"تصاعدي".. فيلم خيال علمي تدور أحداثه في مصعد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "تصاعدي".. فيلم خيال علمي تدور أحداثه في مصعد

    "تصاعدي".. فيلم خيال علمي تدور أحداثه في مصعد


    فتاة بقدرات خارقة تصارع عصابة عالمية داخل مكان مغلق.

    الاثنين 2021/08/02
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    صراع عن بعد

    تتكرّر في سينما الخيال العلمي الشخصيات التي تجد نفسها وهي معزولة في مكان ما وتكافح من أجل الخروج منه فيما هي مسلوبة القوة والإرادة، وهو ما يقدّمه فيلم “تصاعدي” للمخرج الأسترالي أنتين فورلوغ، الذي يجسّد فوبيا المكان المغلق، وما تكابده الشخصية الرئيسية من مشاق من أجل الخروج من تلك الشرنقة المغلقة.

    ينطبق عنوان فيلم “تصاعدي” للمخرج الأسترالي أنتين فورلوغ مع محتواه التصاعدي سرديا ودراميا، وذلك حتى في المشاهد نفسها، لاسيما وأننا نبدأ منذ المشاهد الأولى وفي أغلب المساحة الزمنية للفيلم مع آريا (الممثلة شارلوت بيست)، وهي محاصرة أو مختطفة داخل مصعد في إحدى البنايات الشاهقة، بعد أن وجدت نفسها في مدينة شنغهاي الصينية من دون أن تعلم كيف وصلت إلى هناك.

    بالطبع لن يجدي صراخها وطلب النجدة وتعجز عن الاتصال بأي أحد، لكنها في الوقت نفسه تواجه أفعالا مقصودة من قبل من يُطلق ذلك المصعد هبوطا وصعودا، ممّا يسبّب لها ارتطامات متواصلة لا تكاد تنتهي.

    وما يلبث المخرج أن يقودنا إلى ركام من المتغيرات ينجح من خلالها في إخراجنا من طوق المكان الضيق الذي تكرّر فيه نزاع آريا للخروج منه من دون جدوى، فهي وأختها من ذوي القدرات الخارقة منذ الصغر وهما تعنيان بالبيئة والنباتات والطبيعة ومجرد وضع يديهما على تلك النباتات سوف تعطيهما حياة، وذلك سرّ القوة التي أراد والدها أن تحافظا عليها.




    الفيلم يستعرض قصة فتاة تجد نفسها محتجزة داخل مصعد في إحدى البنايات الصينية الشاهقة، تصارع من أجل النجاة

    في المقابل سوف تتّجه هذه الدراما الفيلمية إلى مسار وخط سردي آخر غير متوقع وغير محسوب، فها هي آريا تشاهد والدها مكبّلا بين يديْ عصابة تابعة للمخابرات الروسية التي تقدّم أمام أنظار آريا مشاهد مروّعة للتعذيب في حق والدها، وهنا لجأ المخرج إلى جعل أحد جدران المصعد بمثابة شاشة عرض للتواصل مع العصابة ومشاهدة عمليات تعذيب الأب.

    تتكامل قوّتا الصراع وفي وسطهما آريا العاجزة عن إيجاد حل لوالدها أو لنفسها، لاسيما وسط اتهام الأب بأنه كان يعمل لحساب المخابرات الأميركية وأن عليه أن يفصح عن شخصية مهندس مجهول نفّذ عملية اغتيال سابقة قبل أكثر من عشرين عاما ضدّ الروس.

    بالطبع يعجّ الفيلم بمشاهد فلاش باك مشغولة بجمالية ملفتة للنظر في ما يتعلق بطفولة آريا وأختها وذكرياتهما مع والديهما، هنا سوف تتجلى القدرات الخارقة المبكّرة للفتاتين التي تدفع الوالدين إلى القلق عليهما وإدراجهما ضمن برنامج يعرف ببرنامج حماية الشهود.

    في المقابل سوف نشهد كسرا لجمود المشاهد المكانية المغلقة المتمثلة في العزلة الكاملة التي فرضت على آريا عبر الاتصال الهاتفي مع من يفترض أنه عمها المتواجد في أفغانستان، لكنه ما يلبث أن يهبّ لنجدتها من خلال أشخاص آخرين مع حثها على إقناع والدها بالاعتراف والكشف عن تلك الشخصية المجهولة التي تطاردها أجهزة المخابرات الروسية.

    وخلال ذلك لن تكون واضحة لنا المساحة الزمنية التي أمضتها آريا في داخل ذلك المصعد المعزول عن العالم الخارجي، لاسيما وأن وجودها هناك يتزامن مع جلسات التعذيب التي تتمّ في حق والدها، وخلال ذلك يعمد المخرج إلى استخدام انتقالات متعددّة، فضلا عن استخدام زوايا ومستويات متنوّعة للكاميرا ممّا عزّز البناء الصوري في تلك الدراما القاتمة التي ظلت فيها الشخصية في داخل قوقعتها الخاصة لا تعلم شيئا عمّا يُحيط بها.

    وفي ما يخصّ شخصية آريا التي تم بناؤها دراميا بعناية، فإن عنصرا إضافيا يتعلق بها زاد من تعقيد البناء السردي ومسار الشخصية نفسها، ذلك أنها تبدو كما لو أنها قد محيت ذاكرتها، فلم تعد تمتلك من كل خزين الذكريات الماضية سوى نتف متناثرة من الذكريات التي تمرّ على عقلها، فيما هي في ذلك الأسر وفيما حوارها مع زعيم الخاطفين الروسي لن يجدي نفعا ما دام الأب يتحمّل شتى صنوف التعذيب من دون أن يفصح عن الحقيقة.
    عنصر إضافي يتعلق بشخصية آريا زاد من تعقيد البناء السردي ومسار الشخصية نفسها، ذلك أنها تبدو كما لو أنها قد محيت ذاكرتها، فلم تعد تمتلك من كل خزين الذكريات سوى نتف متناثرة

    ومن العناصر الجمالية التي عزّزت الفيلم وقوّته دراميا، هو ذلك المزيج ما بين الأزمنة، فالشخصيات تعوم في تلك التداخلات الزمنية المتعدّدة والتي تكتسب شكل خطوط سردية مختلفة تجعل المشاهد أكثر تفاعلا مع تلك الشخصيات، لاسيما وأنه يظهر آريا وشقيقتها، وهما أكثر انجذابا للطبيعة في طفولتهما وكل ذلك يجري في الماضي، فيما نحن نجهل وكذلك آريا تجهل كل شيء عن مصير شقيقتها في الحاضر، وهو الأمر الذي يدفع والدها إلى حثها في آخر المطاف إلى البحث عنها، إذ ربما تكون قد اختطفت هي الأخرى في إطار تلك المساومة الطويلة.

    على أننا سوف نعود مرارا إلى الحاضر، وخاصة عندما يقع تحوّل حاد في الدراما وبث حبكة ثانوية بشكل مباغت، وذلك بكشف الأب وهو على حافة الموت أن الشخص الذي يخفي شخصيته ويرفض الكشف عنه، إن هو إلاّ آريا نفسها بقدراتها الخارقة المتوارية التي سوف تتكشّف في المشاهد الأخيرة بعدما يحيلها الأب إلى نوع من البرمجة التي سوف تشعل فيها ما خفي من قدراتها الكامنة في صعود جديد للدراما، وذلك عندما تستطيع النفاذ من المصعد ومن ثم انقلاب المعادلة وتحكّمها في المصعد نفسه صعودا وهبوطا إلى ارتفاعات شاهقة، فيما أفراد العصابة الروسية في وسطه، وفيما تبحث آريا عن منفذ للخلاص ينتهي بها المطاف عند والدها وهو يحتضر.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    طاهر علوان
يعمل...
X