من "أول النهار" إلى "2067".. الأبعاد الاجتماعية دائمة الحضور في كتابات سعد القرش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من "أول النهار" إلى "2067".. الأبعاد الاجتماعية دائمة الحضور في كتابات سعد القرش

    من "أول النهار" إلى "2067".. الأبعاد الاجتماعية دائمة الحضور في كتابات سعد القرش


    شخوص الروائي تستشرف المستقبل انطلاقا من قراءتها للواقع المعيش.
    الخميس 2023/02/02
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    روائي خط لنفسه أسلوبا مميزا

    جاء إصدار الروائي المصري سعد القرش لمؤلف جديد ليكون خير فرصة لتناول تجربته الروائية بالنقد والتحليل، حيث اجتمع نخبة من النقاد والمبدعين ليرصدوا كل حسب تخصصه كتابات الروائي الذي يعد أيضا صحافيا منذ إصداره الأول “أول النهار” وصولا إلى “2067”.

    شيماء عيسى

    القاهرة – ناقش نخبة من أبرز المبدعين والنقاد المصريين في غاليري “ضي” بحي الزمالك في القاهرة، المنجز الروائي للكاتب المصري سعد القرش بالتزامن مع صدور روايته الجديدة “2067” الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.

    تسرد الرواية قصة محام وأرستقراطية يلتقيان بلا موعد، بعد خيبات حياتهما الزوجية، ويحلمان بتدشين متحف عن تاريخ ميدان التحرير الواقع في القاهرة، قبل أن يتلاشى من ذاكرة الأجيال الجديدة المطاردة بأجهزة الرقابة والروبوتات القاتلة.

    وأكد الحاضرون أن سعد القرش كاتب يحمل ملامح مشروع مكتمل بداية بروايته “أول النهار” (2005) حتى أحدث رواياته “2067”.


    محمد عبلة: شخصيات القرش تحمل درجات الظل والنور مثل اللوحات


    وأدار اللقاء الشاعر محمد حربي منسق منتدى “محمد عفيفي مطر”، الذي أشار إلى أن سعد القرش قدم ثلاثية أوزير (أول النهار، ليل أوزير، وشم وحيد) وهي تلخص الحضارة وعلاقتها بالأرض والطمي، وتشتبك نهاياتها مع البدايات وكأننا إزاء دائرة من المصائر، وما تنبأ به القرش في روايته الجديدة التي تنتمي للديستوبيا قد بدأ بالفعل؛ فأصبحت هناك شرائح ذكية تتم زراعتها لقراءة المخ والهواجس.

    وعن علاقته بالكتابة قال القرش في بداية الندوة “لست موظفا عند الكتابة ولا عند القارئ. أستمتع بالكتابة وأهرب منها؛ من استنزافها للروح، ولهذا لم أكتب منذ سنة 1995 سوى سبع روايات، والرواية الأولى ‘حديث الجنود’ نسيتها، حتى أرسل إليّ الناقد الكبير صبري حافظ مقالا كان قد كتبه عنها في نهايات التسعينات، ورفض نشره في صحيفة المصور فنشره في العرب اللندنية”.

    وتابع أن “الرواية فن أدبي ممتع، وليست شعارا سياسيا ولا لافتة يحملها صاحبها ساعيا إلى زعامة ما، وإن لم تكن الفن كذلك فلن يكتب له البقاء”.

    وأشار الكاتب المصري إلى أن روايته الجديدة “2067” هي اقترابه الثاني من ثورة 25 يناير 2011، بعد كتابه “الثورة الآن.. يوميات من ميدان التحرير”، الصادر عن قصور الثقافة 2012، و”لقد كانت لحظات مصرية بامتياز، ارتفعت فيها أرجوحة الثورة للعنان ولكنها سقطت في إحباطات متوالية”.

    وقدم الدكتور محمد السيد إسماعيل قراءة في روايات القرش، مقارنا بين روايته الحديثة ورواية “المايسترو” (2019) حيث لاحظ حضور بطولة المكان بامتياز؛ وهو الذي يحضر في علاقة أربعة رجال من العرب والأجانب من أطياف فكرية مختلفة يمينا ويسارا، توحدهم الشجون، فوق قارب في مدينة خليجية، يجرفه التيار ببطء. بينما نجد أنفسنا أمام بطولة الزمان في رواية “2067”، باستشراف مستقبل الأجيال العربية المقبلة، وسنرى أنها صورة مهتزة مشوشة بشكل كبير بعد سيطرة آلات الرقابة على البشر، بما يذكرنا بما فعله جورج أورويل في رائعته “1984”.

    ويستطرد الناقد إسماعي قائلا “القرش يضيف أبعادا اجتماعية ومنها طبقية ستظل لأجيال قادمة، فبطلة الرواية ‘سونهام’ أرستقراطية، ورغم تورطها في حب البطل المحامي ‘رشيد’ ولكنها سترفض الاقتران به لأنها تستحق شخصا من طبقتها، فهي مثال لسيطرة النزعة المادية وتلاشي الرومانسية الأسطورية التي روجتها الأفلام من عينة ‘رد قلبي’ حين أحبت ابنة الباشا ضابطا غير مكترثة بكونه ‘ابن الجنايني’، وعلى النقيض سنرى بين بطلات الرواية طالبة لا تعرف سوى الحديث بلغة الجسد”.

    وهناك سمات عامة لدى منجز سعد القرش، وهو استحضاره للحضارة المصرية القديمة، وكتاب “الخروج إلى النهار” الذي يذكرنا بالكثير من النصوص الدينية السماوية.

    وقدمت الدكتورة شيرين العدوي قراءة في ثلاثية “أول النهار”، “ليل أوزير”، “وشم وحيد”. ورأت أن الثلاثية تحمل لعنة طاردت عائلة بكل أجيالها كما أخبرتهم النبوءة، فكل خمسين عاما تحل كارثة، ويواجه عمران فاجعة جديدة.

    ورأت أن الراوي بدا مراوغا، فعنوان “أول النهار” يشي بالسطوع ولكنه يحمل أحداثا مروّعة من مثل فيضان النيل الذي أغرق قرى بأكملها، ولم يبق من عائلة البطل أحد، واضطر إلى أن يبدأ من الصفر على أرض جديدة تذكرنا بقصة نبي الله نوح عليه السلام.



    وأضافت العدوي أن “البنية السردية عند سعد القرش تمتاز بالبساطة والعمق والشاعرية والدراية بالشخصية المصرية القروية وتفاصيلها، والدراية كذلك بأبعاد الزمان والذي هو نهاية حقبة المماليك التي نجد حياة الأبطال مغايرة لها ومشابهة لحياتنا.. سنرى شخصيات من لحم ودم مثل الجدة بكل موروث الحكايا، وعمران الذي يحاول إقامة العدل في الأرض الجديدة ولكن الحياة لا تمهله، ونستمر في تتبع الأحفاد وهم يحاولون استكمال مسيرة الجد”.

    وفي شهادة إبداعية عن رواية “2067”، تحدث الشاعر والمسرحي أحمد سراج في ورقة باسم “ديوان الأيتام” عن تقنيات الكتابة المتمثلة في التلاعب، وبناء الفجوات في الرواية الجديدة لسعد القرش، واستحضار الرمز والنبوءة، وهي لعبة يتحول فيها الصياد إلى طريدة، والعكس، وتدق عليهما عقارب الساعة، فيشعر أحدهما بالرعب، فيما ينتظر الآخر قيامته، وهنا نحن أمام رواية تشير إلى تمام نضج الأحلام بعد الأربعين، والعودة من التيه.

    أما الروائية أمينة زيدان، فأشارت إلى القاموس المستوحى من المستقبل في الرواية، وواقعية اللغة الحوارية والتي تمزج العربية بالإنجليزية كما يحدث بين أبنائنا الآن، وقالت “سنرى بطولة التكنولوجيا وهيمنتها على البشر”، وأشارت زيدان إلى نساء روايات سعد القرش؛ وهن قويات ومتحديات لواقعهن مهما بلغت قسوته، بل ويبدو العالم أكثر قسوة كما نرى في الرواية؛ فهناك إشارة – في زمن الرواية – إلى أن حربا كونية سوف تقع، وتعظم من القبضة الحديدية على كل المجتمعات وتخضع البشر، ولكن يبزغ الأمل مع متحف مقتنيات الثورة.

    وتناولت الفنانة التشكيلية سماء يحيى الجانب التشكيلي في أعمال سعد القرش، وبدأت بكتاب “في مديح الأفلام”، الذي رأت أنه “يحتشد بصور درامية نرى فيها الصبي القروي الذي يحلم بدخول السينما، ويجلس مرتديا جلباب العيد الجديد، ليشاهد لأول مرة فيلما سيغير مسار حياته ويربطه بمحبة الفن، ثم وهو يشاهد في وقت لاحق في سياق مكاني مختلف في سينما كريم بالقاهرة فيلم ‘الطوق والإسورة’ فيقع في أسره”.

    ثم عرّجت الفنانة على الثلاثية التي بدت فيها حالة من الانقسام بين طبقة إقطاعيين وطبقة بسيطة من الفلاحين ممن حفروا القناة بأيديهم، ولم يجدوا قبورا تواري أجسادهم المنهكة، كما استطاع الكاتب تجسيد شتات عائلة عمران طيلة قرنين من الزمان.

    وختاما قارن الدكتور هشام عبدالعزيز أعمال سعد القرش بتاريخ الجبرتي ولكن في الأدب. وأشار الفنان التشكيلي محمد عبلة إلى كون الشخصيات في الروايات تحمل درجات من الظل والنور والظلام تماما مثل اللوحات. أما عالم المصريات الدكتور فكري حسن فأكد أن المؤرخ ما هو إلا حكاء، وأن الأدب لا ينفك عن التاريخ. فيما عبر الشاعر زين العابدين فؤاد عن أن الفن ليس لافتة ولكن دفقة من الحياة.

يعمل...
X