عن أسرة مرّاش الأدبية في حلب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عن أسرة مرّاش الأدبية في حلب

    عن أسرة مرّاش الأدبية في حلب
    فيصل خرتش 9 يناير 2023
    استعادات
    فرنسيس فتح الله مرّاش وبعض كتبه
    شارك هذا المقال
    حجم الخط

    في مدينة حلب، عاش كثير من الشعراء والأدباء والمؤرخين، منهم المتنبي، وأبو فراس الحمداني، والسهروردي، والنسيمي، وسواهم ممن كانت حلب مقامه وملاذه، وموطنًا لروحه قبل جسده. وعاش فيها رزق الله حسون، منشئ أوّل صحيفة عربية، وأنطوان الصقال، وابنه ميخائيل، صاحب الروايات المبكرة في الأدب العربي، وجبرائيل الدّلال، وقسطاكي الحمصي، صاحب أوّل كتاب في النقد الأدبي، والشاعر والموسيقي محمّد الورّاق، وعبد الرحمن الكواكبي. كما عاش آخرون مثلوا علامات فارقة في تاريخ الأدب والفن في القرن العشرين، أمثال: عمر أبو ريشة، وشكيب الجابري، وخليل الهنداوي، وجورج سالم، وأديب نحوي.
    كانت حلب، وستبقى لائقة ببديعة الأخطل الصغير، لا سيما قوله:
    لو ألّفَ المجد سِفْرًا عن مفاخره لراح يكتبُ في عنوانه حلبا.

    وفي حلب تفوّقت أسرة مرّاش، فرفعت لواء اللغة العربية، وعُرف منها منذ القرن الثامن عشر كل من بطرس مرّاش، وفتح الله مرّاش، وخلفه أولاده الثلاثة: فرنسيس، وعبد الله، ومريانا، التي كانت أوّل سيدة عربية تكتب في الصحف، وأسست صالونًا أدبيًا في منزلها في حلب كانت تلتقي فيه نخبة من روّاد الفكر والأدب والشعر والفن.
    ولد الأديب والطبيب والشاعر والروائي والباحث فرنسيس فتح الله مرّاش في حلب في التاسع والعشرين من شهر يونيو/ حزيران عام 1836م، ولمّا بلغ الرابعة من عمره أصيب بمرض الحصبة، وكادت تؤدي بحياته، وعلى الرغم من أنه شفي منها، إلا أنها تركت آثارها البليغة في جسمه وبصره. درس فرنسيس العلوم اللسانية ودرس الشعر والأدب، ثم سافر إلى باريس لدراسة الطب في جامعتها، لكنه أصيب بالشلل، بعد عامين، في أعصاب بصره، فعاد إلى حلب، وهو فاقد البصر كليًا. فجع بوالديه، فاستسلم للحزن وصار لا يأنس إلا بقراءة شعر المعري، وكتابات شوبنهاور. انكب فرنسيس على التأليف، فأصدر عشرة كتب، منها: ديوان شعر، ورواية تعد الرواية الأولى في سورية، وهي أميل للرواية الفلسفية... مات مبكرًا وهو في السابعة والثلاثين من عمره في عام 1873.
    مريانا وعبد الله مرّاش
    "أصدر فرنسيس مرّاش عشرة كتب، منها: ديوان شعر، ورواية تعد الرواية الأولى في سورية، وهي أميل للرواية الفلسفية... مات مبكرًا وهو في السابعة والثلاثين من عمره في عام 1873"


    وولد عبد الله مرّاش في الرابع عشر من شهر مايو/ أيار عام 1839، في حلب، ونشأ فيها. تأدب فتلقى في حداثته مبادئ علوم العربية والخط والحساب، ثم دخل مدرسة للرهبان، فأخذ عنهم أصول اللغة الإيطالية، ثم انصرف إلى أعمال التجارة، وأنشأ شركة تجارية في مانشستر في بريطانيا، ثم انتقل إلى باريس في عام 1870، وغادرها إلى مرسيليا، وظل فيها حتى وافته المنية عام 1955، في السابع عشر من يناير/ كانون الثاني.
    انصرف إلى المطالعة والتوسع في العلم، وكان ضليعًا في الإنشاء العربي، وله مقالات في الأخلاق والأدب، ورسائل في العلوم العصرية والأحوال السياسية، وكان مع ذلك يتقن ثلاث لغات أجنبية، ويكتب فيها جميعًا.
    وولدت مريانا مرّاش عام 1869م في حلب، وتلقت دراستها في حلب وبيروت، وتعلّمت العزف على آلتي القانون والبيانو، وما هي إلا سنوات حتى أخذت تقرض الشعر، فنظمت بضع قصائد أرسلتها إلى مجلة "الجنان"، التي كان يصدرها بطرس البستاني، فنشرها لها، وشجعها على مواصلة النظم. كما نشر لها "روح التمدن الحديث". وكان روّاد صالونها الأدبي نخبة من أدباء حلب يومذاك، وهي أوّل أديبة عربية فتحت بيتها لاستقبال الأدباء. جمعت مريانا قصائدها ومقطوعاتها الشعرية في ديوان أسمته "بنات فكر"، فيه قصائد المدح والوجد والحكم والرثاء والغزل.
    لم يصفُ الدهر لمريانا مرّاش، فبعد أن نعمت في شبابها بالجمال الأخاذ والملاحة والحسن، داهمها مرض جنون الاكتئاب "المالنخوليا". أنجبت ثلاثة أولاد هم: جبرائيل، وليا، وأسما، وتوفيت في حلب عام 1919 تاركة صدى أدبيًا سيظل يتردّد على مرّ الزمان وتعاقب الأجيال. وقالت مسّطرة بعض أبيات من نظمها:
    للعاشقين بأحكام الغرام رضــًا/ يمسون صرعى به لم يُوْنَفُوا المرضا
    جاروا وما عدلوا في الحبّ إذ تركوا/ عهد الوفي الذي للعهد ما نقضا.
يعمل...
X