تحليل فيلم Resurrection: حالة من عدم اليقين
تحليل فيلم الرعب النفسي Resurrection 2022
فيلم Resurrection هو فيلم إثارة نفسي مخيف ومحطم للأعصاب، بفضل حبكته المعقدة والأداء المتقن لريبيكا هول وتيم روث. في السطور التالية نتعرف على قصة فيلم Resurrection، ثم نستعرض تحليل فيلم Resurrection بمزيد من التفصيل للكشف عن النهاية الغامضة له.
معلومات عن فيلم Resurrection
قصة فيلم Resurrection
تتمحور قصة فيلم Resurrection حول مارجريت – ريبيكا هول – وهي سيدة أعمال ناجحة وأم وحيدة لابنة مراهقة. تحاول مارجريت الحفاظ على روتين يومها الهادىء المتمحور حول الركض اليومي للحفاظ على لياقتها، وعملها في شركة للأدوية، وبين رعاية ابنتها. لديها كذلك علاقة غرامية مع بيتر – مايكل إسبير – وهو زميلها في العمل الذي يخون زوجته معها. تشعر مارجريت بالحرية في تنظيم حياتها كما تحب، ويبدو أن ابنتها المراهقة هي مركز عالمها.
في أحد الأيام وأثناء حضورها لمؤتمر عمل ممل، تقع عيناها على رجل فينتابها الرعب والفزع، وفي تلك اللحظة تشرع في الهروب من المؤتمر لتطمئن على ابنتها بعد نوبة هلع كاملة. كان من الواضح أن هذا الرجل وراءه سر خطير، وهي تحاول حماية ابنتها منه. وفي يوم آخر وأثناء تجوالها في متجر التسوق مع ابنتها آبي تراه مرة أخرى، فتهرب مع ابنتها مجدداً.
في المرة الثالثة تراه يجلس في حديقة قريبة يقرأ صحيفة، لتقرر في النهاية مواجهته. نتعرف في تلك اللحظة أنه رجل من ماضيها يدعى ديفيد – تيم روث – تطلب منه بعد محادثة غريبة أن يتركها وشأنها، لكنه يخبرها أن ابنهما بن لازال حياً ويعيش بداخله.
الماضي يعود مجدداً
تحاول مارجريت إبلاغ الشرطة عنه، لكن الشرطة لم تجد أي دليل على إنه يطاردها. لتبدأ مارجريت في اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية ابنتها، مما يجعلها تقيد حركتها بشكل كبير. وهذا الأمر أغضب آبي وجعلها تشك في قوى والدتها العقلية. وفي إحدى اللحظات وأثناء وجودها في عملها تقص قصتها على إحدى الموظفات، لنعرف أنها كانت على علاقة بديفيد منذ أكثر من عشرين عاماً، أسفرت هذه العلاقة السامة عن ولادتها لطفل، وكان ديفيد يسيء لها على الدوام، وذات يوم يطلب منها أن تذهب إلى المدينة لشراء بعض الاحتياجات، فتترك وليدها للمرة الأولى وتنفذ طلبه. لكن عندما تعود لا تجد الطفل، ليخبرها ديفيد أنه أكله، تاركاً إصبعين فقط من أصابع الطفل على المائدة. وهو الآن في أحشاءه.
منذ تلك اللحظة ويبدأ ديفيد بالتلاعب بها عقلياً حتى أقنعها أن الطفل بداخله بالفعل. لكن سرعان ما سرقت بعض المال وتركت إنجلترا لتهرب إلى أمريكا حتى لا يعثر عليها مجدداً. ومع ذلك، وبعد مرور أكثر من عشرين عاماً يعود لمطاردتها من جديد. لتبدأ مارجريت في الانحدار إلى الجنون. إلى هنا تنتهي قصة الفيلم، فإلى تحليل فيلم Resurrection بمزيد من التفصيل.
تحليل فيلم Resurrection
مشهد من فيلم Resurrection
فيلم Resurrection هو أحد تلك الأفلام النادرة التي لا تكاد تحتاج حتى إلى قصة أو سيناريو، فهي تتمحور حول أداء واحد، ليس مدفوعاً بنقاط الحبكة بل بعلامات عاطفية، ويعتمد نجاحها أو فشلها كلية على إذا كان الأداء قادر على ذلك أم لا. إن الأمر لا يستغرق سوى عشر دقائق حتى تدرك أن ريبيكا هول ليست قادرة فحسب، لكنها رائعة أيضاً. فهي تؤدي أداءً ينبض بالقوة وهي تصور امرأة يائسة تتشبث بعقلها بضراوة مذعورة، لكنها تنزلق داخل كابوس مرعب، وتتلاعب بنا لنبدأ في التساؤل عما هو حقيقي وما هو خيال.
يلعب المخرج سيمانز في فيلم Resurrection بلا رحمة مع مفاهيم الواقع والعقل، ويمزج الذاكرة بالحزن، ويسخر من بطل القصة بالأمل، لتفقد قبضة الحبل في الرمال المتحركة. هذا الأمر يضايق المشاهدين كذلك، لأنه من غير الواضح لنا ما هو حقيقي، وما هو غير حقيقي. ما هو الكابوس وما هو الحلم. وعندما نبدأ في فهم الطريقة التي تسير بها الأمور، يقلب التسلسل النهائي للفيلم كل شيء، ويضع كل شيء في موضع الشك، ويتحدى كل تصور.
لكن الإجابات السهلة ليست هي موضوع فيلم Resurrection. حيث يدور الفيلم حول الغوص في أعماق نفسية مصابة والسباحة فيها. يتعلق الأمر بالتمتع بالعروض التي ستصدمك وتفاجئك، وربما تخيفك أيضاً. كما لو أن أداء ريبيكا هول المذهل لم يكن كافياً، يقدم تيم روث أداءً مخيفاً تماماً يجعلك تتوتر وتقلق بقدر ما سيجعل عقلك يغلي.
نقطة الانهيار
يتمحور فيلم Resurrection حول مدى صعوبة كسر حلقات الإساءة والتلاعب العقلي. وقد تفوق المخرج أندرو سيمانز في إخراج هذه الفكرة من منظور مارجريت، حيث تظهر حالة عدم اليقين، والصدمة والرعب من خلال لقطات مقربة لجسدها المشدود والعرق الذي يسيل باستمرار من رقبتها. إن الصدمة التي مرت بها في الماضي تعود في كل مشهد وتتصاعد إلى نقطة الانهيار. بحيث يتساءل الجمهور عما إذا كانت تتفاعل حقاً مع زوجها السابق المسيء أو إذا كانت تفقد عقلها ببطء.
يتكشف جنون ريبيكا هول التدريجي دون عناء، يذكرنا بإيزابيل أدجاني في فيلم Possession وميا فارو في فيلم Rosemary’s Baby. حيث تشعر مارجريت بالرعب في كل مرة ترى أو تتفاعل مع ديفيد بتوتر مذهل غامض. وكلما سقطت مارجريت في فخ ديفيد، زادت صعوبة مشاهدتها. يستخدم ديفيد إغراء طفلهما الضائع منذ زمن طويل لحملها على أداء بعض الأعمال المسيئة التي تثبت له أنها مخلصة له بشدة، وكل ذلك مع وعد برؤية طفلها الذي يبكي في بطنه.
ألعاب عقلية
أصبحت ألعاب ديفيد العقلية سجن مارجريت، مما يعزلها عن أولئك الذين يعتنون بها. لذا تصرخ على ابنتها وتطلب منها ألا تغادر المنزل أبداً وتغضب على عشيقها (إسبر) لمحاولته مساعدتها. يعرف المسيئون كيفية إبعاد فرائسهم عن طلب المساعدة، وبينما تتحول مارجريت إلى الجنون، يبدو أنه لن يتمكن أحد من إنقاذها من وحشها. يتصاعد فيلم Resurrection في نهاية المطاف إلى معركة دامية، تمزق الأمعاء والأعضاء التالفة، والدماء تتساقط على جدران غرفة الفندق، لكن السؤال لا يزال قائماً: هل ديفيد هو الذي تعتقده مارغريت، وهل يرقد طفلهما حقاً في أمعاء جسده؟
أثبت فيلم Resurrection البراعة في عناصر الرعب الجسدية والقلق الزاحف دون عناء. لكن اللحظات الأخيرة للفيلم تسحب البساط، وهذه النهاية الحالمة المجردة هي خيبة أمل هائلة، لأنها توقف زخم ما كان يمكن أن يكون أحد أعظم أفلام الرعب منذ سنوات.
تفسير النهاية الغامضة في فيلم Resurrection
ريبيكا هول في مشهد من الفيلم
تتكشف حبكة فيلم Resurrection عبر العديد من المشاهد التي يمكنها تفسير النهاية الغامضة التي حار العديد من المشاهدين في كشفها. لذا علينا أن نلقي الضوء على هذه المشاهد.
هناك بعض المشاهد التي توضح أن ماضي مارجريت لم يتركها بعد، فمنذ بداية الفيلم نرى أحلامها المزعجة، ثم سماعها شخصاً يطرق على نافذتها، ثم تلاحظ شيئاً يحترق في الفرن، وعندما تتفقده تكتشف أنه طفل. كل هذه المشاهد توضح لنا أن مارجريت بالفعل على حافة الانهيار، وأن ماضيها الألم المتعلق بالإساءة وفقدان طفلها بدأ يعود مجدداً في اللحظة التي أدركت فيها أن ابنتها ستتركها بعد أسبوعين – أي أنها ستفقدها كذلك.
الماضي يعود مجدداً
تعاني مارجريت من اضطراب ما بعد الصدمة من متلازمة ستوكهولم. وهذا ما تؤيده حبكة فيلم Resurrection بوضوح. فعلى الرغم من أن مارجريت تحاول الحفاظ على ماضيها لغزاً من آبي، إلا أنها تسهب في قص كل شيء على جوين. حيث تقول أن والديها كانا من علماء الأحياء، وبعد أن بلغت 18 عاماً، اصطحبها والداها إلى منشأة بحثية في جزر الملكة شارلوت. كانت ترسم كثيراً في ذلك الوقت لأنها أرادت أن تصبح فنانة. هذا هو المكان الذي صادفوا فيه ديفيد، الذي شق طريقه إلى العائلة وتعرف عليهم.
بعد بضعة أسابيع انتقلت مارجريت للعيش مع ديفيد، وكانت علاقتهما في البداية رومانسية. ولكن بعد ذلك بقليل بدأ يطلب منها أن تفعل أشياء له تراوحت بين الطبخ والتنظيف وعدم ارتداء الأحذية وما إلى ذلك. ثم تحولا إلى اختبارات التحمل، والصيام طوال اليوم، ومواقف الإجهاد. في ذلك الوقت حملت مارجريت، ومنعها ديفيد من الولادة لأنه كان يعلم أنها لن تمنحه الأولوية بعد الآن. لذلك بدا لمارجريت أن ديفيد أكل الطفل ليستطيع السيطرة على مارجريت كما كان يفعل من قبل، ولن يتسن له هذا الأمر في ظل وجود طفل. وكانت هذه نقطة الانهيار بالنسبة لها، فهربت إلى أمريكا على أمل ألا يصل ديفيد إليها بعد الآن.
السيطرة
ربما نعرف بسهولة من خلال العلاقة بين ديفيد ومارجريت من هو المسيطر حقاً. فديفيد هو الشخصية المهيمنة هنا. لذا نجد أن مارجريت فيما بعد تحاول أن تكون الشخصية المسيطرة على حياتها من أجل التعافي من الإساءة الماضية. هنا نرى أنها أصبحت أماً عزباء، تحاول فرض هيمنتها على الجميع. ويبدو ذلك واضحاً في العديد من المشاهد. يبدأ الفيلم بمحادثة صغيرة بين مارجريت وموظفة جديدة في شركتها تقص عليها كيف يسيء لها صديقها من خلال إلقاء بعض النكات. فتصر مارجريت على أن هذا الصديق يمارس ميوله السادية وعليها أن تنأى بنفسها عنه.
في مشهد آخر نعلم أن لدى مارجريت علاقة غرامية غير رسمية مع بيتر، وتفضل أن تكون الشريك المسيطر فيها، وكلما احتاجت إلى العلاقة سرعان ما تتطلبه وهو لا يتوانى عن الإجابة عليها. علمنا كذلك عن علاقتها بابنتها المراهقة آبي التي ترغب في السيطرة عليها وعلى حياتها بصورة كبيرة.
ومع ذلك، فإن الضرر الذي أحدثه ديفيد يتجاوز بكثير الأشياء التي فعلها مباشرة لمارجريت. فمن الواضح من كل ما تفعله مارجريت أنها تريد أن تشعر طوال الوقت بأنها المسيطرة. لكن عندما تفعل ذلك ينتهي بها الأمر أن تكون نسخة مشوهة من ديفيد. كانت الضحية الأولى لهذا هي آبي. نظراً لإنها الأسهل في التحكم لأنها لم تبلغ بعد. تتحكم مارجريت فيها من خلال ما تأكله أو تشربه، ومن تقابله، وما تفعله. تريد مارجريت أن تشعر أنها على رأس الأمور. الضحية الثانية هي بيتر، وعلاقة مارجريت به غير ملزمة لأنها لا تريد أن ترتبط برجل. لكنها بحاجة إلى شخص ما، لذا فهي تبقيه في الجوار وتهيمن عليه وتوبخه. الضحية الثالثة والأخيرة هي جوين. فمن خلال إخبارها بفعل الأشياء التي لم تفعلها قط، تشعر مارغريت أن لديها بعض التأثير على جوين؛ مما يجعلها تشعر بالقوة.
النهاية
في حين أن 90 في المائة من فيلم Resurrection واقعي بلا شك في طبيعته من حيث تصويره لعواقب العلاقة المسيئة، فإن النهاية تأخذ منعطفاً غريباً للغاية. ثم تصدمك الخاتمة بانفجار هائل من الغموض. لذا ، دعونا نحاول فك ألغازها.
طوال الفيلم تتهم مارجريت ديفيد بأكل ابنها بنيامين وهو بدوره يخبرها أنه يعيش بداخله. استمر في إخبارها أن بن يعاني لأنها تخلت عنه. وفي مرحلة ما تمكن حتى من إقناعها بأنها تسمع صرخات بن. ولإنهاء معاناتها لم يتبق أمامها أي خيار آخر سوى قتله. لكنها لم تستطع قتله لأنها إذا قتلته ستقتل الطفل معه وفقاً لحديث ديفيد. ومن قرب رحيل آبي لم يعد أمامها خيار آخر سوى مواجهته.
تذهب إلى الفندق وتقتله ثم تخرج من أحشائه طفلها، ثم ينتقل فيلم Resurrection إلى اليوم الذي تغادر فيه آبي. حيث نرى مارجريت تحمل الطفل وهي على فراشها وتطلب من آبي أن تحمل الطفل عنها لفترة. آبي تفعل ذلك وهي تشكرها على جعل كل شيء على ما يرام مرة أخرى. ترتسم السعادة على وجه مارجريت وهي تنظر إلى آبي. لكن كلما اقتربت الكاميرا، تصبح مارجريت أكثر قلقاً. هذا هو المكان الذي ينتهي فيه الفيلم. لذا، فإن التفسير الأكثر وضوحاً هو أن كل هذه الأحداث من نسج خيال مارجريت ولم تحدث في الواقع.
تحليل فيلم الرعب النفسي Resurrection 2022
- Post author:وائل الشيمي
- Post published:28/01/2023
- Post category:فن
- معلومات عن فيلم Resurrection
- قصة فيلم Resurrection
- تحليل فيلم Resurrection
- تفسير النهاية الغامضة في فيلم Resurrection
فيلم Resurrection هو فيلم إثارة نفسي مخيف ومحطم للأعصاب، بفضل حبكته المعقدة والأداء المتقن لريبيكا هول وتيم روث. في السطور التالية نتعرف على قصة فيلم Resurrection، ثم نستعرض تحليل فيلم Resurrection بمزيد من التفصيل للكشف عن النهاية الغامضة له.
معلومات عن فيلم Resurrection
- البلد: الولايات المتحدة.
- اللغة: الإنجليزية.
- تاريخ الإصدار: 5 أغسطس 2022.
- المخرج: أندرو سيمانز.
- الكاتب: أندرو سيمانز.
- وقت العرض: 103 دقيقة.
- النوع: دراما | جريمة | رعب.
- التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد عنيفة وفاضحة.
- فريق التمثيل: ريبيكا هول | تيم روث | جريس كوفمان.
- التقييم: 7.0.
قصة فيلم Resurrection
تتمحور قصة فيلم Resurrection حول مارجريت – ريبيكا هول – وهي سيدة أعمال ناجحة وأم وحيدة لابنة مراهقة. تحاول مارجريت الحفاظ على روتين يومها الهادىء المتمحور حول الركض اليومي للحفاظ على لياقتها، وعملها في شركة للأدوية، وبين رعاية ابنتها. لديها كذلك علاقة غرامية مع بيتر – مايكل إسبير – وهو زميلها في العمل الذي يخون زوجته معها. تشعر مارجريت بالحرية في تنظيم حياتها كما تحب، ويبدو أن ابنتها المراهقة هي مركز عالمها.
في أحد الأيام وأثناء حضورها لمؤتمر عمل ممل، تقع عيناها على رجل فينتابها الرعب والفزع، وفي تلك اللحظة تشرع في الهروب من المؤتمر لتطمئن على ابنتها بعد نوبة هلع كاملة. كان من الواضح أن هذا الرجل وراءه سر خطير، وهي تحاول حماية ابنتها منه. وفي يوم آخر وأثناء تجوالها في متجر التسوق مع ابنتها آبي تراه مرة أخرى، فتهرب مع ابنتها مجدداً.
في المرة الثالثة تراه يجلس في حديقة قريبة يقرأ صحيفة، لتقرر في النهاية مواجهته. نتعرف في تلك اللحظة أنه رجل من ماضيها يدعى ديفيد – تيم روث – تطلب منه بعد محادثة غريبة أن يتركها وشأنها، لكنه يخبرها أن ابنهما بن لازال حياً ويعيش بداخله.
الماضي يعود مجدداً
تحاول مارجريت إبلاغ الشرطة عنه، لكن الشرطة لم تجد أي دليل على إنه يطاردها. لتبدأ مارجريت في اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية ابنتها، مما يجعلها تقيد حركتها بشكل كبير. وهذا الأمر أغضب آبي وجعلها تشك في قوى والدتها العقلية. وفي إحدى اللحظات وأثناء وجودها في عملها تقص قصتها على إحدى الموظفات، لنعرف أنها كانت على علاقة بديفيد منذ أكثر من عشرين عاماً، أسفرت هذه العلاقة السامة عن ولادتها لطفل، وكان ديفيد يسيء لها على الدوام، وذات يوم يطلب منها أن تذهب إلى المدينة لشراء بعض الاحتياجات، فتترك وليدها للمرة الأولى وتنفذ طلبه. لكن عندما تعود لا تجد الطفل، ليخبرها ديفيد أنه أكله، تاركاً إصبعين فقط من أصابع الطفل على المائدة. وهو الآن في أحشاءه.
منذ تلك اللحظة ويبدأ ديفيد بالتلاعب بها عقلياً حتى أقنعها أن الطفل بداخله بالفعل. لكن سرعان ما سرقت بعض المال وتركت إنجلترا لتهرب إلى أمريكا حتى لا يعثر عليها مجدداً. ومع ذلك، وبعد مرور أكثر من عشرين عاماً يعود لمطاردتها من جديد. لتبدأ مارجريت في الانحدار إلى الجنون. إلى هنا تنتهي قصة الفيلم، فإلى تحليل فيلم Resurrection بمزيد من التفصيل.
اقرأ أيضًا: أفضل أفلام الغموض والتشويق والإثارة في التاريخ |
تحليل فيلم Resurrection
مشهد من فيلم Resurrection
فيلم Resurrection هو أحد تلك الأفلام النادرة التي لا تكاد تحتاج حتى إلى قصة أو سيناريو، فهي تتمحور حول أداء واحد، ليس مدفوعاً بنقاط الحبكة بل بعلامات عاطفية، ويعتمد نجاحها أو فشلها كلية على إذا كان الأداء قادر على ذلك أم لا. إن الأمر لا يستغرق سوى عشر دقائق حتى تدرك أن ريبيكا هول ليست قادرة فحسب، لكنها رائعة أيضاً. فهي تؤدي أداءً ينبض بالقوة وهي تصور امرأة يائسة تتشبث بعقلها بضراوة مذعورة، لكنها تنزلق داخل كابوس مرعب، وتتلاعب بنا لنبدأ في التساؤل عما هو حقيقي وما هو خيال.
يلعب المخرج سيمانز في فيلم Resurrection بلا رحمة مع مفاهيم الواقع والعقل، ويمزج الذاكرة بالحزن، ويسخر من بطل القصة بالأمل، لتفقد قبضة الحبل في الرمال المتحركة. هذا الأمر يضايق المشاهدين كذلك، لأنه من غير الواضح لنا ما هو حقيقي، وما هو غير حقيقي. ما هو الكابوس وما هو الحلم. وعندما نبدأ في فهم الطريقة التي تسير بها الأمور، يقلب التسلسل النهائي للفيلم كل شيء، ويضع كل شيء في موضع الشك، ويتحدى كل تصور.
لكن الإجابات السهلة ليست هي موضوع فيلم Resurrection. حيث يدور الفيلم حول الغوص في أعماق نفسية مصابة والسباحة فيها. يتعلق الأمر بالتمتع بالعروض التي ستصدمك وتفاجئك، وربما تخيفك أيضاً. كما لو أن أداء ريبيكا هول المذهل لم يكن كافياً، يقدم تيم روث أداءً مخيفاً تماماً يجعلك تتوتر وتقلق بقدر ما سيجعل عقلك يغلي.
نقطة الانهيار
يتمحور فيلم Resurrection حول مدى صعوبة كسر حلقات الإساءة والتلاعب العقلي. وقد تفوق المخرج أندرو سيمانز في إخراج هذه الفكرة من منظور مارجريت، حيث تظهر حالة عدم اليقين، والصدمة والرعب من خلال لقطات مقربة لجسدها المشدود والعرق الذي يسيل باستمرار من رقبتها. إن الصدمة التي مرت بها في الماضي تعود في كل مشهد وتتصاعد إلى نقطة الانهيار. بحيث يتساءل الجمهور عما إذا كانت تتفاعل حقاً مع زوجها السابق المسيء أو إذا كانت تفقد عقلها ببطء.
يتكشف جنون ريبيكا هول التدريجي دون عناء، يذكرنا بإيزابيل أدجاني في فيلم Possession وميا فارو في فيلم Rosemary’s Baby. حيث تشعر مارجريت بالرعب في كل مرة ترى أو تتفاعل مع ديفيد بتوتر مذهل غامض. وكلما سقطت مارجريت في فخ ديفيد، زادت صعوبة مشاهدتها. يستخدم ديفيد إغراء طفلهما الضائع منذ زمن طويل لحملها على أداء بعض الأعمال المسيئة التي تثبت له أنها مخلصة له بشدة، وكل ذلك مع وعد برؤية طفلها الذي يبكي في بطنه.
ألعاب عقلية
أصبحت ألعاب ديفيد العقلية سجن مارجريت، مما يعزلها عن أولئك الذين يعتنون بها. لذا تصرخ على ابنتها وتطلب منها ألا تغادر المنزل أبداً وتغضب على عشيقها (إسبر) لمحاولته مساعدتها. يعرف المسيئون كيفية إبعاد فرائسهم عن طلب المساعدة، وبينما تتحول مارجريت إلى الجنون، يبدو أنه لن يتمكن أحد من إنقاذها من وحشها. يتصاعد فيلم Resurrection في نهاية المطاف إلى معركة دامية، تمزق الأمعاء والأعضاء التالفة، والدماء تتساقط على جدران غرفة الفندق، لكن السؤال لا يزال قائماً: هل ديفيد هو الذي تعتقده مارغريت، وهل يرقد طفلهما حقاً في أمعاء جسده؟
أثبت فيلم Resurrection البراعة في عناصر الرعب الجسدية والقلق الزاحف دون عناء. لكن اللحظات الأخيرة للفيلم تسحب البساط، وهذه النهاية الحالمة المجردة هي خيبة أمل هائلة، لأنها توقف زخم ما كان يمكن أن يكون أحد أعظم أفلام الرعب منذ سنوات.
تفسير النهاية الغامضة في فيلم Resurrection
ريبيكا هول في مشهد من الفيلم
تتكشف حبكة فيلم Resurrection عبر العديد من المشاهد التي يمكنها تفسير النهاية الغامضة التي حار العديد من المشاهدين في كشفها. لذا علينا أن نلقي الضوء على هذه المشاهد.
هناك بعض المشاهد التي توضح أن ماضي مارجريت لم يتركها بعد، فمنذ بداية الفيلم نرى أحلامها المزعجة، ثم سماعها شخصاً يطرق على نافذتها، ثم تلاحظ شيئاً يحترق في الفرن، وعندما تتفقده تكتشف أنه طفل. كل هذه المشاهد توضح لنا أن مارجريت بالفعل على حافة الانهيار، وأن ماضيها الألم المتعلق بالإساءة وفقدان طفلها بدأ يعود مجدداً في اللحظة التي أدركت فيها أن ابنتها ستتركها بعد أسبوعين – أي أنها ستفقدها كذلك.
الماضي يعود مجدداً
تعاني مارجريت من اضطراب ما بعد الصدمة من متلازمة ستوكهولم. وهذا ما تؤيده حبكة فيلم Resurrection بوضوح. فعلى الرغم من أن مارجريت تحاول الحفاظ على ماضيها لغزاً من آبي، إلا أنها تسهب في قص كل شيء على جوين. حيث تقول أن والديها كانا من علماء الأحياء، وبعد أن بلغت 18 عاماً، اصطحبها والداها إلى منشأة بحثية في جزر الملكة شارلوت. كانت ترسم كثيراً في ذلك الوقت لأنها أرادت أن تصبح فنانة. هذا هو المكان الذي صادفوا فيه ديفيد، الذي شق طريقه إلى العائلة وتعرف عليهم.
بعد بضعة أسابيع انتقلت مارجريت للعيش مع ديفيد، وكانت علاقتهما في البداية رومانسية. ولكن بعد ذلك بقليل بدأ يطلب منها أن تفعل أشياء له تراوحت بين الطبخ والتنظيف وعدم ارتداء الأحذية وما إلى ذلك. ثم تحولا إلى اختبارات التحمل، والصيام طوال اليوم، ومواقف الإجهاد. في ذلك الوقت حملت مارجريت، ومنعها ديفيد من الولادة لأنه كان يعلم أنها لن تمنحه الأولوية بعد الآن. لذلك بدا لمارجريت أن ديفيد أكل الطفل ليستطيع السيطرة على مارجريت كما كان يفعل من قبل، ولن يتسن له هذا الأمر في ظل وجود طفل. وكانت هذه نقطة الانهيار بالنسبة لها، فهربت إلى أمريكا على أمل ألا يصل ديفيد إليها بعد الآن.
السيطرة
ربما نعرف بسهولة من خلال العلاقة بين ديفيد ومارجريت من هو المسيطر حقاً. فديفيد هو الشخصية المهيمنة هنا. لذا نجد أن مارجريت فيما بعد تحاول أن تكون الشخصية المسيطرة على حياتها من أجل التعافي من الإساءة الماضية. هنا نرى أنها أصبحت أماً عزباء، تحاول فرض هيمنتها على الجميع. ويبدو ذلك واضحاً في العديد من المشاهد. يبدأ الفيلم بمحادثة صغيرة بين مارجريت وموظفة جديدة في شركتها تقص عليها كيف يسيء لها صديقها من خلال إلقاء بعض النكات. فتصر مارجريت على أن هذا الصديق يمارس ميوله السادية وعليها أن تنأى بنفسها عنه.
في مشهد آخر نعلم أن لدى مارجريت علاقة غرامية غير رسمية مع بيتر، وتفضل أن تكون الشريك المسيطر فيها، وكلما احتاجت إلى العلاقة سرعان ما تتطلبه وهو لا يتوانى عن الإجابة عليها. علمنا كذلك عن علاقتها بابنتها المراهقة آبي التي ترغب في السيطرة عليها وعلى حياتها بصورة كبيرة.
ومع ذلك، فإن الضرر الذي أحدثه ديفيد يتجاوز بكثير الأشياء التي فعلها مباشرة لمارجريت. فمن الواضح من كل ما تفعله مارجريت أنها تريد أن تشعر طوال الوقت بأنها المسيطرة. لكن عندما تفعل ذلك ينتهي بها الأمر أن تكون نسخة مشوهة من ديفيد. كانت الضحية الأولى لهذا هي آبي. نظراً لإنها الأسهل في التحكم لأنها لم تبلغ بعد. تتحكم مارجريت فيها من خلال ما تأكله أو تشربه، ومن تقابله، وما تفعله. تريد مارجريت أن تشعر أنها على رأس الأمور. الضحية الثانية هي بيتر، وعلاقة مارجريت به غير ملزمة لأنها لا تريد أن ترتبط برجل. لكنها بحاجة إلى شخص ما، لذا فهي تبقيه في الجوار وتهيمن عليه وتوبخه. الضحية الثالثة والأخيرة هي جوين. فمن خلال إخبارها بفعل الأشياء التي لم تفعلها قط، تشعر مارغريت أن لديها بعض التأثير على جوين؛ مما يجعلها تشعر بالقوة.
النهاية
في حين أن 90 في المائة من فيلم Resurrection واقعي بلا شك في طبيعته من حيث تصويره لعواقب العلاقة المسيئة، فإن النهاية تأخذ منعطفاً غريباً للغاية. ثم تصدمك الخاتمة بانفجار هائل من الغموض. لذا ، دعونا نحاول فك ألغازها.
طوال الفيلم تتهم مارجريت ديفيد بأكل ابنها بنيامين وهو بدوره يخبرها أنه يعيش بداخله. استمر في إخبارها أن بن يعاني لأنها تخلت عنه. وفي مرحلة ما تمكن حتى من إقناعها بأنها تسمع صرخات بن. ولإنهاء معاناتها لم يتبق أمامها أي خيار آخر سوى قتله. لكنها لم تستطع قتله لأنها إذا قتلته ستقتل الطفل معه وفقاً لحديث ديفيد. ومن قرب رحيل آبي لم يعد أمامها خيار آخر سوى مواجهته.
تذهب إلى الفندق وتقتله ثم تخرج من أحشائه طفلها، ثم ينتقل فيلم Resurrection إلى اليوم الذي تغادر فيه آبي. حيث نرى مارجريت تحمل الطفل وهي على فراشها وتطلب من آبي أن تحمل الطفل عنها لفترة. آبي تفعل ذلك وهي تشكرها على جعل كل شيء على ما يرام مرة أخرى. ترتسم السعادة على وجه مارجريت وهي تنظر إلى آبي. لكن كلما اقتربت الكاميرا، تصبح مارجريت أكثر قلقاً. هذا هو المكان الذي ينتهي فيه الفيلم. لذا، فإن التفسير الأكثر وضوحاً هو أن كل هذه الأحداث من نسج خيال مارجريت ولم تحدث في الواقع.