صدر الصورة،BBC
المبنى الشهير "بوش هاوس"، المقر السابق لخدمة بي بي سي العربية
بي بي سي عربي من "هنا لندن" إلى العصر الرقمي
- مصطفى كاظم
- رئيس تحرير موقع بي بي سي نيوز عربي
كانت دقات "بيغ بن" عبر الأثير وكلمتا "هنا لندن" مدخل الكثيرين في منطقتنا إلى بقاع أخرى من المعمورة، إذ لم تكن الإذاعات المحلية تشبع الرغبات في معرفة ما يجري بعيدا عن المنطقة بل وما يجري داخلها في غالب الأحيان.
مؤشر جهاز الراديو كان الدليل رغم أن تحريكه يتطلب دقة بالغة للوقوف على المحطة الهدف. الصوت يرتفع وينخفض، يظهر ويغيب. الموجة القصيرة أو المتوسطة، سبب للخذلان أحيانا، إلى أن أتيحت الفرصة لموجات "أف أم" لتحل محلهما وتزيد صوت "هنا لندن" وضوحاً.
بدأ القسم العربي في بي بي سي بإذاعته التي سرعان ما ملأت أصوات مذيعيها الأثير وانتشرت شهرة برامجها الإخبارية والثقافية والترفيهية في أصقاع عالمنا العربي.
كانت الإذاعة آنذاك سيدة المشهد بعد أن ولجت كل مكان، أما الصحف فلنُخب المدن، ثم دخلت الشاشات إلى البيوت محليةً محدودة قبل أن تنتقل إلى مرحلة الانتشار عبر الفضاء الشاسع والزمن المتسع.
خدمة بي بي سي باللغة العربية، التي انطلقت عام 1938، لم تتقتصر على الصوت بل تعاملت مع الكلمة المكتوبة أيضا، ذلك عبر مجلاتها الشهيرة: "المستمع العربي" و"هنا لندن" و"المشاهد السياسي".
وإذا كان الشعور في ذلك الزمن أن التقدم التكنولوجي يسير وئيداً، فإن قفزة كبرى حصلت لاحقا في هذا المضمار، وسرعان ما صار عالمنا يعجّ بالمتغيرات بعد أن بدأت كلمة جديدة غريبة تطرق المسامع: "كومبيوتر"!
ظهر الكومبيوتر بأشكال وحجوم قد ترسم على شفاهنا الابتسامة إن رأيناها في أيامنا هذه. منا من خدمته الظروف ليرى بداياته ومنا من ظل يرسم ملامح القادم الجديد في خياله وانتظر بعض الوقت ليستكشف أسراره.
مبنى "نيو-برودغاستينغ هاوس" الذي انتقلت اليه بي بي سي عربي خلال عام 2007
التغيرات بدأت تتسارع بإيقاع أقلق الكثيرين وأثار ريبة البعض. دخلت الآلة الحديثة بأشكالها الأولى إلى بعض مواقع العمل والدراسة. اتسع نطاقها وتطورت قدراتها. وبدخول شبكة الإنترنت ومن ثم الهاتف المحمول، خطا عالمنا خطوات متسارعة قلصت المسافة واختصرت الزمن وكادت أن تلغيهما.
واقع جديد للاتصال صار يتشكل، إذن، وملامح غير مألوفة للإعلام أخذت تظهر، بينما تولت الشبكة الإلكترونية مهمة إعادة صياغة المفاهيم.
تعليق