مئة عام على صدور "النبي": صدى صوت الشرق بالغرب
سليمان بختي 13 يناير 2023
استعادات
شارك هذا المقال
حجم الخط
هذه السنة هي مئوية كتاب "النبي" (1923) لجبران خليل جبران (1883-1931)، وهو رائعته وذروة كتبه وصانع شهرته في الغرب أولُا. وقد ترجم للمرة الأولى إلى العربية عن الأصل الإنكليزي من قبل الأرشمندريت أنطونيوس بشير في عام 1934 أي بعد وفاة جبران بثلاث سنوات. وبرأي سهيل بشروئي في كتابه "الأدب اللبناني بالإنكليزية" فإن أية ترجمة لكتاب "النبي" لا يمكن أن تحل محل الأصل. وترجم الكتاب فيما بعد لأكثر من خمسين لغة في العالم. وبيع منه أكثر من تسعة ملايين نسخة، ولم يفق "النبي" رواجًا في الولايات المتحدة سوى الكتاب المقدس. في عام 2014 تم إنتاج فيلم يحمل اسم "النبي"، سيناريو وإخراج روجير ألترس، وتمثيل ليام نيسون وسلمى حايك.
ظهر كتاب "النبي" في عام 1923 وخلال شهر نفدت الطبعة الأولى بنسخها الألف والثلاثمائة. وفي رسالة مؤرخة في 29 كانون الثاني/ يناير 1926 يكتب ناشر الكتاب (كنوبف) إلى جبران: "يسرني أن أخبرك أن "النبي" يحقق رواجًا حسنًا، فمبيعات العام الماضي تخطت الخمسة آلاف نسخة ونحن نخطط لمزيد من الإعلانات عن الكتاب تكون مخصصة لبائعي الكتب عوضا عن عامة الناس". علمًا أن دار كنوبف بالذات باعت أكثر من ثلاثة ملايين كتاب لتاريخه. واللافت في ردود جبران على رسائل ناشره اهتمامه المفرط بأدق التفاصيل المتعلقة بكتاب "النبي" وباقي مؤلفاته. كأن يطلب منه تكبير الأحرف الاستهلالية لكل فصل أو أن يرى صورة الغلاف قبل الطبع. ولكن من استلم النسخة الأولى من الكتاب قبل طرحه في الأسواق؟ أرسل جبران النسخة إلى صديقته ماري هاسكل التي تلقته بفرح غامر وكتبت إليه في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 1923: "الحبيب خليل، ها قد وصلني "النبي" اليوم، وبالفعل قد حقق أقصى آمالي فقد بدا بحجمه الموجز وكأنه يفتح أبوابًا جديدة من الرغائب والخيال، ويخلق حوله الكون بأسره في هالة من نور حتى لكأني أراه محورًا في كل شيء"، وتضيف شيئًا عن الرسوم التي زينت الكتاب بأنها "جعلت قلبي يقفز من داخلي عندما أنظر إليها. إنها رسوم جميلة". وتتابع وكأنها تقرأ في المستقبل: "سيكون هذا الكتاب في المستقبل أحد رموز الأدب الإنكليزي. وفي ساعات الظلمة التي تمر بها سنفتحه لنكتشف أنفسنا من جديد ولنجد أيضًا في نفوسنا السماء والأرض ثانية. ولن تستغني عنه الأجيال المتعاقبة بل ستجد فيه جيلًا بعد جيل ما تصبو إليه، وسيزداد حب البشر له كلما ازداد البشر نضجًا. إنه من بين ما خطه الإنسان أكثر الكتب امتلاء بالمحبة".
ما هي قصة ولادة هذا الكتاب منذ كان فكرة في خيال جبران؟
وضع جبران بذوره الأولى وهو لم يزل على مقاعد الدراسة في مدرسة الحكمة في بيروت لكنه أهمله بناء على نصيحة والدته. وبعد خمس سنوات عاودته فكرة الكتاب لكنه وضعه جانبا، مستذكرًا رأي والدته. وتروي بربارة يونغ (صديقته وصفيته) في كتابها "هذا الرجل من لبنان" أن كتاب "النبي" حمله جبران معه من بيروت إلى باريس إلى بوسطن حيث قرأ لوالدته وهي على سرير المرض ما كتبه عن المصطفى الشاعر. لكن كاملة رحمه وبالحكمة التي تعالج بها فتاها كما عالجته في طفولته ووثقت في مواهبه، قالت له: "جيد عملك يا جبران لكن وقته لم يحن بعد، دعه جانبًا". وهكذا كان. ولكنه بعد عشر سنوات ترك النص العربي نهائيًا ليحرره بالإنكليزية ويصدره في نيويورك في عام 1923. وكان قد كتب إلى مي زيادة يقول: "فكرت بكتابته منذ ألف عام".
لماذا أصاب الكتاب نجاحًا؟ برأي صديقه الأديب ميخائيل نعيمة (1889-1988) فإن جانبًا من نجاح الكتاب أو "الكتيب الغريب" هو في الإختيار الملهم للعنوان، إذ يقول: "وهكذا بكلمة واحدة، رفع جبران الفنان قمة شعر جبران الشاعر إلى مستوى النبوة وحتى قبل أن يتفوه به". وجبران نفسه يجيب على سؤال نعيمة كيف صمم "النبي" وكتبه فيقول جبران على طريقته: "وهل أنا كتبته؟ كلا، هو كتبني". ويضيف: "شغل هذا الكتاب كل حياتي. كنت أريد أن أتأكد من كل كلمة بأنها كانت حقًا أفضل ما أستطيع". ولكن أهمية هذا الكتاب تكمن بالإيمان العميق بالمحبة الشاملة، وأنه ينبع من إيمان بوحدة الكون وارتباط عوامل الوجود ببعضها البعض، والكل يشارك في وليمة الحياة، وأن الطبيعة تعلم الإنسان، وأن الإنسانية هي كتاب الإنسان، وأن الحياة هي مدرسته. وبعض النقاد رأوا فيه منافسًا حقيقيًا للكتاب المقدس ويبعث الأمل والتعزية والرجاء في النفوس. حتى أن الرئيس الاميركي ويلسون قال عنه غير مرة: "إنه أعظم كتاب بعد الإنجيل". ولكن هناك من ربط أهمية هذا الكتاب بتأثر جبران بكتاب "هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه الذي اعتبره جبران من أعظم الكتب في كل العصور في الشرق والغرب، وخاصة لجهة التماثل الواضح بين نيتشه وزرادشت وبين جبران والمصطفى. كلاهما غريب، وكلاهما يهبان الحكمة للبشر، وكلاهما يعتزل في جزيرة بعيدة. وثمة من رأى في الكتاب الأشهر بين آثار جبران استحالة تصنيفه كأدب أو فلسفة أو صوفية أو دعوة روحية وكيف يمكن بالتالي مقارنته مع معاصريه في الشرق والغرب. وأخذوا عليه أيضًا أنه بسّط الحقائق المعقدة وأوصل رسالة مباشرة للقارئ. وربما تحسب هذه النقطة له أكثر من عليه. وهناك من رأى أن جبران اعتمد على مساعدة ماري هاسكل في الصياغة الإنكليزية الجذابة للكتاب. إلا أن الشاعر توفيق صايغ (1923-1971) يشير في كتابه "أضواء جديدة على جبران" (1966) إلى أن جبران ظل يعتمد على ماري هاسكل في تدقيق مخطوطاته الإنكليزية. ولكن في المخطوطات الأصلية لكتاب "النبي" تظهر مساعدتها له في نواح تتعلق بتهجئة بعض المفردات مثلًا وسلامة النحو. ويستشهد بما دونته هاسكل في يومياتها إذ تقول: إن أسلوب جبران في الإنكليزية هو أجمل أسلوب عرفته، إنه خلاق مدهش في سهولته".
يقدّم كتاب "النبي" صورة للإنسان الكامل والمعلم والحكيم. هذه خلاصة أفكار جبران وتجاربه وما اطلع عليه من الأفكار والفلسفات في الشرق والغرب. وذات مرة علق جبران بقوله: "إنه ديانتي، وأقدس قدسيات حياتي، وأتمنى لو أقرأه في إحدى الكنائس".
يبقى السؤال: هل حاول جبران أن يعادل بين الشاعر والنبي أو أن يمارس الإسقاط من صورته وذاته. ولعله لا يخفي ذلك لا بل يشير بشكل غير مباشر إلى هذه النقطة حين يكتب إلى ماري هاسكل في تشرين الأول/ أكتوبر 1922: "الفارق بين النبي والشاعر هو أن النبي يعيش تعاليمه، بينما لا يفعل الشاعر ذلك. فالشاعر قد يكتب عن الحب بصورة رائعة، ولكنه قد لا يكون إنسانًا محبًا".
ماذا حصل بعد نجاح كتاب "النبي"؟ وهل كان جبران حقًا بصدد ثلاثية في موضوع "النبي" لم يمهله القدر لإكمالها؟ والحال، استغرق تأليف كتاب "النبي" وقتًا طويلًا ومسودات كثيرة وتبدلًا في الأسماء وقد سماه جبران ذات مرة بـ "المواعظ". بعد صدور كتاب "النبي" وتحقيقه للنجاح والشهرة لبث جبران ثلاث سنوات يفكر متهيبًا فيما عساه أن يكتب بعد "النبي"؟ وهل عساه أن ينتج كتابًا جديدًا يحافظ فيه على نجاحه في "النبي" ويضيف إليه؟ يروي ميخائيل نعيمة، في كتابه "جبران"- 1934، أنه بالفعل كان بصدد ثلاثية يكون الكتاب الثاني فيها "حديقة النبي" ويتناول علاقة الإنسان بالطبيعة، وقد صدر الكتاب بعد وفاة جبران وترجمه إلى العربية ثروت عكاشة وذلك بعد أن جمعته صديقته بربارة يونغ وأضافت إليه بعض الصفحات. وتؤكد ماري هاسكل في مذكراتها أن جبران أطلعها على الهيكل العظمي لكتابه "حديقة النبي". أما الكتاب الثالث وهو "موت النبي" فإنه لم يكتبه أبدًا. ولكن فكرته تكمن في عودة النبي من جزيرته وتأتيه جماعات متنوعة فيتحدث إليها عن الهواء فوق الأرض وتحت الغيوم والأمس والغد والفصول الأربعة والنمو والولادة والنور والدخان والظلام وسقوط الثلج. ويلقى النبي في السجن وعندما يطلق سراحه من جديد يذهب إلى الساحة فيرجمونه.
بعد مائة عام على صدوره يبقى كتاب "النبي" أحد أجمل أصوات الشرق في الغرب، بحسب الناقد الإيرلندي جورج راسل. ولا يزال يوسع نطاقه ومجاله للوصول إلى وجدان الإنسان وقلبه فيما يشبه الصدى لأمنية جبران حين قال: "إن أنا استطعت أن أفتح لإنسان ما زاوية جديدة في قلبه، فإني لا أكون قد عشت عبثًا".
سليمان بختي 13 يناير 2023
استعادات
شارك هذا المقال
حجم الخط
هذه السنة هي مئوية كتاب "النبي" (1923) لجبران خليل جبران (1883-1931)، وهو رائعته وذروة كتبه وصانع شهرته في الغرب أولُا. وقد ترجم للمرة الأولى إلى العربية عن الأصل الإنكليزي من قبل الأرشمندريت أنطونيوس بشير في عام 1934 أي بعد وفاة جبران بثلاث سنوات. وبرأي سهيل بشروئي في كتابه "الأدب اللبناني بالإنكليزية" فإن أية ترجمة لكتاب "النبي" لا يمكن أن تحل محل الأصل. وترجم الكتاب فيما بعد لأكثر من خمسين لغة في العالم. وبيع منه أكثر من تسعة ملايين نسخة، ولم يفق "النبي" رواجًا في الولايات المتحدة سوى الكتاب المقدس. في عام 2014 تم إنتاج فيلم يحمل اسم "النبي"، سيناريو وإخراج روجير ألترس، وتمثيل ليام نيسون وسلمى حايك.
ظهر كتاب "النبي" في عام 1923 وخلال شهر نفدت الطبعة الأولى بنسخها الألف والثلاثمائة. وفي رسالة مؤرخة في 29 كانون الثاني/ يناير 1926 يكتب ناشر الكتاب (كنوبف) إلى جبران: "يسرني أن أخبرك أن "النبي" يحقق رواجًا حسنًا، فمبيعات العام الماضي تخطت الخمسة آلاف نسخة ونحن نخطط لمزيد من الإعلانات عن الكتاب تكون مخصصة لبائعي الكتب عوضا عن عامة الناس". علمًا أن دار كنوبف بالذات باعت أكثر من ثلاثة ملايين كتاب لتاريخه. واللافت في ردود جبران على رسائل ناشره اهتمامه المفرط بأدق التفاصيل المتعلقة بكتاب "النبي" وباقي مؤلفاته. كأن يطلب منه تكبير الأحرف الاستهلالية لكل فصل أو أن يرى صورة الغلاف قبل الطبع. ولكن من استلم النسخة الأولى من الكتاب قبل طرحه في الأسواق؟ أرسل جبران النسخة إلى صديقته ماري هاسكل التي تلقته بفرح غامر وكتبت إليه في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 1923: "الحبيب خليل، ها قد وصلني "النبي" اليوم، وبالفعل قد حقق أقصى آمالي فقد بدا بحجمه الموجز وكأنه يفتح أبوابًا جديدة من الرغائب والخيال، ويخلق حوله الكون بأسره في هالة من نور حتى لكأني أراه محورًا في كل شيء"، وتضيف شيئًا عن الرسوم التي زينت الكتاب بأنها "جعلت قلبي يقفز من داخلي عندما أنظر إليها. إنها رسوم جميلة". وتتابع وكأنها تقرأ في المستقبل: "سيكون هذا الكتاب في المستقبل أحد رموز الأدب الإنكليزي. وفي ساعات الظلمة التي تمر بها سنفتحه لنكتشف أنفسنا من جديد ولنجد أيضًا في نفوسنا السماء والأرض ثانية. ولن تستغني عنه الأجيال المتعاقبة بل ستجد فيه جيلًا بعد جيل ما تصبو إليه، وسيزداد حب البشر له كلما ازداد البشر نضجًا. إنه من بين ما خطه الإنسان أكثر الكتب امتلاء بالمحبة".
ما هي قصة ولادة هذا الكتاب منذ كان فكرة في خيال جبران؟
وضع جبران بذوره الأولى وهو لم يزل على مقاعد الدراسة في مدرسة الحكمة في بيروت لكنه أهمله بناء على نصيحة والدته. وبعد خمس سنوات عاودته فكرة الكتاب لكنه وضعه جانبا، مستذكرًا رأي والدته. وتروي بربارة يونغ (صديقته وصفيته) في كتابها "هذا الرجل من لبنان" أن كتاب "النبي" حمله جبران معه من بيروت إلى باريس إلى بوسطن حيث قرأ لوالدته وهي على سرير المرض ما كتبه عن المصطفى الشاعر. لكن كاملة رحمه وبالحكمة التي تعالج بها فتاها كما عالجته في طفولته ووثقت في مواهبه، قالت له: "جيد عملك يا جبران لكن وقته لم يحن بعد، دعه جانبًا". وهكذا كان. ولكنه بعد عشر سنوات ترك النص العربي نهائيًا ليحرره بالإنكليزية ويصدره في نيويورك في عام 1923. وكان قد كتب إلى مي زيادة يقول: "فكرت بكتابته منذ ألف عام".
وضع جبران بذور الكتاب الأولى وهو لم يزل على مقاعد الدراسة في مدرسة الحكمة في بيروت لكنه أهمله بناء على نصيحة والدته |
"هناك من ربط أهمية هذا الكتاب بتأثر جبران بكتاب "هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه الذي اعتبره جبران من أعظم الكتب في كل العصور في الشرق والغرب" |
يبقى السؤال: هل حاول جبران أن يعادل بين الشاعر والنبي أو أن يمارس الإسقاط من صورته وذاته. ولعله لا يخفي ذلك لا بل يشير بشكل غير مباشر إلى هذه النقطة حين يكتب إلى ماري هاسكل في تشرين الأول/ أكتوبر 1922: "الفارق بين النبي والشاعر هو أن النبي يعيش تعاليمه، بينما لا يفعل الشاعر ذلك. فالشاعر قد يكتب عن الحب بصورة رائعة، ولكنه قد لا يكون إنسانًا محبًا".
ماذا حصل بعد نجاح كتاب "النبي"؟ وهل كان جبران حقًا بصدد ثلاثية في موضوع "النبي" لم يمهله القدر لإكمالها؟ والحال، استغرق تأليف كتاب "النبي" وقتًا طويلًا ومسودات كثيرة وتبدلًا في الأسماء وقد سماه جبران ذات مرة بـ "المواعظ". بعد صدور كتاب "النبي" وتحقيقه للنجاح والشهرة لبث جبران ثلاث سنوات يفكر متهيبًا فيما عساه أن يكتب بعد "النبي"؟ وهل عساه أن ينتج كتابًا جديدًا يحافظ فيه على نجاحه في "النبي" ويضيف إليه؟ يروي ميخائيل نعيمة، في كتابه "جبران"- 1934، أنه بالفعل كان بصدد ثلاثية يكون الكتاب الثاني فيها "حديقة النبي" ويتناول علاقة الإنسان بالطبيعة، وقد صدر الكتاب بعد وفاة جبران وترجمه إلى العربية ثروت عكاشة وذلك بعد أن جمعته صديقته بربارة يونغ وأضافت إليه بعض الصفحات. وتؤكد ماري هاسكل في مذكراتها أن جبران أطلعها على الهيكل العظمي لكتابه "حديقة النبي". أما الكتاب الثالث وهو "موت النبي" فإنه لم يكتبه أبدًا. ولكن فكرته تكمن في عودة النبي من جزيرته وتأتيه جماعات متنوعة فيتحدث إليها عن الهواء فوق الأرض وتحت الغيوم والأمس والغد والفصول الأربعة والنمو والولادة والنور والدخان والظلام وسقوط الثلج. ويلقى النبي في السجن وعندما يطلق سراحه من جديد يذهب إلى الساحة فيرجمونه.
بعد مائة عام على صدوره يبقى كتاب "النبي" أحد أجمل أصوات الشرق في الغرب، بحسب الناقد الإيرلندي جورج راسل. ولا يزال يوسع نطاقه ومجاله للوصول إلى وجدان الإنسان وقلبه فيما يشبه الصدى لأمنية جبران حين قال: "إن أنا استطعت أن أفتح لإنسان ما زاوية جديدة في قلبه، فإني لا أكون قد عشت عبثًا".