فيلم خيال علمي عن رحلة عبر الزمن يفشل في تحقيق متعة الاكتشاف.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فيلم خيال علمي عن رحلة عبر الزمن يفشل في تحقيق متعة الاكتشاف.

    "نورمان" فيلم عن رجل معزول يتوه بين زمن ماض وآخر آت


    فيلم خيال علمي عن رحلة عبر الزمن يفشل في تحقيق متعة الاكتشاف.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    عزلة مُربكة

    على الرغم من جمالية فكرة فيلم “نورمان” للمخرج جويل غويلزو والتي تطرح ثيمة الانتقال عبر الزمن التي تعدّ من الموضوعات المفضلة في سينما الخيال العلمي، إلاّ أن العمل فشل في تحقيق متعة الاكتشاف وما تستدعيه من مغامرات غير منتظرة.

    الانتقال عبر الزمن كان وما يزال من الموضوعات المفضلة في سينما الخيال العلمي بكل ما تحمله من مغامرة واكتشاف، انتقال لاختبار المجهول الزماني والمكاني بكل ما يحمله من تحديات وبكل ما تشتمل عليه الأحداث اللاحقة من إثارة.

    لكن في المقابل وعلى قدر جمالية تلك الفكرة وجاذبيتها، هناك الشخصيات التي تجد نفسها وهي جبيسة الزمن الذي سافرت إليه، وتلك ثيمة مقابلة أخرى تكملها فكرة الذهاب إلى الزمن الخطأ.

    وفي فيلم “نورمان” للمخرج جويل غويلزو، هناك مساحة للمغامرة في هذا الاتجاه، وهي الانتقال عبر الزمن مع مساحة وافرة للجانب النفسي والحياتي المرتبط بالشخصية.

    يطرح الفيلم كما في العديد من أفلام الخيال العلمي المرتبطة بالانتقال عبر الزمن فكرة التوصّل إلى تقنية تحقّق ذلك الهدف الذي ظل يراود البشر منذ أمد بعيد، وكذلك قدّمته السينما منذ بواكيرها من خلال “الرحلة إلى القمر”، ذلك الفيلم الشهير من إخراج الفرنسي جورج ميليه والذي أنتج في العام 1902 عن قصة جول فيرن الشهيرة.

    هنا يجد نورمان نفسه في المستقبل وسط تقنية الذكاء الاصطناعي التي تساعده في الوصول إلى هدفه، مع توفّر الأدوات التي يقدّمها له فريق علمي يجهزّه وينقله إلى الزمن الآخر.
    المخرج جعل الشخصية تدور حول نفسها، دون تفعيل حبكات ثانوية تذهب بالأحداث إلى مناطق غير متوقعة

    في البدء كنا قد شاهدنا نورمان وهو في زمن ماض، يجد نفسه في وسط معركة بأسلحة بدائية تقليدية يقاتل فيها خصوما نجهلهم في وسط الغابات ويجهز على الكثير منهم حتى تصيبه رصاصة تنهي حياته، لكن ها هو وقد سقط في وسط بيته وأمام أنظار جيني (الممثلة ميليسا كروترفيلد) التي تجلب له الطعام الجاهز وتحاول أن تفهم منه ما يتعرّض له.

    ما بين جيني والفتاة الأخرى التي تمثّل الذكاء الاصطناعي يحاول نورمان أن يجد طريقه، فهو يعيش في عزلة شديدة، فلا يتواصل مع أحد ولا يزوره أحد، وبذلك تكون جيني هي الإنسان الوحيد الذي حاول الاقتراب من عالمه.

    يزجّ المخرج حبكات ثانية باتجاه تحريك الأحداث والبناء الدرامي من خلال القيام بالتجربة والخطأ من خلال محاولات نورمان الخروج من طوق العزلة التي يجد نفسه فيها.

    لكن عنصرا آخر مكملا لموضوع العزلة سوف تكشفه فتاة الذكاء الاصطناعي، وهو فقدان نورمان لوالديه في ظروف مجهولة، الأمر الذي يجعله منعزلا عن الآخرين، لكنه سرعان ما يطرد تلك الفكرة ويُسكت الصوت الذي يذكّره بذلك الماضي.

    وإذا مضينا في ذلك الماضي، فإن سؤالا مريرا يلاحق نورمان وهو يجد نفسه في بيئة أخرى، لاسيما وهو يحارب بضراوة، لا لشيء سوى إنقاذ نفسه والعودة بالزمن مرة أخرى إلى ما كان.

    إشكالية زمانية مركّبة مع متغيرات مكانية، لكنها كلها لا تخرج نورمان من عزلته وحيرته، فهو يبحث عن جدوى ذلك الانتقال، وبذلك ركّز المخرج على الجوانب النفسية للشخصية وهي تعيش أزماتها الخاصة حتى لا يغدو الانتقال عبر الزمن حلا مناسبا.


    انتقال إلى الزمن الخطأ


    ولعل من عناصر المعالجة السينمائية والإخراجية في هذا الفيلم هو اختيار الشخصية الواحدة لتكون هي محور الأحداث، ومع أن هذا النوع من المعالجة سوف يقودنا إلى تركيز الأحداث على الشخصية الواحدة مع إضعاف عنصر الحوار والتكامل أو الصراع مع شخصية أو شخصيات أخرى، إلاّ أن المخرج وجد في الذكاء الاصطناعي بديلا، فصوت تلك المرأة الروبوت هو الذي يحيطه من كل جانب ويكشف له عن جوانب أخرى تتعلّق بالشخصية.

    وأما إذا عدنا إلى تلك الأداة التي يتم من خلالها الانتقال عبر الزمن، فقد شاهدنا في العديد من الأفلام تنوّعا واستخدامات شتى، ابتداءً من الدخول في إسطوانة أو ما يشبه الصندوق أو الوقوف تحت مسقط ضوئي، فإن نورمان يجب أن يتجهّز بارتداء بدلة كاملة تشبه بدلات رواد الفضاء، ومن ثم المكوث تحت المسقط الضوئي لغرض الانتقال عبر الزمن.

    وأما لجهة الاكتشاف الذي نفترض أننا سوف نعيش تفاصيله أو تغيير القدر والتلاعب بالماضي، وهي من مميزات الانتقال عبر الزمن، لكننا هنا لا نجد الكثير من ذلك، والشخصية تدور حول نفسها وهي نقطة ضعف شديدة التأثير في هذا الفيلم، إذ عجز المخرج عن إخراج الشخصية من الدوامة التي تعيش فيها وعدم تفعيل حبكات ثانوية تعزّز تلك الدراما الفيلمية.

    على صعيد الصورة والصوت، فقد كانت الصورة محملة بالكثير من التفاصيل وكذلك الصوت والمؤثرات والموسيقى، لكنها مجتمعة بقيت مؤطّرة بما سوف تفعله الشخصية لتغيير مصيرها أو للخروج من القوقعة التي هي فيها، لاسيما وأن حالة تشبه الإحباط ظلت تحيط بها على امتداد أغلب المساحة الفيلمية، كما أن الاكتفاء بالمشاهد الأولى للانتقال عبر الزمن والاشتباك في الغابة لم تكن كافية لكي نعيش مع الشخصية فكرة الانتقال عبر الزمن، وهي الفكرة الجوهرية التي اعتمدها مخرج الفيلم لغرض إقناعنا بما سوف يتوالى من أحداث.

    هي رحلة عبر الزمن افتقدت حقا إلى الكثير من عناصر المغامرة والاكتشاف، ولم تضف كثيرا لذلك التراكم من الأفلام التي عالجت هذه الثيمة وبرعت فيها وقدّمت لنا تنوّعا ملفتا للنظر على الصعيدين الزماني والمكاني.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    طاهر علوان
    كاتب عراقي مقيم في لندن
يعمل...
X