقلانيا ودقيقا في عمله. ولأنه اكتسب المزيد من الخبرة السياسية استدعي ليكون وزيرا لشؤون المجالس النيابة عام 2017، بعد أن كان مساعدا لوزير العدل، وكلف بمهمة الوساطة بين الحكومة ومجلسي النواب والشيوخ، ونجح إلى حد كبير في أن يكون رمانة الميزان بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويدير العلاقة بينهما بحنكة دون صدامات أو منغصات.

    ◘ أي هجوم سيتعرض له مروان لوقوفه بجانب السيسي في مسألة اعتماد الطلاق الموثق، سيكون مصدره الأول من الإخوان

    بعد عامين من المهمة استعان به السيسي ليكون وزيرا للعدل، وخلال ثلاث سنوات تولى خلالها تلك المسؤولية، قام بتطوير وتحديث أكثر من 50 في المئة من المحاكم، وطبق منظورا عصريا للتقاضي بأن يترافع المحامي عن المتهم دون الذهاب إلى المحكمة، وتتم إدارة منصات القضاء بشكل رقمي، ووضع سقفا زمنيا لكل دعوى قضائية بعد أن كانت تستمر سنوات.

    يعرف مروان وسط رجال السلك القضائي بالهدوء والرصانة والعقلانية والصرامة، وهو قاضِ لا تستهويه البيروقراطية أو الروتين، ويرفض بشكل مطلق أن يكون بين رجال القضاء شخصية عليها علامات استفهام، ولا يمانع أن يقصيه خارج المؤسسة القضائية مهما كلفه ذلك من خصومة أو عداء.

    أقدم على خطوة جريئة من نوعها بإبعاد كل العناصر الإخوانية عن القضاء، وفي جميع المؤسسات دون استثناء، وكانت أعدادهم كبيرة، وتمسك بتطهير المنظومة من الإخوان، ليس لموقف سياسي وحسب، بل لأنه أدرك خطورة استمرار هؤلاء في قطاع حساس مثل القضاء، وخرج ليعلن ذلك على الملأ دون خوف متحديا من يقول إن المنظومة بها إخواني واحد.

    يبقى مروان عدوا للإخوان وكل فصيل ديني يعمل بالسياسة أو يقترب منها، حيث كان شاهدا على العديد من جرائمهم، ولديه عداء مطلق لفكرة خلط الدين بالسياسة بقصد أو عن عمد، ما يفسر الهجوم الذي قد لا يتوقف إذا نجح في تمرير مشروعه لتوثيق الطلاق ضاربا عرض الحائط بموقف الأزهر وأنصاره من السلفيين.



    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    أحمد حافظ
    كاتب مصري
يعمل...
X