قصة أغنوديس: الطبيبة التي تنكرت بزي رجل لممارسة الطب
أغنوديس أول طبيبة في التاريخ
على الرغم من عدم حصول النساء على حقوقهن لقرون، إلا أن دورهن في تاريخ البشرية لا يمكن إنكاره. فمنذ العصور القديمة يمكننا التعرف على أسماء عظيمة مثل كليوباترا أو جان دارك وغيرهن من النساء. ولكن بالعودة إلى الوراء، وبالتحديد في ذروة الحضارة اليونانية، نجد أسطورة امرأة غير عادية، حطمت النماذج ونقشت اسمها على رفوف التاريخ. إنها أغنوديس تلك المرأة التي اضطرت إلى ارتداء ملابس الرجل لممارسة رسالتها في إنقاذ الأرواح. في هذا المقال نتعرف على قصة هذه المرأة الشجاعة.
أول طبيبة نسائية في التاريخ
يزعم العديد من المؤرخين أن النساء الأوائل في التاريخ كان لهن دوراً لا يمكن إغفاله. حيث كانت النساء تعتني بأفراد العائلة وتقوم على رعاية المرضى. كما كانت النساء مسؤولات عن جمع الأعشاب والنباتات الطبية والتحقق من قدرتها العلاجية. ومن هنا يبرز دور النساء كمعالجات في العصور القديمة، فلقد استطعن إنقاذ عدد لا يحصى من الأرواح. ورغم هذا منعت النساء من ممارسة مهنة الطب حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
هذا الأمر هو ما جعل تاريخ أغنوديس مدهش بشكل غريب، فهي تلك المرأة التي وجدت طريقة للتحايل على عادات ومتطلبات الوقت الذي عاشت فيه. حيث عملت كطبيبة وقابلة واستطاعت ممارسة مهنة الطب بحرية تامة بعد أن تنكرت في شخصية رجل، لتصبح أول طبيبة نسائية في التاريخ. ليس هذا فحسب بل أثارت هذه المرأة ثورة نسائية وتمكنت من تغيير قوانين أثينا بأكملها.
من هي أغنوديس؟
ذُكرت قصة أغنوديس في كتاب الكاتب اللاتيني جايوس يوليوس هيجينوس الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد. تحدث عنها في كتابه “القصص” كواحدة من أوائل الطبيبات المتخصصة في أمراض النساء في التاريخ. فبعد أبقراط منع المجتمع الأثيني النساء من ممارسة مهنة القابلات أو طب أمراض النساء بصفة عامة. وذلك بعد اتهامهن بإجراء عمليات إجهاض. لذا كان اكتشاف أية امرأة تمارس الطب فإن عقوبتها الإعدام. وفي هذه البيئة بدأت أغنوديس العمل، وتحولت أفعالها إلى أسطورة تتناقلها الأجيال.
ولدت هذه المرأة في أثينا في القرن الرابع قبل الميلاد لأسرة من المجتمع الراقي. وكانت لديها رغبة قوية في أن تصبح طبيبة بعد رؤيتها لكثير من النساء يتألمن بآلام المخاض، وكثيراً ما كان ينتهي بهن الأمر إلى الموت. هذه الحقيقة الصادمة والمؤلمة هي التي أشعلت رغبتها في مساعدة هؤلاء النساء على التخفيف من هذه الآلام. كما أن شعور الكثير منهن بالخجل والحرج من الأطباء الرجال ساهم في ذلك الأمر.
من هنا قررت أغنوديس أن تساعد النسوة على الولادة بطريقة أكثر أماناً وأقل إيلاماً. دعمها والدها في مشروعها وانخرطت الأسرة بأكملها في وضع وتنفيذ الخطة اللازمة لإتمام هذا الأمر. حيث ساعداها في قص شعرها وارتداء ملابس الرجال. ثم انطلقت في طريقها إلى الإسكندرية لدراسة الطب على يد هيروفيلوس، عالم التشريح العظيم في ذلك الوقت. انتقلت بعد ذلك إلى مصر لتلعب دوراً مهماً في المجتمع الطبي هناك، وخاصة في مجال التوليد وأمراض النساء.
ممارسة الطب وكيف تم اكتشافها
عادت أغنوديس إلى أثينا مرة أخرى بعد أن استكملت تعليمها، وكان عليها أن تستمر في ارتداء ملابس الرجل حتى تتمكن من ممارسة مهنتها. تقول الأسطورة أنه عندما كانت تعترض بعض النساء على أن يراها الطبيب، كانت ترفع سترتها وتوضح لها أنها امرأة. سرعان ما انتشرت شهرتها في جميع أنحاء المنطقة وأردت جميع النساء أن يعالجهن هذا الطبيب الجديد. ونظراً لهذه الشهرة الغريبة بدأ الأزواج في الارتياب والشك في هذا الطبيب. مما أدى إلى اتهامه بإغواء واستغلال النساء اللواتي يحضر إليهن، ووصل بهم الأمر إلى اتهام الطبيب بالاغتصاب. من هنا تم إحضارها أمام محكمة الأريوباغوس.
في المحكمة وبسبب الاتهامات الخطيرة للغاية، لم يكن أمامها خيار سوى إثبات أنها ليست رجلاً، بل امرأة، وبالتالي تصبح هذه الاتهامات باطلة. ولإثبات ذلك، رفعت رداءها أمام المحكمة لتبين لهم أنها امرأة. هذا الفعل، على الرغم من أنه أنقذها في البداية، إلا إنه يعني أن هناك اتهام آخر عقوبته الإعدام سيلاحقها وهو ممارسة الطب كامرأة. لذا تم الحكم عليها بالموت بموجب القانون الأثيني.
الثورة النسائية التي غيرت القوانين الأثينية
بمجرد أن حكمت المحكمة على أغنوديس بالإعدام انطلق حشد من النساء اللواتي عالجتهن إلى المكان الذي كانت تجري فيه المحاكمة، وأثاروا ضجة كبيرة وأحدثوا ثورة عارمة للدفاع عن طبيبتهم. كانت حجج هؤلاء المرضى في الدفاع عنها تشير إلى أن عملها كطبيبة ونجاحاتها الطبية ساعدتهن على الولادة دون آلام كما عالجت أمراضهن. كما اتهمن أزواجهن ووجهاء أثينا بمحاولة إعدامها، بينما كانت قد تقدم لهم المساعدة والشفاء فقط.
بعد هذا النقاش الساخن وردود الفعل المثيرة اقنعت المحكمة بحجج النساء، وتم إطلاق سراح أغنوديس. وبعد ذلك شكلت المحكمة لجنة أدت إلى تغيير جوهري في قوانين أثينا. ومنذ تلك اللحظة تمكنت المرأة من ممارسة الطب بحرية ولها أن تتقاضى رسوماً مقابل عملها مع شرط وحيد هو أن عملها يجب أن يقتصر على رعاية النساء فقط.
هل قصة أغنوديس حقيقية بالفعل؟
يشك بعض المؤرخين في الوجود الحقيقي لأغنوديس في أثينا. حيث أشاروا إلى أن قصة رفع ثيابها ربما تكون أسطورة وضعها البعض من أجل مزيد من الإثارة على القصة. ويُقال كذلك أن هيجينوس الذي حكى قصتها مخطئ في قوله عن عدم وجود قابلات أو أطباء من النساء في اليونان، حيث توجد أدلة تاريخية تثبت عكس ذلك. لكن مهما كان الأمر، لقد أصبحت هذه الشخصية أسطورة مصدر إلهام للنساء اللائي تدربن على مدى قرون في مجال الطب.
أغنوديس أول طبيبة في التاريخ
- Post author:وائل الشيمي
- Post published:26/08/2022
- Post category:غموض
- أول طبيبة نسائية في التاريخ
- من هي أغنوديس؟
- ممارسة الطب وكيف تم اكتشافها
- الثورة النسائية التي غيرت القوانين الأثينية
- هل قصة أغنوديس حقيقية بالفعل؟
على الرغم من عدم حصول النساء على حقوقهن لقرون، إلا أن دورهن في تاريخ البشرية لا يمكن إنكاره. فمنذ العصور القديمة يمكننا التعرف على أسماء عظيمة مثل كليوباترا أو جان دارك وغيرهن من النساء. ولكن بالعودة إلى الوراء، وبالتحديد في ذروة الحضارة اليونانية، نجد أسطورة امرأة غير عادية، حطمت النماذج ونقشت اسمها على رفوف التاريخ. إنها أغنوديس تلك المرأة التي اضطرت إلى ارتداء ملابس الرجل لممارسة رسالتها في إنقاذ الأرواح. في هذا المقال نتعرف على قصة هذه المرأة الشجاعة.
أول طبيبة نسائية في التاريخ
يزعم العديد من المؤرخين أن النساء الأوائل في التاريخ كان لهن دوراً لا يمكن إغفاله. حيث كانت النساء تعتني بأفراد العائلة وتقوم على رعاية المرضى. كما كانت النساء مسؤولات عن جمع الأعشاب والنباتات الطبية والتحقق من قدرتها العلاجية. ومن هنا يبرز دور النساء كمعالجات في العصور القديمة، فلقد استطعن إنقاذ عدد لا يحصى من الأرواح. ورغم هذا منعت النساء من ممارسة مهنة الطب حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
هذا الأمر هو ما جعل تاريخ أغنوديس مدهش بشكل غريب، فهي تلك المرأة التي وجدت طريقة للتحايل على عادات ومتطلبات الوقت الذي عاشت فيه. حيث عملت كطبيبة وقابلة واستطاعت ممارسة مهنة الطب بحرية تامة بعد أن تنكرت في شخصية رجل، لتصبح أول طبيبة نسائية في التاريخ. ليس هذا فحسب بل أثارت هذه المرأة ثورة نسائية وتمكنت من تغيير قوانين أثينا بأكملها.
من هي أغنوديس؟
ذُكرت قصة أغنوديس في كتاب الكاتب اللاتيني جايوس يوليوس هيجينوس الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد. تحدث عنها في كتابه “القصص” كواحدة من أوائل الطبيبات المتخصصة في أمراض النساء في التاريخ. فبعد أبقراط منع المجتمع الأثيني النساء من ممارسة مهنة القابلات أو طب أمراض النساء بصفة عامة. وذلك بعد اتهامهن بإجراء عمليات إجهاض. لذا كان اكتشاف أية امرأة تمارس الطب فإن عقوبتها الإعدام. وفي هذه البيئة بدأت أغنوديس العمل، وتحولت أفعالها إلى أسطورة تتناقلها الأجيال.
ولدت هذه المرأة في أثينا في القرن الرابع قبل الميلاد لأسرة من المجتمع الراقي. وكانت لديها رغبة قوية في أن تصبح طبيبة بعد رؤيتها لكثير من النساء يتألمن بآلام المخاض، وكثيراً ما كان ينتهي بهن الأمر إلى الموت. هذه الحقيقة الصادمة والمؤلمة هي التي أشعلت رغبتها في مساعدة هؤلاء النساء على التخفيف من هذه الآلام. كما أن شعور الكثير منهن بالخجل والحرج من الأطباء الرجال ساهم في ذلك الأمر.
من هنا قررت أغنوديس أن تساعد النسوة على الولادة بطريقة أكثر أماناً وأقل إيلاماً. دعمها والدها في مشروعها وانخرطت الأسرة بأكملها في وضع وتنفيذ الخطة اللازمة لإتمام هذا الأمر. حيث ساعداها في قص شعرها وارتداء ملابس الرجال. ثم انطلقت في طريقها إلى الإسكندرية لدراسة الطب على يد هيروفيلوس، عالم التشريح العظيم في ذلك الوقت. انتقلت بعد ذلك إلى مصر لتلعب دوراً مهماً في المجتمع الطبي هناك، وخاصة في مجال التوليد وأمراض النساء.
ممارسة الطب وكيف تم اكتشافها
عادت أغنوديس إلى أثينا مرة أخرى بعد أن استكملت تعليمها، وكان عليها أن تستمر في ارتداء ملابس الرجل حتى تتمكن من ممارسة مهنتها. تقول الأسطورة أنه عندما كانت تعترض بعض النساء على أن يراها الطبيب، كانت ترفع سترتها وتوضح لها أنها امرأة. سرعان ما انتشرت شهرتها في جميع أنحاء المنطقة وأردت جميع النساء أن يعالجهن هذا الطبيب الجديد. ونظراً لهذه الشهرة الغريبة بدأ الأزواج في الارتياب والشك في هذا الطبيب. مما أدى إلى اتهامه بإغواء واستغلال النساء اللواتي يحضر إليهن، ووصل بهم الأمر إلى اتهام الطبيب بالاغتصاب. من هنا تم إحضارها أمام محكمة الأريوباغوس.
في المحكمة وبسبب الاتهامات الخطيرة للغاية، لم يكن أمامها خيار سوى إثبات أنها ليست رجلاً، بل امرأة، وبالتالي تصبح هذه الاتهامات باطلة. ولإثبات ذلك، رفعت رداءها أمام المحكمة لتبين لهم أنها امرأة. هذا الفعل، على الرغم من أنه أنقذها في البداية، إلا إنه يعني أن هناك اتهام آخر عقوبته الإعدام سيلاحقها وهو ممارسة الطب كامرأة. لذا تم الحكم عليها بالموت بموجب القانون الأثيني.
اقرأ أيضًا: الموت من الضحك: قصص غريبة لأشخاص ماتوا من الضحك |
الثورة النسائية التي غيرت القوانين الأثينية
بمجرد أن حكمت المحكمة على أغنوديس بالإعدام انطلق حشد من النساء اللواتي عالجتهن إلى المكان الذي كانت تجري فيه المحاكمة، وأثاروا ضجة كبيرة وأحدثوا ثورة عارمة للدفاع عن طبيبتهم. كانت حجج هؤلاء المرضى في الدفاع عنها تشير إلى أن عملها كطبيبة ونجاحاتها الطبية ساعدتهن على الولادة دون آلام كما عالجت أمراضهن. كما اتهمن أزواجهن ووجهاء أثينا بمحاولة إعدامها، بينما كانت قد تقدم لهم المساعدة والشفاء فقط.
بعد هذا النقاش الساخن وردود الفعل المثيرة اقنعت المحكمة بحجج النساء، وتم إطلاق سراح أغنوديس. وبعد ذلك شكلت المحكمة لجنة أدت إلى تغيير جوهري في قوانين أثينا. ومنذ تلك اللحظة تمكنت المرأة من ممارسة الطب بحرية ولها أن تتقاضى رسوماً مقابل عملها مع شرط وحيد هو أن عملها يجب أن يقتصر على رعاية النساء فقط.
هل قصة أغنوديس حقيقية بالفعل؟
يشك بعض المؤرخين في الوجود الحقيقي لأغنوديس في أثينا. حيث أشاروا إلى أن قصة رفع ثيابها ربما تكون أسطورة وضعها البعض من أجل مزيد من الإثارة على القصة. ويُقال كذلك أن هيجينوس الذي حكى قصتها مخطئ في قوله عن عدم وجود قابلات أو أطباء من النساء في اليونان، حيث توجد أدلة تاريخية تثبت عكس ذلك. لكن مهما كان الأمر، لقد أصبحت هذه الشخصية أسطورة مصدر إلهام للنساء اللائي تدربن على مدى قرون في مجال الطب.