من الأبيض والأسود إلى الألوان.. تقنية تصوير تغير تاريخ السينما
كان لتقنية التصوير بالألوان الفضل الكبير في النجاح الساحق للأفلام في بداية الأربعينيات (بيكسلز)
نقلت تقنية "تكنيكولور" (Technicolor) أفلام هوليود من الأبيض والأسود إلى عالم الألوان، وهيمنت لعقود على صناعة السينما الأميركية، قبل أن تندثر في سبعينيات القرن الماضي.
في تقرير نشره موقع "ماي مودرن ميت" (MyModernMet) الأميركي، سلطت الكاتبة مادلين موزداكيس الضوء على المراحل التي مرت بها هذه التقنية منذ ظهورها أوائل القرن الـ20، وأبرز الأفلام التي صورت بها وحققت نجاحا جماهيريا باهرا.
بدايات تقنية التصوير بالألوان
تقول الكاتبة إنه مع ظهور الأفلام وتقديمها للجمهور اعتاد الناس على رؤية كل شيء بالأبيض والأسود، قبل أن تتغير الأمور في أوائل القرن الـ20 عندما ظهرت تقنية "تكنيكولور" للتصوير بالألوان.
في البداية كان استخدام هذه التقنية محدودا للغاية، وكانت الأشرطة تصبغ بعناية أو تلون باليد.
وفي عام 1908 ظهرت تقنية جديدة في أحد الأفلام عرفت بتقنية "كينيما كولر" (Kinémacolor)، وتقوم على عرض الصور على شاشة عرض سينمائي من خلال "فلاتر" باللونين الأحمر والأخضر، وكانت معدات العرض مكلفة للغاية كذلك.
عشرينيات هوليود
توضح الكاتبة أن أفلام العشرينيات غيرت مجرى صناعة السينما بإضافة ميزتين جديدتين، هما الصوت والألوان، وقد أدى إدخال تقنية الحوار المتزامن في تلك الفترة إلى اندثار الأفلام الصامتة وظهور أول الأفلام الروائية بالألوان.
وحسب الكاتبة، لم تنل التقنيات الجديدة الكثير من الإعجاب فور ظهورها، حيث أعرب عدد من صناع الأفلام والممثلين عن خشيتهم من أن يؤدي إقحام الألوان والصوت إلى تشتيت أذهان المشاهدين.
وفي عام 1922 دخل عصر الألوان في السينما مرحلة جديدة، إذ صورت الأفلام باستخدام تقنية الشريطين المنفصلين، والتي تعتمد تقسيم الضوء الأحمر والأخضر على شريطين، ثم دمجهما في شريط واحد في آخر المطاف.
وتوضح الكاتبة أن عملية التصوير بالألوان كانت في تلك المرحلة باهظة الثمن، لذلك اقتصرت أغلب أفلام عشرينيات القرن الماضي على استخدام الألوان في عدد قليل من المشاهد، وغالبا ما كانت تستخدم في حفلات الزفاف أو الرقص.
وبحلول الثلاثينيات حظيت تقنية "تكنيكولور" بانتشار أوسع، بعد أن استثمرت الشركة وقتا في البحث عن تأثير الألوان على المشاعر وطورت تقنية جديدة تعتمد 3 ألوان لتوفير متعة أكبر للمشاهدين.
كانت الكاميرات الجديدة التي ابتكرتها الشركة ضخمة الحجم وتحتوي على 3 بكرات منفصلة، وقد تم استخدام كل بكرة لإنشاء نسخة موجبة تسمى المصفوفة، ثم نقل الصبغة ومزج الألوان الأساسية للحصول على الصورة النهائية.
كلارك غيبل بطل فيلم "ذهب مع الريح"(غيتي)عالم جديد من الألوان
هيمنت تقنية نقل الصبغة على صناعة الأفلام الملونة لأكثر من عقدين، وقد استخدمت في أفلام عدة، من أشهرها "ذهب مع الريح" (1939)، و"مغامرات روبن هود" (1938)، و"ديزني سنو وايت" (1937).
وكان لتقنية التصوير بالألوان الفضل الكبير في النجاح الساحق الذي حققه فيلم "ساحر أوز" الذي أخرجه فيكتور فليمنغ عام 1939 كما تقول الكاتبة.
كان حذاء الياقوت الذي ترتديه بطلة الفيلم فضي اللون في الأصل، لكن المنتجين رأوا أن الأحمر اللامع سيكون مناسبا أكثر.
وحسب الكاتبة، مثّل فيلم "ساحر أوز" نقطة تحول مهمة في علاقة صانعي الأفلام والجمهور بالألوان.
في البداية، اصطبغت مدينة كانساس باللون البني الداكن المائل إلى الحمرة، في إشارة إلى أن المدينة خرجت للتو من الكساد العظيم وفترة الجفاف الحاد التي ضربت المنطقة الوسطى من الولايات المتحدة الأميركية، كما اصطبغ الديكور بالكامل وأزياء دوروثي (الشخصية الرئيسية) بهذا اللون.
وبعد انتقال دوروثي إلى "أوز" أصبحت الملابس ملونة وزاهية، وقد خشي صناع الفيلم في البداية من أن يكون تأثير ذلك سلبيا ويشتت انتباه الجمهور عن القصة، لكن العكس تماما هو الذي حصل، إذ أصبح ذلك الانتقال جزءا أصيلا من حبكة الفيلم وأداة سردية مهمة.
المنافسة والاندثار
تقول الكاتبة إن تقنية "تكنيكولور" ظلت مهيمنة على صناعة السينما حتى خمسينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي انتشرت فيها الأفلام الملونة بشكل كبير وأصبحت أقل تكلفة.
لكن تقنيتي "إيستمان كوداك" (Eastmancolor by Kodak) و"أنسكو كولور" (Anscocolor by Ansco) مثّلتا بديلين أقل تكلفة، فبدلا من استعمال 3 أشرطة لم تتطلب التقنيتان الجديدتان سوى بكرة واحدة.
وللبقاء في الصدارة ركزت "تكنيكولور" على إظهار تفوقها في الألوان ووضوح الصورة، وبدأت بتحويل أفلام مصورة بتقنيات أخرى إلى أفلام منتجة بتقنيتها، وأعادت تصميم كاميراتها الضخمة لتلائم الشاشات العريضة.
وبعد مضي 50 عاما على ظهورها اندثرت تقنية "تكنيكولور" في سبعينيات القرن الماضي، وقد ابتكرت الشركة في الثمانينيات عملية كيميائية تعرف باسم "المعالجة دون تبييض"، وقد استخدم العديد من المخرجين هذه التقنية، ومنهم ستيفن سبيلبرغ في فيلم "إنقاذ الجندي رايان".
ومع تحول الأستوديوهات الحديثة نحو تقنية التصوير الرقمي أعادت الشركة في القرن الحالي إنتاج عدد من الأفلام القديمة واقتحمت مجالات متعددة في عالم الوسائط الرقمية.
وتختم الكاتبة بأن تقنية "تكنيكولور" تركت إرثا كبيرا في عالم الأفلام السينمائية وأثرت على 3 أجيال من رواد صناعة السينما، وما زالت تشكل رمزا لجميع الأشياء الملونة النابضة بالحياة.
المصدر : الصحافة الأميركية
من الأبيض والأسود إلى الألوان.. تقنية تصوير تغير تاريخ السينما
كان لتقنية التصوير بالألوان الفضل الكبير في النجاح الساحق للأفلام في بداية الأربعينيات (بيكسلز)
نقلت تقنية "تكنيكولور" (Technicolor) أفلام هوليود من الأبيض والأسود إلى عالم الألوان، وهيمنت لعقود على صناعة السينما الأميركية، قبل أن تندثر في سبعينيات القرن الماضي.
في تقرير نشره موقع "ماي مودرن ميت" (MyModernMet) الأميركي، سلطت الكاتبة مادلين موزداكيس الضوء على المراحل التي مرت بها هذه التقنية منذ ظهورها أوائل القرن الـ20، وأبرز الأفلام التي صورت بها وحققت نجاحا جماهيريا باهرا.
بدايات تقنية التصوير بالألوان
تقول الكاتبة إنه مع ظهور الأفلام وتقديمها للجمهور اعتاد الناس على رؤية كل شيء بالأبيض والأسود، قبل أن تتغير الأمور في أوائل القرن الـ20 عندما ظهرت تقنية "تكنيكولور" للتصوير بالألوان.
في البداية كان استخدام هذه التقنية محدودا للغاية، وكانت الأشرطة تصبغ بعناية أو تلون باليد.
وفي عام 1908 ظهرت تقنية جديدة في أحد الأفلام عرفت بتقنية "كينيما كولر" (Kinémacolor)، وتقوم على عرض الصور على شاشة عرض سينمائي من خلال "فلاتر" باللونين الأحمر والأخضر، وكانت معدات العرض مكلفة للغاية كذلك.
عشرينيات هوليود
توضح الكاتبة أن أفلام العشرينيات غيرت مجرى صناعة السينما بإضافة ميزتين جديدتين، هما الصوت والألوان، وقد أدى إدخال تقنية الحوار المتزامن في تلك الفترة إلى اندثار الأفلام الصامتة وظهور أول الأفلام الروائية بالألوان.
وحسب الكاتبة، لم تنل التقنيات الجديدة الكثير من الإعجاب فور ظهورها، حيث أعرب عدد من صناع الأفلام والممثلين عن خشيتهم من أن يؤدي إقحام الألوان والصوت إلى تشتيت أذهان المشاهدين.
وفي عام 1922 دخل عصر الألوان في السينما مرحلة جديدة، إذ صورت الأفلام باستخدام تقنية الشريطين المنفصلين، والتي تعتمد تقسيم الضوء الأحمر والأخضر على شريطين، ثم دمجهما في شريط واحد في آخر المطاف.
وتوضح الكاتبة أن عملية التصوير بالألوان كانت في تلك المرحلة باهظة الثمن، لذلك اقتصرت أغلب أفلام عشرينيات القرن الماضي على استخدام الألوان في عدد قليل من المشاهد، وغالبا ما كانت تستخدم في حفلات الزفاف أو الرقص.
وبحلول الثلاثينيات حظيت تقنية "تكنيكولور" بانتشار أوسع، بعد أن استثمرت الشركة وقتا في البحث عن تأثير الألوان على المشاعر وطورت تقنية جديدة تعتمد 3 ألوان لتوفير متعة أكبر للمشاهدين.
كانت الكاميرات الجديدة التي ابتكرتها الشركة ضخمة الحجم وتحتوي على 3 بكرات منفصلة، وقد تم استخدام كل بكرة لإنشاء نسخة موجبة تسمى المصفوفة، ثم نقل الصبغة ومزج الألوان الأساسية للحصول على الصورة النهائية.
كلارك غيبل بطل فيلم "ذهب مع الريح"(غيتي)عالم جديد من الألوان
هيمنت تقنية نقل الصبغة على صناعة الأفلام الملونة لأكثر من عقدين، وقد استخدمت في أفلام عدة، من أشهرها "ذهب مع الريح" (1939)، و"مغامرات روبن هود" (1938)، و"ديزني سنو وايت" (1937).
وكان لتقنية التصوير بالألوان الفضل الكبير في النجاح الساحق الذي حققه فيلم "ساحر أوز" الذي أخرجه فيكتور فليمنغ عام 1939 كما تقول الكاتبة.
كان حذاء الياقوت الذي ترتديه بطلة الفيلم فضي اللون في الأصل، لكن المنتجين رأوا أن الأحمر اللامع سيكون مناسبا أكثر.
وحسب الكاتبة، مثّل فيلم "ساحر أوز" نقطة تحول مهمة في علاقة صانعي الأفلام والجمهور بالألوان.
في البداية، اصطبغت مدينة كانساس باللون البني الداكن المائل إلى الحمرة، في إشارة إلى أن المدينة خرجت للتو من الكساد العظيم وفترة الجفاف الحاد التي ضربت المنطقة الوسطى من الولايات المتحدة الأميركية، كما اصطبغ الديكور بالكامل وأزياء دوروثي (الشخصية الرئيسية) بهذا اللون.
وبعد انتقال دوروثي إلى "أوز" أصبحت الملابس ملونة وزاهية، وقد خشي صناع الفيلم في البداية من أن يكون تأثير ذلك سلبيا ويشتت انتباه الجمهور عن القصة، لكن العكس تماما هو الذي حصل، إذ أصبح ذلك الانتقال جزءا أصيلا من حبكة الفيلم وأداة سردية مهمة.
المنافسة والاندثار
تقول الكاتبة إن تقنية "تكنيكولور" ظلت مهيمنة على صناعة السينما حتى خمسينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي انتشرت فيها الأفلام الملونة بشكل كبير وأصبحت أقل تكلفة.
لكن تقنيتي "إيستمان كوداك" (Eastmancolor by Kodak) و"أنسكو كولور" (Anscocolor by Ansco) مثّلتا بديلين أقل تكلفة، فبدلا من استعمال 3 أشرطة لم تتطلب التقنيتان الجديدتان سوى بكرة واحدة.
وللبقاء في الصدارة ركزت "تكنيكولور" على إظهار تفوقها في الألوان ووضوح الصورة، وبدأت بتحويل أفلام مصورة بتقنيات أخرى إلى أفلام منتجة بتقنيتها، وأعادت تصميم كاميراتها الضخمة لتلائم الشاشات العريضة.
وبعد مضي 50 عاما على ظهورها اندثرت تقنية "تكنيكولور" في سبعينيات القرن الماضي، وقد ابتكرت الشركة في الثمانينيات عملية كيميائية تعرف باسم "المعالجة دون تبييض"، وقد استخدم العديد من المخرجين هذه التقنية، ومنهم ستيفن سبيلبرغ في فيلم "إنقاذ الجندي رايان".
ومع تحول الأستوديوهات الحديثة نحو تقنية التصوير الرقمي أعادت الشركة في القرن الحالي إنتاج عدد من الأفلام القديمة واقتحمت مجالات متعددة في عالم الوسائط الرقمية.
وتختم الكاتبة بأن تقنية "تكنيكولور" تركت إرثا كبيرا في عالم الأفلام السينمائية وأثرت على 3 أجيال من رواد صناعة السينما، وما زالت تشكل رمزا لجميع الأشياء الملونة النابضة بالحياة.
المصدر : الصحافة الأميركية