مراجعة فيلم Revanche: متعة سينمائية مثيرة ومحفزة للفكر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مراجعة فيلم Revanche: متعة سينمائية مثيرة ومحفزة للفكر

    مراجعة فيلم Revanche: متعة سينمائية مثيرة ومحفزة للفكر


    تحليل الفيلم النمساوي Revanche
    فيلم Revanche هو فيلم جريمة ودراما نمساوي يقدم لنا قصة مثيرة ومحفزة للفكر عن الحب والانتقام والعدالة والطبيعة البشرية. إنه لمحة منعشة عن البشر في العالم الحقيقي بلا أبطال أو أشرار. في السطور التالية نتعرف على قصة الفيلم، ثم نستعرض مراجعة فيلم Revanche بمزيد من التفصيل.


    معلومات عن فيلم Revanche
    • البلد: النمسا.
    • اللغة: الألمانية.
    • تاريخ الإصدار: 16 مايو 2008.
    • المخرج: جوتز سبيلمان.
    • الكاتب: جوتز سبيلمان.
    • وقت العرض: 121 دقيقة.
    • النوع: دراما | جريمة | رومانسية.
    • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد فاضحة.
    • فريق التمثيل: يوهانس كريش| إرينا بوتابينكو| أندرياس لوست | أورسولا شتراوس.
    • التقييم: 7.5.

    قصة فيلم Revanche

    مشهد من فيلم Revanche
    تدور أحداث فيلم Revanche حول أليكس – يوهانس كريش – الذي أطلق سراحه من السجن قبل وقت من بداية القصة، وهو الآن يعمل كسائق لصاحب بيت دعارة، وقد ارتكب الخطأ الفادح المتمثل في الوقوع في حب أكثر عاهراته طلباً، وهي تمارا – إيرينا بوتابينكو. لذا يجب عليهما إخفاء علاقتهما عن رئيسهما. ترغب تمارا أن تترك هذا العمل وترحل بعيداً عن هذا العالم المريع، ولكنه تدرك جيداً أن رئيسها لن يتركها ترحل بسهولة. في أحد الأيام يخبرها صديقها أليكس أن لديه خطة مضمونة لسرقة بنك، ومن ثم الهروب بالمال لبدء حياة جديدة.

    يبدو الأمر خطيراً بالنسبة لتمارا، وتحاول إقناعه بعدم جدوى ذلك، فلسوف تقبض الشرطة عليه وسيودع في السجن. يحاول أليكس أن يشرح لها أن عملية الدخول والخروج من البنك بسيطة فلقد درس كل شيء، كما أقنعها بأن المسدس الذي يعتزم استخدامه خالي من الرصاص، حتى لا يتأذى أحد. في النهاية توافق تمارا على خطته بشرط أن تذهب معه وتنتظره في السيارة.
    يوم السرقة


    في يوم السرقة تهرب تمارا من بيت الدعارة، في حين يذهب أليكس لسرقة سيارة من أجل استخدامه في عملية السرقة. ثم يحمل تمارا معه لتنفيذ الخطة. تنتظر في السيارة بينما يذهب أليكس إلى البنك. كل شيء يسير كما هو مخطط له، حيث يوجه أليكس سلاحه في وجه المصرفي، ويطلب منها أن تملأ الحقيبة بالمال. وفي النهاية تتم العملية بسهولة وسلاسة. لكن خلال جلوس تمارا في السيارة في انتظار عودة صديقها يطرق شرطي على نافذة السيارة، ويخبرها أنه غير مسموح بانتظار السيارات في هذا المكان. وفي تلك اللحظة التي تتحدث فيها تمارا مع الشرطي يعود أليكس ليهدد الشرطي بسلاحه. ويركب السيارة لينطلق في طريقه. لكن أثناء قيامه يطلق الشرطي بضع طلقات من سلاحه على السيارة.
    الهروب


    تبين أن إحدى الطلقات التي أطلقت أصابت تمارا وقتلتها. يفكر أليكس للحظات ويحمل المال ثم يترك السيارة مع جثة صديقته ويذهب للاختباء في مزرعة جده، وهي جزء من قرية صغيرة خارج المدينة. لكن تصادف أنها نفس القرية التي يعيش فيها الشرطي القاتل روبرت – أندرياس لوست – وزوجته سوزان – أورسولا شتراوس – وهما جيران لجده العجوز. تأتي سوزان لزيارة الجد العجوز كل يوم، وتقضي معه بعض الوقت، نظراً لأنه وحيد، ولا أحد يزوره. وخلال زيارتها تلاحظ أليكس الذي يتعامل معها بطريقة سيئة. ويذهب كل يوم ليراقب منزلها للانتقام من الشرطي الذي قتل صديقته. وخلال إحدى زياراته لمنزل الشرطي تلاحظه سوزان لكنها لا تخبر زوجها عن ذلك.
    الانتقام


    خلال الوقت الذي نقضيه مع روبرت وسوزان نعلم أن لديهما مشاكل مع الإنجاب. وخلال زيارة سوزان لمنزل الجد يقابلها أليكس ويطلب منها ألا تأتي إلى منزله مجدداً. لكنها تخبره أن زوجها سيقضي الليل في العمل وأنها ستكون بمفردها في المنزل اليوم، إذا رغب في قضاء الليلة معها. يأتيها أليكس في الليل ويمارس معها الحب، وتتعدد اللقاءات بينهما في غياب الزوج. وفي أثناء مراقبة أليكس للشرطي كي يقتله، يتحدث معه الشرطي عن شعوره بالندم لقتل الفتاة، وأن الذنب لا يقع عليه بل على من اصطحبها إلى السرقة وكأنها نزهة. ومن هنا يترك أليكس فكرة الانتقام منه ويلقي بالسلاح في النهر. تخبر سوزان زوجها بعد ذلك أنها تحمل في أحشائها طفل، ويحتفلان معاً. ثم تذهب إلى أليكس لتخبره بأنهما لن يتقابلا مرة أخرى، وتطلب منه عدم إخبار زوجها عما حدث بينهما.
    مراجعة فيلم Revanche

    مشهد من فيلم Revanche
    Revanche هو دراما جريمة كلاسيكية، تحكي عن قصة رجل مجرم يحاول الفرار مع عاهرة من عالم يستحيل فيه الحب. إنه فيلم انتقامي يبدأ حيث تنتهي دراما الجريمة. الأبطال جميعهم لديهم خطيئة واحدة أو أكثر للاعتراف بها، ويعتمد معنى القصة على الحاجة إلى التكفير عنها. Revanche هو فيلم يبحث في الإحساس بالانتقام والمسؤولية عن أفعالنا باستخدام شخصيات ومواقف متطرفة، وهو عمل قادر على المفاجأة في جميع الأوقات من خلال الاعتماد على عدد مثير للإعجاب من التقلبات والانعطافات، كل منها لديه سبب لوجوده.
    حكاية أخلاقية


    يقوم المخرج جوتز سبيلمان بخلط الأوراق عن طريق تفكيك يقين المتفرج الذي – مثل بطل الفيلم – ليس لديه خيار سوى أن يسأل نفسه ما هو الهدف النهائي لأفعالنا وإلى أي مدى تصل مسؤوليتنا تجاهها. وكما هو الحال في كابوس كافكا، أو كما في حكاية أخلاقية كتبها دوستويفسكي، فإن النفسية المضطربة للشخصيات هي التي تهيمن على المشهد؛ إنه مشهد متناثر، معتم، خانق بشكل خاص مثل اللقطات الثابتة الطويلة التي يبدو أنها تسجن كل حركة، وتحيلها إلى سياق يبدو أنه من المستحيل الهروب منه. في فيلم Revanche يتجسد العذاب والندم في النظرات الضائعة في الفضاء، والصمت المطول، والحوارات المختزلة إلى المشاهد الجوهرية المثيرة ذات التأثير البارد المنفصل؛ بل وأكثر من ذلك في تلك الإيماءات وفعل تقطيع الخشب الذي يقوم به أليكس بحماسة حتى يستطيع من خلاله إخفاء كل التوترات المكبوتة.
    حب وانتقام وعدالة


    فيلم Revanche عبارة عن قصة حب وانتقام وعدالة يقدمها لنا المخرج النمساوي جوتز سبيلمان، ليمنحنا متعة سينمائية حقيقية. تبدأ قصة فيلم Revanche في لقطته الافتتاحية بصورة محيرة عبارة عن بحيرة ثابتة يسقط فيها جسم ما ليحدث فوضى في المياه الهادئة، بعد الفوضى قصيرة الأمد يستعيد الماء شكله الأصلي، مثلما يحدث في حياتنا تماماً. حيث تصل الطبيعة إلى توازنها بمرور الوقت. أو بعبارة أبسط، فعل ورد فعل ثم صمت. تشير البداية الرائعة إلى الجمال والتعبير عن الفهم البشري والعلاقات والتسامح. وفي فيلم بدون موسيقى ولا صراخ ولا عويل يخلق لنا سبيلمان الجو المثالي لفيلم يجعلنا نفكر فيه طويلاً.
    شخصيات أنيقة في فيلم Revanche


    هناك العديد من المشاهد بلا حوار ولكن لغة الجسد ونظرات الممثلين تضيف الكثير. وربما لا تكون القصة مختلفة إلا أن الفيلم يقوم بتقديم الشخصيات بمهارة وأناقة أمام أعينها ويعمقها ويديرها بعيداً وقريباً من المشاهد. كذلك هناك تناقض عميق بين المشاهد في فيينا ومشاهد القرية في الفيلم، وقد جاءت هذه المشاهد قوية مدعومة بالتمثيل والحوارات البسيطة. ففي مشاهد من المدينة، تنتقل الكاميرا بزوايا أضيق وتصف ضيق شخصياتهم وفساد المدينة بشكل عام، بينما تجد كل شخصية طريقها الصحيح في الريف، فالصور ذات الزاوية العريضة تكاد ترمز إلى الانفتاح والتنفس والرحابة. وفي هذا السياق، نجد أن المحادثة التي يجريها بطلنا مع الشرطي بالقرب من البحيرة، تخلق تأثيراً مذهلاً من خلال حواراته القصيرة والفعالة، على عكس ما قد تراه في فيلم أمريكي على سبيل المثال.

    جميع الممثلين، وخاصة يوهانس كريش بطل الحكاية، يرفعون مستوى فيلم Revanche بأدائهم البسيط والقوي الذي يزيد من عمق الشخصية في ظل المظهر البارد والطبيعي للفيلم. وبمساعدة هذا الأداء الرائع يأخذ سبيلمان شخصياته ويجعلها جزءاً من حدث مأساوي ويتركنا وحدنا مع ردود أفعالهم الأخلاقية. وبهذه الطريقة يأخذ السيناريو شكلاً يقود الجمهور إلى التفكير وتقييم الخيارات والتعامل مع عواقب هذه الاختيارات.
    سيكولوجية القاتل والضحية


    صورة ثابتة لسطح بحيرة ريفية متموجة قليلاً، وأصوات الغابة، والأحجار المتساقطة، والأمواج التي تكسر الصمت. تقدم هذه اللقطة بشكل مثالي الحياة الروتينية لروبرت وسوزان، وهو شرطي وعاملة سوبر ماركت، متزوجان وليس لديهما أطفال. في المقابل يعيش أليكس وتمارا في فيينا ويتشاركان الشغف لبعضهما البعض. لكنهما يفعلان ذلك سراً لأن تمارا عاهرة وأليكس سائق رئيسها الذي تعمل لديه. إن قرار أليكس بسرقة بنك له عواقب وخيمة. حيث قتلت تمارا بطريق الخطأ على يد روبرت. يفتح هذا الحدث الأبواب أمام الموضوع الرئيسي لفيلم Revanche: العلاقة بين الجاني القهري والضحية غير المقصودة.

    يتعمق المخرج في سيكولوجية الشخصيتين الرئيسيتين في فيلم Revanche بذكاء سردي نادر جداً. فمن ناحية، هناك روبرت وشعوره بالذنب غير القابل للشفاء، والتي يخلطها المخرج مع حياته النفسية السيئة نتيجة عدم القدرة على الإنجاب. ومن ناحية أخرى، هناك أليكس الذي يشعر بالألم والرغبة في الانتقام من أجل الثأر. وبينما يسقط روبرت أكثر فأكثر في هاوية إحساسه بالذنب، ينفث أليكس عن غضبه بعمل بدني، ويقطع الأخشاب بقوة وغضب، وجنون، وكأنه يمثل الرغبة في الانتقام التي تلازمه.

    ليس هناك ما يخبرنا عن كيفية حدوث المصالحة مع النفس داخل الشخصيتين، حيث يتغلب روبرت على ذنبه ويتخلى أليكس عن رغباته في الانتقام. لكن لا تقع في خطأ اعتبار أن هذه النهاية هي نهاية سعيدة. فصمت الريف الذي يغلق به المخرج فيلم Revanche مع عمل أليكس في مزرعة جده، هو بالضبط المقابل للصمت الذي يعاني منه أليكس، وبمجرد أن كسره لضجيج الانتقام يكشف لنا هذا الصمت عن شيء آخر أكثر عمقاً. فإذا كانت الرغبة في الانتقام قد تلاشت من ناحية، فإن الوعي بالعزلة قد تسلل بمهارة من ناحية أخرى، وهو موضوع أساسي آخر للفيلم. حيث يرحب أليكس به على أمل أن يجد الراحة لألم فقدان حبيبته.
يعمل...
X