"قرعة دمريكان" فيلم مغربي يعالج تطلعات الشباب وإحباطاته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "قرعة دمريكان" فيلم مغربي يعالج تطلعات الشباب وإحباطاته

    "قرعة دمريكان" فيلم مغربي يعالج تطلعات الشباب وإحباطاته


    جرعة من الكوميديا في طرح مشكلات الشباب المغاربة.
    الثلاثاء 2022/05/31
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    شباب مسكون بحلم الهجرة

    تركز بعض الأفلام المغربية على البحث في القضايا المحلية وهواجس الشباب المحبطين من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وقلة فرص العمل، والذين يوجهون اهتمامهم نحو الهجرة غير الشرعية وكل طريق بإمكانه أن يوصلهم إلى الجنة التي يحلمون بها.

    يعالج فيلم ”قرعة دمريكان” مجموعة من المواقف الاجتماعية في قالب كوميدي، وهو محاولة من المخرج المغربي هشام الركراكي، في تجربته الأولى، لترجمة طموحات غالبية الشباب الذين يسكنهم طموح الهجرة إلى الولايات المتحدة وعيش حياة أفضل تنهي شعورهم الدائم بالإحباط والإقصاء.

    ويأتي الفيلم أيضا بعنوان “البطاقة الخضراء” وهو يسلط الضوء على الدافع السردي للمخرج بخصوص التشبه بالجنس الآخر قصد التنكر والذي يشكل الحبكة المركزية للسيناريو وستتولد عنها مجموعة متنوعة من المواقف المضحكة، لتعبر عن قضايا عديدة تمس فئة الشباب المغاربة خاصة عندما يصطدمون بقلة فرص الشغل ومواجهة المستقبل المجهول.
    فيلم من الواقع


    يحكي “قرعة دمريكان”، قصة صديقين حميمين، هما لبيب وحبيب، يوحدهما حلم مشترك هو التطلع إلى حياة أفضل، لذلك يقرران الهجرة معا، متعاهدين بكل ما في الصداقة من معنى على شعار: “نهاجر معًا، أو نبقى معًا”.

    وسيحالف الحظ لبيب (الذي يقوم بدوره الممثل المعتزل هاشم بسطاوي)، بينما يصاب حبيب (فيصل عزيزي) بخيبة أمل كبيرة، تجعله يرى حلمه بالحياة في الولايات المتحدة يتلاشى أمام عينيه وآماله تنهار، لكن فكرة جهنمية تخطر على بال صديقه، الذي يقترح عليه التنكر بزي امرأة كي يصطحبه معه “كزوجة” إلى ديار المهجر، فتقودهما سلسلة الأحداث إلى العديد من المغامرات المثيرة، والمواقف الكوميدية التي ستقلب حياتهما رأسا على عقب.

    وأكد المخرج والناقد السينمائي، عبدالإله الجوهري، في تصريح لـ”العرب”، أن مخرج “قرعة دمريكان”، حاول جمع كل المكونات الفنية والتقنية ليوفر للجمهور لحظات من الضحك والمتعة المقرونة بالحركة، ضحك حاول لمس المشاعر، وطرح قضايا نابعة من واقع المجتمع المغربي، واستثمار ما يسود بين بعض الشباب المغربي من شعور بالإحباط والإقصاء، نتيجة تراكم وضغط الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية، وانسداد الأفق، والأحكام الخارجية، وعبثية الوضع، وتسلط المتسلطين على رغبة الشباب في تحقيق أحلامهم.

    وشاركت في هذا العمل الكوميدي مجموعة من الممثلين المشهود لهم بالتميز والإتقان، منهم، فيصل عزيزي وعزيز حطاب وهاشم بسطاوي وفاطمة الزهراء بلدي وحسناء المومني ونفيسة الدكالي وسعاد النجار ومحمد حميمصة وحميد النيدر.

    وقالت الشركة المنتجة للفيلم إن هدفها الرئيسي رؤية الفيلم يسجّل أرقاما قياسية في شبابيك القاعات السينمائية، مشيرة إلى أنه لتحقيق هذا الهدف تم بذل الكثير من الجهد في الكتابة والتوجيه الفني والإنتاج.

    وأضافت أنه في فيلم “البطاقة الخضراء”، نجد كل الأنواع التي يحبها الجمهور: الكوميديا والدراما والمكائد والحركة والصداقة والحب. يهدف هذا الكوكتيل إلى جذب أكبر عدد من المشاهدين مما سيفيد الرعاة.

    وبالعودة إلى شخصية حبيب الذي عمل على التنكر للهروب من مجتمع مخالف لتطلعاته، وتحقيق حلمه في أن يصبح نجما غنائيا، لكنه في الوقت نفسه، يدرك بعض “معاناة” الجنس الآخر الذي يعيش في مجتمع ذكوري، ويتعرض لمضايقات منتظمة، بل والإيذاء من قبل الآخر، سواء في الشارع أو في وسائل النقل ومقرات العمل، ويقود تسلسل الأحداث بطلي الفيلم إلى مغامرات مثيرة ومواقف كوميدية ستقلب حياتهما رأسا على عقب.

    ويلتزم فيلم ”قرعة دمريكان” بأعراف كوميديا التشبه بالجنس الآخر أي أن الشخصية تضطر إلى التنكر في لباس امرأة بالنسبة إلى الأدوار الذكورية والعكس صحيح بالنسبة إلى الأدوار النسائية.

    وبالنسبة إلى الحبكة الرئيسية للفيلم، يؤكد الناقد والمخرج، عبدالإله الجوهري، أنها تأسست على مفارقة التشبه بالجنس الآخر، من خلال لبس قناع نسائي مثير، مع توظيف بعض من الجرأة في التعامل مع المحيط، ورصد واقع التحرش بالنساء في الشارع العام والإدارات، نتيجة سيطرة الفكر الذكوري القائم على تقاليد النيل من النساء، وتعريضهن للاضطهاد ماديا ومعنويا.

    وأشار الناقد السينمائي إلى أن الحبكة الدرامية، وتفرعاتها الكوميدية، كانت الرافعة الأساس، والخلفية التي حاولت أن تسند ظهر الفيلم وتعضد هويته، وتمنحه بعضا من المصداقية، الشيء الذي سمح، ونحن نشاهد الشريط، بتجاوز بعض الهنات الإخراجية، وهي تفاصيل هامة قللت من قوته التعبيرية.
    شجاعة في الطرح


    استطاع هشام الر‍كراك‍ي، أن يصقل موهبته ويطور خبرته في مجال صناعة السينما لمدة ثلاثين سنة، حيث احتك خلالها بالإنتاجات الأجنبية الضخمة، من ضمنها أعمال من إخراج مارتن، والسير ريدلي سكوت، وأوليفر ستون، خلقت منه كفاءة سينمائية مغربية مهمة.

    ويشهد نقاد السينما المغربية على امتلاك الممثل عزيز الحطاب، الكثير من أدوات اشتغاله على العديد من الشخصيات، حيث جعل من العمل إضافة جديدة في مساره السينمائي.

    وفي تطور المشاهد السردية يسعى الصديقان إلى النصب على “خونا” (عزيز حطاب) الذي هو نفسه نصاب، أو الرجل الذي يعشق النساء حد الوله، فينجحان في تحقيق مرادهما، من خلال إغوائه، وجعله يسقط في حب فاتي فلور أو فاطمة الزهراء، الشخصية النسائية المزورة، ويستطيعان الإفلات، والهرب من مطاردته، بعد تزوير الأوراق، وسرقة أمواله من الخزنة، وبعدها عبور الجمارك، وركوب الطائرة نحو الولايات المتحدة أرض “الأحلام”.

    يذكر أن هاشم بسطاوي جسّد دور البطولة في فيلم “قرعة دمريكان”، قبل اعتزاله الفن ووصف “قرعة دمريكان” بالخَليع و”قلة الحياء”، مبديا عدم رضاه عن المشاركة في هذا الفيلم السينمائي، موردا أن سبب اعتزاله يعود إلى أعماله كلها تقريبا وليس فقط لهذا الفيلم الذي تم تصويره قبل 4 سنوات، مشيرا إلى أن الفيلم “يقلقني أكثر من الأعمال الأخرى حيث كانت في المشاهد قلة حياء وليست جرأة فنية”.

    ويمثل فيصل عزيزي، بدور “حبيب”، تلك الفئة من الشباب الحالمين بالهجرة كملجأ للهروب من واقعهم الاجتماعي الصعب، وكذلك من خلال شخصية “فاطمة الزهراء” أو “فاتي فلور”، التي تنكر فيها لتكون الحل الذي سينقله إلى الضفة الأخرى.

    وكان فيصل عزيزي وراء الضحكات التي تعالت في قاعة العرض، وكانت دليلا على اندهاش البعض من قدرة هذا الممثل على التمكن من تفاصيل الشخصية بحركاتها وسكناتها، والأداء الصوتي الذي خدمها بقوة.

    واعتبر المخرج عبدالإله الجوهري، أن مخرج الفيلم في تجربته الروائية الأولى، كانت له شجاعة حقيقية في صنع فيلم ساخر ضاحك، دون التفكير في ما يمكن أن يقول عنه قليلو المعرفة والحياء من الباحثين عن الأخلاق في ثنايا فن لا يعترف بالأخلاق إلا أخلاق الانتصار للإبداع، والوفاء لقضايا المجتمع.

    وأضاف الجوهري، في تصريحه لـ”العرب” أن الفيلم يسير سيرا واعيا على خطى السينما العالمية، من حيث الذكاء في تناول الموضوع ومقاربته، وتجذير الرؤية التي حاولت التحكم فيه، والالتزام بأعراف كوميديا “التشبه بالجنس الآخر”.


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    محمد ماموني العلوي
    صحافي مغربي
يعمل...
X