القصة المثيرة وراء اختراع دش الاستحمام
تاريخ اختراع دش الاستحمام
كان اختراع الدش اختراعاً ثورياً بالنسبة لمعاصريه. فمنذ أكثر من 130 عاماً اخترع الطبيب الفرنسي ميري ديلابوست ما أطلق عليه وقتها اسم “حمام المطر”. لكن قصة اختراع الدش بدأت من داخل السجن، وأول من استخدمه كان السجناء. في السطور التالية نخوض سوياً رحلة شيقة للتعرف على أسرار هذا الاختراع.
بداية قصة اختراع الدش
تبدأ قصة اختراع الدش مع عمل الطبيب الفرنسي ميري ديلابوست في سجن روان بفرنسا على علاج المرضى والمصابين من السجناء. وقضى حياته بأكملها في هذا السجن من عام 1864 وحتى وفاته عام 1918. كان سجون فرنسا في ذلك الوقت تفتقر لأدنى معايير الجودة الصحية والنظافة، واشتهر سجن روان بحالته المزرية وقلة الخدمات الصحية فيه. لذا كانت رغبة الطبيب قوية تحسين الخدمات الصحية للمساجين الذين لا يعرفون شيئاً عن ثقافة الاستحمام. لذا كان الأمر الهام في البداية هو تجديد وتطوير الحمام.
أرسل ديلابوست طلباً إلى وزير الداخلية في أكتوبر عام 1872 يطالب فيه أن يقدم جميع مدراء السجون في فرنسا مقترحات تساهم في تطوير العناية الصحية للسجناء. وقام حينها مدراء السجون بإرسال العديد من الاقتراحات اللازمة لهذا الأمر. لكن أكثر ما كان يهم الطبيب هو النظافة الشخصية للسجناء. ونظراً لمحدودية عدد الحمامات في سجن روان، حيث كان هناك ثلاثة حمامات فقط ما جعل استخدام هذه الحمامات تقتصر فقط على المصابين بالأمراض أي تم استخدام هذه الحمامات للأغراض العلاجية فحسب. كما أن معظم السجناء يرفضون الاستحمام. يقول الطبيب: “ربما كانت النظافة الشخصية غير معروفة بالنسبة لهم، فهي ممارسة شاقة على أنفسهم”.
تطوير السجون
بعد أن حصل الطبيب ديلابوست على موافقة وزارة الداخلية بدأت أعمال الإصلاح والتطوير داخل السجن. وخلال جولته التفقدية لمراقبة أعمال الإصلاح توقف أمام حمام صغير في فناء السجن، كان يستخدم لعلاج المساجين الذين يعانون من اضطرابات عصبية، كما هو الوضع في ذلك الوقت. حيث كانت طريقة علاج بعض الأمراض النفسية تتم عن طريق إما الماء البارد أو الصدمات الكهربائية.
فكرة ثورية
كان العمال يعملون على قدم وساق لتركيب صنبور حمام بارد، وفي تلك اللحظة تبادرت إلى ذهن الطبيب فكرة عبارة عن عمل خزان مرتفع يتعرض للحرارة مما يزيد الضغط وبالتالي يخفض من استهلاك المياه، ويقلص من ضياع بخار الهواء. واستعان على تنفيذ هذه الفكرة بأنبوب ملتوي. وبهذه الطريقة يستطيع تسخين المياه في الخزان، ومن ثم يستبدل صنبور الحمام باختراع يعمل على رش المياه. وبدأ تنفيذ الفكرة.
كانت الفكرة جديدة وثورية في ذلك الوقت، حيث صنع رشاش المياه بطريقة تمكن المستخدم من إيقاف الدش أو استئنافه. وخلال أقل من خمس دقائق استطاع ثمانية من السجناء الاغتسال بشكل جيد مع القليل من الصابون اللين وذلك بعشرين لتراً فقط من الماء لكل منهم بدلاً من مائتي لتر كان يتطلبها الاستحمام العادي.
السبب وراء اختراع الدش
إن ما جعل الدكتور روان يفكر في هذا الأمر هو رؤيته لأولئك السجناء الذين يعملون في أعمال قذرة، وخاصة هؤلاء الذين يعملون في ورش تصنيع الأزرار، فهم يعملون عراة حتى الخصر في بيئة حارة مغبرة، وسريعاً ما يتحول مظهر أجسادهم إلى اللون الأسود الداكن نتيجة لهذه الأعمال.
الاستخدام في السجون والثكنات العسكرية
بعد نجاح مشروعه قدم ديلابوست طلباً آخر لوزير الداخلية يطلب فيه تنفيذ فكرة دش المياه الساخنة. وقوبل طلبه بالموافقة واستطاع الطبيب رؤية مشروعه يتحقق في عام 1873 بميزانية تقدر بحوالي 1200 فرانك. وسرعان ما أرادت السجون الأخرى تنفيذ هذا المشروع، كما انتقل الاختراع الثوري الذي يقلل من استهلاك المياه إلى الثكنات العسكرية في جميع أنحاء فرنسا.
شركة حمامات الدش الرخيصة
لكن اختراع الدش لم يتنقل للاستخدام العام بين المدنيين. وقد عبر ميري ديلابوست بسخرية عن ذلك قائلاً:
“إن اختراعي هذا ليست في متناول الجميع. حيث يجب أن تكون قد قتلت أو سرقت أو على أقل تقدير كسرت فانوساً لتعتقل وتستفيد من هذا الاختراع”. ومع ذلك وبعد أقل من عشرين عاماً تأسست شركة في 13 أبريل 1892 في بوردو تحت اسم منشأة حمامات الدش الرخيصة برئاسة رئيس بلدية بوردو، وكان شعار هذه الشركة “النظافة تمنح الصحة”.
مما لا شك فيه أن اختراع الدش كان اختراعاً عظيماً ساعد الكثير على توفير الماء التي تستهلك يومياً في الاستحمام والنظافة، ولعل اعتيادنا على استخدامه هو ما جعلنا نجهل فوائده الكبيرة، والتاريخ الطويل لاختراعه.
تاريخ اختراع دش الاستحمام
- Post author:وائل الشيمي
- Post published:21/11/2022
- Post category:غموض
- بداية قصة اختراع الدش
- تطوير السجون
- فكرة ثورية
- السبب وراء اختراع الدش
- الاستخدام في السجون والثكنات العسكرية
- شركة حمامات الدش الرخيصة
كان اختراع الدش اختراعاً ثورياً بالنسبة لمعاصريه. فمنذ أكثر من 130 عاماً اخترع الطبيب الفرنسي ميري ديلابوست ما أطلق عليه وقتها اسم “حمام المطر”. لكن قصة اختراع الدش بدأت من داخل السجن، وأول من استخدمه كان السجناء. في السطور التالية نخوض سوياً رحلة شيقة للتعرف على أسرار هذا الاختراع.
بداية قصة اختراع الدش
تبدأ قصة اختراع الدش مع عمل الطبيب الفرنسي ميري ديلابوست في سجن روان بفرنسا على علاج المرضى والمصابين من السجناء. وقضى حياته بأكملها في هذا السجن من عام 1864 وحتى وفاته عام 1918. كان سجون فرنسا في ذلك الوقت تفتقر لأدنى معايير الجودة الصحية والنظافة، واشتهر سجن روان بحالته المزرية وقلة الخدمات الصحية فيه. لذا كانت رغبة الطبيب قوية تحسين الخدمات الصحية للمساجين الذين لا يعرفون شيئاً عن ثقافة الاستحمام. لذا كان الأمر الهام في البداية هو تجديد وتطوير الحمام.
أرسل ديلابوست طلباً إلى وزير الداخلية في أكتوبر عام 1872 يطالب فيه أن يقدم جميع مدراء السجون في فرنسا مقترحات تساهم في تطوير العناية الصحية للسجناء. وقام حينها مدراء السجون بإرسال العديد من الاقتراحات اللازمة لهذا الأمر. لكن أكثر ما كان يهم الطبيب هو النظافة الشخصية للسجناء. ونظراً لمحدودية عدد الحمامات في سجن روان، حيث كان هناك ثلاثة حمامات فقط ما جعل استخدام هذه الحمامات تقتصر فقط على المصابين بالأمراض أي تم استخدام هذه الحمامات للأغراض العلاجية فحسب. كما أن معظم السجناء يرفضون الاستحمام. يقول الطبيب: “ربما كانت النظافة الشخصية غير معروفة بالنسبة لهم، فهي ممارسة شاقة على أنفسهم”.
تطوير السجون
بعد أن حصل الطبيب ديلابوست على موافقة وزارة الداخلية بدأت أعمال الإصلاح والتطوير داخل السجن. وخلال جولته التفقدية لمراقبة أعمال الإصلاح توقف أمام حمام صغير في فناء السجن، كان يستخدم لعلاج المساجين الذين يعانون من اضطرابات عصبية، كما هو الوضع في ذلك الوقت. حيث كانت طريقة علاج بعض الأمراض النفسية تتم عن طريق إما الماء البارد أو الصدمات الكهربائية.
فكرة ثورية
كان العمال يعملون على قدم وساق لتركيب صنبور حمام بارد، وفي تلك اللحظة تبادرت إلى ذهن الطبيب فكرة عبارة عن عمل خزان مرتفع يتعرض للحرارة مما يزيد الضغط وبالتالي يخفض من استهلاك المياه، ويقلص من ضياع بخار الهواء. واستعان على تنفيذ هذه الفكرة بأنبوب ملتوي. وبهذه الطريقة يستطيع تسخين المياه في الخزان، ومن ثم يستبدل صنبور الحمام باختراع يعمل على رش المياه. وبدأ تنفيذ الفكرة.
كانت الفكرة جديدة وثورية في ذلك الوقت، حيث صنع رشاش المياه بطريقة تمكن المستخدم من إيقاف الدش أو استئنافه. وخلال أقل من خمس دقائق استطاع ثمانية من السجناء الاغتسال بشكل جيد مع القليل من الصابون اللين وذلك بعشرين لتراً فقط من الماء لكل منهم بدلاً من مائتي لتر كان يتطلبها الاستحمام العادي.
السبب وراء اختراع الدش
إن ما جعل الدكتور روان يفكر في هذا الأمر هو رؤيته لأولئك السجناء الذين يعملون في أعمال قذرة، وخاصة هؤلاء الذين يعملون في ورش تصنيع الأزرار، فهم يعملون عراة حتى الخصر في بيئة حارة مغبرة، وسريعاً ما يتحول مظهر أجسادهم إلى اللون الأسود الداكن نتيجة لهذه الأعمال.
اقرأ أيضًا: كشف ألغاز بناء قلعة المرجان الغامضة |
الاستخدام في السجون والثكنات العسكرية
بعد نجاح مشروعه قدم ديلابوست طلباً آخر لوزير الداخلية يطلب فيه تنفيذ فكرة دش المياه الساخنة. وقوبل طلبه بالموافقة واستطاع الطبيب رؤية مشروعه يتحقق في عام 1873 بميزانية تقدر بحوالي 1200 فرانك. وسرعان ما أرادت السجون الأخرى تنفيذ هذا المشروع، كما انتقل الاختراع الثوري الذي يقلل من استهلاك المياه إلى الثكنات العسكرية في جميع أنحاء فرنسا.
شركة حمامات الدش الرخيصة
لكن اختراع الدش لم يتنقل للاستخدام العام بين المدنيين. وقد عبر ميري ديلابوست بسخرية عن ذلك قائلاً:
“إن اختراعي هذا ليست في متناول الجميع. حيث يجب أن تكون قد قتلت أو سرقت أو على أقل تقدير كسرت فانوساً لتعتقل وتستفيد من هذا الاختراع”. ومع ذلك وبعد أقل من عشرين عاماً تأسست شركة في 13 أبريل 1892 في بوردو تحت اسم منشأة حمامات الدش الرخيصة برئاسة رئيس بلدية بوردو، وكان شعار هذه الشركة “النظافة تمنح الصحة”.
مما لا شك فيه أن اختراع الدش كان اختراعاً عظيماً ساعد الكثير على توفير الماء التي تستهلك يومياً في الاستحمام والنظافة، ولعل اعتيادنا على استخدامه هو ما جعلنا نجهل فوائده الكبيرة، والتاريخ الطويل لاختراعه.