"شخص حر".. رحلة حب خيالية في أجواء افتراضية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "شخص حر".. رحلة حب خيالية في أجواء افتراضية

    "شخص حر".. رحلة حب خيالية في أجواء افتراضية


    فيلم خيال علمي يجمع بنجاح بين ألعاب الفيديو والواقع ليسرد قصة رومانسية مرحة.
    الاثنين 2021/09/27
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    تداخل سلس بين الواقعي والخيالي

    ما بين الواقعي والخيالي ثمة فاصلة تتجه إليها العديد من التجارب السينمائية، ومنها أفلام الخيال العلمي، لغرض البناء عليها وتطويرها، ومن ثم إنشاء بناء سردي وخصائص جمالية متنوّعة. وهي فاصلة تُشبع خيال المُشاهد ورغبته في الوصول إلى نوع فيلمي يحتمل أن تصنّفه على أنه هجين أو خليط بين ما هو ألعاب الفيديو وخيال وبين ما هو سرد لقصة واقعية.

    يؤسّس فيلم “شخص حر” للمخرج شون ليفي مستوى سرديّا شديد التداخل ومبنيا على فكرة الحركة وردة الفعل، مازجا بين ألعاب الفيديو وبين الممثلين الحقيقيين. وخلال ذلك ينفتح على مسارات شديدة التنوّع والجاذبية توفّر للمُشاهد متعة درامية ممتزجة بالكوميديا والمشاهد الساخرة.

    ونبدأ من الرجل ذي الثياب الزرقاء وهو غاي (الممثل رايان رينولدز) الذي يعيش في مدينة افتراضية حرة ترتادها ثلة من الأشخاص الافتراضيين الذين سوف يمتلكون القدرات الخارقة لمجرد ارتدائهم نظارات طبية خاصة، وهؤلاء يحيلون المدينة إلى حالة من الفوضى؛ فعمليات السطو على البنوك تتمّ بشكل يومي بفضل قدرة اللصوص الخارقة على أخذ المال والاختفاء بسهولة، فيما طاقم موظفي البنك وحارسه مستعدّون في كل لحظة للانبطاح أرضا والسماح للصوص بإتمام مهمتهم.

    الفيلم ينفتح على مسارات شديدة التنوّع والجاذبية توفّر للمُشاهد متعة درامية تمزج بين الكوميديا والرومانسية

    غاي المُحاسب في البنك وصديقه المقرّب بادي (الممثل ريل هاوري) يشكّلان ثنائيا طريفا ويقدّمان مواقف كوميدية، خاصة في استعدادهما للاستسلام للصوص الذين يكرّرون سطوهم على البنوك. لكن التحوّل الدرامي الذي سوف يقود إلى سلسلة غير متوقّعة من الأحداث يتمثل في دخول ميلي (الممثلة جودي كومر)، وهي التي تتمتّع أيضا بقدرات خارقة، فتغدو بالنسبة إلى غاي فتاة أحلامه، لكن الفارق بينها وبينه كونه ليس ممّن يمتلكون النظارة الطبية الخاصة، بينما هي تدرّجت في القدرات الخارقة إلى مستويات عالية، ولهذا ينضم غاي إلى تلك الفئة، ومن هنا سوف ننطلق في مشاهد الحركة والصراعات الممتزجة بالرومانسية والكوميديا.

    كل ذلك وأكثر ليس إلاّ خيال محض، وما هو إلاّ لعبة مبتكرة من ألعاب الفيديو التي تجتذب جمهورا واسعا وخاصة من الشباب والمراهقين، وهو مزيج ملفت للنظر قدّم فيه المخرج حلولا بصرية وإخراجية وكثافة شديدة من الخدع السينمائية والمؤثرات الصورية الخاصة، حيث أنشأ عالمين متوازيين هما ما قبل ارتداء النظارات الخاصة وما بعد ارتدائها.

    كل شيء يتغيّر بعد ارتداء تلك النظارات الطبية وتتحوّل الحياة إلى حالة من السريالية الحقيقية، وفي أركان تلك المدينة الحرة يمكنك أن تُشاهد دبابة تسير إلى جانب سيارات طائرة ومروحيات وأشخاص مدجّجين بالسلاح، يمكن أن يظهروا في أي مكان وفي أية لحظة، ولهذا تتحوّل شخصية غاي المُحاسب الودود إلى مواجه للصوص والعابثين بفضل قدراتهم الخاصة، فضلا عن اقتفائه أثر ميلي التي وقع في حبها.

    على الجانب الآخر يؤسّس المخرج خطا سرديا مكمّلا لما سبق من خطوط سردية، ويتمثل في أولئك المبرمجين الذين يراقبون عن كثب التحوّل في الشخصيات وتفاعل الجمهور العريض معها، وفي مقدّمة هؤلاء المُبرمج كيز (الممثل جو كيري) الذي نكتشف فيما بعد أنه هو من أسّس شخصية غاي وجعله طرفا في اللعبة، ليعبّر عبر شخصيته عن حبه لصديقته التي تحمل ذات الاسم ميلي.


    نظارات طبية خاصة تمنح صاحبها قدرات خارقة


    لكن الذكاء الاصطناعي يكون قد أنتج لأول مرة شخصية بشرية تدخل في برنامج للألعاب، ولهذا فإن حب غاي ومشاعره تجاه ميلي حقيقيّان، بينما هي تدرك جيدا أنهما مجرّد شخصيتين داخل لعبة من ألعاب الفيديو، وهو التحوّل الدرامي المؤثّر الذي سيدفع غاي إلى إعادة اكتشاف كل ما حوله وما إذا كان حقيقة أم وهما وخيالا.

    هذا التنوّع الذي عمد إليه المخرج ربما أفقد الدراما الفيلمية ركنا مهما يتعلق بسرد القصة السينمائية بشكل متسلسل ومنطقي، فنحن هنا نجد أن المخرج لجأ إلى الكوميديا وحركية المشهد وما تقدّمه للمُشاهد من إشباع بصري ومن حوارات طريفة، ولهذا لم يكن هنالك الكثير ممّا يمكن القيام به لترصين تلك الدراما بل تركها وهي تتدرّج عبر المشاهد التي تتنقل فيها الشخصيات بين الخيالي والواقعي.

    وخلال ذلك زجّ المخرج بثلة من الممثلين البارعين الذين تكاملت أدوارهم المختلفة، ومنهم مثلا المُبرمج أنطوان (الممثل تايكا واتيتي) وكيز وغيرهما ممّن منحونا متعة إضافية في مشاهدة ذلك الخليط من مشاهد الألعاب والمشاهد الرومانسية، والتي سوف تختتم بانكشاف حقيقة أن ميلي ما هي إلاّ شخصية ابتكرها كيز من أجل أن يعبّر لصديقته عن مشاعره تجاهها، ولكن من خلال مغامرة ولعبة خرج فيهما غاي عن السيطرة وتحوّل إلى شخصية ذات قدرات خارقة وغير مستجيبة لما يجب أن تكون عليه.

    بين ما هو خيالي وما هو واقعي من الشخصيات وبين سرد تمتزج فيه أفعال الشخصيات التمثيلية وتلك الافتراضية من خلال ألعاب الفيديو، يمكن القول إننا أمام نوع فيلمي نجح فيه المخرج في تقديم تسلية ومتعة للمُشاهدة العابرة دون أن نتوقّع منه أن يتعمّق في الدراما الفيلمية، ولا في بث حبكات استثنائية مكتفيا بتحويل القصة برمتها إلى لعبة مسلية ومشوّقة.


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    طاهر علوان
يعمل...
X