أعمال الجزائري محمد جوا بحث في فلسفة الجمال والوجود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أعمال الجزائري محمد جوا بحث في فلسفة الجمال والوجود


    أعمال الجزائري محمد جوا بحث في فلسفة الجمال والوجود


    التجريد يمنح الفنان مساحة حرة في إعادة خلق عالمه وعالم الآخرين من حوله.
    الاثنين 2022/10/03
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    ليست ألوانا فقط إنما تعبير عن الذات

    اختار الفنان الجزائري محمد جوا الرسم ليكون رسالته إلى الجزائريين وإلى العالم بأن الفن التشكيلي قادر على علاج الروح ومساعدة الإنسان في التخلص من الاضطرابات النفسية، وبالرسم تفهم شخصية الإنسان ويستطيع أي فرد التعبير عن وعيه ولاوعيه، ويمكن تشخيص حالته المرضية ومساعدته على تجاوز مشاعره الغريبة المضطربة، وما لا يمكن التعبير عنه بالكلمات يمكن للألوان أن تبوح به.

    الجزائر - لم يعد الرسم فنا فقط وإنما صار جزءا من العلاج حيث يعتمد في علاج الكثير من الحالات المرضية النفسية والمساعدة في علاج أمراض أخرى، لكنه قد يتخذ أحيانا شكل المثير حيث يثير انتباه المتلقي إلى أن الرسم بإمكانه أن يكون أداة للعلاج.

    من هذه الفكرة، استوحي الفنان التشكيلي الجزائري محمد جوا آخر أعماله التي يؤكد من خلالها أن الفن التشكيلي قادر على معالجة الأنفس العليلة وقادر على تطبيب الأرواح المتألمة.

    وينظم الفنان برواق محمد تمام بالجزائر العاصمة معرضا تحت عنوان “علاج عن طريق الرسم”، ويضم أعمالا تجريدية مميزة له تعرض لأول مرة، تشع بالألوان وتغوص في فلسفة الجمال وميتافيزيقا الروح والوجود.

    ويقدم المعرض حوالي 24 لوحة فنية من أحجام مختلفة، استعملت فيها تقنيات ومواد متنوعة كالزيت والأكريليك والكولاج، على القماش والورق، تجسد اللمسة الإبداعية لهذا الفنان ونظرته الجمالية إلى الحياة.

    محمد جوا يطور أداءه باستمرار ويعمل دون هوادة في البحث والتنقيب من أجل ترقية فنونه وإعطائها طابعا خاص

    “دون حدود”، “حلم”، “علاج عن طريق الرسم”، شعور غريب” و”نظرة أخرى”، هي أعمال ازدان بها المعرض تحث بجمالها الزوار على التأمل وتثير فيهم مختلف مشاعر الإعجاب والانفعالات الباطنية وتعرفهم أيضا بروح الفنان وشاعريته وبمختلف رؤاه وأفكاره.

    لقد تجلت في هذه الأعمال العديد من الألوان على غرار الأصفر والبرتقالي والبنفسجي وأيضا الغامقة كالبني، ربما لأنها الأكثر تعبيرا عما يدور في وجدان هذا التشكيلي الذي استطاع بريشته وقدرته على التعامل معها أن يجسد جوانب في علاقته بالإنسان والحياة وأيضا بنفسه.

    واستلهم الفنان، أولاً وقبل كل شيء، حياته اليومية وحياة من حوله، من الطبيعة (بكل بهائها وتنوعها) ومن الأحلام. يصورها باعتماد الفن التجريدي الذي يسمح له بالفعل بطرح مقاربة فنية جديدة تمامًا، تنطوي على تغيير في الرموز الكلاسيكية للتصوير.

    ويقول جوا إن “التجريد هو من اختاره وليس هو من اختار التجريد”، وأنه “ومن خلال التعبير التجريدي يستطيع أن يعبر عن نفسه وأحاسيسه ومشاعره”، قائلا إنه “يرسم في عالم من اللاوعي ومن خلاله تخرج مكبوتاته من تلقاء نفسها”.

    ويضيف الفنان أنه من خلال التجريد أيضا “يحب أن يترك للمشاهد حرية تأويل اللوحات المعروضة وتفسيرها، كل وفقا لحالته النفسية والشعورية وثقافته أيضا”، غير أنه “يتطلع دائما إلى التقنيات الجديدة في الرسم”.

    ويرى الفنان الجزائري أن “الفنان لا يلزمه سوى دعامة بيضاء وألوان ليعبر بها عما يجول في نفسه”، غير أنه يؤكد أن الفنان “يجب أن يبحث كثيرا، وأن تكون له لمسته الفنية الخاصة التي يستطيع الفنانون الآخرون والنقاد وغيرهم قراءتها ومعرفتها”.

    وعن موضوع معرضه يقول الفنان إن “الرسم منظم للحياة، ولا بد من إعطائه قيمته في المجتمع، فهو علاج بامتياز للنفس الإنسانية”، ضاربا المثل في هذا السياق بلوحته “المتاهة” التي يقول إنها “تعبر عن كيفية التخلص من المشاكل والهموم من خلال الفن بما يحمله من أحاسيس وطاقة إيجابية، فالفن له دور هام في توازن الإنسان النفسي”.


    الفن له دور هام في توازن الإنسان النفسي


    ويضيف الفنان أنه “لم يعرض منذ خمس سنوات تقريبا للعديد من الأسباب أهمها جائحة كورونا التي عطلت النشاط الثقافي في كل مكان”، مضيفا أن “إنجاز هذه الأعمال تطلب منه الكثير من الجهد النفسي والجسدي وأيضا المالي”.

    وكان الفنان قد نشط في 2010 ندوة بالجزائر العاصمة حول موضوع العلاج عن طريق الفن وبالضبط من خلال الرسم والفن التشكيلي.

    والعلاج بالفن هو إحدى الطرق العلمية التي تقوم على استخدام تقنيات إبداعية مثل الرسم والتلوين واستخدام الرموز والأشكال الفنية لمساعدة الناس على التعبير عن أنفسهم فنياً، وتزويدهم بفهمٍ أعمق لأنفسهم وشخصياتهم.

    ويعتمد العلاج بالفن على الاعتقاد بأنّ التعبير عن الذات من خلال الإبداع الفني له قيمة علاجية، فوفقاً لجمعية العلاج بالفن الأميركية، يتم تدريب المعالجين بالفن على فهم الأدوار التي يمكن أن يلعبها اختيار اللون والملمس والشكل الخاص بالعمل الفني في العملية العلاجية وكيف يمكن لهذه الأدوات المساعدة أن تكشف عن أفكار الفرد ومشاعره وتصرفاته النفسية.

    الفنان التشكيلي الجزائري يؤكد على أن الفن التشكيلي قادر على معالجة الأنفس العليلة وقادر على تطبيب الأرواح المتألمة

    وبتوجيهٍ من معالج فني معتمد، يمكن للعملاء “فكّ شيفرة” الرسومات والرموز والتي ينبغي أن تؤدي إلى فهمٍ أفضل لمشاعرهم وسلوكهم حتى يتمكنوا من المضيّ قدماً لحلّ المشكلات الأعمق التي تواجههم.

    والرسم كان أيضا علاجا للإنسان منذ القدم، فقد كانت تنتاب الإنسان بعض المخاوف من الحيوانات فكان يرسمها على الجدران، ثم أصبح الرسم وسيلة من وسائل تخزين الثقافة والكتابة، وتدريجيًّا أصبح الرسم نوعًا من أنواع الإبداع والعلاج الحاضر. فكلما تخيَّل الإنسان شيئًا في المستقبل وقام برسمه، حاول بعد ذلك أن يحققه.

    وتجدر الإشارة إلى أن محمد جوا، فنان تشكيلي من مواليد 1974 بحجوط بولاية تيبازة، درس التشكيل في بداياته على يد الفنان الراحل سيد أحمد إسطمبولي، أحد أعمدة الفن التشكيلي في الجزائر، ليتخرج بعدها من المدرستين الوطنيتين للفنون الجميلة لكل من مستغانم ووهران.

    وشارك جوا في عدة صالونات ومعارض فردية وجماعية للفن التشكيلي بكل من الجزائر العاصمة وتيبازة، كما أنشأ العديد من الجداريات الفنية بعدة فضاءات بالولايتين، إضافة إلى تنشيطه لورشات خاصة بالرسم والفن التشكيلي.

    والفنان مصنف ضمن قاموس الفنانين الموهوبين الجزائريين، وعرض اسمه في كتب الفن الجزائري، وهو ملهم طلاب الفن من خلال قراءاته الفنية السيميولوجية المميزة.

    ولا يزال محمد جوا يطور أداءه باستمرار ويعمل دون هوادة في البحث والتنقيب من أجل ترقية فنونه وإعطائها طابعا خاصا بها، بهدف الترويج للفن الجزائري والعمل على تطويره والتعريف به وطنيا ودوليا.

    ويستمر معرض “علاج عن طريق الرسم”، الذي تنظمه مؤسسة “فنون وثقافة”، إلى غاية 20 أكتوبر الجاري.
يعمل...
X