العلماء يخشون من مخاطر السياحة الفضائية على البيئة
وكالة الفضاء الأوروبية تسعى إلى إطلاق المزيد من الصواريخ التي تحمل سفن سياحية نحو الفضاء.
الخميس 2023/01/19
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الأغنياء يستمتعون على حساب بقية البشر
برلين - ثمة مخاوف من أن يؤدي التمويل الجديد، الذي ستتلقاه وكالة الفضاء الأوروبية، إلى إطلاق المزيد من الصواريخ التي تحمل سفن الفضاء، وإلى إلحاق المزيد من الأضرار بالغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية.
غير أن الخبراء يحذرون من أن خطط تنظيم رحلات تجارية، بغرض السياحة في الفضاء، تشكل تهديدا أكثر خطورة.
ويقول فريق بحثي تحت إشراف روبرت ريان من جامعة لندن إنه مع قيام البشر باستكشاف أغوار الفضاء تظهر “ضرورة عاجلة لوضع لوائح تنظيمية متعلقة بحماية البيئة، للتخفيف من الأضرار الناتجة عن أنشطة السياحة الفضائية الآخذة في النمو بسرعة”.
وأشار البحث الذي أجراه الفريق إلى أن تنظيم رحلات للسياحة الفضائية على مدى ثلاث سنوات يمكن أن يكفي لمضاعفة حجم الانبعاثات الغازية المدمرة للبيئة، والناتجة عن جميع المهام العلمية التي قامت بها سفن الفضاء مجتمعة حتى الآن.
الصواريخ تحرق مئات الآلاف من الأطنان من الوقود أثناء إطلاقها لتكون متهمة بالتلويث أكثر من الطائرات
وأوضح البحث أنه في جميع الرحلات الفضائية سواء كانت علمية أو سياحية، تحرق الصواريخ مئات الآلاف الأطنان من الوقود أثناء الإطلاق، وبذلك تكون متهمة بتلويث البيئة، بدرجة تفوق ما تحدثه الطائرات بكثير.
وتقول إلواز ماريا زميلة ريان في المشروع البحثي إنه “يتم بشكل روتيني تشبيه الانبعاثات الناتجة عن إطلاق مركبات الفضاء بتلك الناتجة عن انبعاثات غازات الدفيئة والملوثات الناتجة عن رحلات الطائرات، وهو أمر يجانبه الصواب كما أثبت بحثنا”.
وتوضح أنه في الحقيقة تنتج منصات إطلاق الصواريخ الحاملة لمركبات الفضاء، غازات أكسيد النيتروجين الضارة التي تقوم بتسريع عملية تآكل طبقة الأوزون، وكذلك ارتفاع درجة الحرارة على كوكب الأرض.
وبينت عمليات المحاكاة أن جزيئات الهباب الناتجة عن احتراق الوقود في الغلاف الخارجي تكون أكثر تأثيرا بمعدل 500 مرة في رفع درجة الحرارة على الأرض، مقارنة بنفس التأثير عند احتراق الوقود بالقرب من الأرض، وبالرغم من أن الصواريخ تتسبب فيما نسبته 0.02 في المئة فقط من انبعاثات السناج (الهباب) على مستوى العالم، فإنها تمثل ما نسبته 6 في المئة من ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة على الأرض المرتبطة بالسناج.
ولا يزال حجم الرحلات الفضائية العلمية محدودا، حتى بعد أن وافقت الدول المساهمة في وكالة الفضاء الأوروبية البالغ عددها 22 دولة، في نوفمبر الماضي، على زيادة ميزانية الوكالة بنسبة 16.6 في المئة بما يعادل 18 مليار دولار، خلال الفترة بين 2023 و2025، أما ما يمكن أن يزيد من عدد الرحلات الفضائية بدرجة كبيرة فهو القطاع التجاري الذي يتطلع إلى فتح السماء أمام سياح الفضاء الذين يستخدمون رحلات القطاع الخاص.
ويطرح كنود يانكه من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك بمدينة هايدلبرغ تقييما صريحا فيقول “مثل هذه الرحلات الفضائية ضارة بالمناخ، كما تهدر الموارد، لمجرد أن حفنة من الأثرياء اكتشفوا إمكانية القيام بهذه الرحلات باعتبارها رمزا لعلو المكانة الاجتماعية”.
ومن الآن فصاعدا، من المأمول أن يدرك جميع مستخدمي الصواريخ الآثار السلبية لهذه التكنولوجيا.
ويقول ديمتريس دريكاكيس الباحث في جامعة نيقوسيا بقبرص “نأمل أن تراعي المشروعات التجارية، مثل سبيس إكس وفيرجين جلاكتيك وبلو أورجين والشركات المصنعة للمحركات المرتبطة بها هذه التأثيرات السلبية في تصميماتها المستقبلية”.
وألقى دريكاكيس مع زميله إيوانيس كوكيناكيس نظرة فاحصة على عامود عادم الصواريخ، وتبين أن تأثيرات نواتج الاحتراق تتغير بشكل كبير اعتمادا على الارتفاع عن سطح الأرض، وذلك وفقا لما ذكراه في مجلة “فيزياء السوائل”. ذلك لأن التركيب الكيميائي للهواء يتغير، ويرجع ذلك أساسا إلى انخفاض الكثافة بدرجة كبيرة.
التلوث يطال غلاف الكوكب الأزرق
ومن ناحية أخرى هناك أيضا تدقيق متزايد في البصمة الكربونية لعلماء الفلك في العالم أو للباحثين في مجال الفضاء، وهم يلتقون لحضور مؤتمرات تناقش غالبا القضايا المتعلقة بالتلوث والمناخ.
وفي تقييم وضعته مجموعة من العلماء تحت إشراف يورغن كنودلستر بجامعة تولوز الفرنسية جاء أن كمية الانبعاثات الغازية المنطلقة في الغلاف الجوي بسبب أنشطة علماء الفلك بلغت نحو 20.3 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون سنويا، مما يعادل 36.6 طن لكل شخص منهم.
وإذا وضعت في اعتبارك أن الطبيعة على الأرض يمكنها أن تعوض فقط حوالي طنّين من ثاني أكسيد الكربون للشخص الواحد سنويا، فإن مجتمع علماء الفلك ينتج 18 مثلا لهذه الكمية.
كما حدد يانكه من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك وزملاؤه بصمة ثاني أكسيد الكربون الخاصة بمعهدهم، وبالنسبة إلى عام 2018 توصلوا إلى قيمة 18.1 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل عالم فلك، وجاء نصف الكمية تقريبا من أكثر من 1000 رحلة طيران رسمية، قام بها وزملاؤه في ذلك العام.
ويعلق يانكه على العدد المرتفع من الرحلات الجوية التي يستخدمها العلماء قائلا “إننا مجموعة صغيرة من العلماء، ويتعين علينا أن نعمل معا على المستوى الدولي”، ومع ذلك أظهرت جائحة كورونا أنه يمكن أن تعقد الكثير من اللقاءات بالفيديو كونفرانس، بدلا من الاجتماعات وجها لوجه.
وتتمثل العناصر الرئيسية الأخرى المكونة للبصمة الكربونية للمعهد في استهلاك الكهرباء خاصة في إجراء الحسابات باستخدام أجهزة الكمبيوتر السوبر، وتدفئة مباني المعهد.
ويقول يانكه “إنه لأمر جيد أن تتوافر لدينا هذه الأرقام، لأنه يمكن إدارة الأمور التي يمكن قياسها فقط”.
وكالة الفضاء الأوروبية تسعى إلى إطلاق المزيد من الصواريخ التي تحمل سفن سياحية نحو الفضاء.
الخميس 2023/01/19
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الأغنياء يستمتعون على حساب بقية البشر
برلين - ثمة مخاوف من أن يؤدي التمويل الجديد، الذي ستتلقاه وكالة الفضاء الأوروبية، إلى إطلاق المزيد من الصواريخ التي تحمل سفن الفضاء، وإلى إلحاق المزيد من الأضرار بالغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية.
غير أن الخبراء يحذرون من أن خطط تنظيم رحلات تجارية، بغرض السياحة في الفضاء، تشكل تهديدا أكثر خطورة.
ويقول فريق بحثي تحت إشراف روبرت ريان من جامعة لندن إنه مع قيام البشر باستكشاف أغوار الفضاء تظهر “ضرورة عاجلة لوضع لوائح تنظيمية متعلقة بحماية البيئة، للتخفيف من الأضرار الناتجة عن أنشطة السياحة الفضائية الآخذة في النمو بسرعة”.
وأشار البحث الذي أجراه الفريق إلى أن تنظيم رحلات للسياحة الفضائية على مدى ثلاث سنوات يمكن أن يكفي لمضاعفة حجم الانبعاثات الغازية المدمرة للبيئة، والناتجة عن جميع المهام العلمية التي قامت بها سفن الفضاء مجتمعة حتى الآن.
الصواريخ تحرق مئات الآلاف من الأطنان من الوقود أثناء إطلاقها لتكون متهمة بالتلويث أكثر من الطائرات
وأوضح البحث أنه في جميع الرحلات الفضائية سواء كانت علمية أو سياحية، تحرق الصواريخ مئات الآلاف الأطنان من الوقود أثناء الإطلاق، وبذلك تكون متهمة بتلويث البيئة، بدرجة تفوق ما تحدثه الطائرات بكثير.
وتقول إلواز ماريا زميلة ريان في المشروع البحثي إنه “يتم بشكل روتيني تشبيه الانبعاثات الناتجة عن إطلاق مركبات الفضاء بتلك الناتجة عن انبعاثات غازات الدفيئة والملوثات الناتجة عن رحلات الطائرات، وهو أمر يجانبه الصواب كما أثبت بحثنا”.
وتوضح أنه في الحقيقة تنتج منصات إطلاق الصواريخ الحاملة لمركبات الفضاء، غازات أكسيد النيتروجين الضارة التي تقوم بتسريع عملية تآكل طبقة الأوزون، وكذلك ارتفاع درجة الحرارة على كوكب الأرض.
وبينت عمليات المحاكاة أن جزيئات الهباب الناتجة عن احتراق الوقود في الغلاف الخارجي تكون أكثر تأثيرا بمعدل 500 مرة في رفع درجة الحرارة على الأرض، مقارنة بنفس التأثير عند احتراق الوقود بالقرب من الأرض، وبالرغم من أن الصواريخ تتسبب فيما نسبته 0.02 في المئة فقط من انبعاثات السناج (الهباب) على مستوى العالم، فإنها تمثل ما نسبته 6 في المئة من ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة على الأرض المرتبطة بالسناج.
ولا يزال حجم الرحلات الفضائية العلمية محدودا، حتى بعد أن وافقت الدول المساهمة في وكالة الفضاء الأوروبية البالغ عددها 22 دولة، في نوفمبر الماضي، على زيادة ميزانية الوكالة بنسبة 16.6 في المئة بما يعادل 18 مليار دولار، خلال الفترة بين 2023 و2025، أما ما يمكن أن يزيد من عدد الرحلات الفضائية بدرجة كبيرة فهو القطاع التجاري الذي يتطلع إلى فتح السماء أمام سياح الفضاء الذين يستخدمون رحلات القطاع الخاص.
ويطرح كنود يانكه من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك بمدينة هايدلبرغ تقييما صريحا فيقول “مثل هذه الرحلات الفضائية ضارة بالمناخ، كما تهدر الموارد، لمجرد أن حفنة من الأثرياء اكتشفوا إمكانية القيام بهذه الرحلات باعتبارها رمزا لعلو المكانة الاجتماعية”.
ومن الآن فصاعدا، من المأمول أن يدرك جميع مستخدمي الصواريخ الآثار السلبية لهذه التكنولوجيا.
ويقول ديمتريس دريكاكيس الباحث في جامعة نيقوسيا بقبرص “نأمل أن تراعي المشروعات التجارية، مثل سبيس إكس وفيرجين جلاكتيك وبلو أورجين والشركات المصنعة للمحركات المرتبطة بها هذه التأثيرات السلبية في تصميماتها المستقبلية”.
وألقى دريكاكيس مع زميله إيوانيس كوكيناكيس نظرة فاحصة على عامود عادم الصواريخ، وتبين أن تأثيرات نواتج الاحتراق تتغير بشكل كبير اعتمادا على الارتفاع عن سطح الأرض، وذلك وفقا لما ذكراه في مجلة “فيزياء السوائل”. ذلك لأن التركيب الكيميائي للهواء يتغير، ويرجع ذلك أساسا إلى انخفاض الكثافة بدرجة كبيرة.
التلوث يطال غلاف الكوكب الأزرق
ومن ناحية أخرى هناك أيضا تدقيق متزايد في البصمة الكربونية لعلماء الفلك في العالم أو للباحثين في مجال الفضاء، وهم يلتقون لحضور مؤتمرات تناقش غالبا القضايا المتعلقة بالتلوث والمناخ.
وفي تقييم وضعته مجموعة من العلماء تحت إشراف يورغن كنودلستر بجامعة تولوز الفرنسية جاء أن كمية الانبعاثات الغازية المنطلقة في الغلاف الجوي بسبب أنشطة علماء الفلك بلغت نحو 20.3 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون سنويا، مما يعادل 36.6 طن لكل شخص منهم.
وإذا وضعت في اعتبارك أن الطبيعة على الأرض يمكنها أن تعوض فقط حوالي طنّين من ثاني أكسيد الكربون للشخص الواحد سنويا، فإن مجتمع علماء الفلك ينتج 18 مثلا لهذه الكمية.
كما حدد يانكه من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك وزملاؤه بصمة ثاني أكسيد الكربون الخاصة بمعهدهم، وبالنسبة إلى عام 2018 توصلوا إلى قيمة 18.1 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل عالم فلك، وجاء نصف الكمية تقريبا من أكثر من 1000 رحلة طيران رسمية، قام بها وزملاؤه في ذلك العام.
ويعلق يانكه على العدد المرتفع من الرحلات الجوية التي يستخدمها العلماء قائلا “إننا مجموعة صغيرة من العلماء، ويتعين علينا أن نعمل معا على المستوى الدولي”، ومع ذلك أظهرت جائحة كورونا أنه يمكن أن تعقد الكثير من اللقاءات بالفيديو كونفرانس، بدلا من الاجتماعات وجها لوجه.
وتتمثل العناصر الرئيسية الأخرى المكونة للبصمة الكربونية للمعهد في استهلاك الكهرباء خاصة في إجراء الحسابات باستخدام أجهزة الكمبيوتر السوبر، وتدفئة مباني المعهد.
ويقول يانكه “إنه لأمر جيد أن تتوافر لدينا هذه الأرقام، لأنه يمكن إدارة الأمور التي يمكن قياسها فقط”.