"الحاوي في الحكاوي" لعارف الحجاوي
11 يناير 2023
شارك هذا المقال
حجم الخط
صدر حديثًا عن جسور للترجمة والنشر كتاب "الحاوي في الحكاوي" ويضم مقتطفات مما قرأه وسمعه الراوي عارف أحمد الحجاوي.
ومما جاء في مقدمة المؤلف لكتابه هذا:
لا يهدُف هذا الكتاب إلى أن يعلِّمك شيئًا، لكنه مفيد رغم أنفه. كل شيء طيَّ هذا الكتاب له بداية ووسط ونهاية. هو كتاب قصص. والقصة "فلاش" يلمع فيضيء زاوية من زوايا النفس أو المجتمع أو التاريخ. كل الخرافات أكاذيب. لكنها تخبرنا شيئًا عن أمنيات الناس ومخاوفهم: هذا فقير يتمنى لؤلؤة في جوف السمكة، وتلك فتاة تتمنى أميرًا، وهذا رجل يشتاق إلى العدل، وتلك امرأة تخاف سطوة المجهول. وكل ما نقل عن مجالس الخلفاء والولاة مشحون بالمبالغات. غير أنه يشرح لنا طبائع الاستبداد، وحقيقة النظام الإقطاعي حيث تجبى الخيرات لتستقر في صناديق الأمراء، ثم تتسلل فتاتًا إلى محاسيبهم.
ولا نظن أن أبا علقمة النحوي قال "لماذا تكأكأتم عليَّ؟ افرَنْقِعوا". لكن الناس وضعوا على النحاة تشنيعات لاغتياظهم من اعتداد النحاة بعلم لا يُشبع جائعًا ولا يُغيث ملهوفًا.
في هذا الكتاب فكاهات وأمثال بالمئات، فإن كان فيها عبرة فهذا حسن، وإن كانت لمجرد التسلية فهذا أحسن.
التقطت من كتب التراث الكثير، وأمدَّني التنوخي والجاحظ بزاد وفير. غير أنني حكيت لك الحكايات بعد أن خلصتها من الحواشي، وبعد أن كويتها بالمكواة حتى لا يختلط فيها صوت الراوي بصوت بطل القصة كما يحدث كثيرًا في حكايات التراث.
وقصصت عليك أشياء مرت تحت سمعي وبصري، فلا تعجب إن رأيت قصصًا من ألمانيا وأخرى من إنكلترا. والشرط هو الشرط: بداية ووسط ونهاية.
على أنني أزعم أن هذا الكتاب إنما هو صورة لثقافة العرب. وقد زدتك واحدة، فقد اجتهدت أن أقص حكاياتي كلها بأسلوب عربي ناصع، وشكلت الكلمات والأسماء حتى تستطيع أن تتلو القصة من هذه القصص على ولدك أو صديقك، أو أن تقتبسها في برنامج إذاعي، دون أن تلحن. وكنت أنا نفسي حكيت كثيرًا مما في هذا الكتاب في برامج تلفزية.
حرصت في كل ما رويت على التزام الأدب، وتجنبت ما حفلت به كتب القدماء من أحاديث يخجل منها راويها في زمننا. فلئن حملت حكاياتي أماني الناس ومخاوفهم، فإنها غضت الطرف عن مجونهم، وعن ابتهارهم وابتيارهم. والابتهار التفاخر بالمعاصي كذبًا، والابتيار التفاخر بما وقع منها.
11 يناير 2023
شارك هذا المقال
حجم الخط
صدر حديثًا عن جسور للترجمة والنشر كتاب "الحاوي في الحكاوي" ويضم مقتطفات مما قرأه وسمعه الراوي عارف أحمد الحجاوي.
ومما جاء في مقدمة المؤلف لكتابه هذا:
لا يهدُف هذا الكتاب إلى أن يعلِّمك شيئًا، لكنه مفيد رغم أنفه. كل شيء طيَّ هذا الكتاب له بداية ووسط ونهاية. هو كتاب قصص. والقصة "فلاش" يلمع فيضيء زاوية من زوايا النفس أو المجتمع أو التاريخ. كل الخرافات أكاذيب. لكنها تخبرنا شيئًا عن أمنيات الناس ومخاوفهم: هذا فقير يتمنى لؤلؤة في جوف السمكة، وتلك فتاة تتمنى أميرًا، وهذا رجل يشتاق إلى العدل، وتلك امرأة تخاف سطوة المجهول. وكل ما نقل عن مجالس الخلفاء والولاة مشحون بالمبالغات. غير أنه يشرح لنا طبائع الاستبداد، وحقيقة النظام الإقطاعي حيث تجبى الخيرات لتستقر في صناديق الأمراء، ثم تتسلل فتاتًا إلى محاسيبهم.
ولا نظن أن أبا علقمة النحوي قال "لماذا تكأكأتم عليَّ؟ افرَنْقِعوا". لكن الناس وضعوا على النحاة تشنيعات لاغتياظهم من اعتداد النحاة بعلم لا يُشبع جائعًا ولا يُغيث ملهوفًا.
في هذا الكتاب فكاهات وأمثال بالمئات، فإن كان فيها عبرة فهذا حسن، وإن كانت لمجرد التسلية فهذا أحسن.
التقطت من كتب التراث الكثير، وأمدَّني التنوخي والجاحظ بزاد وفير. غير أنني حكيت لك الحكايات بعد أن خلصتها من الحواشي، وبعد أن كويتها بالمكواة حتى لا يختلط فيها صوت الراوي بصوت بطل القصة كما يحدث كثيرًا في حكايات التراث.
وقصصت عليك أشياء مرت تحت سمعي وبصري، فلا تعجب إن رأيت قصصًا من ألمانيا وأخرى من إنكلترا. والشرط هو الشرط: بداية ووسط ونهاية.
على أنني أزعم أن هذا الكتاب إنما هو صورة لثقافة العرب. وقد زدتك واحدة، فقد اجتهدت أن أقص حكاياتي كلها بأسلوب عربي ناصع، وشكلت الكلمات والأسماء حتى تستطيع أن تتلو القصة من هذه القصص على ولدك أو صديقك، أو أن تقتبسها في برنامج إذاعي، دون أن تلحن. وكنت أنا نفسي حكيت كثيرًا مما في هذا الكتاب في برامج تلفزية.
حرصت في كل ما رويت على التزام الأدب، وتجنبت ما حفلت به كتب القدماء من أحاديث يخجل منها راويها في زمننا. فلئن حملت حكاياتي أماني الناس ومخاوفهم، فإنها غضت الطرف عن مجونهم، وعن ابتهارهم وابتيارهم. والابتهار التفاخر بالمعاصي كذبًا، والابتيار التفاخر بما وقع منها.
- عنوان الكتاب: الحاوي في الحكاوي
- المؤلف: عارف الحجاوي