ويجز رابر مصري صنع نجوميته بالخروج عن النمطية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ويجز رابر مصري صنع نجوميته بالخروج عن النمطية

    ويجز رابر مصري صنع نجوميته بالخروج عن النمطية


    الأغنيات التي يطرحها الرابر الشاب تعتمد على ملامسة حياة أبناء جيله، وتأتي الكلمات معبرة عن انتكاساتهم وحياتهم التي لا يفهمها جيل الكبار.
    الخميس 2022/10/13
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    مطرب يختار كلماته بعناية ويعبّر عن ظاهرة تمرد شبابية

    تتخفى وراء نجومية مغني الراب المصري أحمد علي الشهير بـ”ويجز” الكثير من الأسرار التي قد لا يعرفها الجمهور العاشق لهذا الشاب. فهو رغم صعوده بسرعة في عالم الفن داخل مصر وخارجها، تظل هناك تساؤلات مبهمة حول الأسباب التي وضعته على طريق النجاح حتى أصبح رمزا عند قطاعات عديدة من الشباب.

    وأمام الحالة التي صنعها ويجز في عالم فن الراب كان طبيعيا أن تشغل أخباره الرأي العام؛ فهو لا يتوقف عن إثارة الجدل، تارة بحفلاته الموسيقية وتارة أخرى بكلمات أغانيه، وتارة ثالثة بالهوية التي يظهر بها على المسرح، وتارة رابعة بتصدره سباق الأكثر استماعا بين الشباب متفوقا على مطربين -مثل عمرو دياب وتامر حسني- سبقوه في الغناء.

    اختارته مجلة “فوربس ميدل إيست” ضمن قائمة أنجح 50 مغنيا وفرقة موسيقية في العالم العربي، السنة الماضية، ووضعت مجلة “جي كيو” الأميركية المعنية بالرجال صورته على صدر غلافها ذات مرة، رغم أن رحلته لم تتجاوز أربع سنوات، لكن الفيصل كان في معدلات الاستماع إلى أغانيه والنسب العالية لمشاهدات الفيديوهات الخاصة به على يوتيوب.

    نجح ويجز بذكاء في أن يصنع شعبية كبيرة بين طبقات مختلفة، حتى أصبح ظاهرة لافتة للانتباه، فهو مغني الراب الذي حطم أرقاما قياسية في معدلات الاستماع والمشاهدة، ولا تخلو أغنياته من كلمات لها تأثير وصدى واسع بين المراهقين والشباب، لكن لا يزال يواجه حملة اعتراضات من فئة تميل إلى الغناء التقليدي.

    ويجز نجح بذكاء في أن يصنع شعبية كبيرة بين طبقات مختلفة، فحطم أرقاما قياسية في معدلات الاستماع والمشاهدة، ولم تخل أغنياته من كلمات لها تأثير على المراهقين والشباب
    حالة غنائية خاصة


    جاء ظهوره على الساحة الغنائية في نهاية عام 2017 على استحياء، لكن منذ العام التالي مباشرة نجح في صناعة حالة غنائية خاصة التف حولها الكثير من أبناء الجيل الحالي، ثم جاء عام 2019 ليشكل نقطة تحول في حياته عندما أطلق أغنية “باظت”، والتي فاق نجاحها ما سبقها من إصدارات.

    وتعتمد معظم الأغنيات التي يطرحها الرابر الشاب على ملامسة حياة أبناء جيله، وتأتي الكلمات معبرة عن انتكاساتهم وحياتهم التي لا يفهمها جيل الكبار، لذلك ينجذب إليه من يرون فيه معبّرا عنهم، وأصبح أشبه بالمتحدث بلسان فئة يكاد ينقطع حبل الود بينها وبين المجتمع والحكومة والإعلام والنخب السياسية والأحزاب.

    وصارت أغنيات ويجز حاضرة على ألسنة جمهوره لأنها تعبّر عن الواقع الاجتماعي الذي يتعامل معه المراهقون والشباب، من بينها “دورك جاي” و”منحوس” والغسالة” و”عفاريت الإسفلت” و”البخت”، وجميعها تحمل مفردات ثورية في معناها ومضمونها.

    ما يميزه عن الكثير من الأصوات الغنائية الأخرى أنه يحتفي بجذوره في مدينة الإسكندرية على البحر المتوسط التي نشأ فيها، وهو ابن “حي الورديان” الشعبي الذي أثر في تركيبته الشخصية، وجعله يقترب من أبناء جيله بشكل أكبر، حتى بعد أن أصبح نجما، لم يبخل عن “الورديان” بأغنية كشفت عن حجم الصراعات المجتمعية التي عاشها في الصغر والحب الذي يكنه لأبناء الحي.

    واقترب من الجمهور بشكل أكبر، وعرف عنه الوفاء لكل من أثر في حياته، سواء أكان شخصا أم مكانا، وساعده على تحقيق حلمه بالغناء، حيث يمثل لمستمعيه حالة شاب وصل إلى النجومية ولا ينسى الحي الشعبي الذي تربى فيه وشبكة الأصدقاء.
    مطرب الرفض



    مجلة "فوربس ميدل إيست" صنفت ويجز ضمن قائمة أنجح 50 مغنيًا في العالم العربي


    رغم أن بعض أغنياته تحمل تمردا ورفضا للواقع الاجتماعي وتتحدث بلسان الشباب، إلا أنه يدرك جيدا كيف ينتقي كلماته بشكل لا يجمل المشهد ولا يشوهه أو يكون سببا في إحباط مستمعيه، ويكتفي بالتعبير عن أترابه من الشباب المصريين، فهو مثلهم، خرج من وسطهم، وعنهم قال “جيلي عارف فين الصح.. جيلي عارف قيمته برا.. جيلي عايش تحت الضغط.. جيلي راسو (رأسه) مش في المجرّة”.

    وكانت هذه الكلمات من أغنية “منحوس” التي عبر فيها عن معاناة جيل كامل، وبدا كأنه يصرخ في وجه الجميع، ساسة وإعلاما ونخبة وأرباب أسر، ليصل بصوت الشباب الذي لا يسمعه أحد إلى من يهمهم الأمر، ونجح من خلال تلميحاته في تقريب المسافات بينه وبين جمهوره بشكل فاق علاقة هذا الجمهور مع مطربين آخرين.

    جاء إلى شريحة كبيرة من المجتمع المصري في وقت تبحث فيه هذه الشريحة عمن يمثلها أو يشبهها. يتحدث بطريقتها. يفكر كما تفكر. يحلم بما ترغب فيه. ولأنه يفعل ذلك بعفوية تصل كلماته إلى جمهوره بأي طريقة كانت، حيث يعبر عما بداخل هذا الجمهور من غضب وتمرد وتذمر ورفض، وصارت أغنياته أشبه بثورة موسيقية.

    وبات ويجز، الذي بدأ عامه الرابع والعشرين في سبتمبر الماضي، من أكثر الشخصيات التي تتصدر محركات البحث على الشبكة العنكبوتية لمعرفة كل جديد عن حياته، أغنية أو حفلة موسيقية أو إطلالة بأزياء غير تقليدية أو جملة قالها في لقاء تلفزيوني، أو خطة فنية سوف ينفذها قريبا. المهم أن جمهوره يقرأ أو يسمع عنه الجديد.

    أغنيات ويجز تتردّد على ألسنة جمهوره لأنها تعبّر عن الواقع الاجتماعي الذي يتعامل معه المراهقون والشباب

    ويقترب عدد متابعيه على موقع يوتيوب وفيسبوك وإنستغرام وتويتر من عشرة ملايين متابع، وصارت تتهافت عليه أسماء شركات كبيرة للدعاية لمنتجاتها التي تستهدف بها نفس الشريحة التي يمثلها في أغنياته، وكثيرا ما يؤدي دور البطولة في الإعلانات بالطريقة ذاتها التي يغني بها كي لا يبدو منفصلا عن الشخصية التي عرف بها.
    بين السرد والحكي


    يعتمد في أغنياته على عنصر السرد والحكي، حيث يسرد ما يحدث له شخصيا أو للمحيطين به والمقربين منه، وكلها تحمل لغة الشباب دون تجميل أو تلطيف، ولا يستهويه تسطيح المواقف والكلمات، ويدرك جيدا أن أسلوب الحكي البسيط هو اللغة السهلة التي يستطيع من خلالها توصيل رسالته إلى المستهدفين.

    ويميل أيضا إلى تقديم فن ملائم للشارع، ونجح في أن يفرضه على المتحفظين على طريقته وأسلوبه في الأداء، وعن ذلك قال في أغنية “تي إن تي”: “بصوتي بعمل فن شارع، أنت بتعمل نفسك مش سامع”. ولأنه جريء في مواجهة من يرفضون نبرة غنائه لا يخجل من مواجهتهم، وقال ذات مرة “من لا يريد سماعي، يغلق أذنيه”.

    ويبدو ويجز في شخصيته وأسلوبه وأفكاره متمردا على كل من حوله، وهكذا المراهقون والشباب من أبناء جيله، لا تستهويهم رقابة المجتمع، ولا التحدث إليهم بلغة الفضيلة والقيم والأخلاق، ويرفضون فرض القيود على تفكيرهم وحياتهم.

    وينعكس ذلك على معدلات حضور الشباب لحفلات ويجز، فقد تنفد التذاكر فور عرضها، وتصل نسبة المشاركة إلى أرقام قياسية، ما يُظهر كيف وصل هذا الرابر إلى قمة النجومية بعيدا عن النوع التقليدي من الغناء والأغنيات الطربية، وكيف أثر في جمهور يذهب خلفه أينما ذهب، خارج مصر أو داخلها.
    جيل غير تقليدي



    المعارضون لويجز لم يدركوا أنه يقدم لجمهوره ذائقة جديدة تعبر عن جيل غير تقليدي


    لم يدرك المعارضون لويجز أنه يقدم لجمهوره ذائقة جديدة تعبر عن جيل غير تقليدي في كل شيء، أغلبه دون العشرين عاما أو يزيد قليلا، ونجح في التسلل إلى هذا الجمهور بذكاء وحنكة وموهبة وكلمات وأداء ربما عجز عنه من سبقوه في هذا اللون الغنائي، وهو جيل الهواتف المحمولة والمنصات الرقمية والسماوات المفتوحة.

    جيل ويجز هو الجيل الحماسي الذي يميل إلى التركات الصوتية الحماسية بما تحمله من تحدّ واعتزاز بالنفس وسرعة في الأداء، وهو الجيل نفسه الذي أصبح شغوفا بسماع أغنيات تؤدى بطريقة المشاحنات في الشوارع والحواري والأزقة الشعبية، جيل يفتخر بأصوله ويميل إلى التخلص من السلطة وسماع ما يناقض واقعه.

    ويصعب فصل قصة نجاح ويجز في مشواره عن كراهيته للأنانية والشخصنة، لأنه عاشق للعمل الجماعي، ويعتبر أن كل اتحاد يضاعف النجاحات؛ فهو الذي كثيرا ما تعاون مع رفاقه من الرابر، مثل مروان بابلو وعفروتو وأبويوسف وغيرهم، وشارك مع نجوم مهرجانات مثل حسن شاكوش لشغفه بتعدد ألوانه وتجاربه الغنائية.

    ولا يثبت على لون واحد من الغناء، ولو كان معروفا عنه أنه رابر، حتى لا يمل الجمهور من أدائه؛ فهو يدمن تجريب كل شيء، ويعرف كيف يستكشف نفسه وقدراته ومهاراته ويطورها، ولا يرغب في أن يُحصر ضمن إطار محدد، مثل الراب والهيب هوب والتراب، لذلك يصنف بأنه مغني الراب المتنوع، على كل شكل ولون، المهم أن يصنع شيئا جديدا، ولو تأثر بمن سبقوه من الفنانين أو من يعاصرهم حاليا.

    ويكره النمطية والتكرار، وهو محب للتغيير والقراءة والاطلاع. كانت مشكلته الوحيدة تكمن في كراهية الدراسة، وطوال حياته كان يبغض الحياة التي يعيشها، وولد لأب من جذور يمنية وأم مصرية.
    البدايات تصنع المعجزات



    ظاهرة ويجز تشغل الرأي العام المصري؛ وهو لا يتوقف عن إثارة الجدل


    عاش الشاب، واسمه الحقيقي أحمد علي، حياة بائسة منذ بدايات طفولته حتى وصوله إلى بدايات العشرينات، حيث وجد أمه تتحمل وحدها مسؤولية تلك الأسرة البسيطة التي تكاد تمتلك المال البسيط، وكان يهوّن على نفسه بتكوين قاعدة صداقات في الحي السكندري الذي نشأ فيه، ويتبادل مع أصدقائه الفضفضة، فهو الذي كان مرحا وخفيف الظل.

    بين أسرة مفككة وشقيقين، كل واحد منهما سلك طريقه بعيدا عن العائلة، بقي ويجز برفقة أمه الموظفة، رافضا التخلي عنها.

    مضت نشأة هذا الشاب، الذي التحق بإحدى المدارس الحكومية في حي الورديان الشعبي بالإسكندرية، على وتيرة ثابتة من التقشف، واستمر على نفس الحال حتى المرحلة الثانوية. ومن هنا كانت البدايات الأولى التي عرف فيها معنى غناء الراب.

    تعرف في دراسته بالمرحلة الثانوية على زميله السيد عجمي الذي تعلم الراب وهو في نهاية الصف الأول الثانوي، وطلب منه أن يعلمه هذا الفن وكيف يكتب كلماته ويؤدي أغنياته، وخلال فترة قصيرة أصبح يتقن الأداء والكتابة.

    اصطحبه صديقه عجمي إلى مدربه الشخصي إسلام إحسان، الذي اشتهر آنذاك في الإسكندرية باسم “دابل إي”، وكان شابا يغني الراب ويكبر ويجز بعامين فقط.

    ظاهرة ويجز في عالم فن الراب تشغل الرأي العام المصري؛ فهو لا يتوقف عن إثارة الجدل بحفلاته الموسيقية وكلمات أغانيه

    بعد ذلك تكررت لقاءات الثلاثة، ومعها زادت موهبة ويجز في الراب، مقابل تجاهل المدرسة والمذاكرة، لكنه التحق بكلية الآداب قسم اللغات الشرقية بجامعة الإسكندرية.

    رسب ويجز في السنة الأولى بالكلية بعد خلاف مع أحد الأساتذة لتكرار غيابه، ورفضه الطريقة التي كان يتعامل بها أستاذه الجامعي، حتى قال له ذات مرة “إذا كنت دكتور جامعة أنا دكتور في الموسيقى”. ولهذا السبب رسب ولم يبالِ. وانضم إلى فرقة “هولي هود” المكونة من ستة أشخاص، ليتدرب جيدا على فن الراب.

    وترك ويجز هذه الفرقة، ودخل في شراكة مع مطرب راب شهير في الإسكندرية اسمه “دينيو”، وكوّنا معا فرقة “ميكروسوب” في نهاية عام 2016، ليحظى بعد ذلك بشهرة واسعة في المدينة الساحلية، ويبدأ الانطلاق نحو النجومية دون أن يستكمل دراسته في الجامعة، رافعا شعار “النجاح بالطموح والأحلام وتحقيق الذات في المجال الذي يحبه الإنسان”.

    بعد أن نجح في التعيين في وظيفة “كول سنتر” بإحدى شركات الاتصالات الكبرى في مصر، خلال فترة شهرته بفن الراب في الإسكندرية عام 2018، لم يستمر في العمل بها، ووجد أن تفكيره ونمط شخصيته وحياته ضد الروتين والعمل الوظيفي، متعهدا لوالدته بأن يصبح نجما ويعوضها عن سنوات الفقر الذي عاشته معه.

    مرت عليه أيام، لم يجد فيها جنيها واحدا يدفع منه كلفة المشروب الذي يتناوله في المقهى الشعبي المجاور لمنزل والدته، وكلما رغب في الانتقال إلى القاهرة ليكون بجوار مغني الراب المشهورين لم يجد كلفة تنقلاته، وفي إحدى المرات راسل مطرب المهرجانات الشهير سادات العالمي ليعمل معه، فوافق الأخير، واستقبله في منزله ليعيش معه.

    كان وصوله إلى القاهرة نقطة تحول في حياته ليشارك العالمي في بعض أغنياته، قبل أن ينطلق وحيدا يؤلف ويكتب ويكوّن فرقة صغيرة، كبرت بمرور الوقت، وأصبحت له حفلات بسيطة ثم تسلق إثر ذلك سلم النجاح لتقام له حفلات ضخمة في مصر وبلدان عربية كثيرة، بعد معاناة طويلة عاصرها، وتشكلت فيها شخصيته الشبابية المتمردة.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    أحمد حافظ
    كاتب مصري
يعمل...
X