"أنا رجلك".. حبيب إلكتروني وسيم يمنح السعادة لامرأة مهزومة عاطفيا.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "أنا رجلك".. حبيب إلكتروني وسيم يمنح السعادة لامرأة مهزومة عاطفيا.

    كائن الأندرويد يصبح بديلا بشريا لشخصيات محبطة


    "أنا رجلك".. حبيب إلكتروني وسيم يمنح السعادة لامرأة مهزومة عاطفيا.
    الاثنين 2021/11/29
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    من الإهمال إلى السعادة.. ولو افتراضيا

    تخيل باحثة متخصّصة في اللغات القديمة تجد نفسها تعيش بمفردها ولمدة شهر مع روبوت متطوّر، تم تصنيعه في صورة آدمية باستخدام كافة المعلومات عنها بما يجعله شريك الحياة المثالي لها. هذا الأمر تخوضه ألما دون اكتراث كبير، فهي امرأة مستقلة لا تؤمن كثيرا بالحب مع رجل، فما بالك بالحب مع آلة ذات عقل إلكتروني؟ فهل يبقى الأمر كذلك؟ هذا ما يكشف عنه فيلم “أنا رجلك” للمخرجة الألمانية ماريا شريدر.

    في الحياة التي يسيطر عليها الذكاء الاصطناعي سوف تنشأ علاقات إشكالية مع الكائن البشري من خلال الكائنات الآلية وأجهزة الروبوت، وصولا إلى ذلك الشكل من الدمى البشرية والتي تحرّكها الخوارزميات والمعادلات الرقمية.

    وسرعان ما يتطوّر الأمر إلى موضوعين أساسيين عنيت بهما سينما الخيال العلمي، وهما شعور الكائن البشري بالاغتراب في عالمه المعيش من جهة والتماس ما يسدّ الفراغ الاجتماعي والنفسي من خلال الكائنات الافتراضية من جهة أخرى، وعلى هذا سارت الدراما في فيلم “أنا رجلك” للمخرجة ماريا شريدر، وهي التي سبق وحصلت على العديد من الجوائز عن أفلامها وتعدّ من المخرجات المكرّسات في السينما الألمانية (مواليد 1965)، وفيلمها هذا عرض في مهرجان برلين في دورته الأخيرة.


    الفيلم يسرد قصة باحثة في اللغات القديمة تدخل مغامرة العيش مع روبوت متطوّر، فتنقلب حياتها رأسا على عقب


    يقدّم الفيلم الشخصية الرئيسية ألما (الممثلة مارين إيغيرت) التي تعمل باحثة متخصّصة في اللغات القديمة، وخاصة في اللغة السومرية لبلاد وادي الرافدين بتمويل من متحف التاريخ القديم بصحبة فريق من المساعدين والباحثين.

    وبسبب حاجتها إلى المزيد من التمويل لمشروعها المتواصل منذ ثلاث سنوات يشجعها رئيسها في العمل على المشاركة في برنامج علمي لتقييم الجوانب العاطفية والنفسية للعلاقة بين الكائن البشري ومقابله الكائن الرقمي أو الروبوتي المرتبط بالذكاء الاصطناعي، وتجد في تلك الفكرة والمشاركة في المشروع فرصة للتعرّف على ذلك العالم.

    واقعيا سوف يكون هناك رجال ونساء يجدون ضالتهم مع تلك الكائنات التي يتحكّم بها نظام الأندرويد، وبعد التعرّف عليهم والاقتراب منهم لا يجدون سهولة في الانفصال عنهم.

    نحن أمام مجتمع بشري تصحّرت فيه العلاقات البشرية وهو ما يقدّمه الفيلم، فعلاوة على لهاث ألما من أجل المال ومن أجل عدم توقّف مشروع بحثها، فإننا نكتشف الجانب الآخر من شخصيتها، فهي في الواقع بلا صداقات ولاعلاقات اجتماعية سوى مع والدها الذي بدأ الخرف يزحف نحوه ويخرب له ذاكرته.

    وأما على الصعيد العاطفي، فهناك تلك العلاقة الإشكالية التي سوف نكتشف بعض أسرارها لاحقا، وذلك من خلال زوجها السابق والمشارك معها في مشاريع أبحاثها، لكن ها هو يأتي ليبلغها دعوته لها لحضور حفل تعارف مع زوجته الجديدة دون أدنى اكتراث للجرح العميق الذي بقي يحفر في داخلها بعدما أجهضت خلال زواجهما.

    وخلال ذلك سوف تجد ألما نفسها أمام عالم الأندرويد والهولوغرافي والمتجسّد أمامها من خلال رجال ونساء قد تمّت برمجتهم باتجاه ملامسة المشاعر الإنسانية ورقة المشاعر والغزل، ممّا هو مفقود في علاقات البشر، لكنها تُعدّه برمته مفبركا ومصطنعا، ولهذا لم تمانع أن تجلب واحدا من تلك الكائنات التي يتحكّم فيها الذكاء الاصطناعي لكي يعيش معها في المنزل، فيما هي تتولى تقييمه عن قرب لصالح الشركة المصنّعة وعلى افتراض أن يمضي معها أكثر من شهر.

    ها هو توم (دان ستيفينس) كائن الأندرويد الوسيم يقتحم حياة ألما ويسعى أن يكون عاملا إيجابيا ونافعا، ولذا لن يتردّد في تنظيم مكتبتها وأوراقها، لكن ما هو أهم وما يقلب الأمور رأسا على عقب، هو اكتشاف توم من خلال بحثه الاختزالي السريع في الإنترنت أن النتائج نفسها التي كان يمكن أن تتوصّل إليها ألما في بحثها في اللغات القديمة قد سبقتها إليها باحثة أرجنتينية، وأنها قد نشرت فعلا النتائج التي توصّلت إليها.


    قصة حب فانتازية بين امرأة ورجل آلي


    واقعيا تؤسّس المخرجة خطوطا سردية ملفتة للنظر من حبكة درامية بسيطة عندما يحقّق كائن الأندرويد ما عجز عن تحقيقه الإنسان العادي، وهو أمر مدهش، ثم تنطلق من ذلك إلى فرضية سدّ الفراغ في ما يتعلق بالشخصية الدرامية، وذلك من خلال التركيز على الفراغ النفسي الذي تعيشه ألما، والذي يدفعها أكثر باتجاه توم.

    هنا سوف تتفاعل عوامل درامية مؤثرة تغير مسار ألما، لاسيما وهي تصارع عوامل وقوى متعدّدة من حولها فهي نفسيا واجتماعيا تواجه خذلانا من طليقها وزميلها السابق في الأبحاث، وهي تواجه أيضا إحباطا بسبب ضياع جهودها ووجود من سبقها في الوصول إلى النتائج، وهي فوق ذلك تفقد أقرب المقربين إليها وهو والدها الذي تجده ضائعا ومدمى في الغابة بعد هجوم اللصوص على منزله وضربه بعنف.

    هكذا يتداعى عالم ألما والقسوة الإنسانية تلاحقها من جميع الجهات وهو ما نجحت المخرجة شريدر في إدارته وترسيخه بالنسبة إلى واقع حال الشخصية الرئيسية، لاسيما وهي تنتقل معها من محطة حياتية إلى محطة أخرى لتتوجّها بنوع من الإيهام الذي تريد الغرق فيه للتخلّص من إحباطاتها.

    افتراضيا سوف تتقاسم مع كائن الأندرويد ذكريات الماضي الذي لا وجود له أصلا على أرض الواقع، ولكن له ضروراته من أجل أن يتفاعل كائن الأندرويد بشكل واقعي، ومع ذلك سوف نشهد تحوّلا دراميا عندما تنفر ألما مباشرة وبشكل مفاجئ وتتمرّد على الوهم الذي كادت تغرق فيه، فيما غرق فيه آخرون، لتتفطّن أخيرا أنها تعيش واقعيا مع كائن آلي وليس بشريا، ولهذا لا يجب أن تمضي في تلك الخديعة إلى النهاية، والتي ستتسبّب في تخريب حياتها مجدّدا لمجرد إصابة توم/ كائن الأندرويد بعطل بسيط سوف يمحو ذاكرته ويشلّ شخصيته.


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    طاهر علوان
يعمل...
X