مصطفى محمود
أنا وزوجتي كنا نشاهد (شعبان عبد الرحيم) في حلقة من برنامج (من يربح المليون).. وكان المذيع يسأله أسئلة تافهة لكن المطرب الشعبي لا يجيب عن شيء منها، وهكذا بدأ المذيع يلمح له بالأجوبة ويسمح له بالربح ..
كل هذا مع ضحكات المشاهدين واسطوانات (شعبان) المعروفة عن ثيابه التي يشتريها من وكالة البلح ورغبته في العودة إلى المكوة لأن الطرب لم يعد كما كان ..الخ ..
في النهاية استطاع أن يحصل على مائة وخمسين ألفًا من الجنيهات في بضع دقائق..
قالت زوجتي إن هذا الرجل محدود الذكاء بشكل غير مسبوق، لكن رأيي كان مختلفًا .. لقد خدع المشاهدين والمذيع الوسيم وسخر منهم بمنتهى الخبث ..
نحن خرجنا بإحساس زائف بالتفوق والذكاء وهو خرج بمائة وخمسين ألفًا فمن الأذكى ؟..ومن الغبي الحقيقي هنا ؟
الأمر كله يذكرني بقصة المتسول الذي كان السياح يعرضون عليه أن يختار بين عشرة دولارات وربع جنيه، فكان يختار الربع في كل مرة .. إلى أن عاتبه أحدهم على غبائه الشديد .. كيف تختار يا أحمق ربع جنيه وتترك عشرة دولارات ؟..
كانت إجابة المتسول المفحمة هي: لو اخترت عشرة الدولارات لكف السياح عن المجيء لرؤية بلاهتي، ولقطعت مصدر رزقي !
ثمة قصة مماثلة عن التجار المصريين أيام الحملة الفرنسية، وكيف كانوا يرفضون العملات الذهبية لكنهم يقبلون أزرار الجنود الفرنسيين النحاسية ثمنًا لما يبيعونه لهم .. وقد تسلى الفرنسيون بهؤلاء الحمقى كثيرًا.
ثم اتضح فيما بعد أن المصريين لم يريدوا الاحتفاظ بعملات ذهبية فرنسية لأن الفرنسيين سيرحلون حتمًا، ولسوف تعود جيوش مراد بك لتعدم من تجد معه هذه العملات بتهمة الخيانة.. بينما الأزرار النحاسية تعني أن المصري قتل جنديًا فرنسيًا أو سرقه ..
دعك من أن سعرها سيرتفع مع الوقت !
الذكي الحقيقي من يخرج من المعركة منتصرا ولو بغباء..
والغبي من يصنع لنفسه أعذار الهزيمة فى صورة انتصار..
د أحمد خالد توفيق