شركات صديقة للبيئة تحاول إنقاذ مصر من نفايات البلاستيك
طوب داكن لتغطية الأرصفة والمسالك ومواقف السيارات.
الخميس 2023/01/19
انشرWhatsAppTwitterFacebook
القمامة تهدد سكان المدن
تهاجم نفايات البلاستيك الضارة النيل والبحر المتوسط حيث تتسبب في تسميم الحياة البحرية حتى أصبح ثلاثة أرباع الأسماك التي يتم اصطيادها في القاهرة تحوي جزئيات صغيرة جدا من البلاستيك، لذلك تبادر شركات ناشئة لجمع هذه النفايات وإعادة تدويرها في شكل طوب داكن للاستفادة منه في البناء.
القاهرة - في مصر، أكبر ملوّث بالبلاستيك في الشرق الأوسط وأفريقيا، يسعى رواد أعمال شباب إلى إعادة تدوير ملايين الأطنان من البلاستيك الملقاة في النيل والبحر المتوسط ومكبات القمامة المفتوحة.
وفي مصنع في ضواحي القاهرة تديره الشركة الناشئة “تايل غرين” يطغى هدير مطحنة البلاستيك على كل الأصوات، وتبتلع الآلة كمية ضخمة من البلاستيك من كل الألوان، لتخرجها على شكل طوب داكن اللون “صلابته ضعف صلابة الإسمنت”، وفق ما يقول أحد مؤسسي الشركة خالد رأفت (24 عاما) بينما يلقي بطوبة على الأرض.
واستخدام البلاستيك المعاد تدويره في البناء فكرة ليست بالجديدة، إذ نجده في كينيا وكولومبيا وجنوب أفريقيا وحتى في غزة.
ويستخدم الطوب لتغطية الأرصفة والمسالك في الهواء الطلق ومواقف السيارات.
ويوضح رأفت أن العديد من المنتجات البلاستيكية مثل أكياس التغليف التي تستخدم في عدد من المواد الاستهلاكية (البطاطا المقرمشة على سبيل المثال) مكوّنة من طبقات عدة ملتصقة من البلاستيك والألومنيوم التي يستحيل فصلها.
مصر أكبر بلد ملوث بالبلاستيك في الشرق الأوسط وأفريقيا وفق دراسة لخبراء متعددو الجنسيات ونشرتها مجلة {ساينس}
ويقول شريكه عمرو شعلان (26 عاما) “هذا البلاستيك الذي لا قيمة له تقريبا ينتهي معظم الوقت في المكبات أو يتم حرقه أو ينتشر في البيئة المحيطة بنا أو في بحارنا و أنهارنا”، مضيفا أن كل طوبة “تتكوّن من 125 كيسا من البلاستيك”. وتعتبر مصر البلد الأكثر كثافة سكانية في العالم العربي، وأكبر ملوّث بالبلاستيك في الشرق الأوسط وأفريقيا، وفق دراسة أجرها خبراء متعددو الجنسيات ونشرتها مجلة “ساينس” العلمية.
وتنتهي معظم نفايات البلاستيك التي تصل إلى 5.4 مليون طن سنويا في مصر في مكبّات غير قانونية ويتم التخلص منها بعد ذلك في النيل والبحر المتوسط حيث تتسبب في تسميم الحياة البحرية.
وحذّرت دراسة في العام 2020 من أن ثلاثة أرباع الأسماك التي يتم اصطيادها في القاهرة تحوي جزئيات صغيرة جدا من البلاستيك.
ففي الاسكندرية على شاطئ المتوسط في شمال مصر تبلغ نسبة الأسماك التي تحوي تلك الجزئيات 92 في المئة، وفق باحثين في المعهد المصري لعلوم البحار والمصايد.
وتسعى “تايل غرين” إلى تدوير ما بين ثلاثة الى خمسة مليار كيس بلاستيكي بحلول العام 2025. وكانت بدأت ببيع الطوب العام الماضي، وأنتجت حتى اليوم أربعين ألف طوبة.
وتعهّدت مصر ذات الـ104 ملايين نسمة - والتي يؤكد البنك الدولي أن 67 في المئة من النفايات فيها “لا تعالج بشكل مناسب” – بخفض استهلاكها من البلاستيك ذي الاستخدام الأحادي بمقدار النصف بحلول العالم 2030.
ولكن شبابا ساعين إلى حماية البيئة ومهندسين لم ينتظروا ذلك، بل قرروا استخدام نفايات البلاستيك على الفور، فبدأوا باستخراج البلاستيك من النيل ويتولى المهندسون الإشراف على تحويله إلى طوب وهو البديل الأخضر للطوب الإسمنتي الذي يؤدي تصنيعه إلى توليد كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون الملوث للبيئة.
وفي جزيرة القرصاية في القاهرة، بدأ صيادون ملء شباكهم بالبلاستيك الذي يبيعونه بعد ذلك إلى منظمة “فيري نايل” غير الحكومية التي تقوم كذلك بعمليات تنظيف منتظمة لأكبر نهر في أفريقيا.
ويقول مسؤول المشروع لدى “فيري نايل” هاني فوزي إنه “يشتري ما بين 10 و12 طنا من البلاستيك شهريا” من 65 صيادا يجمعون النفايات ويتم فرزها في مراكبهم.
صناعة طوب صديق للبيئة
ويضيف هاني فوزي أنه يتم بعد ذلك كبس البلاستيك لإعادة استخدامه في الصناعات البلاستيكية مرة أخرى أو يتم بيعه لمصنع طوب إسمنتي في أسيوط (جنوب) الذي يستخدمه كوقود. والمشروع مدعوم من وزارة البيئة المصرية.
ووفق منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في أوروبا، يتمّ تدوير أقل من 10 في المئة من البلاستيك في العالم، وذلك بسبب صعوبة عملية التدوير أو كلفتها العالية.
ويشرح شعلان أن “ما بين11 و15 في المئة فقط من نقابات البلاستيك يتم تدويرها سنويا في مصر”. ويضيف “نحن نعمل مع شركات تدوير ونأخذ منها ما لا يمكنها استخدامه”.
ولكن عمل الشركات الناشئة ليس كافيا بعد. ذلك أن الإنتاج السنوي من البلاستيك سيزيد ثلاث مرات بحلول 2060 ليصل إلى 1.2 مليار طن.
في الوقت ذاته، ستتضاعف كمية النفايات البلاستيكية غير المدورة أو المتروكة في الطبيعة والبالغة الآن 100 مليون طن.
ويقول محمد كمال، أحد مسؤولي شركة غرينيش التي ساهمت في إنشاء “فيري نايل”، “البلاستيك لن يختفي ولكن هذه المبادرات أدت إلى خلق سوق، ورأينا أن هناك بالفعل طلبا”.
ويضيف “كل ما يخلق قيمة اعتمادا على النفايات في مصر يعد خطوة إلى الأمام، حتى لو بقينا على السطح ولم نتمكن من حلّ جذور المشكلة”.
وفي جامعة دمنهور نفذ مجموعة من الطلاب مشروعا صديقا للبيئة بتصنيع قوالب من الطوب بمواد خام غير تقليدية.
وتقول سهيلة، من منفذي المشروع، “المشروع عبارة عن قوالب من طوب البناء صنعت من الرمل والإسمنت والزلط وأيضا الفوم والبلاستيك، اختلطوا معا بنسبة وتناسب حتى يضاهي قوالب الطوب الإسمنتية المألوفة.
ويقول عمر أشرف، أحد منفذي المشروع، إن الطوب الصديق للبيئة مميزات تصاحب الطوب الإسمنتي المعروف وهو أن نسبة استخدام الإسمنت فيه قليلة عن العادي، وهذا يعود بالميزة نظراً لارتفاع سعر الإسمنت وأيضًا لأضراره الكثيرة على المستخدمين والمصنعين.
وتابع أن الطوب صديق البيئة هو عازل للحرارة والمياه والرطوبة، ويتحمل ضغطا أكثر بمقدار ست مرات عن الطوبة الإسمنتية المعروفة، وكل هذا بسعر أقل.
PreviousNext
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طوب داكن لتغطية الأرصفة والمسالك ومواقف السيارات.
الخميس 2023/01/19
انشرWhatsAppTwitterFacebook
القمامة تهدد سكان المدن
تهاجم نفايات البلاستيك الضارة النيل والبحر المتوسط حيث تتسبب في تسميم الحياة البحرية حتى أصبح ثلاثة أرباع الأسماك التي يتم اصطيادها في القاهرة تحوي جزئيات صغيرة جدا من البلاستيك، لذلك تبادر شركات ناشئة لجمع هذه النفايات وإعادة تدويرها في شكل طوب داكن للاستفادة منه في البناء.
القاهرة - في مصر، أكبر ملوّث بالبلاستيك في الشرق الأوسط وأفريقيا، يسعى رواد أعمال شباب إلى إعادة تدوير ملايين الأطنان من البلاستيك الملقاة في النيل والبحر المتوسط ومكبات القمامة المفتوحة.
وفي مصنع في ضواحي القاهرة تديره الشركة الناشئة “تايل غرين” يطغى هدير مطحنة البلاستيك على كل الأصوات، وتبتلع الآلة كمية ضخمة من البلاستيك من كل الألوان، لتخرجها على شكل طوب داكن اللون “صلابته ضعف صلابة الإسمنت”، وفق ما يقول أحد مؤسسي الشركة خالد رأفت (24 عاما) بينما يلقي بطوبة على الأرض.
واستخدام البلاستيك المعاد تدويره في البناء فكرة ليست بالجديدة، إذ نجده في كينيا وكولومبيا وجنوب أفريقيا وحتى في غزة.
ويستخدم الطوب لتغطية الأرصفة والمسالك في الهواء الطلق ومواقف السيارات.
ويوضح رأفت أن العديد من المنتجات البلاستيكية مثل أكياس التغليف التي تستخدم في عدد من المواد الاستهلاكية (البطاطا المقرمشة على سبيل المثال) مكوّنة من طبقات عدة ملتصقة من البلاستيك والألومنيوم التي يستحيل فصلها.
مصر أكبر بلد ملوث بالبلاستيك في الشرق الأوسط وأفريقيا وفق دراسة لخبراء متعددو الجنسيات ونشرتها مجلة {ساينس}
ويقول شريكه عمرو شعلان (26 عاما) “هذا البلاستيك الذي لا قيمة له تقريبا ينتهي معظم الوقت في المكبات أو يتم حرقه أو ينتشر في البيئة المحيطة بنا أو في بحارنا و أنهارنا”، مضيفا أن كل طوبة “تتكوّن من 125 كيسا من البلاستيك”. وتعتبر مصر البلد الأكثر كثافة سكانية في العالم العربي، وأكبر ملوّث بالبلاستيك في الشرق الأوسط وأفريقيا، وفق دراسة أجرها خبراء متعددو الجنسيات ونشرتها مجلة “ساينس” العلمية.
وتنتهي معظم نفايات البلاستيك التي تصل إلى 5.4 مليون طن سنويا في مصر في مكبّات غير قانونية ويتم التخلص منها بعد ذلك في النيل والبحر المتوسط حيث تتسبب في تسميم الحياة البحرية.
وحذّرت دراسة في العام 2020 من أن ثلاثة أرباع الأسماك التي يتم اصطيادها في القاهرة تحوي جزئيات صغيرة جدا من البلاستيك.
ففي الاسكندرية على شاطئ المتوسط في شمال مصر تبلغ نسبة الأسماك التي تحوي تلك الجزئيات 92 في المئة، وفق باحثين في المعهد المصري لعلوم البحار والمصايد.
وتسعى “تايل غرين” إلى تدوير ما بين ثلاثة الى خمسة مليار كيس بلاستيكي بحلول العام 2025. وكانت بدأت ببيع الطوب العام الماضي، وأنتجت حتى اليوم أربعين ألف طوبة.
وتعهّدت مصر ذات الـ104 ملايين نسمة - والتي يؤكد البنك الدولي أن 67 في المئة من النفايات فيها “لا تعالج بشكل مناسب” – بخفض استهلاكها من البلاستيك ذي الاستخدام الأحادي بمقدار النصف بحلول العالم 2030.
ولكن شبابا ساعين إلى حماية البيئة ومهندسين لم ينتظروا ذلك، بل قرروا استخدام نفايات البلاستيك على الفور، فبدأوا باستخراج البلاستيك من النيل ويتولى المهندسون الإشراف على تحويله إلى طوب وهو البديل الأخضر للطوب الإسمنتي الذي يؤدي تصنيعه إلى توليد كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون الملوث للبيئة.
وفي جزيرة القرصاية في القاهرة، بدأ صيادون ملء شباكهم بالبلاستيك الذي يبيعونه بعد ذلك إلى منظمة “فيري نايل” غير الحكومية التي تقوم كذلك بعمليات تنظيف منتظمة لأكبر نهر في أفريقيا.
ويقول مسؤول المشروع لدى “فيري نايل” هاني فوزي إنه “يشتري ما بين 10 و12 طنا من البلاستيك شهريا” من 65 صيادا يجمعون النفايات ويتم فرزها في مراكبهم.
صناعة طوب صديق للبيئة
ويضيف هاني فوزي أنه يتم بعد ذلك كبس البلاستيك لإعادة استخدامه في الصناعات البلاستيكية مرة أخرى أو يتم بيعه لمصنع طوب إسمنتي في أسيوط (جنوب) الذي يستخدمه كوقود. والمشروع مدعوم من وزارة البيئة المصرية.
ووفق منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في أوروبا، يتمّ تدوير أقل من 10 في المئة من البلاستيك في العالم، وذلك بسبب صعوبة عملية التدوير أو كلفتها العالية.
ويشرح شعلان أن “ما بين11 و15 في المئة فقط من نقابات البلاستيك يتم تدويرها سنويا في مصر”. ويضيف “نحن نعمل مع شركات تدوير ونأخذ منها ما لا يمكنها استخدامه”.
ولكن عمل الشركات الناشئة ليس كافيا بعد. ذلك أن الإنتاج السنوي من البلاستيك سيزيد ثلاث مرات بحلول 2060 ليصل إلى 1.2 مليار طن.
في الوقت ذاته، ستتضاعف كمية النفايات البلاستيكية غير المدورة أو المتروكة في الطبيعة والبالغة الآن 100 مليون طن.
ويقول محمد كمال، أحد مسؤولي شركة غرينيش التي ساهمت في إنشاء “فيري نايل”، “البلاستيك لن يختفي ولكن هذه المبادرات أدت إلى خلق سوق، ورأينا أن هناك بالفعل طلبا”.
ويضيف “كل ما يخلق قيمة اعتمادا على النفايات في مصر يعد خطوة إلى الأمام، حتى لو بقينا على السطح ولم نتمكن من حلّ جذور المشكلة”.
وفي جامعة دمنهور نفذ مجموعة من الطلاب مشروعا صديقا للبيئة بتصنيع قوالب من الطوب بمواد خام غير تقليدية.
وتقول سهيلة، من منفذي المشروع، “المشروع عبارة عن قوالب من طوب البناء صنعت من الرمل والإسمنت والزلط وأيضا الفوم والبلاستيك، اختلطوا معا بنسبة وتناسب حتى يضاهي قوالب الطوب الإسمنتية المألوفة.
ويقول عمر أشرف، أحد منفذي المشروع، إن الطوب الصديق للبيئة مميزات تصاحب الطوب الإسمنتي المعروف وهو أن نسبة استخدام الإسمنت فيه قليلة عن العادي، وهذا يعود بالميزة نظراً لارتفاع سعر الإسمنت وأيضًا لأضراره الكثيرة على المستخدمين والمصنعين.
وتابع أن الطوب صديق البيئة هو عازل للحرارة والمياه والرطوبة، ويتحمل ضغطا أكثر بمقدار ست مرات عن الطوبة الإسمنتية المعروفة، وكل هذا بسعر أقل.
PreviousNext
انشرWhatsAppTwitterFacebook