الكاتب الكويتي إبراهيم المليفي حفيد رحالة "سفرنامة"
الرواية تُهدد أدب الرحلات بعد اجتذابها للكثير من الشعراء.
الثلاثاء 2022/08/02
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أدب الرحلات قادر على جذب القراء
تسبب طغيان الروايات في تهميش الكثير من أصناف الأدب العربي الأخرى، لعل أبرزها أدب الرحلة، الذي مازال، رغم أهميته البالغة، يواجه نوعا من التهميش في تناوله سواء بالكتابة فيه أو عنه، أو بتحقيق رحلات سابقة. ولكن الاهتمام يتزايد تدريجيا بهذا الأدب الذي قدم للمدونة العربية نصوصا تأريخية وأدبية غاية في الأهمية، كما يستقطب اليوم الكثير من الكتاب الذين أضافوا إليه أشكالا ومواضيع أخرى، تحاول استكشاف مواضع جديدة غير مطروقة سابقا.
قرابة خمس سنوات مضت، أو يزيد، على صدور كتاب ” كُنّا هُناك: صراع مضى وإرث بقي” للكاتب الكويتي إبراهيم المليفي، رئيس تحرير مجلة العربي، الكتاب الذي تلمّس فيه الكاتب بقايا الوجود الإسلامي في القارة الأوروبية، لا تزال أصداؤه باقية، ولا يزال موضوعا للنقاش في المؤتمرات والندوات التي كانت آخرها أقيمت أخيرا في رابطة الشباب الكويتي “نادي أوراق”.
وخلال الندوة تحدث المؤلف عن فصول كتابه الذي جمع فيه تفاصيل ست رحلات إلى مناطق أوروبية، ونشرت على صفحات مجلة العربي في وقت سابق، ليجمعها لاحقا في كتاب.
أدب الرحلات
العامل الفارق ما بين رحلات الرحّالة قديما، ورحلات اليوم، هو عامل تطور المواصلات الذي يمكن استغلاله إيجابيا
رغم أن العالم أصبح قرية بفعل التطور التكنولوجي وشبكة الإنترنت التي قرّبت أركان العالم وجعلت أقاصيه متاحة بنقرة زر، فإن ذلك لم يحجب أهمية أدب الرحلة ككتابة تتلاحم فيها الأجناس الأدبية لتروي سير الأمكنة والأزمنة. وعلى العكس فإن الاهتمام يتزايد تدريجيا بهذا الأدب الذي قدم للمدونة العربية نصوصا تأريخية وأدبية غاية في الأهمية، كما يستقطب اليوم الكثير من الكتاب الذين أضافوا إليه أشكالا ومواضيع أخرى.
وقد أوضح المليفي لجمهور الندوة أن رحلات كتابه الستة، تتناول الجزر المهمة المطلة على البحر المتوسط، وبلدانا استوطنها المسلمون قديما ثم تركوها أو جرى طردهم منها، عدا بلد واحد مما تناولته رحلات الكتاب، هو البوسنة والهرسك، الذي ظلّ المسلمون يشكلون غالبية السكان فيه حتى اليوم.
وحرص الكاتب على أن تكون تلك الرحلات بمثابة استجلاء للزمن، ودعوة للاهتمام بالمناطق التي يتوفر فيها نوع التواصل الحضاري مع الآخر، مشيرا إلى أن كتابه ينتمي إلى ذلك النمط الأدبي الذي أبدع فيه الرحّالة العرب قديما، وأنه يفخر بكونه من أحفاد هؤلاء الرحّالة الذين ساهموا في تأسيس سلسلة أدب الرحلات التي تُعرف بـ”سفرنامة”.
وتطرق المليفي في حديثه إلى الكثير من القضايا المتعلقة بالثقافة والإبداع، كما تحدث عن قضية المياه عالميا، وتوقع أن يكون الماء سببا لتفجر الحروب القادمة، إقليميا ودوليا.
وتناول الكاتب الكويتي مصطلح الرحلة المعاصرة، ولفت إلى أن العامل الفارق ما بين رحلات الرحّالة قديما، ورحلات اليوم، هو عامل تطور المواصلات، حيث كان الرحّالة قديما يقوم برحلة واحدة، وقد لا يعود منها حيّا، فيما يمكن للرحّالة اليوم أن يقوم بمجموعة من الرحلات اللا محدودة، وأن يذهب إلى أبعد الأماكن، بفضل تطور وسائل المواصلات.
وأشار إلى أن الأثر الكبير للرحلة يتحقق من خلال التخطيط الذي اعتبره عاملا مهما بين عوامل نجاح الرحلة، وخاصة إذا ما تم ربط ذلك برؤية واعية كالبحث عن مساحات للتفاهم مع الآخر، في إشارة إلى أهمية أدب الرحلات في نشر ثقافة الحوار وقبول الآخر.
وحرص المليفي في حديثه على بيان ما يمتلكه أدب الرحلات من قدرة على جذب جموع القراء، وذلك لكونه يحاكي شيئا مهما لدى كل قارئ، وهو الشغف والفضول لمعرفة الغريب والمختلف لدى الآخر.
أبرز عنصر أدبي
أدب الرحلة كتابة تتلاحم فيها الأجناس الأدبية وتروي سير الأمكنة والأزمنة
إن أدب الرحلات العربي في نصوصه الأكثر شهرة قد ارتبط بحب المعرفة والبحث العلمي والبحث عن المختلف وغير المألوف بالنسبة إلى الكاتب ومجتمعه، في ما كان يمر به أو يقيم فيه من البلدان، بينما يدخل الرحالة في رواياته عن البلدان التي عايش تفاصيلها من زوايا قد لا توفرها طرق التوثيق المعاصرة مثلا الكاميرا والسينما والصور، إذ لا يكتفي الرحالة بسطح المشهد، بل يدخل بقرائه إلى عمقه ويسافر بهم في أبعاده الحسية والزمانية.
حديث المليفي في الندوة التي أقيمت لمناقشة كتابه “كُنّا هُناك: صراع مضى وإرث بقي”، امتدّ لتناول أدب الرحلات بوجه عام، واصفا إياه بأنه يمثل العنصر الأبرز في الأدب العربي خلال مرحلة تشكله، مؤكدا أن ذلك الجنس الأدبي قد تعرض للإهمال لصالح أجناس أخرى من الأدب، وأن الرواية باتت محل الاهتمام الأول في كل نقاش، وذلك بعد أن كان الشعر هو الجنس الأدبي المهيمن لدى العرب، بل وذهب إلى القول بأننا صرنا نرى اليوم شعراء يتحوّلون إلى كُتّاب روايات.
وحول توجهه لكتابة أدب الرحلات، قال المليفي إنه وجد نفسه في أدب الرحلات، معلنا أن كتابه القادم في مجال أدب الرحلات سيكون عن كوبا، وسيطرح أمام القراء خلال معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته القادمة.
وتحدث الكاتب أيضا عن مسيرة مجلة العربي التي يتولّى رئاسة تحريرها، وألقى الضوء على الدّور المهم الذي لعبته في إحياء “أدب الرحلة المعاصرة”، وذلك من خلال باب دائم أطلقته قبل 64 عاما، وتحديدا عام 1958 من خلال باب الاستطلاعات الصحافية، كاشفا أن العدد الأول من المجلة احتوى على 4 استطلاعات، كان من أشهرها استطلاع غطت من خلاله “العربي” الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
حجاج سلامة
الرواية تُهدد أدب الرحلات بعد اجتذابها للكثير من الشعراء.
الثلاثاء 2022/08/02
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أدب الرحلات قادر على جذب القراء
تسبب طغيان الروايات في تهميش الكثير من أصناف الأدب العربي الأخرى، لعل أبرزها أدب الرحلة، الذي مازال، رغم أهميته البالغة، يواجه نوعا من التهميش في تناوله سواء بالكتابة فيه أو عنه، أو بتحقيق رحلات سابقة. ولكن الاهتمام يتزايد تدريجيا بهذا الأدب الذي قدم للمدونة العربية نصوصا تأريخية وأدبية غاية في الأهمية، كما يستقطب اليوم الكثير من الكتاب الذين أضافوا إليه أشكالا ومواضيع أخرى، تحاول استكشاف مواضع جديدة غير مطروقة سابقا.
قرابة خمس سنوات مضت، أو يزيد، على صدور كتاب ” كُنّا هُناك: صراع مضى وإرث بقي” للكاتب الكويتي إبراهيم المليفي، رئيس تحرير مجلة العربي، الكتاب الذي تلمّس فيه الكاتب بقايا الوجود الإسلامي في القارة الأوروبية، لا تزال أصداؤه باقية، ولا يزال موضوعا للنقاش في المؤتمرات والندوات التي كانت آخرها أقيمت أخيرا في رابطة الشباب الكويتي “نادي أوراق”.
وخلال الندوة تحدث المؤلف عن فصول كتابه الذي جمع فيه تفاصيل ست رحلات إلى مناطق أوروبية، ونشرت على صفحات مجلة العربي في وقت سابق، ليجمعها لاحقا في كتاب.
أدب الرحلات
العامل الفارق ما بين رحلات الرحّالة قديما، ورحلات اليوم، هو عامل تطور المواصلات الذي يمكن استغلاله إيجابيا
رغم أن العالم أصبح قرية بفعل التطور التكنولوجي وشبكة الإنترنت التي قرّبت أركان العالم وجعلت أقاصيه متاحة بنقرة زر، فإن ذلك لم يحجب أهمية أدب الرحلة ككتابة تتلاحم فيها الأجناس الأدبية لتروي سير الأمكنة والأزمنة. وعلى العكس فإن الاهتمام يتزايد تدريجيا بهذا الأدب الذي قدم للمدونة العربية نصوصا تأريخية وأدبية غاية في الأهمية، كما يستقطب اليوم الكثير من الكتاب الذين أضافوا إليه أشكالا ومواضيع أخرى.
وقد أوضح المليفي لجمهور الندوة أن رحلات كتابه الستة، تتناول الجزر المهمة المطلة على البحر المتوسط، وبلدانا استوطنها المسلمون قديما ثم تركوها أو جرى طردهم منها، عدا بلد واحد مما تناولته رحلات الكتاب، هو البوسنة والهرسك، الذي ظلّ المسلمون يشكلون غالبية السكان فيه حتى اليوم.
وحرص الكاتب على أن تكون تلك الرحلات بمثابة استجلاء للزمن، ودعوة للاهتمام بالمناطق التي يتوفر فيها نوع التواصل الحضاري مع الآخر، مشيرا إلى أن كتابه ينتمي إلى ذلك النمط الأدبي الذي أبدع فيه الرحّالة العرب قديما، وأنه يفخر بكونه من أحفاد هؤلاء الرحّالة الذين ساهموا في تأسيس سلسلة أدب الرحلات التي تُعرف بـ”سفرنامة”.
وتطرق المليفي في حديثه إلى الكثير من القضايا المتعلقة بالثقافة والإبداع، كما تحدث عن قضية المياه عالميا، وتوقع أن يكون الماء سببا لتفجر الحروب القادمة، إقليميا ودوليا.
وتناول الكاتب الكويتي مصطلح الرحلة المعاصرة، ولفت إلى أن العامل الفارق ما بين رحلات الرحّالة قديما، ورحلات اليوم، هو عامل تطور المواصلات، حيث كان الرحّالة قديما يقوم برحلة واحدة، وقد لا يعود منها حيّا، فيما يمكن للرحّالة اليوم أن يقوم بمجموعة من الرحلات اللا محدودة، وأن يذهب إلى أبعد الأماكن، بفضل تطور وسائل المواصلات.
وأشار إلى أن الأثر الكبير للرحلة يتحقق من خلال التخطيط الذي اعتبره عاملا مهما بين عوامل نجاح الرحلة، وخاصة إذا ما تم ربط ذلك برؤية واعية كالبحث عن مساحات للتفاهم مع الآخر، في إشارة إلى أهمية أدب الرحلات في نشر ثقافة الحوار وقبول الآخر.
وحرص المليفي في حديثه على بيان ما يمتلكه أدب الرحلات من قدرة على جذب جموع القراء، وذلك لكونه يحاكي شيئا مهما لدى كل قارئ، وهو الشغف والفضول لمعرفة الغريب والمختلف لدى الآخر.
أبرز عنصر أدبي
أدب الرحلة كتابة تتلاحم فيها الأجناس الأدبية وتروي سير الأمكنة والأزمنة
إن أدب الرحلات العربي في نصوصه الأكثر شهرة قد ارتبط بحب المعرفة والبحث العلمي والبحث عن المختلف وغير المألوف بالنسبة إلى الكاتب ومجتمعه، في ما كان يمر به أو يقيم فيه من البلدان، بينما يدخل الرحالة في رواياته عن البلدان التي عايش تفاصيلها من زوايا قد لا توفرها طرق التوثيق المعاصرة مثلا الكاميرا والسينما والصور، إذ لا يكتفي الرحالة بسطح المشهد، بل يدخل بقرائه إلى عمقه ويسافر بهم في أبعاده الحسية والزمانية.
حديث المليفي في الندوة التي أقيمت لمناقشة كتابه “كُنّا هُناك: صراع مضى وإرث بقي”، امتدّ لتناول أدب الرحلات بوجه عام، واصفا إياه بأنه يمثل العنصر الأبرز في الأدب العربي خلال مرحلة تشكله، مؤكدا أن ذلك الجنس الأدبي قد تعرض للإهمال لصالح أجناس أخرى من الأدب، وأن الرواية باتت محل الاهتمام الأول في كل نقاش، وذلك بعد أن كان الشعر هو الجنس الأدبي المهيمن لدى العرب، بل وذهب إلى القول بأننا صرنا نرى اليوم شعراء يتحوّلون إلى كُتّاب روايات.
وحول توجهه لكتابة أدب الرحلات، قال المليفي إنه وجد نفسه في أدب الرحلات، معلنا أن كتابه القادم في مجال أدب الرحلات سيكون عن كوبا، وسيطرح أمام القراء خلال معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته القادمة.
وتحدث الكاتب أيضا عن مسيرة مجلة العربي التي يتولّى رئاسة تحريرها، وألقى الضوء على الدّور المهم الذي لعبته في إحياء “أدب الرحلة المعاصرة”، وذلك من خلال باب دائم أطلقته قبل 64 عاما، وتحديدا عام 1958 من خلال باب الاستطلاعات الصحافية، كاشفا أن العدد الأول من المجلة احتوى على 4 استطلاعات، كان من أشهرها استطلاع غطت من خلاله “العربي” الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
حجاج سلامة