انا والملكة
كتب الدكتور محمود شوبر من العراق
في الصباح الباكر اعتدت ان اجهز عربة الخيل في بوابة القصر الخلفية منتظراً قدوم الملكة التي ادمنت الرياضة الصباحية منذ الف عام.
ولكنها لم تكن ترتدي ملابس الرياضة، بل كانت تلبس افضل مالديها من ثياب تحوكها هي بيدها واحياناً تشتغلها بماكنة الخياطة خاصتها والتي اعتقد انها من نوع (Butterfly) اليابانية الصنع.
كانت ثيابها اجمل الثياب ليس لكونها ملكة وحسب بل هي تجيد تنسيق الاشياء بشكل مذهل. وحتى الالوان التي اعتقد من الصعوبة التنسيق فيما بينها تكون مريحة وجذابة حين تضعها على جسدها الممشوق بفعل الرياضة المستمرة ونوعية الاكل الذي تتفنن بتناوله وكذلك بسبب جمال الروح الذي يبث طاقة جمالية لكل من يلمحها بنظرة وتتحول تلك اللمحة الى داء لعين يشبه التعاطي عافاكم الله.
في هذا الصباح تحديداً اطلت عليي تضحك من بعيد ، وانا اتابعها من اول عتبة في درج البوابة الخلفية. من بعيد وارى ثغرها المتبسم رغم نظري الذي اتعبته رداءة الاضاءة في مرسمي.
(آه تذكرت انكم لاتعرفون انني ارسم، وارسم كثيراً بل احياناً كثيرة اراني لا افقه الا بالرسم.)
حين وصلت بجانبي ازدادت ضحكتها بهاء وعلواً. فقلت مالذي يفرحك عالية المقام.
لم تجبني ولكنها استمرت بالضحك وهمت بالصعود الى متن العربة وهممت انا لأخذ مقعدي وتحركنا تحت وطأة الجمال. اقصد جمال عطرها الذي اعتقده من عطور (بربري) الساحرة.
في منتصف الطريق قالت؛ اتعلم انني لا اريد الذهاب الى (الجيم )هذا الصباح.
اجبت ؛ سمعاً وطاعةً مولاتي. ولكن ما هي وجهتنا الان.
قالت هناك (كافيه) على اطراف القلعة عند نهاية اسوار المملكة دعني اطلب لك فنجان قهوة او قدح من الشاي. فأنا اعرفكم جيدا انتم العراقيين تحبون الشاي ولا تميلون الى القهوة.
قلت ؛ نعم مولاتي احب الشاي ولكن لا اعرف مكان هذه المقهى جيدا
هنا قالت بلطف جميل ؛ دعني اتولى القيادة عنك
وفعلا كانت تسوق العربة بكل رشاقة حتى انني انتبهت على الخيول كأنها ترقص بالمسير نحو المقهى المنشود.
(المشهد الثاني)
طاولة خشب ونادل لطيف ورواد المقهى الذين ينظرون نحو النوافذ المطلة على اسوار القلعة وانا وحدي اركز بصري نحو فمها المتبسم.
اشرت لي بحاجبها ؛يكفي ان تنظر هكذا لي.
بعدها مباشرة اخذت قدح الشاي الذي لاتزال ببطنه الملعقة الحديدية واخذت رشفة منه.بعد ان غرزت تلك الملعقة اللعينة حفرة في خدي الايمن.
هنا ضحكت الملكة؛ لما ابقيت على الملعقة بعد ان انتهيت منها.
فأجبتها بلغتي الام؛ مولاتي انا احب ان تكون الخاشوكة تحفر موضعا في خدي وانا احتسي الشاي.
ضحكت من قلبها وقالت ؛ الخاشوكة يالها من لغة عظيمة.
(انتهى)
--------------------------------
**النص ؛ من مسرحية (هاملت) الجزء الثاني ل(محمود شوبر) بعد معركة (لا اتذكر اي معركة كانت)