"دموع الملائكة أو السعادة المطلقة" لعبد الرحمن عفيف
23 يناير 2023
شارك هذا المقال
حجم الخط
صدر حديثًا عن دار "هن/ Elles" للنشر والتوزيع في القاهرة كتاب "دموع الملائكة أو السعادة المطلقة.. قصص وأمثال" للكاتب عبد الرحمن عفيف.
وجاء في تقديمه:
إنّها أحوالُ المدينة التي تبدّلُ حالَها من طينٍ ملءَ العين واليد إلى حديدٍ وإسمنت يوجعُ العينَ واليد والرّوح ويكتمُ اﻷنفاس. غرابةُ الكاتب المتماهي مع المكان هي تحويلُ الواقع إلى أسطورة، وتحويل الشّيء المُرمي إلى روح تتنفّس وتحادثُ شبحًا من لحم ودم. هذه هي "دموع الملائكة أو السعادة المطلقة"، مزيجٌ من الشّجن والذّكريات واﻷمثال والحِكم بشكلها اليوميّ، خلقها عبد الرحمن عفيف ليكون أبطالُها أشخاصًا لا حِكمًا جامدةٍ، وغالبًا يكون هؤلاء اﻷشخاص شعراء، أو من المحجور عليهم... يهيمون ويتبعهم الغاوون. فباللغة، وهي أخطرُ النِّعم بحسب هايدغر، تمكّن عبد الرحمن عفيف من ألا يصلَ إلى المدينة التي ينشدُها، فالوصول يعني الانتهاء... وانتهاء الرحلة يعني الخواء. إنّه يكتبُ عن مسالك المدينة وشعابِها وعيونِها... عينٌ تتدفّق من هنا... وعينٌ ينضبُ ماؤها من هناك. المكان المعطوب "عامودا" يتحوّلُ من خلال اللغة إلى شعرٍ وموسيقى وامرأة. رحلةٌ غيرُ شاقّةٍ للوصول إلى عامودا، فمستلزماتُ الرّحلة موجودةٌ، ما تبحثُ عنه يقطنُ قربَكَ. عماد الحسن يقفُ في رأس الحقل مُترَبًا... منتظِرًا إسماعيل كوسه، ومروان شيخي، وعبد اللطيف.
إنها لغةُ الكوابيس لا يفهمُها إلا مَنْ نُفِخَ بالنار، وإلا مَنْ رَكِبَ حمار الشيطان. وكي لا يُظنّ بنا الظنون: حين يجتمعُ الشعراءُ لا يتحدّثون عن الشّعر وأهلِه، بل عن الحقول التي تخضرُّ، أو تصفرُّ، أو التي تُمحَى.
من باب الترف اﻷدبيّ، أسمى عبد الرحمن عفيف كتابَه بـ"دموع الملائكة"، وهذه أيضًا من الرحلة التي تبدأ من مكانٍ ما ولا تنتهي إلى عامودا التي تُضَخُّ في كلّ سطر من الكتاب.
إنّها عامودا المنهوبة... كلّ مَن مرَّ بها سَرَقَ منها بيتًا، أو اسمًا، أو امرأةً، أو شجرةً، إنها عامودا... مجرّدَ أن تمدّ يدَكَ إليها تَفَدَ إليك عوالمُها الغائبة. خَطَرُ الكتاب، كما في خطر اللغة، أنّه يمكنُك أن تقرأَه في أيّ وقتٍ... أو في أيّة صفحة تشاء، أو أن تقرأَ ربعَه، أو نصفَه، أو كلَّه.
23 يناير 2023
شارك هذا المقال
حجم الخط
صدر حديثًا عن دار "هن/ Elles" للنشر والتوزيع في القاهرة كتاب "دموع الملائكة أو السعادة المطلقة.. قصص وأمثال" للكاتب عبد الرحمن عفيف.
وجاء في تقديمه:
إنّها أحوالُ المدينة التي تبدّلُ حالَها من طينٍ ملءَ العين واليد إلى حديدٍ وإسمنت يوجعُ العينَ واليد والرّوح ويكتمُ اﻷنفاس. غرابةُ الكاتب المتماهي مع المكان هي تحويلُ الواقع إلى أسطورة، وتحويل الشّيء المُرمي إلى روح تتنفّس وتحادثُ شبحًا من لحم ودم. هذه هي "دموع الملائكة أو السعادة المطلقة"، مزيجٌ من الشّجن والذّكريات واﻷمثال والحِكم بشكلها اليوميّ، خلقها عبد الرحمن عفيف ليكون أبطالُها أشخاصًا لا حِكمًا جامدةٍ، وغالبًا يكون هؤلاء اﻷشخاص شعراء، أو من المحجور عليهم... يهيمون ويتبعهم الغاوون. فباللغة، وهي أخطرُ النِّعم بحسب هايدغر، تمكّن عبد الرحمن عفيف من ألا يصلَ إلى المدينة التي ينشدُها، فالوصول يعني الانتهاء... وانتهاء الرحلة يعني الخواء. إنّه يكتبُ عن مسالك المدينة وشعابِها وعيونِها... عينٌ تتدفّق من هنا... وعينٌ ينضبُ ماؤها من هناك. المكان المعطوب "عامودا" يتحوّلُ من خلال اللغة إلى شعرٍ وموسيقى وامرأة. رحلةٌ غيرُ شاقّةٍ للوصول إلى عامودا، فمستلزماتُ الرّحلة موجودةٌ، ما تبحثُ عنه يقطنُ قربَكَ. عماد الحسن يقفُ في رأس الحقل مُترَبًا... منتظِرًا إسماعيل كوسه، ومروان شيخي، وعبد اللطيف.
إنها لغةُ الكوابيس لا يفهمُها إلا مَنْ نُفِخَ بالنار، وإلا مَنْ رَكِبَ حمار الشيطان. وكي لا يُظنّ بنا الظنون: حين يجتمعُ الشعراءُ لا يتحدّثون عن الشّعر وأهلِه، بل عن الحقول التي تخضرُّ، أو تصفرُّ، أو التي تُمحَى.
من باب الترف اﻷدبيّ، أسمى عبد الرحمن عفيف كتابَه بـ"دموع الملائكة"، وهذه أيضًا من الرحلة التي تبدأ من مكانٍ ما ولا تنتهي إلى عامودا التي تُضَخُّ في كلّ سطر من الكتاب.
إنّها عامودا المنهوبة... كلّ مَن مرَّ بها سَرَقَ منها بيتًا، أو اسمًا، أو امرأةً، أو شجرةً، إنها عامودا... مجرّدَ أن تمدّ يدَكَ إليها تَفَدَ إليك عوالمُها الغائبة. خَطَرُ الكتاب، كما في خطر اللغة، أنّه يمكنُك أن تقرأَه في أيّ وقتٍ... أو في أيّة صفحة تشاء، أو أن تقرأَ ربعَه، أو نصفَه، أو كلَّه.
- عنوان الكتاب: دموع الملائكة أو السعادة المطلقة
- المؤلف: عبد الرحمن عفيف