"رحلات إلى شواطئ النار" مغامرات صحافي في أماكن خطرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "رحلات إلى شواطئ النار" مغامرات صحافي في أماكن خطرة


    "رحلات إلى شواطئ النار" مغامرات صحافي في أماكن خطرة


    الكتاب يجمع بين أدب الرحلات والسيرة الذاتية والسرد الصحافي.
    الاثنين 2021/08/09

    مغامرات لتقصي الحقائق (لوحة للفنان باسم الإمام)

    يشكّل أدب الرحلة محورا للكثير من الرسائل والأعمال الأدبية العربية التي تناولت تجارب أصحابها في السفر واكتشاف البلدان الأخرى، وكانت في الماضي تلك الإنتاجات الأدبية تمثّل مصدرا هاما للمعلومات الجغرافية والتاريخية والسياسية، في مزيج بين الأدب والتوثيق، كما نجد في كتاب “رحلات إلى شواطئ النار” للكاتب الصحافي المصري حسين عبدالقادر.

    القاهرة – تتقاطع مفردات الدم والنار والموت والدمار، وتتشابك أدوار المحقق الصحافي والجندي ورجل المخابرات، وتتعانق الأيدي المخضبة بالدماء بتلك المعفرة بذرات الهيروين في عالم من الجريمة والصراع في كتاب “رحلات إلى شواطئ النار” للمصري حسين عبدالقادر.

    ومثلما تتداخل عوالم السياسة والحكم وأجهزة الأمن والمخابرات وعصابات المافيا وتجار السلاح في فضاء يموج بالاضطرابات، يتنقل عبدالقادر بين شواطئ اللغة والتعبير معتمدا أسلوبا صحافيا سلسا بمفردات بسيطة تتبدل إيقاعاتها وفقا لسخونة الأحداث التي يسردها في قالب أدبي مشوق.
    رحلات مثيرة


    يقف الكتاب الذي يضم بين دفتيه 136 صفحة في منطقة خاصة بين أدب الرحلات والسير الذاتية والسرد الصحفي وكتابات الجريمة.

    ويحقق الكتاب معادلة يسعى إلى ترسيخها أدب الرحلات، كنوع من الأدب الشامل الذي يصف فيه الكاتب مشاهداته وما صادفه في حله وترحاله، إذ يكتب عبدالقادر عن الإنسان وراء كل مكان يزوره وعن التجربة الإنسانية هناك وتعالقها بالسياسة وما عاشه من مغامرات في أماكن خطيرة ومثيرة. ويركز على إبراز صورة الآخر الذي نسمع عنه ولا نراه إلا من شاشات التلفاز.

    كان عبدالقادر كمن يحاول أن يقبض على الجمر دون أن تحترق أصابعه في عالم يصفه في مقدمة الكتاب بأنه “يثير فضولي قبل مخاوفي” على جبهات قتال “لا أعرف حتى الآن كيف كُتبت لي النجاة فيها إلا أنه أمر ربي ومشيئته”.
    بين الحين والآخر يحاول الكاتب تخفيف جرعة المرارة التي يسردها عبر مواقف ساخرة يرصدها وسط الأحداث المأساوية

    يستعرض الكاتب رحلاته من باكستان بعد تدمير السفارة المصرية في إسلام آباد والمقابلة التي أجراها مع رئيسة الوزراء بينظير بوتو التي قتلت بعد ذلك بسنوات، إلى سوريا في فترة المقاطعة العربية مع مصر بعد كامب ديفيد، ومنها إلى معايشة الواقع مع جماعة حزب الله اللبنانية في إحدى مواجهاتها مع إسرائيل، ورحلات أخرى في أفريقيا وأوروبا لتغطية خلافات سياسية وصراعات عسكرية يحولها الكاتب إلى سرد قصصي.

    يبدأ الكاتب بذكريات رحلتين إلى إريتريا في تسعينات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكيف تقمص في إحداهما دور رجل المخابرات كي يقف على حقيقة شائعة تسربت إليه “عن وصول قوات إسرائيلية للحرب بجانب إريتريا” ضد القوات الإثيوبية.

    لا يخلو السرد العنيف الصاخب من لمسة إنسانية باكية عندما يتحدث عن أطفال الشوارع، ثمرة جرائم الاغتصاب في الحروب، وهي مأساة شاهدها بعينيه ورصدها بقلمه.

    في آخر يوم من إحدى الرحلتين يصف لحظة تقشعر لها الأبدان. يقول “بعد الفجر مباشرة ومع أول تباشير الصباح كان السائق قد وصل بعد أن قضينا الليل نستحم عدة مرات لنغتسل من آثار دماء الجثث”.

    في الفصل الثاني يأخذنا إلى السودان “ما أجمل الخرطوم وأهلها الطيبين” هكذا قال قبل أن يصدمه صديق سوداني قديم ويحذره من أن كل مصري في السودان موضع اشتباه. سأله عن السبب فرد عليه “فتش عن المستفيد من تشرذم العرب”. في محطة تالية ثلاث زيارات للبنان كانت إحداها لتغطية مبادلة بين إسرائيل وحزب الله تضمنت تسليم أسرى مقابل رفات جنود إسرائيليين.


    تخفيف جرعة المرارة بمواقف ساخرة

    مغامرات الصحافيين


    بين الحين والآخر، يحاول الكاتب تخفيف جرعة المرارة بمواقف ساخرة يرصدها وسط الأحداث المأساوية. يقول “أثناء الوقوف في الطابور حضرت صحافية تتميز بجمال غير عادي، اتجهت فورا إلى الشباك متخطية جميع الواقفين. لكن أحد الصحافيين الكبار وهو رئيس تحرير جريدة لبنانية يومية قال إنه، بناء على رغبة كل سيدات العالم في المساواة مع الرجل، يطالبها بالالتزام بدورها في الطابور”.

    في فصول تالية يتناول الكتاب زيارات لباكستان أجرى في إحداها مقابلة مع بينظير بوتو يقول إنها اعترفت فيها لأول مرة بامتلاك إسلام أباد سلاحا نوويا. بعدها يسرد تفاصيل زيارات إلى سوريا والأردن والسعودية وإيطاليا والنمسا وتونس وغيرها.

    يقول إنه خلال زيارته إلى سوريا، تمكن من الكشف عن شبكة لتهريب الهيروين لمصر بعد مقابلة مع أحد المسجونين المصريين في سجن المزة بدمشق.

    في الفصل الثامن من روما إلى تونس.. يردد الكاتب المثل الشعبي “من حفر حفرة لأخيه وقع فيها”، ثم يعترف “نعم أنا حفرت حفرة لزملائي، ولكني لم أسقط في حفرة بل سقطت في بئر وكاد حبل المشنقة يلتف حول رقبتي.. ربما كان ذلك بسبب المقلب الذي دبرته لزملائي في مطار روما واستأثرت بطعامهم”.

    فبعد انتقاله إلى مطار قرطاج بتونس قبضت عليه السلطات لتطابق بياناته مع آخر محكوم عليه بالإعدام “ولولا اسم أمي لتم تسليمي إلى الإنتربول الدولي”.

    يسلط الكتاب الضوء على الدور الكبير الذي يلعبه الصحافيون وحجم التضحيات التي يقدمونها دون مقابل تقريبا إذ لا يمكن أن يكون هناك ثمن لحياة الإنسان. لكن جملة قصيرة في طيات الكتاب تلخص شعوره بالكامل “رغم ضخامة جسدي إلا أنني كنت سعيدا.. كنت أقفز وأتسلق المرتفعات”.

    نال الكاتب عددا من الجوائز من ضمنها الجائزة الأولى للتفوق الصحفي من نقابة الصحافيين المصرية، وأشهر مؤلفاته كتاب “مغامرات كولومبو في شارع الصحافة”.
يعمل...
X